اتهام أصحاب مهن لصُناع الفن بـ«الإساءة» سيناريو يتجدد في مصر

أطباء شرعيون يطالبون بوقف عرض مسلسل «أشغال شقة»

الملصق الدعائي لمسلسل «أشغال شقة» (الشركة المنتجة)
الملصق الدعائي لمسلسل «أشغال شقة» (الشركة المنتجة)
TT

اتهام أصحاب مهن لصُناع الفن بـ«الإساءة» سيناريو يتجدد في مصر

الملصق الدعائي لمسلسل «أشغال شقة» (الشركة المنتجة)
الملصق الدعائي لمسلسل «أشغال شقة» (الشركة المنتجة)

فيما يحظى فيه المسلسل الكوميدي المصري «أشغال شقة» بتفاعل واهتمام متابعين ونقاد عبّروا عن إعجابهم بـ«نوعية الكوميديا» التي يقدمها المسلسل الرمضاني، فإنه تعرّض للهجوم من قبل أطباء شرعيين اتهموا العمل بـ«الإساءة إليهم»، في سيناريو يتجدد كل فترة بين بعض صُنّاع الأعمال الفنية وبعض أصحاب المهن المختلفة.

تدور أحداث المسلسل في إطار كوميدي حول طبيب شرعي وزوجته المذيعة الشابة، وتحدث مفارقات عديدة في حياتهما بعد إنجاب الزوجة طفلين توأمين، وهو من تأليف شيرين دياب وشقيقها خالد، الذي يتولى إخراج العمل.

وتشهد أحداث المسلسل قيام «الدكتور حمدي» الذي يقوم بدوره هشام ماجد بإتلاف أدلة مرتبطة بالقضايا، من بينها ملابس مرتبطة بأحد المحامين، مما يدخله في مشكلات بعمله.

وفي موقف آخر، تقوم السيدة التي تساعدهم في المنزل بطهي «كبد بشري» كان يفترض أن يتم تحليله لتقديم تقرير به؛ بسبب خطأ مشترك بينه وبين مساعده «عربي» الذي يقوم بدوره مصطفى غريب.

هشام ماجد مع أسماء جلال في مشهد من مسلسل «أشغال شقة» (الشركة المنتجة)

ويعدّ الدكتور أيمن فودة رئيس مصلحة الطب الشرعي الأسبق، أن «العمل يسخر بصورة غير مقبولة من الأطباء الشرعيين، رغم أن المصلحة من أكثر الجهات انضباطاً في عملها، ولا يمكن أن تسمح بوجود أي جزء مهما كان بسيطاً مما يحدث في المسلسل».

ويضيف في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «المسلسل يخاطب الجمهور في مختلف أنحاء العالم، ولا توجد فكرة لدى كثيرين عن طبيعة عمل الأطباء الشرعيين بمصر».

لكن الناقد محمد عبد الرحمن يقول لـ«الشرق الأوسط»: «هناك وعي من المشاهدين بأن طبيعة العمل الكوميدية تفرض مواقف، الهدف منها إحداث مفارقات للضحك، وهو الأمر الذي اتبعه صُنّاع المسلسل في الأحداث».

وأشار إلى أن «العمل يقدم للمرة الأولى شخصية الطبيب الشرعي بشكل كوميدي، بعيداً عن الصورة الجادة والصارمة التي قُدّمت بها من قبل في أعمال عدة».

وهذه ليست المرة الأولى التي يثير فيها عمل فني ضجةً كبيرةً في الأوساط المهنية، فنقابة التمريض اعترضت على أعمال فنية عدة، وطالبت بوقفها، منها مسلسل «زهرة وأزواجها الخمسة» لغادة عبد الرازق، وفيلم «يوم وليلة»، في حين اعترضت سجّانات سجن القناطر على مسلسل «سجن النسا» وسط مطالبات بمنعه من العرض.

لقطة من مسلسل «جعفر العمدة» (الشركة المنتجة)

كما شهد مسلسل «جعفر العمدة» العام الماضي اعتراضاً من نقابة الأطباء على أحد المشاهد، مع مطالبة النقابة بوقف «الدعاية التي تضر بسمعة الطبيب المصري في الدراما»، وفق بيان رسمي صدر في أبريل (نيسان) الماضي، وسجّل عدد من الأطباء اعتراضهم على مسلسل «بالطو» وشخصية طبيب الأسنان الذي يقوم بخداع المرضى بخصوص تكاليف العلاج.

هذه النوعية من السجالات تعد مشاهد مكررة، وستُكرر في المستقبل، من وجهة نظر الناقد طارق الشناوي الذي يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «النقابات المهنية والروابط التي تجمع العاملين في مهن واحدة كافة، تعترض بين الحين والآخر على نماذج تقدم في أعمال فنية سواء بشكل كوميدي أو بصورة سلبية في سياق درامي».

وأضاف أن «الموضوع مرتبط بحساسية زائدة لدى مختلف الفئات، بمَن فيهم الأشخاص الذين يُفترض أنهم أكثر وعياً على غرار نقابة الصحافيين، التي سبق أن شهدت توجهاً بداخلها للاعتراض على نموذج الصحافي الذي قدمه خالد الصاوي في فيلم (عمارة يعقوبيان)، ووصل الأمر لدرجة مطالبة البعض بمنع عرض الفيلم، قبل أن يتراجع مجلس النقابة وقتها عن المطالبة بهذا الأمر».

صناع مسلسل «أشغال شقة» في الكواليس (حساب هشام ماجد على «فيسبوك»)

وكانت نقابة الممثلين قد طلبت من صُنّاع مسلسل «ليه لا 3» الاعتذار عن جملة وردت في أحد المشاهد تتحدث عن الفارق بين دراسة المسرح في كلية الآداب وأكاديمية الفنون، على خلفية اعتبار نقيب الممثلين، أشرف زكي أن مثل هذه التصريحات تعبر عن «جهل وقلة معرفة».

ويؤكد رئيس مصلحة الطب الشرعي الأسبق أن «صُنّاع (أشغال شقة) خلطوا في الأحداث بين الأقسام المختلفة، وطبيعة العمل الذي يقوم به الطبيب الشرعي داخل المصلحة لعدم إدراكهم طبيعة العمل بصورة دقيقة».

وأضاف أن هذا الأمر سيجعل هناك صورة ذهنية خاطئة لدى الجمهور، الأمر الذي يستوجب ضرورة وقف عرض المسلسل، مؤكداً أن هذا الأمر مطلب كثير من الأطباء العاملين بالمصلحة، الذين تمنعهم مقتضيات وظيفتهم من الحديث إعلامياً.

ويفسر الشناوي ظهور اعتراضات الأطباء الشرعيين بشكل متأخر نسبياً إلى نجاح المسلسل وتفاعل الجمهور معه مما جعله تحت الأضواء بشكل أكبر، لافتاً إلى ضرورة إدراك الأطباء الشرعيين وغيرهم الفارق بين ما يحدث في الواقع والدراما التي يقدمها العمل الفني.


مقالات ذات صلة

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

يوميات الشرق لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

حظي مسلسل «رقم سري» الذي ينتمي إلى نوعية دراما الغموض والتشويق بتفاعل لافت عبر منصات التواصل الاجتماعي.

رشا أحمد (القاهرة )
يوميات الشرق زكي من أبرز نجوم السينما المصرية (أرشيفية)

مصر: تجدد الجدل بشأن مقتنيات أحمد زكي

تجدد الجدل بشأن مقتنيات الفنان المصري الراحل أحمد زكي، بعد تصريحات منسوبة لمنى عطية الأخت غير الشقيقة لـ«النمر الأسود».

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق تجسّد شخصية «دونا» في «العميل» (دانا الحلبي)

دانا الحلبي لـ«الشرق الأوسط»: لو طلب مني مشهد واحد مع أيمن زيدان لوافقت

تُعدّ تعاونها إلى جانب أيمن زيدان إضافة كبيرة إلى مشوارها الفني، وتقول إنه قامة فنية كبيرة، استفدت كثيراً من خبراته. هو شخص متعاون مع زملائه يدعم من يقف أمامه.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق آسر ياسين وركين سعد في لقطة من المسلسل (الشركة المنتجة)

«نتفليكس» تطلق مسلسل «موعد مع الماضي» في «القاهرة السينمائي»

رحلة غوص يقوم بها بعض أبطال المسلسل المصري «موعد مع الماضي» تتعرض فيها «نادية» التي تقوم بدورها هدى المفتي للغرق، بشكل غامض.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق مسلسل «6 شهور»   (حساب Watch IT على «فيسبوك»)

«6 شهور»... دراما تعكس معاناة حديثي التخرّج في مصر

يعكس المسلسل المصري «6 شهور» معاناة الشباب حديثي التخرج في مصر عبر دراما اجتماعية تعتمد على الوجوه الشابة، وتحاول أن ترسم الطريق إلى تحقيق الأحلام.

نادية عبد الحليم (القاهرة )

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج (جنوب مصر). وذكرت البعثة الأثرية المشتركة بين «المجلس الأعلى للآثار» في مصر وجامعة «توبنغن» الألمانية أنه جرى اكتشاف الصرح خلال العمل في الناحية الغربية لمعبد أتريبس الكبير.

وعدّ الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، هذا الكشف «النواة الأولى لإزاحة الستار عن باقي عناصر المعبد الجديد بالموقع»، وأوضح أنّ واجهة الصرح التي كُشف عنها بالكامل يصل اتساعها إلى 51 متراً، مقسمة إلى برجين؛ كل برج باتّساع 24 متراً، تفصل بينهما بوابة المدخل.

ولفت إسماعيل إلى أنّ الارتفاع الأصلي للصرح بلغ نحو 18 متراً، وفق زاوية ميل الأبراج، ما يضاهي أبعاد صرح معبد الأقصر، مؤكداً على استكمال أعمال البعثة في الموقع للكشف عن باقي المعبد بالكامل خلال مواسم الحفائر المقبلة، وفق بيان للوزارة.

جانب من صرح المعبد المُكتشف (وزارة السياحة والآثار)

بدوره، قال رئيس «الإدارة المركزية لآثار مصر العليا»، ورئيس البعثة من الجانب المصري، محمد عبد البديع، إنه كُشف عن النصوص الهيروغليفية التي تزيّن الواجهة الداخلية والجدران، خلال أعمال تنظيف البوابة الرئيسية التي تتوسَّط الصرح، كما وجدت البعثة نقوشاً لمناظر تصوّر الملك وهو يستقبل «ربيت» ربة أتريبس، التي تتمثّل برأس أنثى الأسد، وكذلك ابنها المعبود الطفل «كولنتس».

وأوضح أنّ هذه البوابة تعود إلى عصر الملك بطليموس الثامن الذي قد يكون هو نفسه مؤسّس المعبد، ومن المرجح أيضاً وجود خرطوش باسم زوجته الملكة كليوباترا الثالثة بين النصوص، وفق دراسة الخراطيش المكتشفة في المدخل وعلى أحد الجوانب الداخلية.

وقال رئيس البعثة من الجانب الألماني، الدكتور كريستيان ليتز، إنّ البعثة استكملت الكشف عن الغرفة الجنوبية التي كان قد كُشف عن جزء منها خلال أعمال البعثة الأثرية الإنجليزية في الموقع بين عامَي 1907 و1908، والتي زُيّن جانبا مدخلها بنصوص هيروغليفية ومناظر تمثّل المعبودة «ربيت» ورب الخصوبة «مين» وهو محوط بهيئات لمعبودات ثانوية فلكية، بمثابة نجوم سماوية لقياس ساعات الليل.

رسوم ونجوم تشير إلى ساعات الليل في المعبد البطلمي (وزارة السياحة والآثار)

وأضاف مدير موقع الحفائر من الجانب الألماني، الدكتور ماركوس مولر، أنّ البعثة كشفت عن غرفة في سلّم لم تكن معروفة سابقاً، ويمكن الوصول إليها من خلال مدخل صغير يقع في الواجهة الخارجية للصرح، وتشير درجات السلالم الأربع إلى أنها كانت تقود إلى طابق علوي تعرّض للتدمير عام 752.

يُذكر أنّ البعثة المصرية الألمانية المشتركة تعمل في منطقة أتريبس منذ أكثر من 10 سنوات؛ وأسفرت أعمالها عن الكشف الكامل لجميع أجزاء معبد أتريبس الكبير، بالإضافة إلى ما يزيد على 30 ألف أوستراكا، عليها نصوص ديموطيقية وقبطية وهيراطيقة، وعدد من اللقى الأثرية.

وعدَّ عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، «الكشف عن صرح معبد بطلمي جديد في منطقة أتريبس بسوهاج إنجازاً أثرياً كبيراً، يُضيء على عمق التاريخ المصري في فترة البطالمة، الذين تركوا بصمة مميزة في الحضارة المصرية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنّ «هذا الاكتشاف يعكس أهمية أتريبس موقعاً أثرياً غنياً بالموروث التاريخي، ويُبرز تواصل الحضارات التي تعاقبت على أرض مصر».

ورأى استمرار أعمال البعثة الأثرية للكشف عن باقي عناصر المعبد خطوة ضرورية لفهم السياق التاريخي والمعماري الكامل لهذا الصرح، «فمن خلال التنقيب، يمكن التعرّف إلى طبيعة استخدام المعبد، والطقوس التي مورست فيه، والصلات الثقافية التي ربطته بالمجتمع المحيط به»، وفق قوله.

ووصف عبد البصير هذا الاكتشاف بأنه «إضافة نوعية للجهود الأثرية التي تُبذل في صعيد مصر، ويدعو إلى تعزيز الاهتمام بالمواقع الأثرية في سوهاج، التي لا تزال تخفي كثيراً من الكنوز».