توم هانكس يستعرض حكاية ترويها آلة كاتبة

والدة الطفل مفقودة... كانت الآلة «أوليفيتي» آخر من رآها

آلة كاتبة
آلة كاتبة
TT

توم هانكس يستعرض حكاية ترويها آلة كاتبة

آلة كاتبة
آلة كاتبة

تعد الآلات الكاتبة، آلات الكتابة اليدوية التي كانت تصنعها شركات «ريمينغتون»، و«أندروود» و«رويال»، منتجات رائعة.

ضع آلة كاتبة على طاولة مع ورقة مدموجة مسبقاً في الحاضنة، وانتظر؛ سينجذب إلى جمالها وخصوصيتها جميع الأطفال تقريباً، وعدد كبير من البالغين، وسيتعيّن عليهم كتابة شيء ما، فكرة، أو شكوى، أو قصيدة، أو ربما أمنية؛ جرب هذه الحيلة، وسترى سحر الآلة الكاتبة في العمل.

صُنعت مفاتيح، ومقابض وروافع الآلات الكاتبة لتفعل شيئاً واحداً؛ واحداً فقط: استخراج الكلمات التي يحملها كل منّا في داخله، والتي لدى الآلة القدرة على خلق المعنى، وتحقيق الديمومة. في أولى رواياتها، تنقل آلي ميلينغتون مثل هذا السحر لمجال أبعد. شخصيتها الفصلية، آلة كاتبة تُدعى «ليتيرا 22» من منتصف القرن (تُسمى «أوليفيتي»، باسم الشركة التي صنعتها)، هي إحساس بأن الكائن الثابت الذي - مثل العديد من الدببة، والشخصيات المتحركة، ودمى الجوارب في أدب الأطفال والثقافة الشعبية - يمكن أن تقلق، وتتذكر، وتحب، وتخاف. «أوليفيتي» على قيد الحياة، وهي بمثابة العطية لعائلة بريندل، لا سيما ابنهم إرنست، البالغ من العمر 12 عاماً، الذي كان مضطرباً بهدوء شديد. يا إلهي، أيّ صبي عمره 12 عاماً ليس مضطرباً؟ كان والدا إرنست يرسلانه إلى معالج نفسي يدعونه الطبيب «راوند أباوت»، والسبب في هذه التسمية أن أسئلة الطبيب كانت تلتف في دوائر مثل، «كيف تعتقد أنك تشعر بما تفكر فيه بشأن شعورك؟» ومكانه في ترتيب الأسرة (الثالث بين أربعة أطفال) يعني أن مشاكله تميل إلى أن تُلاحظ كأفكار لاحقة. وعادته في عزل نفسه توصف بأنها تصرّف معادٍ للمجتمع.

لماذا لا يُفتن بهاتفه مثل إخوته؟إرنست هو الشخص الأكثر إرهاقاً في عائلة بريندل بسبب الهموم والقلق، وليس أقلها «كل ما حدث»، وهي العبارة التي يسمعها باستمرار من البالغين في حياته. («كل ما حدث» هي اختصار لأزمة عائلية شائعة للغاية وقعت بالفعل لدى عائلة بريندل). بعد ذلك، عندما لم تعد والدته، بياتريس بريندل، إلى المنزل بعد ظهيرة أحد الأيام، إثر اختفائها من دون سبب واضح، خيّمت على حياة إرنست فوضى جديدة ومزعجة: الملصقات المفقودة، والزيارات مع الشرطة، ومحاولات والده المنهكة للتعامل مع الكثير من الأمور، والصراخ والاقتتال بين أشقائه، والمحادثات مع البقال البرازيلي في المبنى، ومع أمين المكتبة المحلي، ومع مالك محل الرهانات في الزاوية. إن ابنة صاحب محل الرهانات، «كوين» القوية والواقعية للغاية، هي رفيقة مساعدة مُرحبٌ بها، ومحبطة، بالنسبة إلى إرنست. إنها فتاة من نوع مختلف عمرها 12 عاماً، وهي فتاة قد تصالحت شخصيتها مع «كل ما حدث». تُروى الرواية، في فصول متناوبة، بواسطة أوليفيتي وإرنست. ويأخذ «ليتيرا 22» زمام القيادة، مقدماً نفسه وموجهاً الفصول الثلاثة الأولى. يقول لنا إن أوليفيتي استقر به المُقام لدى عائلة بريندل («عائلة ذات لون نُحاسي وعيون داكنة للغاية»)، منذ أن أخرجته السيدة بياتريس من صندوق كرتوني ووضعته على مكتبها. ولسنوات، كانت تسجّل آمالها وأحلامها على الآلة العتيقة. «إن منسوجاتها، كما أطلقت عليها، ليس فقط بسبب الطريقة التي حاولت بها نسج كلماتها إلى شيء جميل وأكبر، وإنما بسبب كل الضجيج الذي أحدثناه سوياً. نقرة بعد نقرة بعد أخرى».

تتذكر أوليفيتي كل كلمة كتبتها. كيف يمكن للآلة الكاتبة أن تنسى ما يصبه القلب البشري في أعمالها؟ تحولت بياتريس إلى أوليفيتي كما ينشد المرء صديقه المثالي، الذي يدرك أن الاستماع هو غالباً أفضل شيء يمكن أن يفعله الصديق، حتى لو كان هذا الصديق عبارة عن آلة للكتابة صُنعت في إيطاليا عام 1950. وعلى هذا النحو، كانت أوليفيتي آخر من شاهد بياتريس قبل أن تختفي. تُصور ميلينغتون جوهر السبب لماذا الآلات الكاتبة هي إبداع استثنائي، ولماذا يجب على الجميع أن يمتلك واحدة منها: يتسم أوليفيتي بالحياد، ولا يتخذ أي موقف. (الآلة الكاتبة تعكس ببساطة ما تضعه فيها). وهو يهتم بذلك. لذا، عندما يتعقب آرنست أوليفيتي، التي رهنتها بياتريس لسبب غير مفهوم مقابل 126 دولاراً (تذكروا هذا المبلغ)، ويبدأ الكتابة عليه بدموعه باكياً، ويائساً للتواصل مع والدته، يقوم أوليفيتي بما لا يمكن تصوره: إنه يرد كاتباً. «لا تنزعج ... أنا أوليفيتي ... يمكنني مساعدتك»، من خلال التواصل مع إنسان، فإنه يكسر القاعدة الأساسية لجميع الآلات الكاتبة، مما يثير رعب «ريمي»، رفيقه في محل الرهانات، وهو آلة كاتبة طراز «ريمينغتون ديلوكس موديل 5» إنتاج عام 1947. «ولكن بعض البشر»، كما يؤكد لنا أوليفيتي، «يستحقون كسر القواعد من أجلهم». إن كتابة ميلينغتون تسدي لنا معروفاً كبيراً. إن أوليفيتي خاصتها ليست إنساناً آلياً أو مجرد مهمة سهلة - هناك أزمة مؤلمة ومثيرة للشجون في المنزل الذي أسماه بيتاً، وصوته يُحرك الأحداث بمزيد من التعاطف. يتحدث إرنست بارتباك شديد يمكن تمييزه لأي شخص كان عمره 12 عاماً، لقد أحب أمه بعمق، وخشي على حياتها. والخاتمة يكاد يكون من المستحيل التكهن بها، فهي مثالية للغاية، إذ إنها تشمل أغلب الذكريات الملموسة: رحلة عائلية على الطريق لمدة 12 ساعة، تغطي مسافة... حسناً، 126 دولاراً. وما يأتي بعد ذلك يجسد أفضل ما في مخيلة ميلينغتون الأدبية. سيستمر آل بريندل في مواجهة «كل شيء» بالأمل والشغف، وبكل الوحدة التي يمكنهم حشدها. سيُعدّون مائدة العائلة لسبعة أشخاص، مع مكان لأوليفيتي، ويضعون الورق في الحاضنة، ومن ثَمّ ينتظرون.

توم هانكس، الممثل والمنتج والمخرج والمتحمس للآلة الكاتبة، هو أيضاً مؤلف مجموعة قصصية بعنوان «نوع غير مألوف»، ورواية «صناعة تحفة سينمائية جديدة».

* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

يوميات الشرق إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

«الشرق الأوسط» (برلين)
يوميات الشرق جمال لوتشيا بونتي من نوع مختلف عن جدّتها (موقع الحفل)

حفيدة صوفيا لورين «مختلفة الجمال» تخرج إلى المجتمع في «حفل المبتدئات»

جرتْ العادة أن تحضُر كل مُشاركة بصحبة فتى من أبناء المشاهير والأثرياء، وأن ترقص معه «الفالس» كأنهما في حفل من حفلات القصور في عهود ملوك أوروبا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق مبهجة ودافئة (جامعة «أبردين»)

أقدم آلة تشيللو أسكوتلندية تعزف للمرّة الأولى منذ القرن الـ18

خضعت آلة تشيللو يُعتقد أنها الأقدم من نوعها في أسكوتلندا لإعادة ترميم، ومن المقرَّر أن تعاود العزف مرّة أخرى في عرض خاص.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق جزء من التجهيز يظهر مجموعة الرؤوس (جناح نهاد السعيد)

«نشيد الحب» تجهيز شرقي ضخم يجمع 200 سنة من التاريخ

لا شيء يمنع الفنان الموهوب ألفريد طرزي، وهو يركّب «النشيد» المُهدى إلى عائلته، من أن يستخدم ما يراه مناسباً، من تركة الأهل، ليشيّد لذكراهم هذا العمل الفني.

سوسن الأبطح (بيروت)
يوميات الشرق نادرة جداً (مواقع التواصل)

للبيع... تذكرة لدخول مسرح بريستول تعود إلى عام 1766

من المتوقَّع أن تُحقّق ما وُصفَت بأنها «قطعة حقيقية من تاريخ بريستول» آلاف الجنيهات منذ عرضها للبيع في مزاد ببريطانيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)

تعزيزاً للتواصل مع المقيمين... العاصمة السعودية تحتضن «أيام بنغلاديش»

فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)
فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)
TT

تعزيزاً للتواصل مع المقيمين... العاصمة السعودية تحتضن «أيام بنغلاديش»

فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)
فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)

تقام «أيام بنغلاديش» في حديقة السويدي بالعاصمة السعودية الرياض، والتي انطلقت لياليها، الثلاثاء، ضمن مبادرة تعزيز التواصل مع المقيمين التي أطلقتها وزارة الإعلام السعودية، بالشراكة مع الهيئة العامة للترفيه، تحت شعار «انسجام عالمي»، وتستمر حتى السبت، بهدف تعزيز التواصل الثقافي بين المجتمع السعودي والمقيمين، وإبراز التنوع الثقافي الغني الذي تحتضنه السعودية.

وتشهد الفعاليات عروضاً فنية متنوعة تقدمها الفرقة الشعبية، حيث تألق المشاركون بتقديم عروض موسيقية واستعراضية تمثل مختلف ألوان الفلكلور البنغالي، إلى جانب أغنيات مستوحاة من أعمال أبرز شعراء بنغلاديش.

عروض موسيقية واستعراضية تمثل مختلف ألوان الفلكلور البنغالي (الشرق الأوسط)

كما يضم الحدث منطقة مخصصة لعرض التراث البنغالي، حيث تُتيح للزوار فرصة استكشاف الجوانب الغنية للثقافة البنغالية عن قرب؛ إذ تشمل المنطقة معروضات للأزياء التقليدية المزينة بالزخارف اليدوية التي تعكس المهارة الحرفية والفنية المتميزة، حيث يتم عرض الساري البنغالي المصنوع من أقمشة الحرير والقطن الفاخرة، إضافة إلى الملابس التقليدية للرجال مثل البنجابي والدوتي، كما تعرض الإكسسوارات اليدوية التي تشتهر بها بنغلاديش، بما في ذلك المجوهرات التقليدية المصنوعة من المعادن والأحجار الكريمة، والحقائب والمطرزات التي تعكس ذوقاً فنياً عريقاً.

الفعاليات شملت استكشاف التراث البنغالي (الشرق الأوسط)

واشتملت الفعاليات على قسم مخصص للأطعمة من بنغلاديش؛ إذ يٌقدم للزوار فرصة تذوق أشهى الأطباق التقليدية التي تمثل المطبخ البنغالي المعروف بنكهاته الغنية وتوابله المميزة، وتشمل الأطباق المقدمة أكلات شهيرة مثل البرياني البنغالي، والداكا كاكوري كباب، وسمك الهيلشا المطهو بطرق تراثية، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من الحلويات التقليدية مثل الروشا غولا والميزان لادّو.

وتضيف هذه المنطقة بعداً مميزاً للفعالية، حيث لا تقتصر التجربة على الفنون والعروض، بل تمتد لتشمل استكشاف التراث البنغالي بشكل متكامل يعكس الحياة اليومية والعادات والتقاليد، مما يجعلها تجربة غنية تُثري التفاعل الثقافي بين الزوار.

معروضات للأزياء التقليدية (الشرق الأوسط)

وحظيت الفعاليات منذ انطلاقها بإقبال واسع من الزوار الذين عبروا عن إعجابهم بجمال الفلكلور البنغالي وتنوع العروض الفنية المقدمة، كما أبدى العديد من الحاضرين تقديرهم لهذه المبادرات التي تسهم في تعزيز التفاهم والتفاعل بين الثقافات.

وأكّد المسؤولون أن هذه المبادرة تأتي جزءاً من سلسلة برامج ثقافية تهدف إلى تعزيز المشهد الثقافي في المملكة، بما يتماشى مع «رؤية السعودية 2030» التي تدعم التنوع والانفتاح الثقافي.