تفتتح هيئة المتاحف السعودية، يوم السبت 6 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، «متحف البحر الأحمر»، في قلب منطقة «جدة التاريخية»، المدرجة على قائمة «اليونيسكو» للتراث العالمي، ليكون صرحاً ثقافياً ومعرفياً ووجهة عالمية تُجسّد رؤية السعودية في صون الإرث الثقافي والطبيعي للبحر، وتُعزِّز حضوره الدولي عبر معارض وبرامج تُعرِِّف بقيمه الإنسانية وتاريخه الممتد.
من جهته، أكد الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة الهيئة، أن هذا المتحف يُجسّد التزام بلاده بصون وحفظ تراثنا الوطني وفق «رؤية السعودية 2030»، وبناء بنية ثقافية تعزّز جودة الحياة من خلال الثقافة والفنون والتعليم، وتمكين المبدعين.
ويُقدّم المكان تجربة ثقافية شاملة بمعايير عالمية، تجمع بين التقنيات المعاصرة والممارسات البحثية وحفظ المقتنيات، ويُعزّزها التعاون مع مؤسسات محلية وعالمية، كما يُتيح لزوّاره مسارات تفاعلية تعمّق الفهم للبحر الأحمر بوصفه فضاءً للتبادل المعرفي والفني والاجتماعي، مع محتوى تعليمي للفئات العمرية المختلفة.
ويقع المتحف داخل مبنى باب البنط التاريخي عند التقاء البرّ بالبحر، الذي أُعيد ترميمه وفق أعلى معايير الاستدامة البيئية للمباني التراثية، ضمن مبادرات برنامج «جودة الحياة» لتحقيق مستهدفات «رؤية 2030»، للنهوض بالبُنى التحتية للقطاعات الثقافية، وتعزيز حضورها الحضري المستدام.
وحافظَت تلك الجهود على الروح المعمارية لمبنى باب البنط، ليستعيد دوره بوصفه بوابة جدة الأولى إلى العالم عبر قرن مضى، ويعود اليوم معلماً ثقافياً يربط الماضي بالحاضر، ويُبرز «جدة التاريخية» جسراً بين الثقافات على سواحل البحر الأحمر.
يقف @RedSea_MC شاهداً على إرث طبيعي وثقافي للبحر الأحمر. #رؤية_السعودية_2030 pic.twitter.com/DNbWmqrsGb
— بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود (@BadrFAlSaud) November 20, 2025
وتضم المعارض الدائمة في المتحف أكثر من ألف قطعة أثرية وفنية تُعرض من خلال سبعة محاور في ثلاثٍ وعشرين قاعة، تُقدَّم بأسلوب معاصر يدمج السرد التاريخي بالتجربة التفاعلية، ويربط بين الإنسان والبحر عبر الزمن، كاشفةً عن عمق العلاقة التي جمعت المجتمعات على ضفاف البحر الأحمر، وأسهمت في تطوّر حضاراتها وثقافاتها المتنوعة.
ويستعرض المتحف في محاوره تاريخ مبنى «باب البنط» وتحولاته، وأصول البحر الأحمر ودلالاته الثقافية، وأدوات الملاحة والخرائط التي استخدمها البحّارة والمسافرون، مروراً بتنوعه البيئي وثراء مجتمعاته الساحلية، وصولاً إلى التجارة البحرية ورحلات الحج، والأعمال الفنية التي عكست حضارات المنطقة، وجعلت من هذا البحر مصدراً للإبداع والتبادل الثقافي.
كما يحتضن مجموعة واسعة من القطع الأثرية والمقتنيات التاريخية النادرة، تشمل الخزف الصيني، ومباخر العود، والمرجان، والحُلي، وأدوات الملاحة والخرائط والمخطوطات والصور النادرة، إلى جانب أعمال حديثة ومعاصرة لفنانين سعوديين ودوليين، في حوار بصري يعيد وصل الماضي بالحاضر ضمن سردية البحر الأحمر.
وسيشهد الافتتاح انطلاق المعرض المؤقت الأول «بوابة البوابات» للفنان السعودي معاذ العوفي، بإشراف القيّم الفني فيليب كاردينال، الذي يُوثِّق التحوّلات المعمارية والرمزية لـ«باب البنط»، ودوره التاريخي بوصفه بوابة بين الماضي والحاضر، ويتيح للزوّار تأمل تاريخ المبنى، وتجلياته الثقافية المتجددة في فضاءٍ بصري معاصر.
ويقدّم المتحف برنامجاً عاماً يشمل ورش عمل ودورات تدريبية وحوارات مفتوحة وندوات، تتنوع بين تدريب الحرفيين ضمن مبادرة «صُنع في البحر الأحمر»، ومشاريع فنية مستدامة مثل «فن البحر الأحمر»، وعروض موسيقية تحتفي بتراث المنطقة، منها «موسيقى البحر الأحمر» التي تستكشف آفاقاً تجمع الأصالة بالتجريب.
ويجسّد افتتاح «متحف البحر الأحمر» التزام السعودية بصون تراثها الثقافي بمنهجٍ مستدام، وبناء اقتصادٍ ثقافي يُثري المعرفة، ويعزّز التنمية في منطقة «جدة التاريخية».

