«متحف وبستان الصافيّة» وجهة لإثراء تجربة ضيوف الرحمن وزيادة رصيدهم المعرفي

شجعت «رؤية 2030» تطوير تجربة قاصدي الحرمين الشريفين وتأهيل المواقع التاريخية وتنظيم الفعاليات الإثرائية (واس)
شجعت «رؤية 2030» تطوير تجربة قاصدي الحرمين الشريفين وتأهيل المواقع التاريخية وتنظيم الفعاليات الإثرائية (واس)
TT

«متحف وبستان الصافيّة» وجهة لإثراء تجربة ضيوف الرحمن وزيادة رصيدهم المعرفي

شجعت «رؤية 2030» تطوير تجربة قاصدي الحرمين الشريفين وتأهيل المواقع التاريخية وتنظيم الفعاليات الإثرائية (واس)
شجعت «رؤية 2030» تطوير تجربة قاصدي الحرمين الشريفين وتأهيل المواقع التاريخية وتنظيم الفعاليات الإثرائية (واس)

يصِل ضيف الرحمن إلى السعودية، يحفّه الشوق لزيارة الحرمين الشريفين، والانقطاع إلى الله في رحابهما الطاهرة، والتطلع لرؤية التفاصيل المشبعة بروح التاريخ، حيث بدأت حكاية الإسلام واستمرت مشعّة في بقاع الأرض المختلفة، التي يتدفق منها ملايين المسلمين سنوياً لبلوغ غايتهم من أداء العبادات والاستمتاع بروحانية المكان والتضلّع من تفاصيله.

فما بين عبادة خالصة لوجه الله، وزيارة إلى معالم التاريخ وآثاره الباقية والشاهدة على بواكير قصة الإسلام، يزيد الزائر إلى السعودية رصيد إيمانه ومعرفته معاً، حيث يجد خلال جولاته كثيراً من الخيارات والوجهات التي تثري تجربته وتضاعف ثمرة رحلته، خاصة بعد أن لقي كثير من المواقع التاريخية والوجهات الأثرية مؤخراً اهتماماً وعناية أعادت لها الحياة وأنعشت دورها وحضورها في واقع الناس اليوم.

ويفتح «متحف وبستان الصافية» الذي جرى إنشاؤه على مساحة 4419 متراً مربعاً بالمنطقة المركزية، جنوب المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة، نافذة إلى عدد من المعارف والتجارب الفريدة، ويعدّ نموذجاً مميزاً في تصاميم البناء من حيث تكوينات المبنى الرئيس للمشروع وبساتين النخيل الموزعة بطريقة هندسية بين الطوابق على شكل مدرجات تحيط بها الأحواض والنوافير المائية ليشكل بيئة جاذبة للزوار.

الأمير سلمان بن سلطان بن عبد العزيز أمير منطقة المدينة المنورة خلال تدشين «متحف وبستان الصافية» مطلع رمضان (واس)

يعتمد المتحف في معروضاته على السردية المعرفية التي يعيشها الزوار داخل المتحف ومجموعة من العروض المتحفية والمقتنيات النادرة (واس)

سردية معرفية عن قصة الخلق

ودشّن الأمير سلمان بن سلطان بن عبد العزيز، أمير منطقة المدينة المنورة، في رمضان من هذا العام «متحف وبستان الصافية»، الذي شرع في إثراء وتعميق التجربة الثقافية لضيوف الرحمن وزوار المسجد النبوي الشريف. ويضم المشروع مكونات فريدة تزيد في الرصيد المعرفي لزواره، وعلى رأسها متحف «قصّة الخلق» الذي يُقدّم عرضاً متكاملاً عبر توظيف التقنيات السمعية والبصرية، عن قصة الخلق منذ بداية نشأة الكون وخلق السماوات والأرض والملائكة، مروراً بقصص الأنبياء والمرسلين. يجد فيها الزائر سلوة ومعرفة من موقع المدينة المنورة التي احتضنت آخر الأنبياء وبدأت فوق ثراها قصة الإسلام التي ذاعت وشاعت في الآفاق، وبقيت تفاصيل المكان وما ارتبط به من حكايات صدر الإسلام محل اشتغال المؤرخين ومقصد الملايين من المسلمين للوقوف عن كثب على البعد المكاني لتلك المرحلة السخية بالمواقف والملاحم والمشاهد الكبرى.

ويعتمد المتحف في معروضاته على السردية المعرفية التي يعيشها الزوار داخل المتحف، بالإضافة إلى مجموعة ملفتة من العروض المتحفية والمقتنيات النادرة، التي تقدم في إطار تجربة رقمية مبتكرة ومتنوعة من خلال توظيف الإمكانات السمعية والبصرية لخلق بيئة سياحية جاذبة تُضاف إلى سلسلة المعالم الثقافية التي تقدم الخدمات الترفيهية والثقافية للسكان والزوار في المدينة المنورة. وإلى جانب منطقة المعرض والمتحف، يضم المشروع مناطق حيوية مثل المحلات التجارية والمطاعم والمقاهي ومختلف الخدمات الترفيهية.

تجربة رقمية مبتكرة ومتنوعة يقدمها المتحف من خلال توظيف الإمكانات السمعية والبصرية لخلق بيئة سياحية جاذبة (واس)

يعدّ المشروع نموذجاً مميزاً في تصاميمه حيث تكوينات المبنى الرئيس للمشروع وبساتين النخيل الموزعة بطريقة هندسية (واس)

إثراء تجربة ضيوف الرحمن

ويُعد مشروع «متحف وبستان الصافية» أحد المشاريع التنموية المميزة التي تسهم في إثراء وتعميق التجربة الثقافية والمعرفية لزوار المسجد النبوي الشريف، ورفع مستوى جودة الحياة لدى سكان المدينة المنورة، وذلك ضمن مستهدفات «رؤية المملكة 2030»، بما يعكس الصورة الحضارية المشرّفة التي تقدمها السعودية في خدمة الحرمين الشريفين والعناية بقاصديهما.

وقال المهندس فهد بن محمد البليهشي، الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير منطقة المدينة المنورة، إن «متحف وبستان الصافية» يُمثل مصدراً جديداً من مصادر الحضارة والمعرفة وعلامة مميزة في تاريخ المدينة المنورة، حيث جرى تطوير أرض بلاد الصافية، بالشراكة مع القطاع الخاص ليكون وجهة سياحية جاذبة معززة بالعناصر الثقافية والترفيهية والتجارية الموجهة لزوار المسجد النبوي الشريف، وفي بيئة مستلهمة من الهوية العمرانية للمدينة المنورة.

يصِل ضيف الرحمن إلى السعودية متطلعاً لرؤية التفاصيل المشبعة بروح التاريخ حيث بدأت حكاية الإسلام (هيئة العناية بالحرمين)

وشجعت «رؤية 2030» تطوير تجربة قاصدي الحرمين الشريفين، وتأهيل المواقع التاريخية وتنظيم الفعاليات الإثرائية، ويأتي على رأس أولويات برنامج خدمة ضيوف الرحمن الذي أطلقته «رؤية 2030» كجزء من أهدافها في خدمة زوار الحرمين الشريفين، تحسين تجربة الزيارة، وتحويلها إلى تجربة لا تنسى من الفكرة إلى الذكرى، وتمكين ضيوف الرحمن من استكشاف المملكة، وفتح فرصة واسعة للتشبّع من تفاصيل المواضع التاريخية التي التقت مع قصة الإسلام، وأصبحت بمثابة متحف مفتوح وحيّ، ونافذة إلى التاريخ.

من الجدير بالذكر أنه تم خلال السنوات القليلة الماضية إطلاق عدد من المواقع التاريخية بعد تأهيلها لاستقبال الزوار، والوقوف على تفاصيلها التراثية والعمرانية، ضمن مرحلة أولى لتأهيل أكثر من 100 موقع تاريخي إسلامي في منطقتي مكة المكرمة والمدينة المنورة، بهدف إحياء وتعزيز المكانة الدينية والثقافية للمواقع التاريخية الإسلامية، وتقديم تجربة سياحية مختلفة ومميزة. ويأتي مشروع «متحف وبستان الصافية» في هذا الإطار وضمن سعي هيئة تطوير منطقة المدينة المنورة، بالتكامل مع كافة الشركاء لإثراء وتعميق التجربة الثقافية والدينية لضيوف الرحمن من زوار المسجد النبوي الشريف، ضمن مشاريع تأهيل وتفعيل مواقع التاريخ الإسلامي والوجهات الإثرائية، والعمل على توفير خدمات استثنائية وتعزيز البُعد التاريخي والقيمة الحضارية لها، وفق أعلى المعايير، بما يترجم تطلعات القيادة في ظل مستهدفات الرؤية الطموحة.


مقالات ذات صلة

«فوانيس الأمل»... عروضٌ مسرحية وموسيقية في رمضان ببيروت

يوميات الشرق «سيبانة رمضان» تقليد قديم يتبعه أهل بيروت (جمعية فانوسي)

«فوانيس الأمل»... عروضٌ مسرحية وموسيقية في رمضان ببيروت

يتضمّن برنامج «سيبانة فانوسي» هذا العام نشاطات ترضي جميع الأعمار. فيخصّص مساحة للمسرح الإنشادي وأخرى للدمى المتحرّكة. كما يطلّ الحكواتي...

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق الفنان محمد فراج يتصدَّر بطولة مسلسل «منتهي الصلاحية» (حسابه في فيسبوك)

فنانون مصريون يتصدَّرون البطولة المطلقة للمرة الأولى في رمضان

يشهد سباق الدراما المصرية في رمضان المقبل تصدُّر أبطال جدد في أدوار البطولة المطلقة للمرة الأولى خلال هذا الموسم، عبر أعمال تنوَّعت موضوعاتها.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق الفنان يحيى الفخراني وتأجيل مسلسل «الأستاذ» (إنستغرام)

مسلسلات عربية تودِّع ماراثون دراما رمضان مبكراً

ودّعت مسلسلات عربية سباق الدراما الرمضانية لعام 2025 مبكراً، رغم إعلان صناعها عن عرضها خلال الموسم المقبل، والترويج لها على هذا الأساس، لكنهم قرروا تأجيلها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق حمادة هلال يتصدر الملصق الترويجي لمسلسل «المداح 5» (الشركة المنتجة)

 «مسلسلات رمضان» تراهن على الغموض والنجوم الجدد

يراهن عدد من المسلسلات التي تخوض المنافسة في موسم الدراما الرمضاني المقبل خلال 2025، على الغموض في أحداثها من بينها «المداح» و«الشرنقة» و«النص».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)

المخرج الكاميروني جان ماري تينو: أفلام الأفارقة أكثر أصالة من «هوليوود»

المخرج الكاميروني جان ماري تينو يعقد مقارنة بين صناعة السينما في أفريقيا وهوليوود (إدارة مهرجان الإسماعيلية)
المخرج الكاميروني جان ماري تينو يعقد مقارنة بين صناعة السينما في أفريقيا وهوليوود (إدارة مهرجان الإسماعيلية)
TT

المخرج الكاميروني جان ماري تينو: أفلام الأفارقة أكثر أصالة من «هوليوود»

المخرج الكاميروني جان ماري تينو يعقد مقارنة بين صناعة السينما في أفريقيا وهوليوود (إدارة مهرجان الإسماعيلية)
المخرج الكاميروني جان ماري تينو يعقد مقارنة بين صناعة السينما في أفريقيا وهوليوود (إدارة مهرجان الإسماعيلية)

قال المخرج الكاميروني، جان ماري تينو، إن المخرجين العرب والأفارقة قدموا أفلاماً وثائقية أكثر أصالة من أفلام هوليوود، مؤكداً في حواره مع «الشرق الأوسط» أن مخرجين مثل كوثر بن هنية وأسماء المدير ومحمد صيام قدموا أعمالاً تبقى في الذاكرة، لافتاً إلى أن السينما التسجيلية تُصنع من الخيال رغم ارتباطها بالواقع، مشيراً إلى أنه لم يتأثر في أفلامه إلا بذاته.

وأخرج تينو نحو 15 فيلماً وثائقياً من بينها «الأماكن المقدسة»، و«سوء الفهم الاستعماري»، و«أفريقيا سأسلبك»، و«الرحلة الأخيرة»، وتناول في أعماله قضايا العِرق والهوية والتاريخ الأفريقي خلال الحقبة الاستعمارية وما بعدها، ونالت أفلامه جوائز في مهرجانات عالمية، كما حظيَ بمكانة أكاديمية مرموقة تُوجت بعضويته في لجنة تحكيم الأوسكار منذ عام 2017.

وكان المخرج الكاميروني قد تولى رئاسة تحكيم مسابقة الأفلام الطويلة بمهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والقصيرة خلال دورته الـ26، وألقى محاضرة قال فيها إن الفارق بين الفيلم الروائي والتسجيلي فارق وهمي وغير حقيقي، وإن الفن السابع يحمل في جوهره طابعاً سياسياً.

وحول رؤيته للأفلام التسجيلية العربية والأفريقية بحكم عضويته بالأوسكار، قال تينو: «بحسب الأفلام التي شاهدتها في دول شمال أفريقيا أو الدول العربية، أرى أنهم صانعو أفلام وثائقية عظماء، وهناك أسماء مرت عليّ لا يمكن نسيانها مثل التونسية كوثر بن هنية التي صعد فيلمها (بنات ألفة) لنهائيات الأوسكار وهي مخرجة رائعة ليس فقط لأنها تمكنت من التحدث عن الواقع من خلال الخيال والسرد، ولكن اتسم أسلوبها بالذكاء، وفيلمها مصنوع بشكل جميل للغاية، وقد طرحت من خلاله موضوعاً مهماً، وهناك المخرجة المغربية أسماء المدير وفيلمها (كذب أبيض)، فقد صنعت فيلماً رائعاً من الأكاذيب، وكذلك المخرج المصري محمد صيام الذي قدم فيلماً بديعاً بعنوان (أمل) وهو مخرج صغير السن وعضو بأكاديمية الأوسكار أيضاً».

جان ماري تينو يتحدث خلال محاضرته بمهرجان الإسماعيلية (إدارة مهرجان الإسماعيلية)

ويرى تينو أن مخرج الأفلام الوثائقية يصنع خيالاً أيضاً وليس فقط الأفلام الروائية، ويضيف: «معظم الأفلام الوثائقية هي أيضاً خيال، وفي أفلامي يتم بناء كل شيء مثل الخيال، أبدأ في صناعة الفيلم وتحديد القصة، ثم بناء السرد، وبعدها أفكر في كيفية الاستفادة من التعليق الصوتي، وعنصر إعادة التمثيل، بعد كل هذا، يصبح كل شيء سينمائياً لأنه حينما أبدأ في تخيل الفيلم قبل صناعته، فهذا يعني أنني أصنع خيالاً بالفعل في ظل الواقع».

وفي سياق المقارنة بين الأفلام العربية والأفريقية وما تقدمه هوليوود، يقول تينو: «إن المقارنة ليست لصالح الغرب، فإنتاجات هوليوود ليست احترافية، نعم لديهم الكثير من المال، ويقومون بالكثير من الدعاية. ولكني أرى أنه من المفترض أن تكون الأفلام الوثائقية حقيقية، نحن أكثر أصالة لأننا لا نصنع الأفلام فقط بل نقوم بالتسويق، لكن الأفلام الوثائقية التي تأتي من هوليوود ليست دائماً حيوية».

وعُرضت أفلام المخرج الكاميروني بمهرجانات شهيرة في جميع أنحاء العالم، وهو ينظر إلى مشاركته بكل مهرجان على أنه فرصة، مثلما يقول: «كل مهرجان هو بمثابة فرصة؛ لذا عندما تتاح لي هذه الفرصة، أذهب إلى هناك لتحقيق أقصى استفادة منها».

وحول أفلامه يقول: «أخرجت 15 فيلماً وثائقياً وفيلمين روائيين، أحدهما روائي طويل والآخر روائي قصير، لكنها جميعاً مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالواقع».

ويرى تينو أن تمويل الأفلام ليس سهلاً في أي مكان باستثناء هوليوود بالطبع، ويستطرد: «حتى في هوليوود لا تعرفون أحياناً الثمن الذي يدفعه المخرج للحصول على دعم وتمويل لفيلمه، إنه صعب بالنسبة للجميع».

وعن المخرجين الذين تأثر بهم يقول بجدية شديدة: «أعرف واحداً منهم فقط، إنه جان ماري تينو (يقصد نفسه) الذي يترك دائماً أثراً عليّ في كل شيء ويدفعني لأعمل وأتعلم أكثر فأكثر، فلماذا أتأثر بآخرين أشاهد أفلامهم، فأنا من يستيقظ في الصباح، ويأخذ أموالي، ليبدأ في صنع فيلم، ويبذل كل الجهود، ولا ينام ولا يمنح نفسه عطلات. ربما ليس لدي منزل كبير، لكن كل أموالي تذهب إلى أفلامي وأستمتع بذلك».