مفردات شعبية «غير لائقة» تثير هجوماً على صنَّاع دراما رمضان بمصر

نقاد يدعون لتفعيل الرقابة... وآخرون يرفضون مقصّ الرقيب

طارق لطفي وأحمد السقا ولقطة من مسلسل «العتاولة» (الشركة المنتجة)
طارق لطفي وأحمد السقا ولقطة من مسلسل «العتاولة» (الشركة المنتجة)
TT

مفردات شعبية «غير لائقة» تثير هجوماً على صنَّاع دراما رمضان بمصر

طارق لطفي وأحمد السقا ولقطة من مسلسل «العتاولة» (الشركة المنتجة)
طارق لطفي وأحمد السقا ولقطة من مسلسل «العتاولة» (الشركة المنتجة)

أثارت مفردات شعبية في الدراما الرمضانية، وُصفت بأنها «غير لائقة»، هجوماً على بعض صنّاعها، من نقاد ومتخصّصين في علم الاجتماع.

وبينما عدَّ نقاد استخدام تلك الألفاظ، أو زجّ نماذج لشخصيات شعبية اتّسمت باللغة غير المفهومة القريبة من الرمز والإيحاءات، ضمن السياق، «حيلة قديمة لجذب فئة كبيرة من المشاهدين»، عدَّها خبراء ومتخصّصون في علم الاجتماع مسألة «لها تأثير سلبي في الأجيال الجديدة».

من الأعمال الدرامية التي ضمّت مفردات غير لائقة، «نعمة الأفوكاتو» (عُرض في النصف الأول من رمضان)، كما شهدت مسلسلات مثل «العتاولة»، و«أشغال شقة»، و«حق عرب»، ألفاظاً شعبية غير لائقة مثل الشتيمة، والإيحاءات، والتلميحات التي وصفها البعض بـ«المبتذلة».

في هذا السياق، يؤكد الناقد الفني المصري طارق الشناوي أنّ «الألفاظ غير اللائقة ليست وليدة اليوم، بل موجودة منذ زمن بعيد في الدراما»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أنّ «الدراما لا تنتقي كلمات الشخصيات، بل ينبغي على الشخصية التحدُّث بلغتها، لكن إذا شَعَر المتلقّي أنّ ثمة تعمّداً لاستخدام ألفاظ نابية لا تشبه الشخصية الدرامية، فسيُرتّب ذلك انفصاله عن العمل»، مضيفاً: «لاحظتُ تعمُّد استخدام هذه الألفاظ بشكل دائم. أنا ضدّ الجرعة الزائدة منها، وفي الوقت عينه، أرفضُ التدخّل الرقابي من أي نوع، ما دام لا يوجد ازدراء للأديان أو سبّ وقذف».

محمد إمام في لقطة من مسلسل «كوبرا» (الشركة المنتجة)

«لدينا نحو 8 أو 10 مسلسلات للبطل الشعبي، معظمها عشوائي، تضمّ مفردات ليست فقط غير لائقة، بل لا يصحّ إدخالها المنازل»، يعلّق الناقد الفني المصري أحمد سعد الدين على تلك الظاهرة، مشيراً إلى مسلسلات مثل «العتاولة»، و«حق عرب».

ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أبسط الألفاظ تحمل الشتيمة، مثل عبارة (ابن الكلب) والمسّ بالأم وغيرهما، بالإضافة إلى أنّ معظم الأبطال الشعبيين يتحدّثون بمفردات تشي بالجرأة الزائدة».

ويشير إلى شخصيات أخرى مثل «ميكا» و«كزبرة»، حين ذكرا مفردات منها «سرسجية»، و«بنلف إيه»، وغيرهما، فالأمر بالنسبة إليه «لا يتوقف عند الكلام فقط، بل الإيحاءات أيضاً»، متسائلاً: «كيف مرَّت هذه الكلمات والإيحاءات على الرقابة؟ لا يقولنَّ أحد إنّ هذا رصدٌ للواقع، فالدراما ببعضها محافظة على عادات المجتمع وتقاليده، وليس الانحدار بها»، وفق قوله.

وتظهر هذه اللغة والألفاظ في شخصيات محدَّدة ببعض المسلسلات، مثل الشخصية التي يقدّمها مطرب المهرجانات «كزبرة» في مسلسل «كوبرا» مع محمد إمام، وشخصية «ميكا» في مسلسل «خالد نور وولده نور خالد» التي يؤدّيها الفنان الشاب السيد أسامة.

ويعزو الناقد الفني المصري كمال القاضي «تركيز كتّاب الدراما غير الموهوبين على صراعات البلطجية، وحروب الشوارع، والشخصيات المشوّهة بألفاظها غير اللائقة»؛ إلى نوع من «الإفلاس»، ويقول: «لا ثقافة لديهم لينطلقوا منها في التعبير عن القضايا الحقيقة للمجتمع المصري، لذا يلجأون إلى الظواهر السلبية لأسباب، أولها أنّ هذه هي المساحة التي تسمح بصناعة الأكشن الرديء المطلوب شعبياً».

وحمَّل القاضي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، المسؤولية، «إلى جانب صنّاع الدراما»، لشركات الإنتاج التي قال إنها «تشجّع هذا اللون الدرامي، وترى فيه استثماراً مادياً مجزياً لها، وهذا هو الهدف الرئيسي، فضلاً عن أنّ قبول النجوم بهذه الأدوار يمثّل رواجاً للبلطجة والشغب، ويقلّل فرص مقاومتهما على المستوى الواقعي، إذ يعدّها بعض جمهور الشباب بطولات».

هشام ماجد وأسماء جلال ومصطفى غريب في مسلسل «أشغال شقة» (الشركة المنتجة)

وانتشرت في مسلسل «كوبرا» تحديداً ألفاظ شعبية نابية، خصوصاً في المعارك بين البطل والعصابة التي غدرت به؛ وصلت إلى الشتيمة.

بدورها، تتحفَّظ أستاذة علم الاجتماع الدكتورة سهير لطفي على انتشار هذه الألفاظ في الدراما الرمضانية «لتركها أثراً سلبياً في نفوس الأجيال الجديدة»، وتقول لـ«الشرق الأوسط» إنّ «الإعلام هو الوسيلة الأولى للحفاظ على منظومة القيم والأخلاق في المجتمع. وحتى الاختلاف، يجب أن يُقدَّم باحترام، لذلك تجب مراقبة هذه الألفاظ قبل طرح الأعمال».

وإذ تعدّ استخدام بعض الفنانين الألفاظ غير اللائقة في الأعمال الدرامية «لازمة» لجذب الجمهور، تشير إلى «وسائل كثيرة يمكن اللجوء إليها لرفض هذه الألفاظ والتحفُّظ عليها، سواء لدى الجهات الرقابية أو مواقع التواصل التي تتيح للجميع حقّ التعبير عن الرأي».


مقالات ذات صلة

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

يوميات الشرق لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

حظي مسلسل «رقم سري» الذي ينتمي إلى نوعية دراما الغموض والتشويق بتفاعل لافت عبر منصات التواصل الاجتماعي.

رشا أحمد (القاهرة )
يوميات الشرق زكي من أبرز نجوم السينما المصرية (أرشيفية)

مصر: تجدد الجدل بشأن مقتنيات أحمد زكي

تجدد الجدل بشأن مقتنيات الفنان المصري الراحل أحمد زكي، بعد تصريحات منسوبة لمنى عطية الأخت غير الشقيقة لـ«النمر الأسود».

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق تجسّد شخصية «دونا» في «العميل» (دانا الحلبي)

دانا الحلبي لـ«الشرق الأوسط»: لو طلب مني مشهد واحد مع أيمن زيدان لوافقت

تُعدّ تعاونها إلى جانب أيمن زيدان إضافة كبيرة إلى مشوارها الفني، وتقول إنه قامة فنية كبيرة، استفدت كثيراً من خبراته. هو شخص متعاون مع زملائه يدعم من يقف أمامه.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق آسر ياسين وركين سعد في لقطة من المسلسل (الشركة المنتجة)

«نتفليكس» تطلق مسلسل «موعد مع الماضي» في «القاهرة السينمائي»

رحلة غوص يقوم بها بعض أبطال المسلسل المصري «موعد مع الماضي» تتعرض فيها «نادية» التي تقوم بدورها هدى المفتي للغرق، بشكل غامض.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق مسلسل «6 شهور»   (حساب Watch IT على «فيسبوك»)

«6 شهور»... دراما تعكس معاناة حديثي التخرّج في مصر

يعكس المسلسل المصري «6 شهور» معاناة الشباب حديثي التخرج في مصر عبر دراما اجتماعية تعتمد على الوجوه الشابة، وتحاول أن ترسم الطريق إلى تحقيق الأحلام.

نادية عبد الحليم (القاهرة )

الأشخاص الغاضبون «أكثر ميلاً للنجاح»... كيف؟

الغضب لا يزال يشكل حافزاً مهماً للنجاح في العالم الحديث (رويترز)
الغضب لا يزال يشكل حافزاً مهماً للنجاح في العالم الحديث (رويترز)
TT

الأشخاص الغاضبون «أكثر ميلاً للنجاح»... كيف؟

الغضب لا يزال يشكل حافزاً مهماً للنجاح في العالم الحديث (رويترز)
الغضب لا يزال يشكل حافزاً مهماً للنجاح في العالم الحديث (رويترز)

كشف أحد علماء الأعصاب أن الأشخاص الغاضبين أكثر ميلاً للنجاح. وقال الدكتور جاي ليشزينر إن الشعور بالغضب قد يكون «محركاً مهماً» للنجاح في العالم الحديث لأنه يدفعنا إلى «إزالة أي تهديدات» وتحقيق أهدافنا، وفقاً لصحيفة «التلغراف».

وأوضح الأكاديمي، وهو أستاذ في علم الأعصاب والنوم في مستشفى كينغز كوليدج في لندن، أن الغضب يمكن أن يخدم «غرضاً مفيداً للغاية» ويمكّن من تحقيق نتائج أكثر ملاءمة.

وفي حديثه ضمن بودكاست Instant Genius، قال الدكتور ليشزينر إن هرمون التستوستيرون يلعب دوراً رئيساً في ذلك، حيث يستجيب الهرمون - الذي تشير بعض الدراسات إلى أنه مرتبط بالعدوانية والغضب - للنجاح.

وتابع «لذا، إذا فزت في رياضة، على سبيل المثال - حتى لو فزت في الشطرنج الذي لا يُعرف بشكل خاص أنه مرتبط بكميات هائلة من العاطفة - فإن هرمون التستوستيرون يرتفع... تقول إحدى النظريات إن هرمون التستوستيرون مهم بشكل أساسي للرجال على وجه الخصوص لتحقيق النجاح».

«شعور مهم»

وحتى في العالم الحديث، لا يزال الغضب يشكل حافزاً مهماً للنجاح، بحسب ليشزينر، الذي أوضح «إذا أعطيت الناس لغزاً صعباً للغاية لحله، وجعلتهم غاضبين قبل أن تقدم لهم هذا اللغز، فمن المرجح أن يعملوا عليه لفترة أطول، وقد يجدون فعلياً حلاً له... لذا، فإن الغضب هو في الأساس عاطفة مهمة تدفعنا إلى إزالة أي تهديدات من هدفنا النهائي».

وأشار إلى أن المشكلة في المجتمعات البشرية تكمن في «تحول الغضب إلى عدوان».

لكن الغضب ليس العاطفة الوحيدة المعرضة لخطر التسبب في الضرر، حيث لاحظ أن مشاعر أخرى مثل الشهوة أو الشراهة، قادرة على خلق مشكلات أيضاً. وتابع «كلها تخدم غرضاً مفيداً للغاية، ولكن عندما تسوء الأمور، فإنها تخلق مشكلات».

ولكن بخلاف ذلك، إذا استُخدمت باعتدال، أكد الدكتور أن هذه الأنواع من المشاعر قد يكون لها بعض «المزايا التطورية».