«كسر عضم - السراديب»: اتكاءٌ مكشوف على نجاح سابق

ما قدّمه الجزء الأول انتهى معه فترهَّل الجزء الثاني

وجوه مسلسل «كسر عضم – السراديب» (البوستر الرسمي)
وجوه مسلسل «كسر عضم – السراديب» (البوستر الرسمي)
TT

«كسر عضم - السراديب»: اتكاءٌ مكشوف على نجاح سابق

وجوه مسلسل «كسر عضم – السراديب» (البوستر الرسمي)
وجوه مسلسل «كسر عضم – السراديب» (البوستر الرسمي)

الجزء الأول من مسلسل «كسر عضم» (رمضان 2022) فرض التوقّف عنده. كان ماهراً في حبس الأنفاس والزجّ في أحداثه. ولادة النجاح الكبير حرّكت شهية الأجزاء، لكنّ إكمال الحكاية ارتطم بخيبة. الجزء الثاني حتى الآن يعجز عن اللحاق بالأول. بعض الأسماء مكانُها لائق، إنما يلوح إحساس بالضحك على المُشاهد.

يغادر الطاقم بأكثريته، ويبقى الاسم (كسر عضم) تقريباً وحده. عليه يراهن صنّاعه (إنتاج «كلاكيت»)، وإن تجرَّد من مقوّمات النجاح الأساسية. تابعنا الجزء الأول لأسباب بينها اشتعال أحداثه أمام كاميرا رشيقة. فالمخرجة رشا شربتجي حملته إلى التألّق الدرامي، وأبقته مفتوحاً على الجدل وسط مشهديات مُتقنة شكّلت إضافة إلى نصّ علي الصالح. ليس استخفافاً بمكانة رشيد عساف، ولا تحجيماً لدوره، القول إنّ السياق حتى الآن عادي. حضوره يحمل قيمة، وهو من الأسماء السورية الجديرة بإحداث فارق. إنما الأسبوع الأول من المُشاهدة لم يُبيِّن الإضافة المرجوَّة.

فايز قزق ورشيد عساف في لقطة من المسلسل

المسألة أنّ «استعمال النجاح» ساطعٌ إلى حدّ مُنفِّر. واضح أنّ شيئاً لم يبقَ على حاله، وما قدّمه الجزء الأول انتهى معه من دون إفساح المجال لجزء ثانٍ متماسك. تألّق فايز قزق بشخصية «حكم الصياد»، وحتى الآن يقدّمها بما يُشبه «رفع العتب». عودته إلى الحياة بعد موتٍ بدا محتوماً، مع الشخصية الجدلية الأخرى «أبو مريم» (كرم الشعراني)، أقرب إلى افتعال الحدث منها إلى المُبرّر الدرامي. كان لا بدّ منهما ليُقال إنّ المسلسل يحتمل جزءاً ثانياً، وها هما محرّكاه يعودان من جديد. لكنّ النتيجة بعد الأسبوع الرمضاني الأول تفتقر عدَّها جيّدة. ثمة هوة بين ما قُدِّم وما يُقدَّم، وهذه ضريبة المقارنات.

أحمد الأحمد بأداء يمكن التوقف عنده (لقطة من المسلسل)

المُشاهد حين يتعلّق بعمل، قد يُسرُّ غالباً لاستكماله. يشاء للعلاقة مع قصته وأبطاله وكاميرا مخرجه وسائر التفاصيل التي ألفها، ألا تنقطع. «كسر عضم - السراديب» أحدَث هذا الانقطاع واستمرَّ رغم ذلك. شخصيات طافحة بالدفء، سكنت القلوب، منها «شمس» (نادين تحسين بيك)، و«علاء» (حسن خليل)، و«سومر» (يوشع محمود)، و«إيليا» (وئام الخوص)، وحتى كاريس بشار بشخصية «عبلة» التي لم تكن أفضل أدوارها... كلها تبخَّرت. لولا حضور ولاء عزام بشخصية «يارا»، لكنّا أمام غربة تامة وجزء ثانٍ يكاد يكون «جديد كلياً». اقتلاع الطاقم واستبداله بآخر، ينجح أكثر في أعمال لم يسبق تقديمها. للقديم أُسسه؛ «التلاعب» بها يُسهِّل انهيار التركيبة فوق الرؤوس.

عبد المنعم عمايري من شخصيات هذا الجزء (لقطة من المسلسل)

حضور جاذب لأحمد الأحمد في شخصية «المقدَّم إبراهيم». بمهارة، يختزل التجاوزات وتغليب المصلحة. لا نزال في أقبية الأمن وخفايا المخطّط الشرير. هنا المناصب تتستّر على ممارسات مشبوهة، والبعض ينال الرُتب ليسهِّل على المخطّطين التنفيذ. البشر في المسلسل أرقام، والمساكين وقود المتسلّطين.

تُمرَّر رسائل «سياسية»، ويُحكى عن «تفريغ البلد من الشباب»، و«كل ما نعيشه مسخرة». تحت سقف «الجرأة» هذا، تدور الأحداث. يحاكي المسلسل إشكاليات كمّ الأفواه والرشوة وتصفية الحسابات، بما هو امتداد لروحية الجزء الأول. لكنّ التنفيذ أمام كاميرا كنان إسكندراني يرتطم أحياناً بالارتباك. ولأنه جزء ثانٍ مولود من نجاح كبير، قلّما يرحم المُشاهد في الحكم على الفوارق والاختلافات.

وسط احتدام المنافسة، هذه النسخة من «كسر عضم» ليست مخوَّلة التصدُّر. الأسماء في البطولة تُتقن فنّ التمثيل، لكنّ السياق ليس في أحسن أحواله أمامها. عودة الشخصيات من الموت مسألة هشَّة، قلّما تُقنع. والتراجع في مكانة فايز قزق وسط ترتيب الأسماء، لا يبدو خطوة موفَّقة. لو وُضعت هذه المهارات التمثيلية: رشيد عساف، وأحمد الأحمد، وعبد المنعم عمايري، ومحمد حداقي، مع قزق، والشعراني، وأسماء شبابية لافتة، مثل ريام كفارنة، ويزن خليل، وولاء عزام، وإيهاب شعبان وفارس ياغي... في سياق مُبتَكر، وجديد، وواعد، لأثمرت وأزهرت. السياق المبتور، والمُتّكئ على نجاح سابق، والمُستثمِر بالاسم، لم يدلّ الأسبوع الرمضاني الأول على أنه يحمل ما لذَّ من الحصاد وطاب.

ولاء عزام من شخصيات الجزء الأول (لقطة من المسلسل)

الشخصيات أمام مكاسب ليست دائماً مضمونة، وخسائر بالجملة. حتى «العميد كنعان» (عساف)، ضابط الإيقاع ومُصدِر الأوامر، يواجه عودة غير قانونية لابنه المطلوب للعدالة، أحسَنَ تهريبه خارج البلاد، فإذا بدخوله على الأحداث، يغيِّر حسابات. العودة المُحرجة تضعه أمام أصل طباعه، فيتعامل مع الابن وفق مقتضيات المصلحة الشخصية، وما يُملي عليه موقعه الأمني الجدير وحده بصونه واحتوائه.

يُنتظر مزيد من وضوح التحالفات وتأثيرها في السياق. فحلفُ «أبو مصطفى» (عمايري) و«أبو مريم» (الشعراني) قد يعيد أموراً كثيرة إلى نقطة الصفر. ويُنتَظر حضورٌ يرفع أسهم المسلسل، يملك مفاتيحه بالدرجة الأولى فايز قزق. أي مرور عادي لن يُبرَّر له وإن كان اسماً يلمع. حجم المفاجأة هو المنقِذ إنْ أُحسِن تنفيذه وعوَّض المفقود.


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

ألحان وألوان من الموسيقى السعودية تتألق في «طوكيو أوبرا سيتي»

عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)
عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)
TT

ألحان وألوان من الموسيقى السعودية تتألق في «طوكيو أوبرا سيتي»

عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)
عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)

ازدهرت ألحان وألوان من الموسيقى السعودية على مسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية، وشارك 100 موسيقي ومؤدٍ من الأوركسترا والكورال الوطني السعودي، في رسم لوحة جمالية، جمعت التراث بالثقافة وعذوبة المفردة الموسيقية السعودية.

وعزفت الأوركسترا والكورال الوطني السعودي، أجمل الألحان الموسيقية في ليلة استثنائية كان الإبداع عنوانها، وقدمت التراث الغنائي السعودي وما يزخر به من تنوع على مسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية، بحضور الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى، وعدد من المسؤولين ورجال الأعمال والإعلام وحضور جماهيري كبير.

‏وبدأت الليلة السعودية في اليابان، بجمالية الاستقبال بالقهوة السعودية لجمهور حفل روائع الأوركسترا السعودية في طوكيو، قبل أن ينطلق العرض الموسيقي الذي افتتحه باول باسيفيكو الرئيس التنفيذي لهيئة الموسيقى بالسعودية، وقال في كلمته خلال الحفل، إن النجاحات الكبيرة التي حققتها المشاركات السابقة لروائع الأوركسترا السعودية في العواصم العالمية، عازياً ما تحقق خلال حفلات روائع الأوركسترا السعودية إلى دعم وزير الثقافة السعودي رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى.

100 موسيقي ومؤدٍ من الأوركسترا والكورال الوطني السعودي شاركوا في الليلة الختامية (واس)

وعدّ باسيفيكو «روائع الأوركسترا السعودية» إحدى الخطوات التي تسهم في نقل التراث الغنائي السعودي، وما يزخر به من تنوع إلى العالم عبر المشاركات الدولية المتعددة وبكوادر سعودية مؤهلة ومدربة على أعلى مستوى، مشيراً إلى سعي الهيئة للارتقاء بالموسيقى السعودية نحو آفاق جديدة، ودورها في التبادل الثقافي، مما يسهم في تعزيز التواصل الإنساني، ومد جسور التفاهم بين شعوب العالم عبر الموسيقى.

وبدأت «الأوركسترا الإمبراطورية اليابانية - بوغاكو ريو أو» بأداء لموسيقى البلاط الإمبراطوري الياباني، وهي موسيقى عريقة في الثقافة اليابانية، توارثتها الأجيال منذ 1300 عام وحتى اليوم. وأنهت الأوركسترا والكورال الوطني السعودي الفقرة الثانية من الحفل بأداء مُتناغم لـ«ميدلي الإنمي» باللحن السعودي، كما استفتحت الفقرة التالية بعزف موسيقى افتتاحية العلا من تأليف عمر خيرت.

حضور جماهيري كبير شهدته ليلة "روائع الأوركسترا السعودية" على مسرح "طوكيو أوبرا سيتي" (واس)

وبتعاون احتفى بالثقافتين ومزج موسيقى الحضارتين، اختتم الحفل بأداء مشترك للأوركسترا السعودية مع أكاديمية أوركسترا جامعة طوكيو للموسيقى والفنان الياباني هوتاي، وبقيادة المايسترو هاني فرحات، عبر عدد من الأعمال الموسيقية بتوزيع محمد عشي ورامي باصحيح.

واختتمت هيئة الموسيقى «روائع الأوركسترا السعودية» الجمعة، بحضور الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى، في جولتها الخامسة بعد النجاحات التي حققتها في 4 محطات سابقة، حيث تألقت في كل جولة بدايةً من باريس بقاعة دو شاتليه، وعلى المسرح الوطني بمكسيكو سيتي، وعلى مسرح دار الأوبرا متروبوليتان في مركز لينكون بمدينة نيويورك، وفي لندن بمسرح «سنترال هول وستمنستر».

اروقة مسرح "طوكيو أوبرا سيتي" اكتضت بالحضور منذ وقت مبكر (هيئة الموسيقى)

وتعتزم هيئة الموسيقى في السعودية استمرار تقديم عروض حفلات «روائع الأوركسترا السعودية» في عدة محطات، بهدف تعريف المجتمع العالمي بروائع الموسيقى السعودية، وتعزيزاً للتبادل الثقافي الدولي والتعاون المشترك لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي تتقاطع مع مستهدفات هيئة الموسيقى.