يَبرز مصطلح «الجرأة» بين الأكثر تداولاً لدى الحديث عن الدراما الخليجية في رمضان، والتي باتت تمتلك هامشاً واسعاً من الحرّية لجهة القصص أو المَشاهد الجريئة والصادمة أحياناً. فمَشاهد تضمّنها مسلسل «يس عبد الملك» أحدثت جدلاً في منصات التواصل، لتناولها موضوعَي الاغتصاب وتعنيف الأطفال. يأتي ذلك بجانب فتح ملف قضية شائكة تتعلّق باختطاف الأطفال ضمن مسلسل «ملفات منسيّة». كلا العملين للمؤلّف الكويتي محمد خالد النشمي، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط» إنّ «هذا العام هو الأقل لجهة كمية الانتقادات السلبية التي وصلت إليّ حول أعمالي».
وعن آراء تتناول جرأة نصوصه، يجيب: «عندما يتعلّق الأمر بالدراما، لديَّ قناعة مفادها أنه بإمكانك أن تقول ما تريد، ولكن بأسلوب محترم. أنا كاتب جريء، أتطرّق إلى قضايا جريئة، وأجيد ذلك بأسلوب منمَّق وطريقة لا تخدش حياء المُشاهد».
هذه الجرأة يَتبعها كثير من النقد، فكيف يتعامل معه؟ يردّ: «بسعة صدر كبيرة. تشكّلت لديَّ قناعة أنه بمجرّد تسليم العمل للعرض، لن يكون بإمكانك التعديل عليه أو الحذف منه، بل يصبح ملكاً للجمهور، يتداوله بالشكل الذي يرغب فيه، ويصبح مادة استهلاكية في شبكات التواصل الاجتماعي. ليس باستطاعتنا أن نوقف النقد أو نوجّه مساره».
قضايا صادمة
يتقاطع العملان في تقديم قضايا اجتماعية جدّية، وقد تبدو صادمة، مثل العنف الأسري، والخيانة الزوجية، وخطف الأطفال. وبسؤاله عن ذلك، يقول النشمي: «أحرص دائماً على التطرّق إلى قضايا ملحّة أو مهمّة. وقد تكون مطروحة سابقاً، فأعيد طرحها بشكل مختلف وأسلوب مغاير. لكل كاتب في النهاية أسلوبه، وبشكل ترفيهي يُسعِد المشاهد ويوصل المعلومة، بما هو غير مُنفّر وجميل، وهذا الأهم بالنسبة إليّ».
«يس عبد الملك»
في مسلسل «يس عبد الملك»، من بطولة الفنان الكويتي سعد الفرج، تَرِدُ عديد من التحوّلات المفاجئة في الشخصية، فيرى المُشاهد في الحلقات الأولى رجلاً مسنّاً يعاني مرض ألزهايمر، ويتصرّف بطريقة غريبة تورّطه بمتاعب. الصدمة تأتي لاحقاً، حين يكتشف الجمهور أنه ليس مريضاً، بل خُدِّر بشكل متواصل من أقرب الناس إليه. عن الشخصية، يقول النشمي: «حرصتُ على أن تكون جديدة، أو على الأقلّ لم يُقدِّم مثلها منذ مدّة. فمنذ زمن طويل لم يشاهده الجمهور بهذا الدور».
«ملفات منسيّة»
كما حاز مسلسل «ملفات منسيّة» اهتماماً جماهيرياً كبيراً؛ وهو من نوع الجريمة والغموض، يعتمد على قوّة الحبكة وصعوبة تحديد المجرم. يُخبرنا النشمي من أين استلهم قصته: «هي واقعية، تمسّ الإنسان العربي والغربي. فمثلاً، شهدنا في الكويت خطف الأطفال خلال الثمانينات والتسعينات، وكذلك في الألفيتَيْن الأولى والثانية. عندما قدّمتُ هذا العمل، حرصتُ على ألا أقتبس قصة خاطف معيّن، أو قصة مجنيّ عليه بشكل مباشر، بل صنعنا خاطفاً جديداً بقصة جديدة، رغم أنّ القضية بذاتها واقعية». ويردف: «سكبنا القصة ضمن أجواء درامية بوليسية، من خلال مُحقِّقة تتوغّل بين الأسر لتتعرّف إلى أسرار ساكنيها، وهذا النوع من الدراما غير رائج، ولم نره كثيراً، كما أحببتُ أن يكون أول عمل يجمعني والفنانة شجون بقصة جديدة وثوب جديد».
عملان دسمان
يصف النشمي ردود فعل الجمهور تجاه العملَيْن بأنها مرْضيّة جداً، ويتابع: «في أثناء تنفيذهما، حاولنا أن نقدّم شيئاً جديداً. العملان دسمان في الأحداث والتصاعد الدرامي السريع، وهذا ما يريده جمهور اليوم».
وبسؤاله عن العمل الأنجح لجهة الجماهيرية ونسب المشاهدة، يجيب: «لا أستطيع تحديد ذلك، فأحياناً أقول (يس عبد الملك)، وأحياناً أخرى (ملفات منسيّة). تصل إليّ آراء متفاوتة، وأعتقد أنهما حازا الصدارة لهذا العام».
يبدو الكاتب محمد خالد النشمي متفائلاً بواقع الدراما الخليجية، واصفاً إياه بـ«الرائع». ويضيف: «أصبح لدينا عدد كبير من المنتجين في السوق، وعدد كبير من الكتّاب والمخرجين والفنانين الذي يحرصون كل عام على تقديم أعمال متنوّعة. أصبحنا اليوم ننافس الدراما العربية».