فنانون مصريون يوثقون مشوارهم الفني رقمياً

محمود حميدة وإلهام شاهين وخالد الصاوي من بينهم

محمود حميدة ونجله خالد القائم بالمشروع (خالد حميدة)
محمود حميدة ونجله خالد القائم بالمشروع (خالد حميدة)
TT

فنانون مصريون يوثقون مشوارهم الفني رقمياً

محمود حميدة ونجله خالد القائم بالمشروع (خالد حميدة)
محمود حميدة ونجله خالد القائم بالمشروع (خالد حميدة)

في مواكبة التحول الرقمي والاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي، اتجه فنانون مصريون إلى توثيق مشوارهم الفني وجوائزهم، من بينهم محمود حميدة، وإلهام شاهين، وخالد الصاوي، وبشرى، وبسمة، وأحمد زاهر.

وأبدى الفنان محمود حميدة حماسه لهذا الأمر، مؤكداً في تصريحات صحافية أن زمن الورق انتهى، وأن توثيق ذكرياته وأعماله رقمياً سيحفظها من الضياع ويجعلها متاحة له في أي استخدام مستقبلي، ويستطيع أن يستدعيها البعض بغرض البحث والدراسة، إذ يتضمن المشروع الحفاظ على التراث الفني بتكنولوجيا تتوافق مع عصر الذكاء الاصطناعي.

إلهام شاهين تحمل إحدى جوائزها وخلفها عشرات الجوائز الأخرى (إلهام شاهين)

وكانت الفنانة إلهام شاهين من أوائل الفنانات اللواتي تعاقدن على هذا الأمر، وقالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «هذا توثيق لأعمالي وللجوائز والتكريمات التي حصلت عليها، ولجان التحكيم التي شاركت بها، والمواقف المهمة في كواليس أعمالي، فقد توقفت عن حصر جوائزي بعدما تجاوز عددها المائة جائزة، لذا لا بد من توثيق هذا المشوار الطويل الذي أعتز به؛ لأنني قد أنسى مع الوقت هذا الكم الكبير، الذي قد يكون مُلهماً لغيري، وليعرف الجمهور الحقائق المهمة بعيداً عن الأمور السطحية التي كثيراً ما تتطرق لها مواقع التواصل الاجتماعي».

الأمر ذاته أكده الفنان خالد الصاوي، أحدث المنضمين للمشروع، عادّاً أن «الاستفادة من التحول الرقمي أمر ضروري بالنسبة للفنانين، فحياتنا هي الصور والأعمال الفنية التي قدمناها».

خالد الصاوي متأملاً باعتزاز إحدى جوائزه (الصاوي)

وأضاف في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «أعمل منذ 35 سنة على مستوى الاحتراف، بخلاف سنوات الجامعة وعروض المسرح الحر، وحصاد هذه السنوات أحتفظ به بطريقتي عبر شرائط عفا عليها الزمن، فلم يكن هناك مَن يقوم بهذه المهمة، ويحتفظ بكل نشاط الفنان، ويساعدني وكل مَن يحتاج لمعلومة موثقة عني».

وقال خالد حميدة نجل الفنان محمود حميدة، صاحب مشروع التوثيق، إن بداية اهتمامه بهذا الأمر جاءت من خلال أعمال والده، قائلاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «خلال عملي على أرشيف والدي اكتشفت أعمالاً منسية له، وشعرت بأنه مثل فنانين كُثر لم تأخذ بعض أعمالهم حقها، وأنني بمعرفتي بالتكنولوجيا أستطيع مساعدتهم، وهو مشروع يحسب للمستقبل».

محمود حميدة ونجله خالد القائم بالمشروع (خالد حميدة)

ويوضح: «ننفذ ما يشبه (الموسوعة) لكل فنان عبر (التايم لاين) الخاص به، ومن خلال منصة يستطيع الفنان أن يتحكم فيها، حيث يجد ملخصاً لتاريخه، فإذا أراد البحث عن تفاصيل سيجد قائمةً بالأعمال متضمنة المعلومات كافة، كأنه داخل مكتبة، يتصفح أعماله ولقاءاته، وهذا التوثيق يتم من خلال الفنان نفسه، سواء بصوره أو أفلامه أو جوائزه، ما يتيح للجمهور التأكد مما هو حقيقي أو مزيف عنه، وقد سجّلنا حقوق الملكية الفكرية لهذا المشروع في الإمارات، وهي حقوق تغطي العالم كله».

ونفى خالد دفع الفنانين مقابلاً مادياً له نظير ذلك قائلاً: «هذه أول خطوة في مشروع أؤمن به، وأنا مَن أمولّه، حيث تحمّس فنانون له وأبدوا استعدادهم للمشاركة به، وأرغب في الاستفادة من خبراتي في مجال تكنولوجيا المعلومات بعد 20 عاماً قضيتها خارج مصر، وقد شعرت بأننا تأخرنا تكنولوجياً، وعملي يستهدف الحفاظ على تاريخ الفن المصري بأشكاله كافة حتى لا يكون عرضةً للضياع أو التزييف، وقد انضم لنا 20 فناناً، وسنكشف خلال مؤتمر صحافي خلال الفترة المقبلة عن أعداد أخرى انضمت وعن تفاصيل المشروع كافة».

الفنانة المصرية بشرى (إنستغرام)

وكانت الفنانة بشرى قد ذكرت في تصريحات صحافية أنه من المهم حفظ أعمال الفنان بطريقة رقمية تستفيد من الذكاء الاصطناعي بوصفه لغة العصر، واستخدامه فيما هو نافع، مبينة أهمية مشاركة الفنان في توثيق مشواره واختياره المادة التي تُنشر فيها.


مقالات ذات صلة

علي كاكولي لـ«الشرق الأوسط»: دوري في «فعل ماضي» مستفز

يوميات الشرق شخصية (برّاك) التي يقدمها كاكولي في المسلسل مليئة بالعقد النفسية (إنستغرام الفنان)

علي كاكولي لـ«الشرق الأوسط»: دوري في «فعل ماضي» مستفز

المسلسل الذي بدأ عرضه الخميس الماضي على منصة «شاهد»، يُظهر أنه لا هروب من الماضي؛ إذ تحاول هند تجاوز الليالي الحمراء التي شكّلت ماضيها.

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق مشهد يُشارك فيه فغالي ضمن مسلسل «البيت الملعون» (صور الفنان)

عماد فغالي لـ«الشرق الأوسط»: لم أحقّق طموحي الكبير في عالم التمثيل

يتساءل اللبناني عماد فغالي، أسوةً بغيره من الممثلين، عن الخطوة التالية بعد تقديم عمل. من هذا المنطلق، يختار أعماله بدقة، ولا يكرّر أدواره باحثاً عن التجديد.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق أحمد حاتم في لقطة من مسلسل «عمر أفندي» (صفحة شاهد بـ«فيسبوك»)

«عمر أفندي»... دراما مصرية تستدعي الماضي

حظيت الحلقة الأولى من المسلسل المصري «عمر أفندي» بتفاعل واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتصدرت «الترند» صباح الاثنين على «غوغل».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق أطلقت علامة تجارية لتصميم الأزياء خاصة بها (صور باتريسيا داغر)

باتريسيا داغر لـ«الشرق الأوسط»: أرفضُ كوميديا لا تفي موضوعاتها بالمستوى

بالنسبة إلى الممثلة اللبنانية باتريسيا داغر، الأفضل أن تجتهد وتحفر في الصخر على أن تزحف وتقرع الأبواب من دون جدوى.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق هند وإياد في مشهد يؤكد تباعدهما (شاهد)

نهاية مفتوحة لـ«مفترق طرق» تُمهد لموسم ثانٍ

أثارت نهاية حلقات مسلسل «مفترق طرق» ردود أفعال متباينة من جمهور «السوشيال ميديا» في مصر، حيث وصفها البعض بأنها «صادمة».

انتصار دردير (القاهرة )

هاني شاكر في بيروت... الأحزان المُعتَّقة تمسحها ضحكة

بارعٌ هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظنّ بأنها انطفأت (الشرق الأوسط)
بارعٌ هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظنّ بأنها انطفأت (الشرق الأوسط)
TT

هاني شاكر في بيروت... الأحزان المُعتَّقة تمسحها ضحكة

بارعٌ هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظنّ بأنها انطفأت (الشرق الأوسط)
بارعٌ هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظنّ بأنها انطفأت (الشرق الأوسط)

القبلات المتطايرة التي تدفّقت من هاني شاكر إلى أحبّته طوال حفل وداع الصيف في لبنان، كانت من القلب. يعلم أنه مُقدَّر ومُنتَظر، والآتون من أجله يفضّلونه جداً على أمزجة الغناء الأخرى. وهو من قلّة تُطالَب بأغنيات الألم، في حين يتجنَّب فنانون الإفراط في مغنى الأوجاع لضمان تفاعل الجمهور. كان لافتاً أن تُفجّر أغنية «لو بتحبّ حقيقي صحيح»، مثلاً، وهو يختمها بـ«وأنا بنهار»، مزاج صالة «الأطلال بلازا» الممتلئة بقلوب تخفق له. رقص الحاضرون على الجراح. بارعٌ هاني شاكر في إشعالها بعد ظنّ أنها انطفأت.

بارعٌ هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظنّ بأنها انطفأت (الشرق الأوسط)

تغلَّب على عطل في هندسة الصوت، وقدَّم ما يُدهش. كان أقوى مما قد يَحدُث ويصيب بالتشتُّت. قبض على مزاج الناس باحتراف الكبار، وأنساهم خللاً طرأ رغم حُسن تنظيم شركة «عكنان» وجهود المتعهّد خضر عكنان لمستوى يليق. سيطر تماماً، بصوت لا يزال متّقداً رغم الزمن، وأرشيف من الذهب الخالص.

أُدخل قالب حلوى للاحتفاء بأغنيته الجديدة «يا ويل حالي» باللهجة اللبنانية في بيروت التي تُبادله الحبّ. قبل لقائه بالآتين من أجله، كرَّرت شاشة كبيرة بثَّها بفيديو كليبها المُصوَّر. أعادتها حتى حُفظت. وحين افتتح بها أمسيته، بدت مألوفة ولطيفة. ضجَّ صيف لبنان بحفلاته، وقدَّم على أرضه حلاوة الأوقات، فكان الغناء بلهجته وفاءً لجمهور وفيّ.

بقيادة المايسترو بسام بدّور، عزفت الفرقة ألحان العذاب. «معقول نتقابل تاني» و«نسيانك صعب أكيد»، وروائع لا يلفحها غبار. الأغنية تطول ليتحقّق جَرْف الذكريات. وكلما امتّدت دقائقها، نكشت في الماضي. يوم كان هاني شاكر فنان الآهات المستترة والمعلنة، وأنّات الداخل وكثافة طبقاته، وعبق الورد رغم الجفاف والتخلّي عن البتلات. حين غنّى «بعد ما دابت أحلامي... بعد ما شابت أيامي... ألقاقي هنا قدامي»، طرق الأبواب الموصودة؛ تلك التي يخالها المرء صدأت حين ضاعت مفاتيحها، وهشَّم الهواء البارد خشبها وحديدها. يطرقها بأغنيات لا يهمّ إن مرَّ عُمر ولم تُسمَع. يكفيها أنها لا تُنسى، بل تحضُر مثل العصف، فيهبّ مُحدِثاً فوضى داخلية، ومُخربطاً مشاعر كوَقْع الأطفال على ما تظنّه الأمهات قد ترتَّب واتّخذ شكله المناسب.

هاني شاكر مُنتَظر والآتون من أجله يفضّلونه جداً (الشرق الأوسط)

تتطاير القبلات من فنان يحترم ناسه، ويستعدّ جيداً من أجلهم. لا تغادره الابتسامة، فيشعر مَن يُشاهده بأنه قريب ودافئ. فنانُ الغناء الحزين يضحك لإدراكه أنّ الحياة خليط أفراح ومآسٍ، ولمّا جرّبته بامتحانها الأقسى، وعصرت قلبه بالفراق، درّبته على النهوض. همست له أن يغنّي للجرح ليُشفى، وللندبة فتتوارى قليلاً. ولا بأس إن اتّسم الغناء بالأحزان، فهي وعي إنساني، وسموّ روحي، ومسار نحو تقدير البهجات. ابتسامة هاني شاكر المتألِّمة دواخلَه، إصرار وعناد.

تراءى الفنان المصري تجسيداً للذاكرة لو كان لها شكل. هكذا هي؛ تضحك وتبكي، تُستعاد فجأة على هيئة جَرْف، ثم تهمد مثل ورقة شجر لا تملك الفرار من مصيرها الأخير على عتبة الخريف الآتي. «بحبك يا هاني»، تكرَّرت صرخات نسائية، وردَّ بالحبّ. يُذكِّر جمهوره بغلبة السيدات المفتتنات بأغنياته، وبما تُحرِّك بهنّ، بجمهور كاظم الساهر. للاثنين سطوة نسائية تملك جرأة الصراخ من أجلهما، والبوح بالمشاعر أمام الحشد الحاضر.

نوَّع، فغنّى الوجه المشرق للعلاقات: «بحبك يا غالي»، و«حنعيش»، و«كدة برضو يا قمر». شيءٌ من التلصُّص إلى الوجوه، أكّد لصاحبة السطور الحبَّ الكبير للرجل. الجميع مأخوذ، يغنّي كأنه طير أُفلت من قفصه. ربما هو قفص الماضي حين ننظر إليه، فيتراءى رماداً. لكنّ الرماد وجعٌ أيضاً لأنه مصير الجمر. وهاني شاكر يغنّي لجمرنا وبقاياه، «يا ريتك معايا»، و«أصاحب مين»؛ ففي الأولى «نلفّ الدنيا دي يا عين ومعانا الهوى»، وفي الثانية «عيونك هم أصحابي وعمري وكل أحبابي»، لتبقى «مشتريكي ما تبعيش» بديع ما يُطرب.

ضجَّ صيف لبنان بحفلاته وقدَّم على أرضه حلاوة الأوقات (الشرق الأوسط)

استعار من فيروز «بحبك يا لبنان» وغنّاها. بعضٌ يُساير، لكنّ هاني شاكر صادق. ليس شاقاً كشفُ الصدق، فعكسُه فظٌّ وساطع. ردَّد موال «لبنان أرض المحبّة»، وأكمله بـ«كيف ما كنت بحبك». وكان لا مفرّ من الاستجابة لنداء تكرَّر. طالبوه مراراً بـ«علِّي الضحكاية»، لكنه اختارها للختام. توَّج بها باقة الأحزان، كإعلان هزيمة الزعل بالضحكاية العالية.