هلا آل خليفة لـ«الشرق الأوسط»: العالم العربي عبارةٌ سحرية تُحرّك دواخلي

مؤسّسة «نواة» تنطلق بمشروعَيْن طموحَيْن بين المغرب والبحرين

الشيخة هلا آل خليفة المديرة التنفيذية لمؤسّسة «نواة» (حسابها الرسمي)
الشيخة هلا آل خليفة المديرة التنفيذية لمؤسّسة «نواة» (حسابها الرسمي)
TT

هلا آل خليفة لـ«الشرق الأوسط»: العالم العربي عبارةٌ سحرية تُحرّك دواخلي

الشيخة هلا آل خليفة المديرة التنفيذية لمؤسّسة «نواة» (حسابها الرسمي)
الشيخة هلا آل خليفة المديرة التنفيذية لمؤسّسة «نواة» (حسابها الرسمي)

تُسعَد هلا آل خليفة بالمؤسّسة الجديدة التي تبزغ، وتبدأ أول مشاريعها بين البحرين والمغرب. «نواة»، هو اسمها، ويحمل في لفظه ومعناه كثيراً من التفاؤل بما سينبت ويكبُر في مقبل الأيام. وُلدت الفكرة قبل نحو العام. تقول آل خليفة لـ«الشرق الأوسط»: «حين كلّمني الرئيس التنفيذي لـ(جي إف إتش المالية) هشام الريس عن رغبتهم في إنشاء مؤسّسة للأعمال الإنسانية على مستوى العالم العربي، شعرتُ أنه نطق بالكلمة السحرية التي تُحرّك دواخلي. فهذا الامتداد الجغرافي بثقافته وتراثه وإمكاناته، يعني لي كثيراً ويحمّسني على العمل».

تُرِكت للفنانة التشكيلية الموهوبة التي عملت طويلاً في المجال الثقافي بقطر وبلدها البحرين، وتخصّصت في الفنون بين أميركا وبريطانيا، حرّية رسم الرؤية المناسبة لـ«نواة» التي ستنبثق من مظلّتها مشاريع اجتماعية وإبداعية يمكنها مساندة المواهب اليانعة، وتقديم العون بشكل مستدامٍ لأكبر فئة من الناس. المشاريع ستتعدّد في طبيعتها وأماكنها الجغرافية، لكنها تبدأ بمشروعَي «نَفَس»، وهو منتجع صحي ونفسي في البحرين، و«دار العالي»، وهو تعليمي سينمائي في المغرب، على أن تتوالى المشاريع تباعاً، وتتوزّع عربياً.

قرّرت هلا آل خليفة، الرئيسة التنفيذية لمؤسّسة «نواة» البدء بمشروعَيْن، بينما يجري التفكير جدّياً في الثالث. الأول في طنجة؛ تلك المدينة الساحرة التي عشقها الأدباء وكتب فيها الشعراء أجمل قصائدهم، والثاني في العرين بالبحرين. فكرتان لكل منهما نكهتها، ووظيفتها، وقدرتها على النمو والتطوّر. العمل بدأ فعلياً، ولكل مشروع وُضعت رسوم وهندسة المباني، لتنطلق رحلة التنفيذ.

نموذج للمبنى الذي سيبصر النور قريباً في جنوب البحرين (مؤسّسة «نواة»)

تقول آل خليفة إنها تعاونت في المغرب مع مؤسّسة أهلية غير ربحية هي «طنجة أفلام»، التي تُنجز عملاً اجتماعياً لافتاً، فتجري عملية التعليم من خلال مُشاهدة الشرائط السينمائية. يأتي أطفال وشبان من طنجة ومحيطها، يتفرّجون على فيلم، ويتعرّفون إلى المخرج وكاتب السيناريو، ويتناقشون في أحداثه.

تتابع أنّ الجميل في الأمر هو أنّ بعض الروّاد يكتشفون السينما للمرّة الأولى: «بالاستناد إلى هذه التجربة الجميلة، أسّسنا ما سميناه مركز (دار العالية)، وسيُقام في قلب المدينة على مساحة 12 ألف متر مربع. والعالية هو اسم يُطلَق على طنجة في الأغنيات الفولكلورية». كذلك تتحدّث عن ترحيب بالمشروع، وتسهيلات، وتعاون، لتشييد مبنى هدفه تعليم صناعة الأفلام للشبان والشابات، حيث ستتوفر استوديوهات لهذا الهدف، وأوديتوريوم، وصالات لأغراض فنية أخرى.

كانت النية العمل مع فريق «طنجة أفلام» ومساعدة أفراده ودعمهم، «لكنني قلت: لماذا لا نشيّد مركزاً متكاملاً يُعنى بالصناعات الإبداعية. فالأمور تبدأ هكذا، بفكرة صغيرة، ثم تنضج وتتطوّر».

وحين نسأل لماذا طنجة؟ فالإجابة: «لهذه المدينة خصوصية فريدة جعلتها قبلة لمخرجي هوليوود، حيث صُوِّر حتى الآن نحو 100 فيلم فيها. ليس فقط لأنها استوديو طبيعي، وإنما لجمالية نورها الأخّاذ وفرادته، ووفرة الأيدي العاملة بأسعار تنافسية لا تتيحها أوروبا».

الأطفال يشاركون في نشاطات «طنجة أفلام» (مؤسّسة «نواة»)

كما أنّ السينما المغربية مهمّة وإنتاجاتها لافتة، فتقول: «هدفنا إتاحة فرصة التعلُّم للشباب، فيتحلّون بإمكانات معرفية تسمح لهم بدخول سوق العمل السينمائي باحتراف».

أما المشروع الثاني الذي تعمل عليه «نواة»، فمقرّه البحرين ويحمل اسم «نَفَس»، حيث شُيِّد بناء على مساحة كبيرة بجنوب البلاد وسط طبيعة صحراوية هادئة، سيكون بالفعل متنفَّساً لأولئك الذين يعانون بصمت، ويساعدهم اختصاصيون، ومرشدون اجتماعيون، يمدّون لهم أيدي العون.

لا يزال الاهتمام محدوداً بالألم النفسي في بلادنا، ومع «نَفَس»، سيجد المتعبون هذه المرّة مَن يعنى بهم. «سنستعين باختصاصيين عرب وأجانب، ونوفّر دورات مستمرّة للعاملين معنا، وتأهيلاً دائماً. مع العلم أننا نريد مراعاة خصوصية مجتمعنا، وبناء نموذج يناسب بيئتنا وتقاليدنا وعاداتنا». هذا المركز الذي يُعنى بالصحة النفسية، ويخفّف من ضغوط الحياة، سيوفّر أيضاً، بالتعاون مع وزارة الصحة البحرينية، رعاية تتعلّق بالتغذية وأنواع من الرياضات، مثل اليوغا وغيرها.

تبدو مشاريع مؤسسة «نواة» متشعّبة الاهتمامات، لكنها في النهاية، تصبّ في خدمة الإنسان، والاستثمار في الطاقات البشرية، حيث ستُعنى في السنوات المقبلة بإقامة مشاريع في أفرع 5، تشمل: الصناعات الإبداعية، الشباب والرياضة، العلم والمعرفة، البيئة الخضراء، الصحة النفسية.

للمؤسَّسة رئيسُ مجلس إدارة هو هشام الريس، ومجلس أمناء يتكوّن من الشيخة انتصار سالم العلي الصباح، وعبد المنعم بن عيسى السركال، والشيخ د. عبد الله بن علي بن سعود آل ثاني، والشيخ خالد بن حسن القحطاني، والإعلامية سعاد الطيب. وهم في رأي الشيخة هلا «حملة القناديل» الذين يقومون بالتوجيه والمباركة، ولا يبخلون بالاقتراحات التي ستُشكل محطات جديدة مقبلة لـ«نواة».


مقالات ذات صلة

السعودية تبرز نهضتها الثقافية في «مهرجان جرش»

يوميات الشرق يُقدّم مجموعة حِرفيين سعوديين أعمالاً مبتكرة أمام زوار المهرجان (وزارة الثقافة)

السعودية تبرز نهضتها الثقافية في «مهرجان جرش»

تستعرض السعودية تنوعها الثقافي والفني أمام زوّار «مهرجان جرش للثقافة والفنون 2024» في المدينة التاريخية الأردنية، وذلك خلال الفترة بين 24 يوليو و3 أغسطس.

«الشرق الأوسط» (جرش)
ثقافة وفنون صورة للروائي عبد الله بن بخيت نشرها تركي آل الشيخ عبر حسابه في منصة «إكس»

بن بخيت مستشاراً ثقافياً لرئيس هيئة الترفيه السعودية

اختار المستشار تركي آل الشيخ، رئيس مجلس إدارة هيئة الترفيه السعودية، الروائي عبد الله بن بخيت مستشاراً ثقافياً له، ونائباً لرئيس «جائزة القلم الذهبي للأدب».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
ثقافة وفنون الدكتور سعد البازعي يملك خبرة واسعة في مجالات الأدب والرواية (إثراء)

الدكتور سعد البازعي رئيساً لـ«جائزة القلم الذهبي للأدب»

قرَّر المستشار تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة هيئة الترفيه السعودية تعيين الدكتور سعد البازعي رئيساً لـ«جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق يهدف التفاهم إلى جعل الباحة وجهةً ثقافية وسياحية رائدة محلياً ودولياً (واس)

السعودية: تفاهم لإثراء المشهد الثقافي في الباحة

وقّع الأمير حسام بن سعود بن عبد العزيز أمير منطقة الباحة، والأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة، مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون المشترك.

«الشرق الأوسط» (الباحة)
ثقافة وفنون اللغة العربية ستكون ضيفة شرف النسخة المقبلة من مهرجان «أفينيون»... (صورة من الموقع الرسمي للمهرجان)

اللغة العربية ضيفة الشرف في مهرجان «أفينيون» الفرنسي العام المقبل

أعلن مدير مهرجان «أفينيون» المسرحي تياغو رودريغيز، الاثنين، أن اللغة العربية ستكون في 2025 ضيفة الشرف خلال النسخة المقبلة.

«الشرق الأوسط» (باريس)

السعودية تحقق هدف 2030 بتسجيل 8 مواقع تراثية بـ«اليونسكو»

قرية «الفاو» ثامن المواقع التراثية السعودية على قائمة «اليونسكو» (واس)
قرية «الفاو» ثامن المواقع التراثية السعودية على قائمة «اليونسكو» (واس)
TT

السعودية تحقق هدف 2030 بتسجيل 8 مواقع تراثية بـ«اليونسكو»

قرية «الفاو» ثامن المواقع التراثية السعودية على قائمة «اليونسكو» (واس)
قرية «الفاو» ثامن المواقع التراثية السعودية على قائمة «اليونسكو» (واس)

نجحت السعودية في تحقيق مستهدف «رؤية 2030» بتسجيل 8 مواقع تراثية على قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، بعد إدراج منطقة «الفاو» الأثرية (جنوب غربي منطقة الرياض)، السبت، وذلك خلال اجتماعات الدورة السادسة والأربعين للجنة التراث العالمي بمدينة نيودلهي الهندية.

وواصلت هيئة التراث سلسلة إنجازاتها بتسجيل المنظر الثقافي لمنطقة «الفاو»‬⁩ كثامن موقع ثقافي سعودي ذي قيمة عالمية استثنائية للتراث الإنساني، بعد مدينة «الحِجْر» في العُلا، و«حي الطريف» بالدرعية التاريخية، ومنطقة «جدة التاريخية»، والفن الصخري في حائل، و«واحة الأحساء»، ومنطقة «حِمى الثقافية» بنجران، ومحمية «عروق بني معارض».

قرية «الفاو» شهدت استيطان عدد من الممالك والحضارات القديمة (واس)

وقال الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة، عبر حسابه على منصة «إكس» للتواصل الاجتماعي، إنه بإدراج منطقة «الفاو» الأثرية، حققت المنظومة الثقافية مستهدف «رؤية 2030» في عدد المواقع السعودية المسجلة على قائمة التراث العالمي عند 8 مواقع، برؤية وتوجيه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز.

ويسهم نجاح السعودية بتسجيل تلك المواقع على القائمة العالمية خلال السنوات الماضية في اجتذاب مزيد من الضوء على ثراء التراث الطبيعي والبيئي الذي تتمتع به البلاد، ويضاعف من انتباه العالم والزوار إليها، بالإضافة إلى تعزيز العمل لحماية التنوع البيئي، وترجمة مبادراتها النوعية لصون البيئة وحمايتها.

وتقع منطقة «الفاو» على أطراف الربع الخالي، وكانت عاصمة مملكة كندة الأولى، التي كان لها دور كبير في الجزيرة العربية من منتصف القرن الأول قبل الميلاد حتى مطلع القرن الرابع الميلادي.

وتعد من أكبر المواقع الأثرية وأشهرها في السعودية، وواحدة من أهمها على مستوى العالم، بما تحمله من إرث ثقافي ومكانة تاريخية، حيث شهدت استيطان ممالك وحضارات قديمة.

قرية «الفاو» كانت عاصمة مملكة كندة القديمة في الجزيرة العربية (واس)

وتكمن أهمية قرية «الفاو» - قديماً - بكونها مركزاً تجارياً مهماً، وملتقى قوافل تحمل المعادن والحبوب والنسيج، وهي نقطة عبور للقوافل التي تبدأ من مملكة سبأ ومعين وقتبان وحضرموت وحمير متجهة إلى نجران ومنها إلى قرية «الفاو» ومنها إلى الأفلاج، فاليمامة ثم تتجه شرقاً إلى الخليج وشمالاً إلى وادي الرافدين وبلاد الشام.

وتبذل الهيئة جهوداً مستمرة للتعريف بمواقع التراث الثقافي في السعودية داخلياً وخارجياً؛ لتعكس الغنى التراثي والتاريخي للبلاد التي تثبت أنها كانت موطناً لكثير من الحضارات الإنسانية المتعاقبة على مر التاريخ.

قرية «الفاو» تحمل إرثاً ثقافياً ومكانة تاريخية (واس)