من السينما إلى المنصات... موسم الهجرة المعاكسة

مغريات كثيرة جذبت نجوم الشاشة الكبيرة إلى عالم المسلسلات

نجمات سينمائيات مخضرمات شاركن في مسلسل «Big Little Lies» من بينهنّ نيكول كيدمان وريز ويثرسبون وميريل ستريب (HBO)
نجمات سينمائيات مخضرمات شاركن في مسلسل «Big Little Lies» من بينهنّ نيكول كيدمان وريز ويثرسبون وميريل ستريب (HBO)
TT

من السينما إلى المنصات... موسم الهجرة المعاكسة

نجمات سينمائيات مخضرمات شاركن في مسلسل «Big Little Lies» من بينهنّ نيكول كيدمان وريز ويثرسبون وميريل ستريب (HBO)
نجمات سينمائيات مخضرمات شاركن في مسلسل «Big Little Lies» من بينهنّ نيكول كيدمان وريز ويثرسبون وميريل ستريب (HBO)

كلينت إيستوود، بروس لي، جوني ديب، توم هانكس، بروس ويليس، براد بيت، وغيرهم من الممثلين الذين صنعوا مجد السينما الهوليووديّة؛ قاسمٌ مشتركٌ يجمع ما بينهم وهو أنهم جميعاً انطلقوا من الشاشة الصغيرة، قبل أن يحطّوا على تلك الكبيرة. كانت السينما حلماً صعب المنال حينذاك، فوجد الممثّلون جسراً إليها عبر المسلسلات التلفزيونية. أما اليوم، ومع سطوع نجم منصّات البثّ العالمية مثل «نتفليكس» و«HBO» و«أبل» وسواها، فقد بدأ موسم الهجرة المعاكسة.

يسارع نجومٌ من مختلف الأجيال إلى خوض تجربة المسلسلات، بعد أن أمضوا عمراً وهم يراكمون البطولات السينمائية وجوائز «الأوسكار» أحياناً. أما أسباب تلك النقلة فمفهومة، وهي، إضافةً إلى رواج المنصات وسطوتها على المشهد الترفيهي، قدرتُها على الوصول إلى أعداد ضخمة من المشاهدين، واستمراريّتُها بما أنها ما زالت مشروعاً ناشئاً وواعداً، وإنتاجاتُها الجذّابة ذات الميزانيّات الضخمة، هذا إضافةً إلى صلابتها المادية التي تتيح إغراء الممثلين المنضمين إلى مسلسلاتها بأجورٍ مرتفعةٍ.

أسماء معروفة في عالم السينما كثّفت مؤخراً إطلالاتها عبر مسلسلات منصات البث العالمية (رويترز)

عن دورها في مسلسل «Big Little Lies» (أكاذيب كبيرة صغيرة)، تقاضت الممثلة نيكول كيدمان مليون دولار مقابل كل حلقة من حلقات الموسم الثاني. وكسبت زميلتها جوليا روبرتس 600 ألف دولار عن كل حلقة من «Homecoming» (العودة للوطن) عام 2018، أما شخصية «فرانك أندروود» في مسلسل «House of Cards» (بيت من ورق)، فعادت على الممثل كيفن سبيسي بـ500 ألف دولار عن كل حلقة.

من وجهة نظر المنصّات، فإنّ اصطيادها أسماء لامعة في عالم السينما يساعدها في جذب المشاهدين وإضفاء قيمة إلى مسلسلاتها. حتى الممثل المخضرم أنتوني هوبكنز أغرته هذه النقلة، هو المعروف بوفائه للسينما. ففي عام 2016، أقنعت منصة «HBO» النجم العالميّ بالانضمام إلى فريق مسلسل «Westworld» (وست وورلد) في شخصيّة الدكتور روبرت فورد.

أنطوني هوبكنز في مسلسل Westworld (HBO)

فعلَ سحرُ المنصات فعله كذلك على الممثلة جين فوندا التي وفي سنّ الـ74 خاضت المغامرة إلى جانب «HBO» أيضاً، في مسلسل «The Newsroom» (غرفة الأخبار) عام 2012. وهي استكملت التجربة إنّما على نطاقٍ أوسع مع «نتفليكس» في «Grace and Frankie» (غريس وفرانكي) على مدى 7 مواسم ما بين 2015 و2022، وهي كانت المنتجة المنفّذة للسلسلة الكوميديّة.

جين فوندا (يمين) وليلي توملن بطلتا مسلسل «Grace and Frankie» (نتفليكس)

من الجيل المؤسّس برزت كذلك الممثلة ميريل ستريب التي لطالما وازنت ما بين إطلالاتها التلفزيونية وتلك التلفزيونية، إلا أنها ومنذ عام 2010 كثّفت إطلالاتها من خلال المسلسلات. عام 2017، فازت ستريب بجائزة «إيمي» عن مشاركتها كراوية في السلسلة الوثائقية «Five Came Back» (خمسة عادوا) على «نتفليكس». وما بين 2019 و2023، كانت لها مشاركة أساسية في كلٍ من المسلسلَين الشهيرَين «Big Little Lies» و«Only Murders in the Building» (فقط جرائم القتل في المبنى).

ميريل ستريب في مسلسل «Only Murders in the Building» (منصة هولو)

يوم قررت «نتفليكس» أن تُطلق أول أقوى إنتاجاتها الدراميّة، استعانت بالممثل كيفن سبيسي الحائز على جائزتَي «أوسكار». قدّم أداءً مدهشاً في مسلسل «House of Cards» بشخصيّة الرئيس المتخيّل للولايات المتّحدة «فرانك أندروود». شكّلت مشاركتُه على مدى 5 مواسم، أحد أبرز أسباب نجاح العمل، وقد حصد عن دوره جائزة «غولدن غلوب»، فيما نال المسلسل 7 جوائز «إيمي».

لن يتذكّر كثيرون وجه «محبوبة الأميركيين» الممثلة جوليا روبرتس في مسلسلات مثل «Crime Story» (قصة جريمة) عام 1987، و«Miami Vice» (ميامي فايس) عام 1988، لكنهم لم ينسوا حتماً إطلالتها في فيلم «Pretty Woman» (امرأة جميلة) رغم مرور 34 عاماً على صدوره.

التصقت النجمة الأميركية بهويّته السينمائية ولم تتعامل بجدية مع المسلسلات حتى سنة 2018، عندما تولّت بطولة مسلسل «Homecoming» على منصة «أمازون برايم»، لتكرّ السبحة وتبرز في مسلسل «Gaslit» بشخصيّة مارثا ميتشل، زوجة المدّعي العام الأميركي في عهد ريتشارد نيكسون، التي كشفت الكثير من المستور في فضيحة «ووتر غيت».

جوليا روبرتس بدور مارثا ميتشل في مسلسل «Gaslit» (أمازون برايم)

أما زميلة روبرتس، الممثلة الأسترالية نيكول كيدمان، ورغم بداية تلفزيونية حافلة استمرت من 1983 حتى 1989، غير أنها انتقلت إلى شاشة السينما في بداية التسعينات واستقرّت هناك حتى 2013. في تلك السنة، عادت إلى الشاشة الصغيرة عبر مسلسل «Top of the Lake» (رأس البحيرة) على منصة «HBO»، لكنّ النقلة النوعيّة لم تكتمل سوى عام 2017، عندما خاضت كيدمان مغامرة «Big Little Lies» بشخصيّة سيليست رايت، حاصدةً جائزة «إيمي» عن أدائها. ومنذ ذلك الحين، قامت كيدمان ببطولة 9 مسلسلات.

لطالما عُرف ماثيو ماكونوهي كاسمٍ بارزٍ في عالم السينما، وكان لا بدّ من أن يسطع نجم المنصات حتى يقتنع الممثل الأميركي بالانتقال إلى مسلسلاتها. كانت الانطلاقة الجدية عام 2010 من خلال «Eastbound & Down» على «HBO»، ليلحق بها مسلسل «True Detective» (محقق فذ) عام 2014 على المنصة ذاتها، حيث قدّم أداءً مبهراً في شخصية رجل القانون «رست كول». ويبدو أن التجربة راقت لماكونوهي الذي قدّم عام 2023 صوته لشخصية الفنان إلفيس بريسلي في مسلسل الرسوم المتحرّكة «Agent Elvis» (العميل السرّي إلفيس بريسلي) على «نتفليكس».

ماثيو ماكونوهي بطل مسلسل True Detective (HBO)

قبل أن تحفر اسمها في الفنّ السابع كإحدى أهمّ نجماته، بدأت بينيلوبي كروز مسيرتها التمثيلية من خلال دورَين تلفزيونيين في مطلع التسعينات. لكنها سرعان ما انتقلت إلى السينما ولازمتها. أما في عام 2018، فهي عادت أدراجها إلى التلفزيون مع مسلسل «The Assassination of Gianni Versace» (اغتيال جياني فرساتشي) بدور شقيقة المصمم العالمي دوناتيلا.

بين الممثلة الأميركية ريز ويثرسبون والمسلسلات علاقة ملتبسة، فهي خاضتها ثم ابتعدت عنها لفترات طويلة مراراً. لكنّها ومنذ عام 2017 ملتزمة بإطلالاتها التلفزيونية عبر منصات البثّ. كانت العودة من خلال «Big Little Lies»، التي فازت عنها بجائزة «إيمي». إلّا أن الدور الدرامي الذي حفر في الأذهان، فهو المراسلة والمذيعة برادلي جاكسون في مسلسل «The Morning Show» (البرنامج الصباحي) على منصة «أبل». ومن اللافت أنّ ويثرسبون لا تكتفي بالتمثيل، بل إنها المنتجة التنفيذية لمعظم المسلسلات التي تشارك فيها.

ريز ويثرسبون بدور برادلي جاكسون في مسلسل The Morning Show (منصة آبل)

ومن بين الممثلين الذين خاضوا الهجرة المعاكسة من السينما إلى المنصات، جود لاو الذي تميّز إلى جانب «HBO» في شخصية البابا بيوس الثامن في مسلسل «The Young Pope» (البابا الشابّ) عام 2016، ليكرّر التجربة التلفزيونية في 5 مسلسلات أخرى.

أما آخر المنضمّات إلى مسلسلات المنصّات، فهي الممثلة الفرنسية الحائزة على جائزة «أوسكار» جولييت بينوش. فهي شاركت عام 2022 في مسلسل «The Staircase» (السلّم) على «HBO»، ليلحق به مؤخراً مسلسل «The New Look» (اللوك الجديد) على منصة «أبل» بدور مصممة الأزياء العالمية كوكو شانيل.


مقالات ذات صلة

الفاتيكان محجّة الفنانين... والبابا ليو ذوّاقة سينما وثقافة

يوميات الشرق البابا ليو مصافحاً الممثلة كيت بلانشيت خلال زيارتها الفاتيكان مع وفد فني (رويترز)

الفاتيكان محجّة الفنانين... والبابا ليو ذوّاقة سينما وثقافة

البابا ليو يفتح أبواب الفاتيكان أمام فنّاني هوليوود ويشاركهم قائمة بأفلامه المفضّلة، محذّراً من أن مستقبل السينما في خطر.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق الممثل الأميركي كيفن سبيسي يحمل جائزة بعد تكريمه في إيطاليا (أرشيفية - رويترز)

بعد 7 سنوات من اتهامه بالتحرش... كيفن سبيسي «بلا مأوى»

بعد سبع سنوات من فضيحة اعتداء جنسي هزت مسيرته المهنية، كشف كيفن سبيسي أنه بلا مأوى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الممثل الأسترالي هيو جاكمان يحضر حفل توزيع جوائز في لوس أنجليس بكاليفورنيا (إ.ب.أ)

هيو جاكمان: الموسيقى «شافية» وساعدتني في تجاوز الأوقات العصيبة

احتفل نجم هوليوود هيو جاكمان جاكمان مساء أمس الأربعاء في العاصمة الألمانية برلين بالعرض الأوروبي الأول لفيلمه الموسيقي «سونغ سانغ بلو».

«الشرق الأوسط» (برلين)
يوميات الشرق الشيب صار جزءاً من الحكاية (أ.ب)

جورج كلوني يتحايل على الشيب ويُحوّل العمر إلى بطولة جديدة

يؤدّي نجم هوليوود جورج كلوني في فيلمه الجديد «جاي كيلي» دور ممثل متقدّم في السنّ يلجأ في خريف مسيرته المهنية إلى بعض الحيل التجميلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الممثلة جنيفر أنيستون وحبيبها الجديد جيم كورتيس (إنستغرام)

جنيفر أنيستون في الـ56... الحب لا يأتي متأخراً

فاجأت الممثلة الأميركية، جنيفر أنيستون، الجمهور بإعلانها علاقة عاطفية جديدة تجمعها بجيم كورتيس. فما تفاصيل قصة الحب هذه الآتية على مشارف خريف العمر؟

كريستين حبيب (بيروت)

كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
TT

كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)

في واحدة من أكثر الجلسات جماهيرية في مهرجان البحر الأحمر السينمائي هذا العام، حلّت الممثلة الهندية كريتي سانون في ندوة حوارية تحوّلت سريعاً من حوار تقليدي إلى عرض كامل تفاعل خلاله الجمهور بحماسة لافتة، حتى بدا المشهد وكأنه لقاء بين نجمة في ذروة تألقها وجمهور وجد فيها مزيجاً من الذكاء والعفوية والثقة.

منذ اللحظة الأولى، بدا واضحاً أن الجمهور جاء محملاً بأسئلته، فيما شجع التفاعل الجماهيري الممثلة الهندية على أن تجيب بصراحة عن كل ما يتعلق بمسيرتها، ومن بين كل أسماء الصناعة، لم يلمع في حديثها كما لمع اسم شاروخان. توقفت عند ذكره كما يتوقف شخص أمام لحظة صنعت في داخله تحولاً، وصفته بأنه «الأكثر ذكاءً وخفة ظل» ممن قابلتهم، ومثال حي على أن الفروسية والذوق الرفيع لا يزالان ممكنَين في صناعة صاخبة.

واستعادت كريتي كيف كان شاروخان ينظر إلى من يتحدث معه مباشرة، وكيف يمنح الجميع احتراماً متساوياً، حتى شعرت في بداياتها بأنها تلميذة تقع فجأة في حضرة أستاذ يعرف قواعد اللعبة من دون أن يستعرضها، ومع أن كثيرين يرون أن سانون دخلت عالم السينما من باب الجمال والأزياء، فإنها أكدت أن دراستها للهندسة لعبت دوراً في دخولها مجال الفن باعتبار أنها تعلمت منها أن كل شيء يجب أن يكون منطقياً وقائماً على أسئلة لماذا؟ وكيف؟

وأوضحت أن تحليل الأمور ومراجعتها منحتاها أدوات لم يمتلكها ممثلون آخرون، مروراً بتجارب وورشات تمثيل طويلة، فيما كانت هي تتعلم على أرض الواقع عبر طرح الأسئلة، حتى تلك التي قد يضيق منها البعض أو يعدها دليلاً على التردد.

الممثلة الهندية خلال جلستها الحوارية (مهرجان البحر الأحمر)

توقفت أيضاً في حديثها عند واحدة من أكثر محطاتها صعوبة، شخصية الروبوت «سيفرا» في فيلم «لقد وقعت في شرك كلامك»، شارحة أنها كانت لعبة توازن دقيقة بين أن تكون آلة بما يكفي ليصدّقها المشاهد، وإنسانة بما يكفي ليُصدّقها شريكها في الفيلم، مشيرة إلى أنها لم ترمش في أثناء الحوارات، وضبطت كل حركة لتكون دقيقة ومحسوبة، ورغم أنها معروفة بخفة الحركة و«العثرات الطريفة» كما وصفت نفسها، فإن أكثر ما أسعدها في الفيلم كان مشهد «الخلل» الذي ابتكرته بنفسها، لتمنح الشخصية ملمساً أكثر واقعية.

لكن اللحظة الأكثر دفئاً كانت عندما تحدثت عن الموسيقى، وعن دورها في مسيرتها؛ حيث روت كيف كانت غرف التسجيل التي تعمل فيها مع الملحّنين تشبه «متجر حلوى»، وكيف كان اللحن يُولد من جلسة ارتجال بسيطة تتحول بعد دقائق إلى أغنية جاهزة، ومع أن الجلسة كانت مليئة بالضحك واللحظات الخفيفة، فإنها لم تخفِ الجانب العميق من تجربتها، خصوصاً عندما تحدثت عن انتقالها من الإعلانات والصدفة إلى البطولة السينمائية.

وروت كيف أن فيلم «ميمي» منحها مساحة أكبر مما حصلت عليه في أي عمل سابق، وغيّر نظرتها إلى نفسها بوصفها ممثلة، مؤكدة أن ذلك العمل حرّرها من الحاجة الدائمة إلى إثبات ذاتها، وأعطاها الشجاعة لاختيار أدوار أكثر مجازفة. ومنذ ذلك الحين -كما تقول- لم تعد في سباق مع أحد، ولا تبحث عن لائحة إيرادات، بل عن أن تكون أفضل مما كانت عليه أمس.

وحين سُئلت عن فيلمها الجديد «تيري عشق مين» وعن موجة النقاشات التي أثارها على مواقع التواصل، أكدت أنها تتابع الآراء بشغف، لأن السينما تشبه اللوحة الفنية التي يراها كل شخص من زاوية مختلفة، مشيرة إلى أن الناس يتفاعلون مع قصة الفيلم، لأنهم قد عرفوا في حياتهم شخصاً مثل الممثلين.

وأكدت أن جزءاً من التفاعل يرجع إلى كون العمل يعرض الحب السام من جهة، لكنه يتيح للشخصية النسائية أن تُسمّيه وتواجهه، وهذا ما تعدّه تطوراً مهماً في كتابة الشخصيات النسائية، فلم تعد المرأة مجرد ضحية أو محبوبة مثالية، «فالمرأة المعاصرة على الشاشة يمكن أن تكون معقدة، متناقضة، واقعية، ومحبوبة رغم كل ذلك»، حسب تعبيرها.


جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
TT

جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)

كشفت الفنانة الأميركية جيسيكا ألبا عن ملامح مشروع سينمائي جديد يجمعها بالمخرجة السعودية هيفاء المنصور، مشيرة خلال ندوتها في «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» إلى أن هذا التعاون لم يتشكل بين ليلة وضحاها، بل جاء نتيجة نقاشات طويلة امتدت على مدار سنوات.

وأوضحت في اللقاء الذي أقيم، الجمعة، أن الفكرة التي استقرتا عليها تدور حول قصة إنسانية عميقة تتناول علاقة ابنة بوالدها المتقدّم في العمر، ضمن سردية تقترب من تفاصيل العائلة وتحولاتها، وتسلّط الضوء على هشاشة العلاقات حين تواجه الزمن، وما يتركه ذلك من أسئلة مفتوحة حول الذاكرة والواجب العاطفي والمسؤولية المتبادلة.

وأضافت أن ما شدّها إلى المشروع ليس موضوعه فقط، بل الطريقة التي تقارب بها هيفاء المنصور هذه العلاقات الحسّاسة وتحولها إلى لغة بصرية تتسم بالهدوء والصدق، لافتة إلى أن «هذا التعاون يمثّل بالنسبة لي مرحلة جديدة في اختياراتي الفنية، خصوصاً أنني أصبحت أكثر ميلاً للأعمال التي تمنح الشخصيات النسائية مركزاً واضحاً داخل الحكاية، بعيداً عن الأنماط التقليدية التي سيطرت طويلاً على حضور المرأة في السينما التجارية».

وأشارت إلى أنها تبحث اليوم عن قصص تستطيع فيها المرأة أن تظهر بوصفها شخصية كاملة، تملك مساحتها في اتخاذ القرارات والتأثير في مسار الحكاية، وهو ما تراه في مشروعها مع المنصور، الذي وصفته بأنه «قريب من قلبها»؛ لأنه يعيد صياغة علاقة الأم والابنة من منظور مختلف.

وخلال الندوة، قدّمت ألبا قراءة موسّعة لتغيّر مسارها المهني خلال السنوات الأخيرة، فهي، كما أوضحت، لم تعد تنظر إلى التمثيل بوصفه مركز عملها الوحيد، بل بات اهتمامها الأكبر موجّهاً نحو الإنتاج وصناعة القرار داخل الكواليس.

وأكدت أن دخولها عالم الإنتاج لم يكن مجرد انتقال وظيفي، وإنما خطوة جاءت نتيجة إحساس عميق بأن القصص التي تُقدَّم على الشاشة ما زالت تعكس تمثيلاً ناقصاً للنساء وللأقليات العرقية، خصوصاً للمجتمع اللاتيني الذي تنتمي إليه.

وتحدثت ألبا عن تجربة تأسيس شركتها الإنتاجية الجديدة، معتبرة أن الهدف منها هو خلق مساحة لصناع المحتوى الذين لا يجدون غالباً فرصة لعرض رؤاهم، موضحة أن «غياب التنوّع في مواقع اتخاذ القرار داخل هوليوود جعل الكثير من القصص تُروى من زاوية واحدة، ما أدّى إلى تكريس صور نمطية ضيّقة، خصوصاً فيما يتعلّق بالجاليات اللاتينية التي غالباً ما تظهر في الأعمال ضمن أدوار مرتبطة بالعنف أو الجريمة أو الأعمال الهامشية».

وشددت على أنها تريد أن تساهم في معالجة هذا الخلل، ليس عبر الخطابات فقط، بل من خلال إنتاج أعمال تظهر فيها الشخصيات اللاتينية والعربية والنساء بصورة كاملة، إنسانية، متنوّعة، لافتة إلى أن تنوّع التجارب الحياتية هو العنصر الذي يجعل صناعة السينما أكثر ثراء، وأن غياب هذا التنوع يجعل الكثير من الكتّاب والمخرجين عاجزين عن تخيّل شخصيات خارج ما اعتادوا عليه.

وأضافت أن مهمتها اليوم، من موقعها الجديد، هي فتح المجال أمام أصوات غير مسموعة، سواء كانت نسائية أو تنتمي إلى أقليات ثقافية واجتماعية، لافتة إلى أنها تعمل على تطوير فيلم جديد مع المخرج روبرت رودريغيز، يعتمد على مزيج من الكوميديا العائلية وأجواء أفلام السرقة، مع طاقم تمثيل لاتيني بالكامل.

وأوضحت أن هذا العمل يأتي امتداداً لرغبتها في دعم المواهب اللاتينية، وفي الوقت نفسه تقديم أعمال جماهيرية لا تُختزل في سرديات العنف أو الهوامش الاجتماعية، واصفة المشروع بأنه خطوة مختلفة على مستوى بنية الحكاية؛ لأنه يجمع بين الترفيه والأسئلة العائلية، ويقدّم الشخصيات اللاتينية في إطار طبيعي وغير مصطنع.

وتوقفت جيسيكا عند مشاركتها المرتقبة في فيلم «الشجرة الزرقاء»، ويتناول علاقة أم بابنتها التي تبحث عن استقلاليتها رغم حساسية ظروفها موضحة أن ما جذبها لهذا العمل هو طبيعته الهادئة، واعتماده على بناء علاقة حميمة بين شخصيتين، بعيداً عن الصراعات المفتعلة، معتبرة أن هذا النوع من الحكايات يمثّل مرحلة أصبحت قريبة جداً منها في هذه الفترة من حياتها.


«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
TT

«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)

في إطار الجهود المصرية المستمرة للحفاظ على التراث وحمايته واستعادة الآثار المصرية المنهوبة من الخارج وصيانتها، تعدَّدت الجهود الرسمية والأهلية والبحثية والأكاديمية للعمل على حفظ التراث واستعادة الآثار المُهرَّبة، واستضافت مكتبة الإسكندرية مؤتمراً علمياً، بالتعاون مع مؤسسة ألمانية، تناول استرداد الآثار المصرية من الخارج، وحفظ وصيانة التراث.

وركز المؤتمر على تجارب مصر في استرداد القطع الأثرية التي خرجت من البلاد بطرق غير قانونية، سواء عبر المتاحف الأجنبية أو الأسواق غير المشروعة. وشارك فيه عدد من المسؤولين والخبراء المصريين والدوليين، وتم عرض نماذج بارزة من الآثار المسترَدة حديثاً، مثل التوابيت المذهبة والقطع الخشبية النادرة، مع مناقشة الإجراءات القانونية والدبلوماسية التي اعتمدتها مصر لاستعادة هذه القطع الأثرية وحمايتها بوصفها جزءاً من التراث العالمي.

وأكد عالم الآثار المصرية، الدكتور حسين عبد البصير، أن هذه الجهود تمثل رسالةً قويةً للعالم حول أهمية حماية التراث الثقافي المصري والعربي والعالمي، وأن استعادة كل قطعة أثرية هي خطوة نحو الحفاظ على الهوية الوطنية وإعادة حق الأجيال القادمة في التراث الحضاري لمصر، والعالم العربي، والعالم.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن دور المجتمع المدني والجمعيات الأثرية مهم في دعم هذه الجهود، من خلال التوعية، والبحث العلمي، والتعاون مع المنظمات الدولية؛ لتقوية موقف مصر القانوني في مواجهة التجارة غير المشروعة بالآثار.

جانب من المؤتمر الذي ناقش الآثار المسترَدة وحفظ التراث (الشرق الأوسط)

وتحت عنوان «الاتجار بالآثار سرقة للتاريخ وطمس للهوية»، تحدَّث الدكتور شعبان الأمير، أستاذ ترميم الآثار ومواد التراث بكلية الآثار بجامعة الفيوم، وتناول التنقيب والاتجار بالآثار وتقارير اليونيسكو حول هذه العمليات، التي تُقدَّر بنحو 10 مليارات دولار سنوياً، وهي ثالث أكبر عملية تجارية بعد المخدرات والسلاح على مستوى العالم.

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «حماية التراث واجب وطني ومجتمعي، والاتجار بالآثار يعدّ سرقةً للتاريخ وطمساً ومحواً وفقداناً للهوية». وأشار إلى أن المؤتمر تناول أبحاثاً حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والهندسة، والكيمياء، والوعي المجتمعي، وغيرها من الموضوعات التي اهتمت بكيفية حماية التراث والآثار، والحد من عمليات التنقيب غير الشرعي، وعمليات التسجيل والتوثيق والفحص والتحليل تمهيداً لعمليات الترميم والصيانة والحفظ والعرض المتحفي أو بالمواقع الأثرية.

وفي ورقة بحثية بالمؤتمر، تناولت الدكتورة منى لملوم، قوة الميديا ووسائل الإعلام المختلفة في المطالبة باسترداد الآثار، مشيرة إلى الحملات التي تقوم بها وسائل الإعلام من أجل الضغط لاسترداد الآثار المُهرَّبة من مصر بطرق غير مشروعة. وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أنها «تناولت كثيراً من النماذج، منها استعادة تمثال من أميركا عام 2019 بجهود رسمية كبيرة، بالإضافة إلى قوة الإعلام، وكذلك الضغط من خلال حملات صحافية وأهلية، إلى جانب الجهود الحكومية لاستعادة آثار مصرية مهمة مثل رأس نفرتيتي من ألمانيا، وجدارية (الزودياك) أو الأبراج السماوية من متحف اللوفر، فضلاً عن استعادة حجر رشيد من المتحف البريطاني».

ولفتت د. منى إلى دور الدراما والسينما في التعامل مع الآثار والتاريخ مثل فيلم «المومياء» من إخراج شادي عبد السلام الذي لعب دوراً إيجابياً وصُنِّف من أهم 100 فيلم مصري في القرن الـ20، وهناك نماذج سلبية مثل مسلسل «كليوباترا» الذي أنتجته «نتفليكس» وقوبل بهجوم شديد لتجسيد الملكة المصرية بممثلة سوداء، و«اضطرت الشبكة إلى تغيير تصنيف الفيلم من (وثائقي) إلى (درامي) تحت ضغط (الميديا)» على حد تعبيرها.