«يوم التصميم الإيطالي»... وجهات نظر مختلفة في عالم الإبداع

وسط بيروت وقصر سرسق يحتضنان نسخته لعام 2024

التصاميم البسيطة برؤية مستقبلية (السفارة الإيطالية)
التصاميم البسيطة برؤية مستقبلية (السفارة الإيطالية)
TT

«يوم التصميم الإيطالي»... وجهات نظر مختلفة في عالم الإبداع

التصاميم البسيطة برؤية مستقبلية (السفارة الإيطالية)
التصاميم البسيطة برؤية مستقبلية (السفارة الإيطالية)

كان اللبنانيون على موعد مع الإبداع في النسخة الجديدة من «يوم التصميم الإيطالي» لعام 2024، الذي اختارت السفارة الإيطالية، المنظِّمة للحدث، إقامته بين قلب بيروت وقصر سرسق، بالتعاون مع «المعهد الثقافي الإيطالي» (IIC)، و«وكالة التجارة الإيطالية» (ITA)، فاتخذت النسخة شعار «قيمة التصنيع: الشمولية والابتكار والاستدامة».

المعرض الأول الذي نظّمته الوكالة، حطَّ في غاليري «Le Cercle Hitti» بوسط العاصمة اللبنانية، وشهد حواراً بين ممثلين عن قطاع الصناعة، وقادة الرأي الرئيسيين ووسائل الإعلام، تمحور حول المهندسَيْن المعماريَيْن والمصممَيْن الإيطاليَيْن فرانشيسكا باروتي وماوريتسيو كورادو، ورافقهما في المحادثة مدير الوكالة في بيروت كلاوديو باسكوالوتشي، وعميد «الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة» (ألبا) المهندس المعماري فضل الله داغر.

واختتم النشاط بجولة في الغاليري لاستكشاف التصميم الإيطالي من ثلاثينات القرن العشرين وحتى اليوم.

قصر سرسق استضاف «يوم التصميم الإيطالي» (السفارة الإيطالية)

في حديث لـ«الشرق الأوسط»، يؤكد باسكوالوتشي تميُّز نسخة عام 2024: «هذا التفاعل المعروف بين الإبداعين الإيطالي واللبناني استحق إقامة معرضين منفصلين. نتمسّك دائماً بإقامة هذا الحدث في لبنان، رغم الصعوبات، إذ نعدّه من البلدان العربية المتذوّقة للفنّ الإيطالي. بدورنا كإيطاليين، نحبّ الإضاءة على إبداع لبنان وثقافته، فنُبرز وجهه الحضاري المتألّق من جهة، وما تقدّمه له إيطاليا من نشاطات حيوية من جهة ثانية».

وإذ يرى أنّ نسخة «يوم التصميم الإيطالي» لهذا العام تحمل مزيجاً من الإبداع النظري والتفاعلي، يقول: «شدّدنا في المعرض على إدخال الصناعات التحويلية في تصاميمنا الإبداعية. استفدنا من هذا الخليط لتطوير استخدام الصناعات، بينها الخاصة بالأثاث لإضفاء أجواء جميلة على يومياتنا».

مشهد من المعرض (السفارة الإيطالية)

ولاحقاً، أُطلِق المعرض الثاني في قصر سرسق العريق ببيروت، بعنوان «أدوات ما بعد التصميم» المستمر حتى 7 أبريل (نيسان) المقبل، من تنظيم «المعهد الثقافي الإيطالي»، بالتعاون مع «جمعية قصر سرسق»، و«الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة» (ألبا).

يضيء المعرض على ابتكار ثقافة التصميم في إيطاليا، وينقسم إلى 4 أجزاء: «كائنات ذات روح» (لايف)، و«أصداء تأثير حقبة ما قبل التاريخ» (باليو)، و«التخيّل يغيّر الواقع» (تولز)، و«خرائط» (مابس). كذلك يتضمّن نحو 44 قطعة منسّقة بدقة تعود لجيل جديد من المصمّمين، وتُعدّ شهادة على المقترحات الحكيمة لمبدعيها والمواد الرائدة والأساليب الاستراتيجية لتشكيل مستقبل مستدام.

جرى العمل عليه بالتعاون مع مؤسّسات التصميم الرائدة، والجامعات، والمصمّمين، والشركات الخاصة، ومؤسّسات أخرى في أنحاء إيطاليا؛ ويتطرّق إلى الاستفسارات الملَّحة، منها ما يتعلّق بدور التصميم في خضمّ التحدّيات البيئية المعاصرة.

السفيرة الإيطالية تُلقي كلمتها (صور السفارة)

وبحضور سفيرة إيطاليا لدى لبنان نيكوليتا بومباردييري، جال الزوار على أقسامه يستكشفون تصاميمه الخارجة على المألوف. وفي كلمة ألقتها بالمناسبة، أكدت أنّ الحدث يرتكز على تبادل الحلول ونقل الأفكار، مضيفةً: «من هذا المعرض، يمكنكم إيجاد أفكار من أجل حياة يومية صديقة للبيئة، كما يخوّلكم مشاهدة الإبداع الإيطالي من خلال الحلول العلمية المتطوّرة».

وبالفعل، فإنّ التصاميم المعروضة تتحدّى فلسفة الاستهلاك الشامل والإنتاج الصناعي، داعيةً للعودة إلى جوهر الإبداع البشري والفضول والوعي البيئي.

وتوقّف كثيرون أمام تصاميم تمزج التراث البيولوجي الإيطالي بأخرى ذات أفكار متقدّمة للالتزام بطريقة العيش المستدام. كما تضمّن المعرض منتجات من نماذج أولية ومشاريع وسيناريوهات ومقترحات متطوّرة تعالج تحدّيات الاستدامة، إلى مشاريع مختارة لطلاب من مدارس التصميم والهندسة المعمارية، تمثّل مقترحات الجيل الجديد.

لقطة من المعرض (السفارة الإيطالية)

وعن «الترند» الرائج حالياً في مسألة الأثاث المنزلي والتصاميم الإبداعية الخاصة بأماكن العمل، يختم باسكوالوتشي: «لكل عام نزعة تُميّزه عن سواه، لكنها تصبّ دائماً في إضفاء أجواء السكينة، والألوان الهادئة والمطعَّمة أحياناً بالخشب تأتي في الطليعة».

وأضاف أنّ «تقنية الإضاءة المدروسة تسهم في إبراز نوعية هذه المساحات عند استخدامها. فأهل هذا الكوكب يعيشون اليوم حالات قلق متفاوتة، لذلك باتت التصاميم البسيطة ذات الرؤية المستقبلية في الوقت عينه، تلائم حياته أكثر من سواها، وتحمل الإيجابية رسالةً مباشرةً للإنسان، ينبغي أن يتمتّع بها للاحتفال بحياة يسودها الهدوء».


مقالات ذات صلة

السعودية تحشد مجتمع الملكية الفكرية لـ«الويبو» للمرة الأولى خارج جنيف

الاقتصاد الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للملكية الفكرية د. عبد العزيز السويلم يتحدث إلى الحضور (الشرق الأوسط)

السعودية تحشد مجتمع الملكية الفكرية لـ«الويبو» للمرة الأولى خارج جنيف

تجمع السعودية حالياً مجتمع الملكية الفكرية العالمي لتشكيل رؤية واضحة لمستقبل التصاميم، خلال المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم.

بندر مسلم (الرياض)
تكنولوجيا «كانفا» تعزز مكانتها في عالم التصميم بالاستحواذ على «أفينيتي» مفتتحةً فصلاً جديداً من الإبداع والابتكار (كانفا)

«كانفا» تُعزز مكانتها في عالم التصميم بالاستحواذ على «أفينيتي» لمنافسة «أدوبي»

قامت «كانفا Canva»، الشركة الرائدة في توفير أدوات التصميم الغرافيكي عبر الإنترنت، بالإعلان عن ضمها «أفينيتي Affinity»، وهي منصة برمجيات إبداعية معروفة.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
عالم الاعمال فنادق «روكو فورتيه» تعلن عن افتتاح جناح السير بول سميث في فندق «براونز» بمايفير

فنادق «روكو فورتيه» تعلن عن افتتاح جناح السير بول سميث في فندق «براونز» بمايفير

كشف فندق «براونز» عن إطلاق جناح السير بول سميث، الذي صممه بول سميث شخصياً بالتعاون مع أولغا بوليتزي، مديرة التصميم في فنادق «روكو فورتيه».

يوميات الشرق أحد الأعمال التركيبية المعروضة القائمة على لعبة الضوء (أسبوع دبي للتصميم)

«أسبوع دبي للتصميم»... معروضاته تتناغم مع عناصر الطبيعة وحركتها

بمشاركة أكثر من 500 مصمّم ومهندس معماري، يفتتح أسبوع دبي للتصميم، اليوم، حيث يعرض أعمالاً تركيبية مفاهيمية، ومشاريع تصميمية نفذت خصيصاً للمناسبة.

سوسن الأبطح (بيروت)
لمسات الموضة عرائس عبد محفوظ 2024 مطرّزات بالبساطة والزهور (صور المصمّم)

عبد محفوظ... موسم العودة إلى بيروت

يعود مصمم الأزياء اللبناني عبد محفوظ إلى بيروت بعد غياب 3 سنوات، ويطلق منها مجموعة «زهور العروس»... يتحدث لـ«الشرق الأوسط» عن شوقه لوطنه وعودة عنوانها «النهضة».

كريستين حبيب (بيروت)

ضجيج المدن يحجب فوائد الطبيعة في تهدئة الأعصاب

ضوضاء المرور تؤثر سلباً على الصحة النفسية والجسدية (وكالة الأمن الصحي بالمملكة المتحدة)
ضوضاء المرور تؤثر سلباً على الصحة النفسية والجسدية (وكالة الأمن الصحي بالمملكة المتحدة)
TT

ضجيج المدن يحجب فوائد الطبيعة في تهدئة الأعصاب

ضوضاء المرور تؤثر سلباً على الصحة النفسية والجسدية (وكالة الأمن الصحي بالمملكة المتحدة)
ضوضاء المرور تؤثر سلباً على الصحة النفسية والجسدية (وكالة الأمن الصحي بالمملكة المتحدة)

أثبتت دراسة بريطانية حديثة أن الضوضاء البشرية الناتجة عن حركة المرور يمكن أن تخفي التأثير الإيجابي لأصوات الطبيعة في تخفيف التوتر والقلق.

وأوضح الباحثون من جامعة غرب إنجلترا أن النتائج تؤكد أهمية أصوات الطبيعة، مثل زقزقة الطيور وأصوات البيئة الطبيعية، في تحسين الصحة النفسية؛ ما يوفر وسيلة فعّالة لتخفيف الضغط النفسي في البيئات الحضرية، وفق النتائج المنشورة، الخميس، في دورية «بلوس وان».

وتسهم أصوات الطبيعة في خفض ضغط الدم ومعدلات ضربات القلب والتنفس، فضلاً عن تقليل التوتر والقلق الذي يتم الإبلاغ عنه ذاتياً، وفق نتائج أبحاث سابقة.

وعلى النقيض، تؤثر الأصوات البشرية، مثل ضوضاء المرور والطائرات، سلباً على الصحة النفسية والجسدية، حيث ترتبط بزيادة مستويات التوتر والقلق، وقد تؤدي إلى تراجع جودة النوم والشعور العام بالراحة.

وخلال الدراسة الجديدة، طلب الباحثون من 68 شخصاً الاستماع إلى مشاهد صوتية لمدة 3 دقائق لكل منها. تضمنت مشهداً طبيعياً مسجلاً عند شروق الشمس في منطقة ويست ساسكس بالمملكة المتحدة، احتوى على أصوات طبيعية تماماً مثل زقزقة الطيور وأصوات البيئة المحيطة، دون تدخل أي أصوات بشرية أو صناعية، فيما تضمن المشهد الآخر أصواتاً طبيعية مصحوبة بضوضاء مرور.

وتم تقييم الحالة المزاجية ومستويات التوتر والقلق لدى المشاركين قبل الاستماع وبعده باستخدام مقاييس ذاتية.

وأظهرت النتائج أن الاستماع إلى الأصوات الطبيعية فقط أدى إلى انخفاض ملحوظ في مستويات التوتر والقلق، بالإضافة إلى تحسين المزاج.

بالمقابل، أدى إدخال ضوضاء المرور إلى تقليل الفوائد الإيجابية المرتبطة بالمشاهد الطبيعية، حيث ارتبط ذلك بارتفاع مستويات التوتر والقلق.

وبناءً على النتائج، أكد الباحثون أن تقليل حدود السرعة المرورية في المناطق الحضرية يمكن أن يعزز الصحة النفسية للإنسان من خلال تقليل الضوضاء؛ ما يسمح بتجربة أصوات الطبيعة بشكل أفضل.

كما أشارت الدراسة إلى أهمية تصميم المدن بشكل يقلل من الضوضاء البشرية، ما يوفر للسكان فرصاً أكبر للتفاعل مع الطبيعة.

ونوه الفريق بأن هذه النتائج تفتح المجال لإعادة التفكير في كيفية تخطيط المدن بما يعزز التوازن بين التطور الحضري والحفاظ على البيئة الطبيعية، لتحقيق فوائد صحية ونفسية ملموسة للسكان.