جهود مصرية لتطوير السياحة في النيل الخلّاب (صور)

إعداد خطّةٍ من أهدافها إعادة تشغيل البواخر المُعطَّلة

السياحة النيلية من المعالِم السياحية المصرية المميزة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
السياحة النيلية من المعالِم السياحية المصرية المميزة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

جهود مصرية لتطوير السياحة في النيل الخلّاب (صور)

السياحة النيلية من المعالِم السياحية المصرية المميزة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
السياحة النيلية من المعالِم السياحية المصرية المميزة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

يمتدّ نهر النيل داخل مصر لمسافة تتجاوز الألف كيلومتر، بدايةً من أبو سمبل (أقصى الجنوب)، حتى العاصمة القاهرة؛ ويتميّز بمناظره الخلّابة على الجانبين، حيث يشقّ الصحراء بانسياب، مكوّناً وادياً ضيقاً يُشكّل صعيد مصر، ويقبع على جوانبه عدد من المواقع الأثرية والسياحية الفريدة، فيشكّل حلقة الوصل بينها جميعاً، بما فيها أهرامات الجيزة.

وتستهدف مصر تطوير الاستفادة السياحية منه بعد تراجع حركة السياحة فيه منذ اندلاع ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، حيث تَعطّل كثير من الفنادق والبواخر والسياحية العائمة عن العمل.

مدينتا الأقصر وأسوان تتميزان بتنظيم رحلات نيلية بانتظام (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وعدَّ وزير السياحة والآثار المصري أحمد عيسى، الاجتماع الموسّع لمناقشة سُبل تطوير وتعظيم الاستفادة من منتج السياحة النيلية في مصر، «بادرة مهمّة للتحرُّك في الاتجاه السليم، ونحو هدف واحد من خلال تضافر جهود الجهات المُشاركة في الاجتماع للتنسيق المستمرّ لتذليل أي معوقات قد تَحول دون تطوير منتج السياحة النيلية في مصر».

وأشار إلى ضرورة العمل على زيادة حجم الطاقة الفندقية العائمة، مؤكداً أهمية الرحلات النيلية الطويلة بين القاهرة وأسوان، لا سيما تلك التي ستمرّ بمحافظات الصعيد (المنيا وأسيوط وسوهاج)، والتي من شأنها المساهمة في زيادة أعداد الزائرين بجميع المواقع الأثرية والمتاحف، لتعزيز تجربة سياحية جديدة، وزيارة نقاط مسار رحلة العائلة المقدسة الموجودة في هذه المحافظات».

البواخر المتوقّفة عن العمل من بين عقبات السياحة النيلية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وفي السياق عينه، عدَّ عاملون في مجال السياحة، من بينهم رئيس غرفة شركات السياحة والسفر بالأقصر ثروت عجمي، الاهتمام الحكومي بالسياحة النيلية «أمراً إيجابياً جداً»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «عدد كبير من المراكب متوقّف عن الإبحار بين الأقصر وأسوان لحاجة البواخر إلى سيولة مالية للتجديد والتطوير. لذا طالبتُ بتوفير قروض ميسّرة للعاملين في مجال السياحة لإعادة تسييرها مجدداً»، مذكّراً بأنّ «حركة السياحة النيلية بين أسوان والقاهرة متوقّفة منذ أكثر من 10 سنوات».

ورأى عجمي أنّ إعادة تسيير بواخر وفنادق سياحية عائمة بين العاصمة وأسوان، ستُشكل دفعة قوية للسياحة في محافظات المنيا وأسيوط وسوهاج وقنا، التي تضمّ مناطق أثرية مهمة، من بينها تل العمارنة ودندرة وأبيدوس.

النيل يتميّز بمناظره الخلابة في جنوب مصر (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وبينما يبلغ حجم الطاقة الفندقية العائمة الموجودة في مصر حالياً 15 ألفاً و752 غرفة، تخطّط وزارة السياحة والآثار لزيادة أعداد الغرف الفندقية العائمة بنحو 2500 خلال السنوات المقبلة.

وأكد عيسى أنّ «السياحة النيلية من المنتجات المهمّة والمُميزة للمقصد السياحي المصري، والتي تحظى بزيادة الطلب السياحي عليها. كما أنّ هذا النوع من السياحة يُقدم ميزة تنافسية مرتفعة يجذب بها السائحين ذوي الإنفاق المرتفع».

وناقش ارتفاع أعداد المراسي النيلية الموجودة حالياً على طول المجرى الملاحي لنهر النيل، ورفع كفاءتها، وسبل تقنين أوضاع بعضها غير المرخَّص، ومعرفة مدى جاهزيتها، إلى جانب التأكد من رفع كفاءة الأهوسة والطاقة الاستيعابية لها، والوقت الذي تستغرقه الفنادق العائمة في الدخول والخروج منها، كما نوقشت سبل الاستفادة من المنشآت الفندقية العائمة المتوقّفة حالياً، وبحث إمكان إعادة تشغيلها في ضوء قانون المنشآت الفندقية والسياحية رقم 8 لعام 2022، ولائحته التنفيذية.

وتُعدّ الذهبيات النيلية العاملة حالياً، من بين عناصر الجذب السياحي، فنوقشت أهمية تحسين أوضاعها والاشتراطات اللازمة لمنحها تراخيص التشغيل السياحية، وجرى الاتفاق على القيام بحصر شامل لأعدادها لتقديم دراسة متكاملة لهذا الملف.

أحد الفنادق العائمة خلال رحلة بين الأقصر وأسوان (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وقال عجمي إنّ بعض أصحاب البواخر النيلية اكتفوا بتأجيرها وهي راسية على شاطئ النيل في الأقصر، وذلك بعد توقُّف حركة السياحة تماماً عقب اندلاع ثورة 25 يناير في 2011، لافتاً إلى أنّ هذه البواخر تحتاج إلى تجديدات كبيرة للإبحار.

وأشار إلى تشغيل نحو 140 مركباً فقط بين الأقصر وأسوان راهناً، بينما ثمة نحو 80 أخرى خارج الخدمة وتحتاج إلى تطوير، مطالباً بـ«منح الحكومة تراخيص لبناء فنادق عائمة جديدة».

وذكرت الوزارة أنّ الموسم السياحي الشتوي اتّسم هذا العام بالتميُّز والنجاح، من دون أي مشكلات، خصوصاً أنه لم تُرصد أي حالة شطوح لأيٍّ من المنشآت الفندقية العائمة.

ويُعدّ نهر النيل من المعالِم السياحية المهمّة في مصر، حيث يتنافس ملّاك السفن على توفير أفضل الخدمات المميّزة للسائح لتمضية رحلة من العُمر. ويستمتع كثير من السياح العرب أو الأوروبيين برحلات جميلة فيه عبر مراكب كبيرة تُقدّم أجمل الفنون الشعبية المصرية.

وأكد عجمي تراجُع الحركة السياحة في الأقصر أخيراً، مقارنةً بالفترة عينها من العام الماضي بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة.


مقالات ذات صلة

«طالبان» تغيّر موقفها تجاه المواقع التراثية الأفغانية

آسيا تظهر هذه الصورة الملتقطة في 15 مارس موظفاً من إدارة الثقافة والسياحة يحمل تمثالاً لبوذا في متحف في مهترلام بولاية لغمان (أ.ف.ب)

«طالبان» تغيّر موقفها تجاه المواقع التراثية الأفغانية

أحدثت حركة «طالبان» صدمةً كبيرةً في العالم عندما فجرت في مارس 2001 تمثالَي بوذا عملاقين في باميان. لكن الحركة، التي تسيطر على أفغانستان تمثال إنها أحرزت تقدماً.

«الشرق الأوسط» (غوارجان (أفغانستان))
يوميات الشرق أسر مصرية اتجهت للحدائق في عيد «شم النسيم» (محافظة القليوبية)

شواطئ ومتنزهات مصر تستقبل المحتفلين بـ«شم النسيم»

استقبلت شواطئ مصر ومتنزهاتها عدداً كبيراً من الأسر المصرية، خلال «شم النسيم»، الذي يعدّ من أقدم الأعياد الشعبية في مصر القديمة.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق يمتدُّ مشروع «Farmville» على مساحة 10 آلاف متر مربَّع ويظلِّله أرز الباروك المعمِّر (الشرق الأوسط)

الريف اللبناني ينتعش بسواعد الجيل الشاب... ومنطقة الباروك تقدِّم النموذج

من فكرة لمعت في رأس شابٍّ عاشقٍ لبلدته الجبليَّة، إلى شبكة من المشاريع السياحية الناجحة والهادفة. إنها حكاية «Farmville» وأخواتها.

كريستين حبيب (بيروت)
الاقتصاد سائحون وزحام في شارع تايم سكوير بوسط نيويورك (رويترز)

تراجع عدد السائحين إلى أميركا 12 % في مارس

تراجع عدد السائحين الأجانب إلى الولايات المتحدة بنسبة 12 في المائة في مارس (آذار)، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، حسبما ذكرت صحيفة «واشنطن بوست».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق معرض «تيم لاب فينومينا أبوظبي» (وام)

أبوظبي تدشّن «تيم لاب فينومينا» معلماً للفن التفاعلي الحديث

دشّنت أبوظبي أمس معرض الضوء «تيم لاب فينومينا»، الذي يُعدّ مَعلماً ثقافياً جديداً في العاصمة الإماراتية.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)

عالمة نفس اجتماعية: لا تكن لطيفاً جداً في العمل... هذا ما يفعله الناجحون

هل أنت لطيف أكثر من اللازم في العمل؟ (رويترز)
هل أنت لطيف أكثر من اللازم في العمل؟ (رويترز)
TT

عالمة نفس اجتماعية: لا تكن لطيفاً جداً في العمل... هذا ما يفعله الناجحون

هل أنت لطيف أكثر من اللازم في العمل؟ (رويترز)
هل أنت لطيف أكثر من اللازم في العمل؟ (رويترز)

الانزعاج الاجتماعي أمرٌ شائعٌ جداً يُمكننا أن نجده في أي مكان تقريباً، مثل إجراء مفاوضات الرواتب، أو المحادثات القصيرة التي تتخللها فترات صمت مُحرجة كثيرة.

وقالت تيسا ويست، عالِمة النفس الاجتماعية، في تقرير لشبكة «سي إن بي سي»، إن كل شخص تقريباً سيجد نفسه في مرحلة ما في تفاعلٍ يُشعره بعدم الارتياح، خصوصاً في العمل، حيث تظهر هذه المواقف يومياً.

وقالت: «يتبع معظم الناس نهجاً بسيطاً لتهدئة الانزعاج: نبتسم بأقصى ما نستطيع، ونضحك (حتى عندما لا يكون هناك شيء مُضحك)، ونبذل قصارى جهدنا لإقناع الآخرين: التفاعل معي إيجابي. أنا لطيف».

ولكن هل أنت لطيف أكثر من اللازم في العمل؟

مشكلة اللطف المُفرط

هناك مفارقة مُحزنة، إذ إننا كلما حاولنا استخدام اللطف لإخفاء انزعاجنا، اكتشف الناس حقيقتنا.

يُجيد البشر التقاط المشاعر، التي تتسرَّب من خلال سلوكياتنا غير اللفظية، مثل نبرة الصوت. ونعتقد أننا نُحسن إخفاء قلقنا بالإكثار من المجاملات، ولكن عندما تُقال هذه المجاملات بابتسامات مصطنعة، لا أحد يصدقها.

كثيراً ما نُسيطر على انزعاجنا بتقديم ملاحظات عامة جداً، لا تُجدي نفعاً. كتلك العبارات الكلاسيكية مثل «أحسنت!»، وفي كثير من الحالات، يكون هذا الثناء غير مستحق.

المبالغة في ردود الفعل الإيجابية تُشير إلى أنك لا تُولي اهتماماً. وبمرور الوقت، يُصبح الشخص المُتلقي غير واثق بك. يحتاج إلى معلومات مُحددة تُساعده بالفعل على تحسين عمله.

ماذا تفعل بدلاً من ذلك؟

يعمل كثير من الناس في بيئات يكون فيها اللطف المُفرط هو القاعدة. إليك 3 أشياء يُمكنك القيام بها لتغيير هذه الثقافة إلى بيئة تُقدَّر فيها ردود الفعل الصادقة والمفيدة.

1- تساءل عن «ثقافة اللطف»

اسأل نفسك: هل يستمتع جميع مَن حولي بهذه الثقافة المفرطة في اللطف، أم أنهم يفعلون ذلك لأن الجميع يفعلونه؟

تُعدُّ الأعراف الاجتماعية دافعاً رئيسياً للسلوكيات، وكلما أسرع الوافدون الجدد في تبني هذه الأعراف، أُدركوا أنهم «متأقلمون».

إذا لاحظ الوافد الجديد أن الجميع يُغدقون عليه المديح بعد عرض تقديمي دون المستوى، فسيفعل الشيء نفسه.

إذا لم يُشكِّك أحد في هذا السلوك صراحةً، فستكون النتيجة ما يُطلق عليه علماء النفس الاجتماعي «الجهل التعددي»، يفترض الجميع أن الآخرين يُقدمون تعليقات لطيفة للغاية لمجرد رغبتهم في ذلك، لكن في الخفاء.

ابدأ حواراً حول التغيير. تعرَّف على مشاعر الناس الحقيقية تجاه ثقافة اللطف. وإحدى طرق القيام بذلك هي اقتراح بدائل.

قبل العرض التقديمي التالي، على سبيل المثال، يمكنك أن تسأل الناس: «كيف ستشعر لو كتب كلٌّ منا 3 أشياء محددة يُمكنه تحسينها، و3 أشياء محددة يجب عليه بالتأكيد الاحتفاظ بها في نهاية العرض التقديمي؟».

2- كن دقيقاً ومحدداً

من الطبيعي أن نعتمد على السلوكيات لتكوين انطباعات وافتراضات. على سبيل المثال، قد نحكم على شخص يتأخر باستمرار بأنه كسول. لكن الانطباعات غالباً ما تكون عامة جداً بحيث لا تكون مفيدةً، حتى لو كانت إيجابية.

احرص على تقديم ملاحظات محددة ومبنية على السلوك. كلما تمكَّنت من تحديد المشكلة بدقة أكبر كانت الملاحظات أكثر فائدة.

وينطبق الأمر نفسه على الثناء. إذا أخبرت شخصاً ما بدقة بما قدَّمه جيداً أو لماذا كان عمله ممتازاً، فستبدو أكثر صدقاً وستكون ملاحظاتك أكثر أهمية.

3- ابدأ بخطوات صغيرة ومحايدة

قد يبدو الأمر أشبه بالقفز من جرف، والانتقال من ثقافة ملاحظات لطيفة للغاية إلى ثقافة صادقة.

ابدأ بخطوات صغيرة، كاختيار موضوعات عادية، لكنها لا تزال محل اهتمام الناس. الهدف هو بناء مهارة تلقي الملاحظات من دون إثارة غضب أحد.

بهذه الطريقة، بمجرد أن تخوض غمار الأمور الأصعب، تكون معايير الصدق قد بدأت بالتغير.

خلال عملك على تغيير الثقافة المحيطة بك، تحلَّ بالصبر. فالمعايير تستغرق وقتاً طويلاً لتتشكَّل، ووقتاً طويلاً لتتغير.