للدموع وظيفة الحفاظ على سلامة العيون، يذرفها البشر والثدييات والزواحف والطيور من غدد دمعية داخل العين، تختلف مكوّناتها الحيوية والكيميائية، وتركيزاتها، باختلاف كل فصيلة، بموجب قوانين النشوء والارتقاء، وفق تطوّر هذه المخلوقات وبيئات عيشها المتنوّعة.
وذكرت «وكالة الأنباء الألمانية» أنّ الدموع تنقسم عادةً إلى 3 أنواع؛ هي الدموع الأساسية أو القاعدية التي تفرزها العيون تقليدياً لحماية القرنية بغلاف واقٍ، والدموع الانعكاسية التي تُفرَز لدى التعرُّض لمؤثرات خارجية مثل الأتربة والغبار، أو بعض الظروف المناخية القاسية، مثل الهواء البارد والثلوج، أو لدى التعرُّض لمواد كيميائية معيّنة، فتساعد على تطهير العين وتنظيفها، وعلاج الضرر الذي تتعرّض له. وأخيراً، ثمة الدموع الانفعالية التي يٌفرزها الإنسان في حالات شعورية معيّنة، مثل الحزن أو الخوف أو الألم.
ويتّفق العلماء، حتى الآن، على أنّ ذرف الدموع الانفعالية يقتصر على الإنسان تحديداً، رغم مؤشّرات على حالات ذرف دموع لدى الحيوانات في حالات انفعالية بعينها.
وأشارت الباحثة هيلدا فيرفاكي، المتخصِّصة في علم الأحياء السلوكي بجامعة «أدويسي للعلوم التطبيقية» في بلجيكا، إلى تقارير عن وجود حيوانات تبكي حزناً بالدموع، مثل أفيال وغوريلات وذئاب، وذلك في حالات معيّنة، منها الإرهاق البالغ أو التخلُّف عن القطيع؛ وإنْ كانت دراسة استقصائية نُشرت عام 1985 شملت أشخاصاً يعملون بشكل مهني مع الحيوانات، مثل أطباء بيطريين، أشارت إلى عدم وجود ملاحظات لحيوانات تبكي بالدموع لأسباب انفعالية.
وخلال دراسة نُشرت عام 2022، رصد باحثون أنّ عيون الكلاب والجراء الصغيرة تُغرَورق أحياناً بالدموع في حالات انفعالية معيّنة، ووجدوا أنّ الكلاب تذرف الدموع أيضاً عندما تكون في حالة نفسية إيجابية، مثل الالتقاء مع أصحابها بعد غياب طويل. ويقول العلماء إنّ هرمون «الأوكسيتوسين» المُعزِّز للروابط بين الكلب وصاحبه، هو الذي يحرّك مثل هذه النوعية من ردود الفعل.
ووثّقوا حالات لخنازير تبكي بالدموع عندما توضع في ظروف معيشية سيئة، حيث رُصدت إفرازات من عيونها، فضلاً عن الاحمرار. وتبيّن أنّ هذه الإفرازات ليست دموعاً بقدر ما هي سوائل تفرزها غدد «هاردر»، وهي غدد دمعية إضافية توجد أسفل العين لدى كثير من الفصائل.
وتقول فيرفاكي إنّ إفراز الدموع لدى بعض الحيوانات يقترن بانخفاض نبضات القلب، وهو من المؤشّرات الدالة على التوتّر، أو في حالات الألم البالغ، مثل بتر الذيول، أو الخوف عند اقتراب الإنسان. وشوهدت هذه الظاهرة أيضاً لدى الفئران، وهي تُعرَف في بعض الأحيان باسم «الدموع المخضَّبة بالدماء» لاتّخاذها شكل إفرازات داكنة مُشربة بالحُمرة في أركان العيون، وتحدُث استجابةً لضغوط بيئية، أو بسبب تقدُّم العمر، أو تراجع الحالة المعيشية.
وعن رد فعل البشر حيال بكاء الحيوانات الأليفة مثل الكلاب، أثبتت تجارب أنّ الإنسان يتفاعل بإيجابية عند رؤية صور كلاب أليفة وعيونها مغرورقة بالدموع، مقارنةً بالكلاب ذات العيون الجافة.
وخلال تجربة علمية، طُلب من متطوّعين التطلُّع إلى صور لـ5 فصائل من الحيوانات؛ هي قطط، وكلاب، وخيول، وقرود شامبنزي، وفئران هامستر، فعدُّوا الدموع في عيونها دليلاً على «الحزن»، كما البشر، وأنّ مشهد الحيوانات الباكية بالدموع يجعلها تبدو «أقل عدوانية»، و«أطيب»، في أنظارهم.