83 فناناً يعرضون «سحر الفوتوغرافيا» في مكتبة الإسكندرية

وثّقوا الحياة اليومية والحرف الشعبية بمصر

أعمال المعرض تناولت الحرف والأزياء المصرية (مكتبة الإسكندرية)
أعمال المعرض تناولت الحرف والأزياء المصرية (مكتبة الإسكندرية)
TT

83 فناناً يعرضون «سحر الفوتوغرافيا» في مكتبة الإسكندرية

أعمال المعرض تناولت الحرف والأزياء المصرية (مكتبة الإسكندرية)
أعمال المعرض تناولت الحرف والأزياء المصرية (مكتبة الإسكندرية)

وثّق 83 فناناً مظاهر الحياة اليومية، والحرف الشعبية والأزياء المصرية، في معرض للتصوير الفوتوغرافي بمكتبة الإسكندرية تحت عنوان «مصر: حكاية الإنسان والمكان».

وقدم الفنانون صورة بانورامية وثائقية كاملة للعلاقة بين الأماكن وسكانها، عبر سحر الفوتوغرافيا والأفلام التسجيلية، وأبرزوا التنوع الطبيعي الذي تزخر به مصر من صحاري وجبال وهضاب، والاختلافات التي تميز البيئات المتعددة بين شمال مصر وجنوبها، ومن شرقها إلى غربها.

وتوثق الأعمال المعروضة حتى نهاية أبريل (نيسان) الحالي، الحرف التقليدية وأساليب العيش والأزياء والعادات والتقاليد، والعديد من مظاهر الحياة في المدن والقرى والواحات المنتشرة بالعديد من المناطق.

أحد المشاركين يشرح أبعاد لوحته في معرض «مصر: حكاية الإنسان والمكان» (مكتبة الإسكندرية)

يقول الفنان علاء الباشا، وكيل الاتحاد العالمي لفن الفوتوغرافيا: «إن اللوحات تعرض جوانب مختلفة للبيئة المصرية بتنوعها الثري، بشكل فعال قادر على الوصول للمشاهد دون اللجوء إلى أي نوع من الشرح أو التعليق»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «الصور تتكامل في المعرض، وتعبر بشكل واضح عن الغرض منه، وهو حكاية الإنسان المصري على أرضه الزاخرة بالثقافات وأساليب الحياة المتنوعة التي تنعكس في اللقطات».

وأشار الباشا إلى أن مظاهر الحياة تنعكس في «الأغاني والملابس والحرفة التي يعمل بها، والمنازل التي يعيش فيها، والأطعمة التي يتناولها والمناطق التي يتحرك في نطاقها، سواء كانت سياحية أو دينية أو طبيعية، والحياة البرية بكل أنوعها من طيور وحيوانات وحشرات». وترصد صور المعرض حياة القبائل التي تعيش في جنوب مصر، والأمازيغ الموجودين في الصحراء الغربية، والنوبيين والمزارعين في منطقة الدلتا، وتكشف تأثير كل بيئة على حياة الإنسان فيها.

المعرض تناول العديد من مظاهر الحياة في ربوع مصر (مكتبة الإسكندرية)

ويشارك الفنان مؤمن الشناوي مؤسس حملة «شوفوها بعيوننا» بالعديد من الأفلام الوثائقية التي تركز على خصوصية وتنوع المناطق المصرية، وتغطي كل محافظات مصر تقريباً، حسبما قال لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «الفيديوهات التي تعرض يومياً تقدم صورة ناطقة بالموسيقى والغناء عن حياة الناس وأعمالهم وأفراحهم، وعاداتهم وتقاليدهم التي تختلف من منطقة لأخرى».

ومن أبرز اللقطات التي تظهر في المعرض تلك التي صورها الفنان محمد نجيب نصر لمدابغ القاهرة وعمالها، وإلى جوارها لقطات دقيقة قدمها المصور أحمد رمضان لعالم الحشرات التي توجد في بيئات مصر ومناطقها المختلفة، وعلى جانب آخر هناك لقطات للفنان ياسر الرسول يظهر من خلالها الأماكن الأثرية في مصر (المعابد والأديرة)، وقد طاف العديد من الأماكن للتعريف بها والتقاط صور لها، مثل جزيرة «الشخلوبة» داخل بحيرة البرلس، ومعابد جنوب السد العالي، والأديرة على ضفاف النيل في الجنوب.

أما الفنان عمرو عبد الوهاب، فقد قدم صوراً لسماء الصحراء الغربية والظواهر الفلكية التي تزخر بها، وإلى جوارها كانت صور الكثبان الرملية في الصحراء نفسها والتي جاءت بعدسة الفنان إياد السيد. وفي المعرض مشاركات لعديد من الفنانات تمثلت في لقطات قدمتها الفنانة إيمان السيد لمدينة «شالي» القديمة في واحة سيوة، أظهرت خلالها قلعتها وحصنها الأثري. ولداليا فريد لقطات عن مقام أبي الحسن الشاذلي في المنطقة الواقعة بين أسوان والبحر الأحمر، وتقدم حسب قول الفنان علاء الباشا صورة بانورامية عن كل أقاليم مصر بمختلف مواقعها الجغرافية.

الطبيعة على تنوعها كانت حاضرة في المعرض (مكتبة الإسكندرية)

وتدور اللقطات المشاركة حول محورين أساسيين: أولهما يركز على الطبيعة المصرية والبيئة المختلفة من صحراوات ومناطق ساحلية وزراعية، وطيور تتميز بها البيئة المصرية، ومهاجرة رصدها الفنانون وهي قادمة في مواسمها وقاموا بتصويرها خلال وجودها في مصر، التي تعد أحد الطرق الرئيسية لهجرة الطيور في العالم، وفق قول الدكتور حسن قدري رئيس وحدة خدمات الخرائط بمكتبة الإسكندرية لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى «تنوع الصور بين التركيز على طرق الهجرة بلقطات بانورامية، والصور الدقيقة للطيور ومكوناتها». وجانب من صور المعرض يركز على الحرف الموجودة في البيئات المختلفة وسر الارتباط بها، مثل العمل في المحاجر وصناعة الفخار والموبيليا وحياة الصيادين، ويظهر بعضها كيفية تفاعل العمال والحرفيين مع أمور حياتهم اليومية، بما فيها احتفالاتهم الاجتماعية والدينية في جنوب مصر وشمالها، وارتباطها بالعادات والتقاليد.


مقالات ذات صلة

عدسة المصوِّر اللبناني عدنان الحاج علي تلتقط هوامش الحرب

يوميات الشرق الألعاب المتناثرة تختزل الطفولة المقهورة (عدنان الحاج علي)

عدسة المصوِّر اللبناني عدنان الحاج علي تلتقط هوامش الحرب

المصوِّر الصحافي حسم أمره، ولم يعد يرغب في تصوير ضحايا الحرب على أرض لبنان وجرحاها. الاستقالة المؤقتة من مهنته الصحافية أراد تحويلها مساحةً حرّةً لعينيه.

فيفيان حداد (بيروت)
خاص تربط رانيا مطر علاقة وطيدة ببلدها لبنان (صور الفنانة)

خاص رانيا مطر لـ«الشرق الأوسط»: أستغربُ عدم التفاعل الدولي مع صور حربَي لبنان وغزة

تقول إنّ اللبنانيات بطلات يحفرن بالصخر ليؤمنّ مستلزمات حياة كريمة للنازحين: «نملك الحسّ الوطني بعضنا تجاه بعض، وهو أمر بديع أتمنّى ترجمته بكاميرتي قريباً». 

فيفيان حداد (بيروت)
الوتر السادس «ست الدني»... أول أغنية وطنية يصورها (روجيه زيادة)

روجيه زيادة لـ«الشرق الأوسط»: الموسيقى تسهم في تعزيز رؤيتي الفنية مع الكاميرا

يشتهر المخرج روجيه زيادة بصفته مصوراً فوتوغرافياً يتقن عمله بفضل عين ثاقبة يمتلكها، مُسلَّحاً بدراسة الموسيقى، التي يعدّ أنها حضّته على التعامل مع الكاميرا

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق الرئيس الفرنسي والمصوّر عمار عبد ربه

المصوّر السوري عمار عبد ربه يشارك في «نظرات على الإليزيه»

المصور السوري الفرنسي عمار عبد ربه مساهم منتظم مع «الشرق الأوسط»، يشتهر بقدرته على التقاط لحظات قوية بوضوح مدهش، وامتدت مسيرته المهنية لأكثر من 3 عقود.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الصورة الفائزة بجائزة اليونيسكو (الشرق الأوسط)

لعبة «المرماح» تقود مصوراً مصرياً للفوز بـ«مسابقة اليونيسكو»

حصد الشاب المصري يوسف ناصر (21 سنة) المركز الأول في النسخة السادسة من المسابقة العالمية «عيون الشباب على طريق الحرير» التي تنظمها منظمة اليونيسكو سنوياً.

نادية عبد الحليم (القاهرة)

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
TT

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)

وسط الأجواء المثقلة بالهموم والخوف أعادت رسالة هاتفية بعض الأمل إلى سكان مدينة بيروت، معلنةً عودة أمسيات «مترو المدينة». يتحدث أحد مؤسّسي «مترو» ومديره الفنّي، هشام جابر، مع «الشرق الأوسط» عن ترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة. ينفض عنها «مفهوماً قديماً» حصر دورها بالترفيه وتمضية الوقت، ليحيلها إلى ما هو عميق وشامل، بجَعْلها، بأصنافها وجمالياتها، مطلباً مُلحّاً لعيش أفضل، وحاجة لتحقيق التوازن النفسي حين يختلّ العالم وتتهدَّد الروح.

موسيقيون عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة (مترو المدينة)

في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة بفرادة الطابع والمزاج. أُريد للموسيقى خَلْق فسحة تعبيرية لاحتواء المَعيش، فتُجسّد أرضية للبوح؛ مُنجزةً إحدى وظائفها. تُضاف الوظيفة الأخرى المُمثَّلة بالإصرار على النجاة لمَنْح الآتي إلى الأمسية المُسمَّاة «موسيقى تحت النار» لحظات حياة. موسيقيون على البزق والدرامز والإيقاع والكمنجة... عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة. يُعلّق هشام جابر: «لم يكن ينقصنا سوى الغبار. جميعنا في معركة».

لشهر ونصف شهر، أُغلق «مترو». شمَلَه شلل الحياة وأصابته مباغتات هذه المرارة: «ألغينا برنامجاً افترضنا أنه سيمتدّ إلى نهاية السنة. أدّينا ما استطعنا حيال النازحين، ولمّا لمسنا تدهور الصحّة النفسية لدى المعتادين على ارتياد أمسيات المسرح، خطرت العودة. أردنا فسحة للفضفضة بالموسيقى».

لم يَسْلم تاريخ لبنان من الويل مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز (مترو المدينة)

يُشبّه المساحة الفنية التي يتيحها «مترو» بـ«علبة خارج الزمن». ذلك لإدراكه أنّ لبنان امتهن الصعاب ولم يَسْلم تاريخه من الويل، مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز. وامتهن اجتراح «العُلب»، وهي الفسحات الرقيقة. منها يُواجه أقداره ويُرمّم العطب.

استمرّت الحفلات يومَي 20 و21 الحالي، وسلّمت «موسيقى تحت النار» أنغامها لعرض سُمِّي «قعدة تحت القمر»، لا يزال يتواصل. «هذا ما نجيده. نعمل في الفنّ»، يقول هشام جابر؛ وقد وجد أنّ الوقت لا ينتظر والنفوس مثقلة، فأضاء ما انطفأ، وحلَّ العزفُ بدل الخوف.

يُذكِّر بتاريخ البشرية المضرَّج بالدماء، وتستوقفه الأغنيات المولودة من ركام التقاتُل الأهلي اللبناني، ليقول إنّ الحروب على مرّ العصور ترافقت مع الموسيقى، ونتاج الفنّ في الحرب اللبنانية تضاعف عمّا هو في السلم. يصوغ المعادلة: «مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس، موسيقى ونغمات وأمل». ذلك يوازي «تدليك الحالة»، ويقصد تليينها ومدّها بالاسترخاء، بما يُشبه أيضاً إخضاع جهاز لـ«الفرمتة»، فيستعيد ما تعثَّر ويستردّ قوةً بعد وهن.

أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة (مترو المدينة)

يتمسّك «مترو المدينة» بحقيقة أنّ الوقت الصعب يمضي والزمن دولاب. أحوالٌ في الأعلى وأحوال في الأسفل. هذه أوقات الشدائد، فيشعر الباحثون عن حياة بالحاجة إلى يد تقول «تمسّك بها»، ولسان يهمس «لا تستسلم». أتاح المسرح هذا القول والهَمْس، ففوجئ هشام جابر بالإقبال، بعد الظنّ أنه سيقتصر على معارف وروّاد أوفياء. يقول: «يحضر الناس لكسر الشعور بالعزلة. يريدون مساحة لقاء. بعضهم آلمته الجدران الأربعة وضخّ الأخبار. يهرعون إلى المسرح لإيجاد حيّز أوسع. ذلك منطلقه أنّ الفنّ لم يعد مجرّد أداة ترفيهية. بطلَ هذا الدور منذ زمن. الفنون للتعافي وللبقاء على قيد الحياة. أسوةً بالطعام والشراب، تُغذّي وتُنقذ».

كفَّ عن متابعة المسار السياسي للحرب. بالنسبة إليه، المسرح أمام خيارَيْن: «وضع خطّة للمرحلة المقبلة وإكمال الطريق إنْ توقّفت النار، أو الصمود وإيجاد مَخرج إنْ تعثَّر الاتفاق. في النهاية، المسارح إيجارات وموظّفون وكهرباء وتكاليف. نحاول أن يكون لنا دور. قدّمنا عروضاً أونلاين سمّيناها (طمنونا عنكم) ترافقت مع عرض (السيرك السياسي) ذائع الصيت على مسرحنا. جولته تشمل سويسرا والدنمارك وكندا...».

ترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة (مترو المدينة)

ويذكُر طفولة تعمَّدت بالنار والدخان. كان في بدايات تفتُّح الوعي حين رافق والده لحضور حفل في الثمانينات المُشتعلة بالحرب الأهلية. «دخلنا من جدار خرقته قذيفة، لنصل إلى القاعة. اشتدّ عودنا منذ تلك السنّ. تعلّقنا بالحياة من عزّ الموت. لبنان حضارة وثقافة ومدينة وفنّ. فناء تركيبته التاريخية ليست بهذه البساطة».

يرى في هذه المحاولات «عملاً بلا أمل». لا يعني إعلان اليأس، وإنما لشعورٍ بقسوة المرحلة، «يخذلني الضوء حيال الكوكب بأسره، ولم يعُد يقتصر غيابه على آخر النفق. حين أردّد أنني أعمل بلا أمل، فذلك للإشارة إلى الصعوبة. نقبع في مربّع وتضيق بنا المساحة. بالفنّ نخرج من البُعد الأول نحو الأبعاد الثلاثة. ومن الفكرة الواحدة إلى تعدّدية الأفكار لنرى العالم بالألوان. كما يُحدِث الطبيب في الأبدان من راحة وعناية، يحتضن الفنّ الروح ويُغادر بها إلى حيث تليق الإقامة».