«الكنافة البلدي» ملكة على موائد المصريين الرمضانية

تعود إلى الواجهة رغم انتشار وصفات جديدة بالفاكهة والشوكولاته

«الكنافة البلدي» تحتاج إلى مهارة خاصة (الشرق الأوسط)
«الكنافة البلدي» تحتاج إلى مهارة خاصة (الشرق الأوسط)
TT

«الكنافة البلدي» ملكة على موائد المصريين الرمضانية

«الكنافة البلدي» تحتاج إلى مهارة خاصة (الشرق الأوسط)
«الكنافة البلدي» تحتاج إلى مهارة خاصة (الشرق الأوسط)

خلال السنوات الأخيرة، انتشرت وصفات جديدة لصنع الكنافة، أزاحت بالتدريج «الكنافة البلدي» التي كانت بمنزلة طقس رمضاني مصري بامتياز، لكنّ الأخيرة استعادت مكانتها على موائد المصريين الرمضانية، خصوصاً في المناطق الشعبية.

استعادة «الكنافة البلدي» مكانتها تعود إلى الارتفاع المهول لأسعار الكنافة بوصفاتها الجديدة في المحلّات، فعادت ربّات البيوت إلى الطريقة القديمة في صناعتها بالمنازل، فضلاً عن أفران الطوب التي تنتشر في الشوارع من أجل تجهيزها لتقديمها مع طعام الإفطار، وسط أجواء محببة للأطفال والكبار.

وفي منطقة المنيب، ثمة أكثر من فرن لصناعة «الكنافة البلدي» التي تحظى برواج كبير، خصوصاً بين كبار السنّ.

«المحبّة انتقلت إليهم ممن سبقوهم»، وفق الفرّان محمود سلامة، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: «نحرص كل عام مع بداية الشهر الكريم على بناء الفرن، فنستأجر الأدوات حين لا نملك ثمن شرائها. سعر الصينية الآن يتجاوز الـ15 ألف جنيه (الدولار يعادل 47.39 جنيه)، أما (البوتاغاز) وغيره من لزوم الصناعة فمتوافرة، وقد استدعينا قبل بدء رمضان أحد الأقارب وبنينا الفرن بساعات».

يتناوب سلامة مع ابنه للعمل على الفرن، ويَعدّ «صناعة الكنافة متعة كبيرة تحتاج إلى مهارة». ويوضح: «لا بدّ من التدريب لئلا تنقطع الخيوط فوق الصينية. والكوز نفسه (وعاء رش الكنافة) له طريقة للإمساك به، ولا بدّ أن يقف الصنايعي بطريقة معيّنة أمام الفرن للسيطرة على محيط الصينية كلّه».

عملية تجهيز السائل (العجينة)، لا بدّ أن تراعي بعض الشروط، وفق سلامة، الذي يقول إنه يَعدّ السائل بنفسه في حلّة كبيرة، ويقلبه بالمياه باستخدام ملعقة الطحين الفاخر. وفي الأثناء ينثر بعض الملح ويراقب سطح السائل، وحين يبدأ في الاصفرار، تكون العجينة جاهزة للرشّ، مع ضبط درجة إحماء النار أسفل الصينية.

بدوره، يعمل علي عبد الحليم موظَّفاً مقابل راتب في صناعة الكنافة منذ أكثر من 40 عاماً، بمنطقة فيصل، وقد سبقه أبوه وجدُّه في هذه الصنعة. يرى أنّ «الكنافة البلدي لها زبائن ينتظرون أمام الفرن، ليأخذ كل منهم ما تحتاج إليه أسرته، بسعر الكيلو 50 جنيهاً، وهو مناسب لسكان الأحياء الشعبية».

«الكنافة البلدي» تحظى بطلب معتَبر في رمضان (الشرق الأوسط)

ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «أسعدُ جداً حين يحيط بي الأطفال ويتابعونني أثناء عملية الرش»، لافتاً إلى أنّ «زبائن الكنافة البلدي لا يقتصرون على كبار السنّ فقط، فثمة كثير من الشباب والأطفال يشترونها، وهي بالطبع تأخذ وقتاً أطول من الكنافة الآلية، لكنها لا تزال موجودة وتحظى بطلب من كثيرين، لِما تحمل من روائح وعبق وطقوس مصر».

تُصدّق أمل عبد العزيز، وهي ربّة منزل أربعينية، على كلام عبد الحليم، وتؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنها ووالدتها لا يشتريان إلا «الكنافة البلدي»، مضيفة: «طعمها بالسكر والليمون والسمن البلدي مختلف تماماً. ربما ندفع سعراً مرتفعاً، لكنه يناسب الحالة العامة للأسواق».

وساهم ارتفاع أسعار الكنافة الجنوني، وفق مستشارة التراث الثقافي غير المادي بوزارة الثقافة المصرية، الدكتورة نهلة إمام، في عودة «الكنافة البلدي» إلى الصدارة. توضح لـ«الشرق الأوسط» أنّ «وصول ثمن طبق الكنافة إلى 700 جنيه، والحلاوة الشرقية إلى 1750 جنيهاً، جعل المصريات يبحثن في دفتر العادات القديم لمعرفة كيف كانت الجدّات يصنعنها في البيت، باستخدام الكوز والصينية الموجودة في المطبخ، مما أدّى إلى تصدُّر الكنافة البلدي مجدّداً، بعدما انسحبت وتركت الساحة لغيرها».

أحد العمّال أثناء رشّ الكنافة (الشرق الأوسط)

وتتأسّف على «غياب إحصاءات تتعلّق باستهلاك المصريين للحلوى»، مشيرة إلى أنّ «البحوث التي أُجريت على الاستهلاكات كيفية، وليست كمية».

وتذكر أنه «كان من المتوقَّع أن يقلّ الإقبال على صناعة الكنافة والقطايف بسبب ارتفاع الأسعار وندرة السكر، لكن الناس سعت إلى خدمة نفسها بنفسها، وصنعتها في المنازل تصدّياً للغلاء وللمحافظة على الطقوس والعادات بحدود الإمكانات».

وتُحلّل إمام ارتباط المصريين بتناول الحلوى في رمضان، خصوصاً الكنافة والقطايف، بقولها إنّ «العلاقة بالأعياد الدينية، وإعطاءها الصبغة الاحتفالية، بدأت مع الفاطميين. فكان عصر ازدهار انطلقت منه فكرة ارتباط الدين بالطقوس المبهجة. ومن الثابت، وفق ما كتبه المقريزي أنّ مصر عرفت الاحتفال بالحلوى في عصر الفاطميين والمماليك، ويُقال إنهم وجدوا شجرة مصنوعة منها وعليها طيور مثل شجرة عيد الميلاد المعروفة حالياً».


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

«هيئة المكتبات» السعودية تنظم معرضاً لمجموعة نادرة من المخطوطات التاريخية

يتضمن المعرض مجموعة فريدة ونادرة من المخطوطات التاريخية التي تُعرض لعموم الجمهور والمهتمين للمرة الأولى (واس)
يتضمن المعرض مجموعة فريدة ونادرة من المخطوطات التاريخية التي تُعرض لعموم الجمهور والمهتمين للمرة الأولى (واس)
TT

«هيئة المكتبات» السعودية تنظم معرضاً لمجموعة نادرة من المخطوطات التاريخية

يتضمن المعرض مجموعة فريدة ونادرة من المخطوطات التاريخية التي تُعرض لعموم الجمهور والمهتمين للمرة الأولى (واس)
يتضمن المعرض مجموعة فريدة ونادرة من المخطوطات التاريخية التي تُعرض لعموم الجمهور والمهتمين للمرة الأولى (واس)

تنظم هيئة المكتبات «معرض المخطوطات السعودي» في العاصمة الرياض خلال الفترة من 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي إلى 7 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، تحت شعار «حكايات تُروى لإرث يبقى»، الذي يتضمن مجموعة فريدة ونادرة من المخطوطات التاريخية التي تُعرض لعموم الجمهور والمهتمين للمرة الأولى، التي تغطي مجالات معرفية متعددة.

ويضمُّ المعرض باقة متنوعة من الفعاليات المصاحبة، تشمل ورش عمل يقدمها نُخبةٌ من العلماء والباحثين، وتحظى بمشاركة المهتمين بالتراث المخطوط؛ لمعرفة أهمية المخطوطات، وتقنيات حفظها وترميمها، ورقمنتها وأرشفتها، إلى جانب دراستها وتحليلها.

كما يُقدم المعرض تجربةً إثرائية فريدة للزائر عبر أقسامه المختلفة، وعبر التجارب الرقمية وصناعة المحتوى، والاطلاع على جدارية المخطوطات.

ويسعى «معرض المخطوطات السعودي» إلى استضافة كثير من الزوار والمهتمين بالمخطوطات على مستوى محلي وإقليمي ودوليّ، سواءً كانوا من القُرّاء والباحثين، أو مُلّاك المخطوطات من الأفراد والمؤسسات، أو صناع المحتوى الذي يتناسب مع هذا المجال، بالإضافة إلى منسوبي المكتبات السعودية والعالمية، والجهات ذات العلاقة، وذلك لتوسيع دائرة التركيز على هذا المجال الفريد، وإضفاء مزيد من التواصل للإبقاء على رونقه والاهتمام به.

يأتي تنظيم هيئة المكتبات للمعرض بهدف إبراز دور السعودية في الاهتمام بحفظ التراث الثقافي المخطوط محلياً ودولياً، وعكس أهمية حفظ التراث المخطوط، وتيسيره، ونشره محلياً وعربياً، والإسهام في النمو الثقافي والاقتصادي للقطاع في مجال المخطوطات، وتسليط الضوء على الخبرات الوطنية في علم المخطوطات وترميمها، وتعزيز الوعي المعلوماتي حول قيمة المخطوطات وتاريخها الثقافي بوصفها إرثاً ثقافياً مُمتداً.