عندما يكون تصميم كرسي للأطفال رمزاً للحداثة

معرض في نيويورك يركز على التصاميم المحلية من 6 بلدان لاتينية

زائر للمعرض يتأمل قطعة للفنان التشيلي روبرتو ماتا في المعرض (نيويورك تايمز)
زائر للمعرض يتأمل قطعة للفنان التشيلي روبرتو ماتا في المعرض (نيويورك تايمز)
TT

عندما يكون تصميم كرسي للأطفال رمزاً للحداثة

زائر للمعرض يتأمل قطعة للفنان التشيلي روبرتو ماتا في المعرض (نيويورك تايمز)
زائر للمعرض يتأمل قطعة للفنان التشيلي روبرتو ماتا في المعرض (نيويورك تايمز)

نيويورك: ميخائيل كيملمان*

لينا بو باردي، المعمارية البرازيلية الإيطالية العظيمة، أرادت أن تقول إننا جميعاً نخترع المعمار فقط بتسلق الدرج، أو عبور الغرفة، أو فتح الباب أو الجلوس على كرسي. وقالت إن كل «هذه الإيماءات الصغيرة»، إلى جانب الأشياء التي تنطوي عليها، تزخر بالكثير من المعاني والذاكرة.

التصميم هو الحياة. والحياة هي التصميم. نحن مصمموها.

لا شك أن بو باردي لم تكن وحدها في التفكير على هذا النحو، كما يوضح لنا معرض «صياغة الحداثة» الجديد المُقام في «متحف الفن الحديث» في نيويورك.

يضم العرض مقاطع الفيديو التي تصور التصميمات الداخلية للمنازل وبعض قطع الأثاث فيها (نيويورك تايمز)

المعرض عبارة عن جوهرة. ويركز على التصميم المحلي من 6 بلدان لاتينية (كولومبيا، والأرجنتين، والبرازيل، والمكسيك، وشيلي، وفنزويلا)، مما ظهر ما بين عامي 1940 و1980. وقد دخلت أمريكا اللاتينية فترة من التحول والتوسع الصناعي والإبداع، وفي جميع أنحاء المنطقة، صار التصميم مؤسسياً كمهنة، وفتح مجالات جديدة، لا سيما بالنسبة إلى النساء.

كانت الحداثة هي التيمة الجمالية الجامعة.

مقعد من تصميم ألبرتو تشوربا من الأرجنتين يعود للستينات من القرن الماضي (نيويورك تايمز)

قد غذت الجهود صوب تعزيز الهوية الوطنية، وحسنت الظروف لصالح العمال الفقراء، وأتاحت المزاوجة بين الحرف المحلية والإنتاج الضخم. وأصبحت وسيلة للاحتفاء بالتنوع البيئي في المنطقة.

أجل، لقد وفرت أيضاً أعذاراً جديدةً لتصميم، كما نقول، كرسي منخفض ومريح للغاية يمكنك الاسترخاء فيه لفترة وجيزة تحت الشمس الاستوائية إلى جوار الأرض الباردة.

خلال العقود الأخيرة من القرن الماضي، أسفر السقوط الاقتصادي السريع والقمع إلى شل الكثير من أجزاء المنطقة، بعضها كان بتحريض من وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، مع الاتفاقيات التجارية مثل «نافتا» التي قضت على العديد من الشركات الصغيرة والريفية، ثم العولمة التي جلبت المزيد من الفوضى. إن معرفة ما هو آت يُضيف طبقة من الحزن والكآبة إلى العمل المعروض.

مقعد بتصميم متميز من معرض «صياغة الحداثة» في متحف الفن الحديث في نيويورك (نيويورك تايمز)

تطلق آنا إيلينا ماليت وأماندا فورمنت، اللتان أشرفتا على معرض «صياغة الحداثة»، على هذه الفكرة وصف الوخزة الأولى لمحاولة استلاب الوقت الضائع. لقد جمعتا صوراً فوتوغرافية وأفلاماً بالأبيض والأسود عن منازل مميزة، إلى جانب تصميمات لشخصيات شهيرة وبارزة مثل بو باردي، وأوسكار نيماير، وروبرتو بيرل ماركس، وغيغو (سجادة رائعة بالأبيض والبني والأسود)، وروبرتو ماتا (كراسيه ذات قطع الألغاز المطاطية الرغوية الخضراء).

كما يسلط المعرض الضوء على المصممين الذين لا يقرعون أجراساً كثيرة هنا، ومن بينهم كلارا بورسيت، وغوي بونسيبي، ومارتن إيسلر، وأمانسيو ويليامز، وريكاردو بلانكو، وكريستيان فالديس، وأولغا دي أمارال، وخوسيه زانين كالداس. والقائمة ممتدة.

كان بونسيبي بمثابة غرسة أوروبية منقولة، مثل بو باردي، وإيسلر، وغيغو، الذي قضى معظم حياته المهنية في أميركا اللاتينية. إن التعاون يعد لاَزِمة مهيمنة في معرض «صياغة الحداثة»، مما يعكس موجة من المثالية الجماعية التي اجتاحت مختلف أنحاء المنطقة خلال منتصف القرن. في أوائل سبعينات القرن الماضي، أشرف بونسيبي على مجموعة من المصممين التشيليين والألمان، الذين كلفهم سلفادور أليندي، الرئيس الاشتراكي التشيلي المنتخب حديثاً، بمهمة إعادة صياغة الثقافة المادية للبلاد استمداداً من المبادئ الاشتراكية.

مقعد بتصميم متميز من معرض «صياغة الحداثة» في متحف الفن الحديث في نيويورك (نيويورك تايمز)

من بين أمور أخرى، أنتجوا كرسياً لرياض الأطفال: بلون برتقالي كريمي، مع مقعده بالزاوية اليمين المثبت بين ساقين مثلثي الشكل. وأصبح الكرسي رمزاً للتقدم والأمل. وعلى هذا النحو، فقد انتهى مشروع التصميم بالكامل على نحو مفاجئ عام 1973، حين استولى المجلس العسكري على الحكم في انقلاب دموي دعمته وكالة الاستخبارات الأميركية.

لقد ذكرتُ الوقت الضائع في موضع سابق. وهذا هو أهم مشاركة لمتحف الفن الحديث مع التصميم الحديث في أميركا اللاتينية منذ «التصميم العضوي في المفروشات المنزلية» لعام 1941، والذي بدأ كزوج من المسابقات، واحدة مفتوحة أمام المصممين الأميركيين، والأخرى أمام الأميركيين اللاتينيين، الذين تم تشجيعهم للتركيز على المواد والأساليب المحلية. كانت بورسيت وزوجها والمتعاون معها، الفنان الجداري المكسيكي كزافييه غيريرو، من بين الفائزين في مسابقة أميركا اللاتينية (لم ينسب متحف الفن الحديث الأمر إلا إلى غيريرو).

ولدت بورسيت قرب مطلع القرن الماضي في خضم التحولات الكبيرة في كوبا، ودرست مع آني وجوزيف ألبرز في كلية بلاك ماونتن في ولاية كارولينا الشمالية، وأَشْرَبت نفسها المبادئ في باوهاوس. وفي نيويورك، انضمت إلى أعضاء المجلس العسكري الثوري الكوبي، الذي كان مقره في المدينة وقتذاك. لقد أوصلتها سياستها اليسارية إلى ورطة متأزمة مع حكام كوبا المستبدين.

لذا، فقد انتقلت إلى المكسيك، وانضمت إلى مجتمع من المصممين والفنانين كان من ضمنهم غيريرو، وجميعهم كانوا يحلمون بمجتمع ما بعد الثورة.

جهاز تليفزيون وراديو من سبعينات القرن الماضي من تصميم روبرتو نابولي (نيويورك تايمز)

شارك غيريرو مع بورسيت الاحترام العميق للحرف اليدوية الإقليمية. وكان مدخلهم إلى «التصميم العضوي» يتألف من مجموعة من موائد وكراسٍ من خشب الصنوبر والقماش - «الأثاث الريفي» كما يسمونه - والتي كانت بمثابة ثناء على الأشياء التي صادفوها عند زيارة البيوت في القرى المكسيكية.

لم تعد هذه الكراسي والطاولات موجودة، ولكن التصميمات التي رُسمت لها تدور حول «صياغة الحداثة»، التي تبدأ من حيث انتهى «التصميم العضوي». يمكن للحرف والصناعات، بل ينبغي عليها، أن تعمل بشكل متناغم - عضوياً - كانت رسالة بورسيت، وهي فكرة تربط، مثل بورسيت، معارض متحف الفن الحديث عبر ثمانية عقود.

«في كل شيء هناك تصميم،» على حد تعبيرها، «في سحابة، في بصمة أصبع، على الرمال أو في البحر، وحتى حركة الرياح».

* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

«وجود وغياب»... معرض «كوميكس» مصري يمزج المخاوف بالأحلام

يوميات الشرق المعرض مأخوذ عن كتاب «وجود وغياب» (الشرق الأوسط)

«وجود وغياب»... معرض «كوميكس» مصري يمزج المخاوف بالأحلام

تُعدّ معارض القصص المصوَّرة (الكوميكس) من الفعاليات النادرة في مصر، وتكاد تقتصر على مهرجانات سنوية لهذا النوع من الرسوم المعروف بـ«الفن التاسع».

نادية عبد الحليم (القاهرة)
يوميات الشرق عمل للدكتور أشرف سعد جلال (الشرق الأوسط)

أعمال «الأسود والضوء» تحضّ على التأمل

خيط رفيع ربط بين أعمال 50 فناناً فوتوغرافياً يتمثّل في رصد «الأسود والضوء»، وهو العنوان الذي اختاره «نادي عدسة» ليقيم تحته معرضاً بالإسكندرية.

نادية عبد الحليم (القاهرة )
يوميات الشرق يقدم «يبدو لذيذاً!» معرض نظرة شاملة لتقليد «السامبورو» منطلقاً من البداية (ماسودا يوشيرو - بيت اليابان)

«السامبورو»... استكشف ثقافة الطعام المزيف في اليابان

من زار اليابان سيتعرف فوراً على «السامبورو»، وهي نسخ من الأكلات والأطعمة اليابانية مصنوعة من البلاستيك بدقة لاستنساخ شكل الطعام الحقيقي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق جانب من معرض «ملمس المياه» لريم الجندي (الشرق الأوسط)

​«ملمس المياه» لريم الجندي فسحة صيف تطوف على وهم

يسرح المتفرّج في تفاصيل الأعمال فيُخيَّل إليه بأنّ الوهم الذي بحثت عنه الفنانة أصابه أيضاً فيتزوّد بجرعات من الطاقة الإيجابية وبمشاعر النضارة والحيوية.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق مشاهد من رحلة عبد الله فيلبي إلى عسير عام 1936 (وزارة الثقافة)

التاريخ الثقافي والحضاري لمنطقة عسير حيّ في معرض للمخطوطات

انطلق «معرض مخطوطات عسير» لاستكشاف قصص الأجداد وتاريخ المنطقة بين طيّات المخطوطات ومن خلال الأجنحة المتنوعة والندوات والجلسات الحوارية المتخصصة.

عمر البدوي (الرياض)

تصريحات «صادمة» لإيناس الدغيدي تعيدها إلى دائرة الجدل

إيناس الدغيدي تثير الجدل مجدداً (إنستغرام)
إيناس الدغيدي تثير الجدل مجدداً (إنستغرام)
TT

تصريحات «صادمة» لإيناس الدغيدي تعيدها إلى دائرة الجدل

إيناس الدغيدي تثير الجدل مجدداً (إنستغرام)
إيناس الدغيدي تثير الجدل مجدداً (إنستغرام)

أعادت تصريحات تلفزيونية جديدة وُصفت بأنها «صادمة» المخرجة المصرية إيناس الدغيدي إلى دائرة الجدل مُجدداً، حين تحدثت عن عدم ارتباطها بزواج عرفي، لكنها عاشت «المساكنة» مع زوجها السابق بعد أن جمعتهما قصة حب لـ9 سنوات قبل زواجهما، نافية الاتهامات بأنها مخرجة «أفلام الإغراء»، وقالت إن «أفلامها أصدق من أعمال المخرج خالد يوسف، كاشفة عن أنها أتمت السبعين من عمرها ولا تفكر بالموت».

وأضافت في حوارها أن سعاد حسني لم تُقتل لكنها انتحرت، وأن العاملين في الوسط السينمائي كانوا يتوقعون لها ولأحمد زكي أن ينتحرا لأنهما عاشا حياتهما من دون تخطيط، وسعاد كانت تشعر بتراجع نجوميتها الكبيرة، وعدّت ياسمين صبري ممثلة مثيرة أكثر من هيفاء وهبي.

وحلّت إيناس الدغيدي ضيفة على الإعلامية ناديا الزغبي عبر برنامجها «القرار» الذي تقدمه على قناة «الغد»، ووصفت ناديا المخرجة المصرية بأنها امرأة «دون خطوط حمراء»، ويليق بها لقب «الجريئة» بوصفها واحدة من أهم مخرجات السينما في مصر، وتحدثت الدغيدي قائلة إنها «بالفعل جريئة وحياتها كلّها جرأة، لكنها لم تكن تعرف ذلك عن نفسها»، لافتة إلى أن «جُرأتها بدأت منذ قرّرت دخول معهد السينما لتصبح مخرجة، ولم يكن لأي من أسرتها علاقة بالفن لكونها من عائلة ملتزمة دينياً، ووالدها كان يعمل مدرساً للغة العربية والدين».

ورفضت المخرجة خلال الحوار لقب «مخرجة أفلام الإغراء»، مؤكدة أنها «تقدم مشاهد إغراء داخل أفلام لها قيمة».

إيناس الدغيدي في أحد البرامج (إنستغرام)

وبسؤالها عن الأكثر جرأة في أفلامها... هي أم المخرج خالد يوسف؟ قالت إن أفلامها أصدق لأن جُرأتها بلا أهداف، بل تعبّر عن فكرها الحقيقي، بينما يوسف قد تكون لديه أهداف سياسية يتحرك من أجلها، لا سيما في الفترة الأخيرة.

وذكرت الدغيدي أنها أتمت عامها السبعين وأنها سعيدة بعمرها ولا تشعر أنها كبرت، ولديها قدرة كبيرة على العطاء، نافية أنها تفكر بالموت الذي تراه «حياة فيها جمال»، لكونه أكثر هدوءاً وروحانية وسلاماً.

وقالت إنها من المستحيل أن تختلف مع كلٍّ من يسرا وإلهام شاهين، مؤكدة أنها بدأت مشوارها ويسرا معاً وعاشتا مع بعضهما العمر كله.

وعن فيلم «الصمت» الذي تُعِدّ له، وتتطرّق فيه لمشكلة «زنا المحارم»، قالت إن منصة «نتفليكس» سترحب بعرضه وسينجح في صالات السينما بمصر لكونه فيلم إثارة تقدمه بشكل يشوّق الناس لمشاهدته من خلال مواصفات درامية جيدة، لافتة إلى أنه لا توجد علاقة بالفيلم بين محارم لأنها لا تستسيغ ذلك، لكن الموضوع كله يرتبط به، وقد التقت بنات تعرضن لذلك والفيلم يتطرق لحياتهن بعدما كبرن، مشيرة إلى أن الأمم المتحدة تناقش هذه المشكلة التي تحدث في كثير من دول العالم.

وعبّرت المخرجة المصرية عن فخرها باكتشاف النجمين أحمد عز وهند صبري، وأنهما من أهم اكتشافاتها مخرجة، وقدمتهما أبطالاً لفيلم «مذكرات مراهقة» قائلة، كانت لديهما الجرأة لعمل الفيلم في بداياتهما، ربما يخافا الآن على اسميهما ونجوميتهما لو عُرض عليهما عمل مماثل، لأننا صرنا نعيش في مجتمع يحاسب الفنان على أفلامه وليس على تصرفاته.

وذكرت أن خلافاً وقع بينها وبين النجم الراحل أحمد زكي خلال تصوير فيلم «استاكوزا» كاد يهدّد بعدم إكمال الفيلم لانصرافه في أثناء التصوير دون أن يخبر أحداً، فقالت له: «نجوميتك تتعامل بها خارج الاستوديو، لكنك هنا تتعامل بالشخصية التي تؤديها»، وقالت إنه «قد عاد وقال لي حقك عليَّ»، مؤكدة أنه كان صديقها وجارها.

إيناس الدغيدي (إنستغرام)

وعن اعتزال «الزعيم» عادل إمام قالت إنه اكتفى نجاحاً وشهرة، ويريد الآن أن يستمتع بحياته، يقول لمن حوله لو أن هناك خبراً سيئاً لا تخبروني به، لذا أرجو أن نتركه ونحترم تاريخه.

وحمّلت المرأة المسؤولية في ظاهرة «التحرش»: «عندما نقول إنه تم التحرش بي، لو كان المتحرش مريضاً فسيُصفع على وجهه وسيتوقف». مضيفة أن «بعض السيدات في جزء من تصرفاتهن يشجعن الرجل على التحرّش بهنّ».

وعن الفنانة الأكثر إثارة في الوقت الحالي اختارت ياسمين صبري على هيفاء وهبي، قائلة إنه قبل 5 سنوات كانت هيفاء والآن ياسمين.

وتخرجت إيناس الدغيدي في معهد السينما بالقاهرة عام 1975 وعملت مساعدة مخرج لكبار المخرجين، أمثال بركات الذي أقنعها بالتمثيل أيضاً في فيلم «أفواه وأرانب» أمام فاتن حمامة ومحمود ياسين، وأخرجت أول أفلامها الطويلة «عفواً أيها القانون» عام 1985 من بطولة نجلاء فتحي، ومحمود عبد العزيز، ووصل عدد الأفلام التي أخرجتها 16 فيلماً طويلاً من بينها «امرأة واحدة لا تكفي»، و«قضية سميحة بدران»، و«زمن الممنوع»، و«كلام الليل»، و«مذكرات مراهقة»، و«الباحثات عن الحرية»؛ وأنتجت من بينها 7 أفلام، ونالت أفلامها جوائز عدة في مهرجانات «القاهرة السينمائي» و«الإسكندرية»، و«جمعية الفيلم»، وقد أثارت أفلامها وأحاديثها الجريئة جدلاً كبيراً على مدار مشوارها.