دراسة: آلاف الحيوانات والطيور ستختفي من المدن قريبا !

كشفت دراسة جديدة أجرتها جامعة تورونتو ميسيسوجا كيف يمكن لتغير المناخ أن يغير بشكل أساسي الأنواع الحيوانية التي تسكن مدن أميركا الشمالية.

فمن خلال تسليط ضوء جديد على التحولات المستقبلية المحتملة في التنوع البيولوجي الحضري، فإن هذا البحث له آثار كبيرة على الحيوانات التي قد يواجهها سكان المدينة بحلول عام 2100.

ان مشهد التنوع البيولوجي في المدن الأميركية والكندية في المناطق الحضرية التي تعج بالحياة، يوفر للمقيمين فرصة التواصل مع التنوع البيولوجي المحلي، بدءًا من الطيور في الساحات الخلفية إلى الحيوانات التي يتم تمثيلها كتمائم للفرق الرياضية المحلية.

ومع ذلك، يحذر الخبراء من أن مشهد التنوع البيولوجي في المدن الأميركية والكندية يمكن أن يخضع لتغيرات كبيرة بسبب تغير المناخ الناجم عن الإنسان، ما يؤثر على أكثر من 2000 نوع من الحيوانات التي سكنت تاريخياً 60 مدينة بأميركا الشمالية.

وأشار مؤلفو الدراسة إلى أنه «مثلما انقرض الدب الرمادي في كاليفورنيا من مكان ظهوره بشكل بارز مع تغير المناخ، أصبحت بوابات الفيضانات مفتوحة والعديد من الأنواع الرمزية الأخرى معرضة لخطر الانقراض من المجتمعات التي تمثلها». وذلك وفق تقرير جديد نشره موقع «earth.com» العلمي.

ويتسبب تغير المناخ في تحولات واسعة النطاق في التنوع البيولوجي؛ إذ ان التجارب الإنسانية مع الطبيعة مهمة لثقافتنا واقتصادنا وصحتنا.

من أجل ذلك، قال الباحثون «ان تغير المناخ الناجم عن النشاط البشري يتسبب في تحولات واسعة النطاق في التنوع البيولوجي وان الحياة البرية الحضرية ليست استثناءً». وأضافوا «لقد قمنا بدراسة أكثر من 2000 نوع من الحيوانات للتنبؤ بكيفية تأثير تغير المناخ على الحياة البرية الأرضية في 60 مدينة كندية وأميركية. وقد وجدنا دليلاً على تحول حضري كبير وشيك حيث تختفي آلاف الأنواع عبر المدن المختارة، أو يتم استبدالها بأنواع جديدة، أو لن يتم استبدالها على الإطلاق. فيما كانت التأثيرات خاصة بالأنواع إلى حد كبير. كما كانت الأصناف الأكثر تأثرًا سلبًا هي البرمائيات والأنياب والغواصات. وكانت هذه التحولات المتوقعة متسقة عبر سيناريوهات انبعاثات الغازات الدفيئة، لكن نتائجنا تظهر أن شدة التغيير سيتم تحديدها من خلال عملنا أو تقاعسنا عن العمل للتخفيف من تغير المناخ».

الظروف المواتية للأنواع الحيوانية

واستفادت الدراسة من البيانات المستقاة من قواعد بيانات توزيع الأنواع عبر الإنترنت، والتي تم جمعها بشكل أساسي من خلال مبادرات علم المواطن، لتجميع سجلات مشاهدات الحيوانات الأرضية عبر هذه المدن.

وعلى الرغم من الاعتراف بأخطاء محتملة في البيانات التي يحصل عليها المواطنون، استخدم الفريق تقنيات التعلم الآلي للتنبؤ بالظروف الأكثر ملاءمة لكل نوع في ظل ثلاثة سيناريوهات مختلفة للانبعاثات بحلول نهاية القرن.

تحولات كبيرة في التنوع البيولوجي في المناطق الحضرية

وتتوقع النتائج حدوث تحول كبير في التنوع البيولوجي الحضري بحلول عام 2100، ما يؤثر على جميع المدن التي تمت دراستها تقريبًا.

ومن المتوقع أن تشهد المدن ذات التاريخ الغني بتنوع الأنواع انخفاضات كبيرة، مع الحد الأدنى من المكاسب في الأنواع الجديدة. فسوف تكتسب المدن الأكثر برودة المزيد من الأنواع الحيوانية.

ويتنبأ التحليل الجغرافي بأن المدن الأكثر برودة ورطوبة مثل أوماها وكانساس سيتي قد ترحب بموجة من الأنواع الجديدة، مع احتمال مضاعفة عدد الأنواع الحالية في مدن مثل كيبيك وأوتاوا ووينيبيج. اضافة لذلك سوف تفقد المدن الأكثر دفئًا المزيد من الأنواع الحيوانية.

وعلى العكس من ذلك، فإن المدن الأكثر دفئًا ذات مستويات هطول الأمطار المرتفعة، مثل تلك الموجودة في ولاية كاليفورنيا الساحلية، قد تشهد أكبر هجرة جماعية للأنواع. وقد تشهد المناطق القاحلة، التي تجسدها فينيكس وألبوكيرك، تحولات أقل دراماتيكية، وهو ما يعزا إلى المرونة المتأصلة في أنظمتها البيئية.

سوف تنتقل معظم أنواع الطيور والحشرات إلى مناطق حضرية جديدة. لكن المثير للقلق أن ما يصل إلى أربعة وخمسين نوعًا قد يختفي من المدن التي تم تحليلها.

ويكشف التحليل التصنيفي أيضا أن أكثر من 95 % من أنواع الطيور والحشرات قد تشهد تغيرات في توزيعها بالمناطق الحضرية؛ فالأنياب ومعظم البرمائيات والغواصات هي من بين تلك التي من المتوقع أن تعاني من أكبر الخسائر، في حين أن السلاحف والفئران والضفادع والبجع قد تصبح منتشرة بشكل متزايد.

تحولات ملحوظة في تكوين الأنواع المحلية

ووفقا للباحثين، من المرجح أن يشهد السكان الذين يقضون حياتهم في نفس المدينة تحولات ملحوظة في تكوين الأنواع المحلية.

وفي حين أن تنبؤات الدراسة تستند إلى نماذج وتتطلب المزيد من التحقق البيئي، فإنها تؤكد على الدور الحاسم للتخفيف من انبعاثات غازات الدفيئة في الحفاظ على التنوع البيولوجي في المناطق الحضرية.

ويخلص الباحثون الى القول «ان الحيوانات الموجودة في المنازل الخلفية والمساحات الخضراء المحلية سوف تتغير بشكل كبير مع تغير المناخ. وعلى مدى العقود القليلة المقبلة ستغادر الأنواع المألوفة المدينة وستدخل إليها أنواع جديدة، ما يغير إلى الأبد من تكوين الحيوانات الحضرية».

ما أنواع الحيوانات الأكثر عرضة للانقراض بسبب تغير المناخ؟

كشفت دراسة بريطانية عن أبرز العوامل التي تجعل بعض الحيوانات أكثر عرضة للانقراض بسبب تغير المناخ.

وأوضح الباحثون أن النتائج يمكن أن تساعد في تحديد الأنواع الأكثر عرضة للخطر اليوم بسبب تغير المناخ الناتج عن النشاط البشري، ونشرت النتائج، الخميس، بدورية «ساينس».

وكان تغير المناخ في الماضي، الذي حدث غالباً بسبب التغيرات الطبيعية في غازات الدفيئة بسبب النشاط البركاني، مسؤولاً عن انقراض عدد لا يُحصى من الأنواع خلال تاريخ الحياة على الأرض.

لكن حتى الآن، لم يكن من الواضح ما هي العوامل التي تجعل الأنواع أكثر أو أقل مرونة في مواجهة مثل هذا التغيير؟ وكيف يؤثر حجم تغير المناخ على خطر الانقراض؟

وسعت الدراسة الجديدة إلى الإجابة على هذا السؤال من خلال تحليل بيانات أكثر من 290 ألف سجل أحفوري يغطي أكثر من 9 آلاف و200 جنس للافقاريات البحرية، مثل قنافذ البحر والقواقع والمحار على مدى الـ485 مليون سنة الماضية.

وتتمتع اللافقاريات البحرية بسجل أحفوري غني ومدروس جيداً، ما يجعل من الممكن تحديد متى تنقرض الأنواع، وربما أسباب انقراضها.

ووجد الباحثون أن الأنواع المعرضة لتغير مناخي أكبر، كانت أكثر عرضة للانقراض. وعلى وجه الخصوص، فإن الأنواع التي شهدت تغيرات في درجات الحرارة بمقدار 7 درجات مئوية أو أكثر عبر المراحل الجيولوجية تعد أكثر عرضة للانقراض.

وقال الباحثون أيضاً إن الأنواع التي تعيش في الظروف المناخية المتطرفة، مثل المناطق القطبية، كانت معرضة بشكل غير متناسب للانقراض، وإن الحيوانات التي لا يمكنها العيش إلا في نطاق ضيق من درجات الحرارة (خاصة نطاقات أقل من 15 درجة مئوية) كانت أكثر عرضة للانقراض بشكل كبير. وكان حجم الجسم مهماً أيضاً، حيث من المرجح أن تنقرض الأنواع الأصغر حجماً.

من جانبها، قالت الباحثة الرئيسية للدراسة بجامعة أكسفورد البريطانية، الدكتورة إيرين سوب: «تشير الدراسة إلى أن التنوع البيولوجي العالمي يواجه مستقبلاً مروعاً، في ضوء التقديرات المتوقعة لتغير المناخ».

وأضافت، عبر موقع الجامعة، أن الأنواع التي تعيش في القطبين أو المناطق الاستوائية من المرجح أن تكون الأكثر عرضة لخطر الانقراض. ومع ذلك، إذا كان التغير المناخي المحلي كبيراً بما فيه الكفاية، فقد يؤدي إلى انقراض كبير على مستوى العالم.

وفقاً للباحثين، تُظهر هذه الدراسة أنه على مدار تاريخ الأرض، كان خطر انقراض الحياة البحرية مرتبطاً بشكل وثيق بتغير المناخ، وينبغي أن يكون هذا بمثابة تحذير صارخ للبشرية، ونحن نواصل بشكل متهور التسبب في تغير المناخ بأنفسنا من خلال حرق الوقود الأحفوري.

وحثّ الباحثون على دراسة كيفية تفاعل تغير المناخ مع الدوافع المحتملة الأخرى للانقراض، مثل زيادة حموضة المحيطات ونقص الأكسجين، حيث تستنزف مياه البحر الأكسجين.

الأمم المتحدة: انخفاض أعداد 44 % من الحيوانات المهاجرة حول العالم

نبّه تقرير جديد أصدرته هيئة تابعة للأمم المتحدة إلى أن وضع الأنواع الحيوانية المهاجرة التي تُعدّ ضرورية لتوازن الطبيعة، كطيور القطرس والسلاحف وسمك الحفش، آخذ في التدهور.

وقالت مديرة برنامج الأمم المتحدة للبيئة إنغر أندرسن إن «الأنواع المهاجرة تتعرض لضربات قوية».

وأشار التقرير الذي صدر أمس (الاثنين) إلى أن خُمس الأنواع المدرجة في اتفاقية بون لعام 1979 بشأن الحفاظ على الأنواع المهاجرة من الحيوانات البرية، مهدد بالانقراض، فيما يشهد 44 في المائة منها انخفاضاً في أعدادها.

كما أن جميع أنواع الأسماك المدرجة تقريباً (97 في المائة) والبالغ عددها 58 نوعاً مهددة بالانقراض، مثل بعض أسماك القرش.

سلاحف صغيرة تمشي في البحر على شاطئ تشاكوسينتي وهو جزء من ملجأ الحياة البرية ريو إسكالانتي - تشاكوسينتي سانتا تيريزا في نيكاراغوا (رويترز)

وقالت الأمينة التنفيذية للاتفاقية إيمي فرانكل لـ(وكالة الصحافة الفرنسية) إن «ظاهرة هجرة الأجناس نفسها في خطر، لأن هناك حواجز، كما أن الموائل التي تحتاجها هذه الحيوانات قد تكون تحت الضغط».

وتجتمع الدول الموقعة على الاتفاقية (وعددها 130 ليس من بينها الولايات المتحدة أو الصين) في مؤتمر الأطراف الرابع عشر في مدينة سمرقند التاريخية في أوزبكستان في الفترة من 12 إلى 17 فبراير (شباط).

وينظر المشاركون في المؤتمر في مصير هذه الأنواع المهاجرة، والتي تشمل حيوانات لها أهمية رمزية على صعيد الحياة على الأرض، مثل السلاحف البحرية والحيتان وأسماك القرش والفيلة وأنواع من القطط البرية، وأجناس كثيرة من الطيور.

وتُضطر هذه الأجناس إلى الهجرة جراء عوامل عدة، من بينها البحث عن ظروف مناخية ملائمة أو الحصول على الغذاء أو السعي إلى بيئة مثالية لوضع صغارها.

مستقبل أجناس في خطر

ترتبط التهديدات التي تتعرض لها هذه الحيوانات ارتباطاً مباشراً بالنشاط البشري: فقدان الموائل أو تدهورها أو تجزئتها بسبب الزراعة المكثفة أو الاستغلال المفرط عن طريق الصيد وصيد الأسماك، فضلاً عن تغير المناخ.

وتتعرض الحيوانات أيضاً لضغوط إضافية مثل التلوث (المبيدات الحشرية والبلاستيك وغيرها)، أو الضوضاء تحت الماء أو الأضواء التي تزعجها.

متطوعة تحمل إحدى السلاحف البحرية في البرازيل (أ.ب)

تؤكد إنغر أندرسن أن «هذا التقرير يوضح أن الأنشطة البشرية غير المستدامة تعرّض مستقبل الأنواع المهاجرة للخطر».

وتلفت إلى أن هذه المخلوقات «لا تعمل كمؤشرات للتغير البيئي فحسب، بل تؤدي أيضاً دوراً في الحفاظ على وظائف النظم البيئية المعقدة لكوكبنا وضمان مرونتها».

وتوفر هذه الأنواع في الواقع خدمات بيئية عدة مثل التلقيح، ونقل العناصر الغذائية من بيئة إلى أخرى، أو القضاء على الآفات.

فالخفافيش، على سبيل المثال، تؤدي دورا مهما في تلقيح الزهور ونشر البذور، ما يسمح بتكاثر أشجار المانغا أو البابايا في بعض البلدان.

أنواع أخرى مهددة بالانقراض

ولا يقتصر التقرير على هذه الملاحظة القاتمة فحسب، بل يدعو أيضاً إلى التعاون الدولي لمساعدة الحيوانات التي، بطبيعتها، لا تعرف حدوداً ويمكنها أحياناً السفر آلاف الكيلومترات. ومن هذه الأجناس، الفراشة الملكية التي يمكنها السفر لمسافة أربعة آلاف كيلومتر في أميركا الشمالية.

وقال ماثيو كوليس من الصندوق الدولي لرعاية الحيوان في بيان «هذه تحديات من صنع الإنسان ولا يمكن حلها إلا من جانب الإنسان».

وأضاف «الحياة البرية لا تعرف حدوداً، ومن مسؤوليتنا المشتركة التأكد من أن هذه الأنواع يمكنها اتباع مسارات الهجرة التي سلكها أسلافها طويلاً، من أجل الحفاظ على أنواعها وخدمات النظام البيئي المهمة التي تقدمها للعالم».

«هذه تحديات من صنع الإنسان ولا يمكن حلها إلا من جانب الإنسان»

ماثيو كوليس من الصندوق الدولي لرعاية الحيوان

 

كما أن المسارات التي سيعتمد عليها مؤتمر سمرقند، ستعكس أيضا اتفاقية كونمينغ-مونتريال بشأن التنوع البيولوجي، التي أنشئت في عام 2022، والتي تخطط للحفاظ على 30 في المائة من أراضي الكوكب وبحاره بحلول عام 2030. لذلك يدعو التقرير إلى «تحديد وحماية ربط وإدارة المواقع المهمة للأنواع المهاجرة».

ومن الأولويات الأخرى: مكافحة الصيد غير القانوني أو غير المستدام، والعناية بشكل عاجل بالأنواع الأكثر عرضة للانقراض أو تكثيف الجهود لمعالجة مظاهر التلوث المختلفة (الضوء، والضوضاء، والبلاستيك، والمواد الكيميائية...) وتغير المناخ.

ويقترح التقرير كذلك توسيع قائمة الأنواع المدرجة في الاتفاقية لتسليط الضوء على حيوانات أخرى مهددة بالانقراض.

وتتضمن القائمة ما يقرب من 400 نوع مهدد أو شبه مهدد بالانقراض، لم تظهر بعد في قوائم الاتفاقية، مثل البيسون الأميركي والأوروبي أو دلفين السند.