مسنون وعزاب ولكن سعداء... كيف يتمع البعض بالرضا والثقة رغم غياب الشريك؟

الأبحاث تشير إلى أن الثقة بالنفس تبلغ ذروتها بين سن 60 و70 عاماً (رويترز)
الأبحاث تشير إلى أن الثقة بالنفس تبلغ ذروتها بين سن 60 و70 عاماً (رويترز)
TT

مسنون وعزاب ولكن سعداء... كيف يتمع البعض بالرضا والثقة رغم غياب الشريك؟

الأبحاث تشير إلى أن الثقة بالنفس تبلغ ذروتها بين سن 60 و70 عاماً (رويترز)
الأبحاث تشير إلى أن الثقة بالنفس تبلغ ذروتها بين سن 60 و70 عاماً (رويترز)

تزوجت جوي لورتون، البالغة من العمر 80 عاماً، وانفصلت عن شركائها 4 مرات.

وقالت السيدة التي تعيش في أولمبيا بولاية واشنطن، ولديها ثلاث بنات وسبعة أحفاد: «لقد نشأت في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، عندما كان من المفترض أن يتزوج الجميع وينجبوا أطفالاً، لذلك أقدمت على هذه الخطوة»، وفقاً لتقرير لصحيفة «نيويورك تايمز».

لكن كل زيجة من زيجاتها شابتها نكهة مختلفة من الأزمات، ومنذ طلاقها الأخير في عام 2001، ظلت عازبة بإخلاص وبهجة. قالت لورتون: «الأمر كله يعود إلى الكلمة نفسها: الحرية».

والآن تختار من تريد قضاء الوقت معه، وهذا قد يعني عدم وجود أحد على الإطلاق، وتشرح لورتون: «أنا حقاً أحب قضاء الوقت مع نفسي».

نحو 30 في المائة من البالغين في الولايات المتحدة فوق سن الخمسين هم عازبون، وفقاً لمسح أجراه مركز «بيو» عام 2022. وعلى الرغم من وصمة العار التي تميل إلى أن تحيط بكل من العزوبية والعمر المتقدم، فإن الكثيرين يستمتعون بالعيش بمفردهم. كان العزاب الأكبر سناً أقل احتمالاً من نظرائهم الأصغر سناً أن يقولوا إنهم يريدون المواعدة أو العثور على علاقة رومانسية، وتشير الأبحاث إلى أن رضا الناس عن كونهم عازبين يميل إلى الزيادة في منتصف العمر.

أوضحت بيلا دي باولو، عالمة الاجتماع التي تدرس حياة العزوبية (وهي عازبة تبلغ من العمر 70 عاماً): «الأشخاص الذين هم في الستينات من العمر وما فوق والذين هم عازبون ومزدهرون... يعدون قصة لا توصف.. قصة تشعرك بالسعادة وتحطم كل الصور النمطية لدينا».

التعرّف على نفسك

قالت الدكتورة دي باولو إن أحد الاختلافات الرئيسية بين أن تكون عازباً في الستينات أو ما بعدها وأن تكون عازباً عندما تكون أصغر سناً هو الوعي الذاتي والثقة بالنفس التي تأتي مع تقدم العمر. تشير الأبحاث إلى أن الثقة بالنفس تبلغ ذروتها بين سن 60 و70 عاماً.

توضح جيني تايتز، عالمة النفس الإكلينيكي ومؤلفة كتاب «كيف تكون أعزب وسعيداً»: «عندما تكبر، يكون هناك شعور حقيقي بأنني بحاجة إلى أن أعيش أفضل حياتي الآن». وأضافت أن الأشخاص الذين ظلوا عازبين لفترة طويلة يتمتعون بميزة الخبرة والإدراك المتأخر لتظهر لهم أنه من الممكن تجربة الفرح والسلام حتى من دون شريك.

من المؤكد أن الخبرة كانت بمثابة معلم لكامران أفاري، البالغ من العمر 66 عاماً، الذي نشأ في إيران وانتقل إلى الولايات المتحدة عندما كان في السادسة عشرة من عمره. وقد أمضى معظم حياته المبكرة في مقاومة ما كان يعده جموداً في كل مكان حوله - أولاً، المجتمع الذي نشأ فيه، ثم توقعات العلاقة «القمعية». لقد شعر بالغضب من فكرة أنه إذا لم تتمكن أنت وشريكك من تلبية احتياجات بعضكما بنسبة 100 في المائة: «فأنتما فاشلان».

مع ذلك، انخرط أفاري في علاقات متعددة لسنوات. ولكن عندما تعرف على نفسه بشكل أفضل، تغير إحساسه بما يريده... كما بدأ أفاري، وهو أستاذ في علوم التواصل يعيش في لوس أنجليس، في قراءة المزيد من النقد الثقافي والأبحاث حول العزوبية، مثل أبحاث الدكتورة دي باولو.

وتحدثت الدكتورة دي باولو عن الموضوع الذي يظهر كثيراً في عملها: «يشعر الناس بحرية أكبر في اعتناق حياة العزوبية عندما يكون هناك ضغط خارجي أقل للاستقرار - خاصة عندما تكون الأبوة أو الأمومة غير مطروحة على الطاولة».

وقالت: «كل هؤلاء الأشخاص الذين ربما أزعجوك بشأن عدم زواجك أو الذين يتصرفون وكأن هناك شيئاً خاطئاً فيك لكونك عازباً، غالباً ما يقفلون الموضوع بحلول الوقت الذي تصل فيه إلى سنواتك التي تعد كبيرة نوعاً ما».

دراسة صغيرة أجريت عام 2021 وجدت أن أولئك الذين كانوا عازبين يميلون إلى الاستثمار بشكل أكبر في صداقاتهم (رويترز)

العثور على أشكال أخرى من التواصل

على الرغم من اعتناقه العزوبية بكل إخلاص، فإن أفاري ليس ساذجاً بشأن التحديات العملية التي قد يواجهها في المستقبل من دون شريك. يُعد الرجل مقدم الرعاية الأساسي لوالدته، وهي في التسعينات من عمرها، ويعرف أنه قد لا يكون هناك من يعتني به مع تقدمه في السن. (وقد أشار إلى مدى شعوره بأنه محظوظ لأنه حصل على معاش تقاعدي يجعل من انخراطه في منشأة رعاية لكبار السن أمراً ممكناً من الناحية المالية).

لكنه لا يخشى الوحدة أو العزلة التي تؤثر على الكثير من الأميركيين الأكبر سناً، حيث تعلم كيف يطور علاقات «محبة للغاية» مع الكثير من الأصدقاء والزملاء.

تعتقد الدكتورة دي باولو أن هذه العلاقات هي قصة أخرى لا تُروى عن العزوبية في وقت لاحق من الحياة: «إنهم يستثمرون المزيد في صداقاتهم، ويستفيدون أكثر منها». على الرغم من أن العزوبية بشكل عام لا تحظى بالدراسة الكافية، فإن هناك بعض الأبحاث التي تدعم الفكرة. وجدت دراسة صغيرة أجريت عام 2021 وركزت على طلاب الجامعات أن أولئك الذين كانوا عازبين يميلون إلى الاستثمار بشكل أكبر في صداقاتهم.

جيتي ماكولو، 68 عاماً، كانت متزوجة لمدة 28 عاماً ولكنها تعيش الآن «حياة عزباء مبهجة بشكل لا يصدق». انخرطت ماكولو في المواعدة عبر الإنترنت، لكنها حذفت مؤخراً حساباتها بعد أن سألت نفسها: «لماذا أنا في موقع المواعدة الغبي هذا؟» (تجربتها ليست فريدة من نوعها، فالنساء فوق سن 50 عاماً هن الفئة السكانية الأكثر احتمالاً لوصف تجارب المواعدة عبر الإنترنت بأنها سلبية إلى حد ما أو سلبية للغاية، وفقاً لاستطلاع أجراه مركز بيو).

قالت ماكولو، التي تعيش في لودلو بولاية ماساتشوستس، إنها بدلاً من الشعور بالوحدة، أدركت أن «هناك الكثير من التواصل المتاح في العالم الأكبر». وعندما تهب العواصف الشتوية، يرسل جيرانها رسائل نصية لمعرفة ما إذا كانت بحاجة إلى أي شيء. كما أنها متطوعة في مدرسة محلية، ومنخرطة في نادٍ للجري ولديها قناة على «يوتيوب» خاصة بها.

لكنها تستمتع أيضاً باللحظات الهادئة، فبعد عقود من الزواج وتربية أربعة أبناء، تفيد: «أحب الوقت الذي أقضيه وحدي... أقضيه بامتنان».



تسرب مياه في متحف اللوفر يتلف كتباً بقسم الآثار المصرية

سائحون يلتقطون صوراً بساحة متحف اللوفر في باريس 6 يوليو 2024 (رويترز)
سائحون يلتقطون صوراً بساحة متحف اللوفر في باريس 6 يوليو 2024 (رويترز)
TT

تسرب مياه في متحف اللوفر يتلف كتباً بقسم الآثار المصرية

سائحون يلتقطون صوراً بساحة متحف اللوفر في باريس 6 يوليو 2024 (رويترز)
سائحون يلتقطون صوراً بساحة متحف اللوفر في باريس 6 يوليو 2024 (رويترز)

أدّى تسرب مياه الشهر الماضي إلى إتلاف مئات الكتب في قسم الآثار المصرية بمتحف اللوفر، ما يسلط الضوء على الحالة المتدهورة للمتحف الأكثر زيارة في العالم، بعد أسابيع فقط من عملية سطو جريئة لسرقة مجوهرات كشفت عن ثغرات أمنية.

وذكر موقع «لا تريبين دو لار» المتخصص في الفن التاريخي والتراث الغربي أن نحو 400 من الكتب النادرة لحقت بها أضرار ملقياً باللوم على سوء حالة الأنابيب. وأضاف أن الإدارة سعت منذ فترة طويلة للحصول على تمويل لحماية المجموعة من مثل هذه المخاطر، لكن دون جدوى.

وقال نائب مدير متحف اللوفر، فرانسيس شتاينبوك، لقناة «بي إف إم» التلفزيونية، اليوم (الأحد)، إن تسرب أنابيب المياه يتعلق بإحدى الغرف الثلاث في مكتبة قسم الآثار المصرية.

وأضاف، وفقاً لوكالة «رويترز»: «حددنا ما بين 300 و400 عمل، والحصر مستمر»، وتابع أن الكتب المفقودة هي «تلك التي اطلع عليها علماء المصريات، لكن ليست الكتب القيمة».

وأقرّ بأن المشكلة معروفة منذ سنوات، وقال إن الإصلاحات كان من المزمع إجراؤها في سبتمبر (أيلول) 2026.

وسرق 4 لصوص في وضح النهار مجوهرات بقيمة 102 مليون دولار في 19 أكتوبر (تشرين الأول)، ما كشف عن ثغرات أمنية واسعة في المتحف.

وأدّت الثغرات الهيكلية في نوفمبر (تشرين الثاني) إلى إغلاق جزئي لقاعة عرض، تضم مزهريات يونانية ومكاتب.


مي عمر: الاستمرارية سر النجاح… والتمثيل مساحة تحرري

مي عمر تحدثت عن أعمالها الفنية (مهرجان البحر الأحمر)
مي عمر تحدثت عن أعمالها الفنية (مهرجان البحر الأحمر)
TT

مي عمر: الاستمرارية سر النجاح… والتمثيل مساحة تحرري

مي عمر تحدثت عن أعمالها الفنية (مهرجان البحر الأحمر)
مي عمر تحدثت عن أعمالها الفنية (مهرجان البحر الأحمر)

قالت الممثلة المصرية مي عمر إن «السوشيال ميديا» ليست مقياساً حقيقياً بالنسبة لها، وإن الآراء المتداولة عليها لا تشكّل معياراً يمكن الاعتماد عليه، لأنها تصدر غالباً عن أشخاص يختبئون خلف الشاشات. وأضافت أن التفاعل الرقمي بات مساحة تختلط فيها الأصوات الحقيقية بالمصطنعة، ولا يمكن عبره التمييز بين الرأي الصادق وما تصنعه التحيّزات أو اللجان المنظمة، لذلك تعتمد على شعور الجمهور الذي تلتقيه مباشرة، وتعتبره البوصلة التي تحدد أثر أعمالها.

وخلال مشاركتها في جلسة حوارية نُظّمت الأحد ضمن فعاليات النسخة الخامسة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي»، تحدثت مي عمر عن علاقتها بالنقد، مؤكدة أنها تمنح اهتمامها لآراء النقاد ذوي الخبرة ممن تثق في رؤيتهم، بينما تتجاوز التقييمات الأخرى التي لا تجد فيها احترافاً أو موضوعية.

ولفتت إلى أن بعض النقاد قد يرفضون الثنائية التي تجمعها بالمخرج محمد سامي، أو ينطلقون من موقف شخصي تجاهها، ولذلك تعتمد في الحكم الأخير على الجمهور الذي يتفاعل بصدق مع أعمالها، سواء في الشارع أو عبر حساباتها الرسمية.

وأكدت أنها كانت في مراحل سابقة تتأثر بالنقد بدرجة كبيرة، لكنها أصبحت اليوم أكثر هدوءاً وقدرة على فرز ما يصل إليها، مشيرة إلى أنها لا تتردد في العمل مع مخرجين آخرين إلى جانب محمد سامي الذي يمثّل لها مساحة من الراحة خلال التصوير.

وتحدثت مي عمر عن الحالة التي مرّ بها سامي بعد تقديمه عملين في موسم رمضان، مشيرة إلى أنه شعر بإرهاق كبير جعله يعلن رغبته في الحصول على استراحة وربما الابتعاد لفترة، لكنها ترى أنه بطبيعته لا يستطيع التوقف عن العمل، لكونه من النوع الذي لا يجد نفسه خارج دائرة الإبداع.

وتطرقت إلى إمكانية تقديم جزء ثانٍ من مسلسل «إش إش»، معبرة عن رغبتها في خوض التجربة مرة أخرى، لأنها تحب البطولات الجماعية وما تمنحه من روح تعاون بين الفنانين.

كما أكدت أنها لا تفكر في الاتجاه إلى أي مجال آخر خارج نطاق التمثيل مثل الكتابة أو الإخراج، لقناعتها بأن الممثل يحتاج دائماً إلى مؤلف ومخرج قويين يقفان خلفه. وشددت على أن دورها الأساسي سيظل أمام الكاميرا، وأن خيار التركيز على التمثيل فقط نابع من إيمانها بأن لكل مجال مهاراته الخاصة، وأنها تجد نفسها في أداء الشخصيات وليس في صناعتها من خلف الكواليس.

مي عمر خلال الجلسة الحوارية (مهرجان البحر الأحمر)

واستعادت مي عمر ذكريات اكتشاف شغفها بالتمثيل منذ طفولتها، ورغبتها في دراسة هذا المجال في الجامعة، قائلة: «لكن ظروفاً دفعتني لدراسة الإعلام، وهو مسار استفدت منه لاحقاً خلال عملي في الإنتاج». ولفتت إلى أنها شخصية خجولة، لكنها تجد في التمثيل مساحة للتحرر من هذا الخجل وتجسيد شخصيات تختلف تماماً عن طباعها.

وعدّت الاستمرارية بمثابة التحدي الأكبر في مسيرة أي فنان، مشيرة إلى تجربة «الزعيم» لعادل إمام بوصفها نموذجاً للاستمرار الطويل في النجاح، وهو ما يجعلها تحرص على تقديم أعمال جيدة، والتركيز في اختياراتها، ولا تخشى رفض ما لا يناسبها.

وفي سياق حديثها عن مشروعاتها المقبلة، أكدت مي عمر مشاركتها في الموسم الرمضاني المقبل من خلال مسلسل «الست موناليزا»، وهو عمل وصفته بأنه «مليء بالمشاعر»، ويتكون من 15 حلقة وسيُعرض على شاشة «إم بي سي».

وعبّرت عن حبها لمدينة جدة وشعورها بالقرب بينها وبين مصر، مؤكدة أنها تشعر وكأنها في بيتها كلما زارتها، لافتة إلى أن «مهرجان البحر الأحمر» يحتل مكانة خاصة لديها، وتحرص على حضوره سنوياً.


«الست»... جدل «سوشيالي» وإشادات نقدية بعد عرضه بمصر

منى زكي جسَّدت دور أم كلثوم (الشركة المنتجة)
منى زكي جسَّدت دور أم كلثوم (الشركة المنتجة)
TT

«الست»... جدل «سوشيالي» وإشادات نقدية بعد عرضه بمصر

منى زكي جسَّدت دور أم كلثوم (الشركة المنتجة)
منى زكي جسَّدت دور أم كلثوم (الشركة المنتجة)

حاز فيلم «الست»، عقب عرضه في مصر السبت بحضور عدد من صنّاعه، إشادات نقدية واسعة أكدت نجاحه وتميّزه في معظم عناصره وأداء أبطاله، وذلك رغم الجدل «السوشيالي» الذي رافقه منذ طرح «البرومو التشويقي» قبل أيام، بسبب تناوله السيرة الذاتية لشخصية «أم كلثوم».

وفي احتفاء فني جديد بكوكب الشرق، قدّم صُنّاع «الست» خلال ما يقرب من 3 ساعات لمحات حقيقية من سيرة «الآنسة أم كلثوم»، كما كان يناديها من حولها؛ تلك المرأة الريفية ذات الشخصية القوية التي أصبحت رمزاً مصرياً يتردّد اسمها في محافل دولية. ويستعيد الفيلم رحلتها الطويلة في العمق الفني، وتأثير حضورها الصوتي الآسر، وكيف لعب فنّها دوراً حقيقياً في مواجهة الأزمات.

منى زكي وزوجها أحمد حلمي من العرض الخاص للفيلم (فيسبوك)

لم يكن فيلم «الست» العمل الأول الذي يتناول سيرة أم كلثوم، بيد أنه انفرد في إبراز كثيرٍ من اللمحات المهمة في مشوارها. إذ انطلق من كواليس حفلها الشهير على مسرح «الأولمبيا» الباريسي في أواخر ستينات القرن الماضي، ذلك الحفل الذي غنّت فيه أمام جمهور دولي لجمع التبرعات للمجهود الحربي في مصر، وكيف سقطت أرضاً حين حاول أحد المعجبين تقبيل قدمها.

واستعاد الفيلم بدايتها في الإنشاد الديني، ودور والدها «الشيخ البلتاجي» وشقيقها «الشيخ خالد» في حياتها وتكوين شخصيتها، وكيف كانت تتخيل وجود والدها بين الجمهور رغم قوتها ونجوميتها وهتافات الناس المتواصلة باسمها.

واعتمد العمل على مشاهد «الفلاش باك» للعودة بالمشاهدين إلى حياة أم كلثوم في قريتها بمركز «السنبلاوين» في دلتا مصر، وبداياتها الفنية، وما تعرّضت له من انتقادات من أهل القرية، ومن ثَمَّ انتقالها إلى العاصمة، والغناء على خشبة مسرح كازينو «البسفور» وما واجهته من سخرية، قبل أن تتوطد علاقتها بأعضاء فرقتها لاحقاً، وتُعرف بدقتها الصارمة والتزامها بالنظام.

لقطة من فيلم «الست» (الشركة المنتجة)

تُمثّل علاقة «ثومة» بالشاعر أحمد رامي، وكيف أبدعت في غناء قصائده وانتشر اسمها وصورها في الصحف وذاع صيتها، محطة محورية في الفيلم. فقد منح هذا الجانب العملَ طابعاً إنسانياً خاصاً، خصوصاً مع إبراز دور رامي المؤثر في حياتها. وتلاحمت عناصر الفيلم بوضوح، بدءاً من الإخراج وحماس الموسيقى التصويرية، مروراً بالأزياء التي عكست روح الحقبة بدقة، وصولاً إلى استخدام أغنيات أم كلثوم خلفية أضفت مزيجاً من الشاعرية والرومانسية.

من جانبه، وصف المخرج والناقد السينمائي المصري الدكتور أحمد عاطف درة فيلم «الست» بأنه «مليء بالمشاعر واللمحات شديدة القرب من حياة كوكب الشرق»، مؤكداً أن «المخرج والكاتب أظهرا روح التحدي في شخصيتها، وإصرارها على أن تكون امرأة بمائة رجل في زمن لم تكن المرأة قد نالت فيه حقوقها كاملة».

وأضاف عاطف درة لـ«الشرق الأوسط» أن «الفيلم يقدّم مقاربة إنسانية، ويتميّز بحرفة إخراجية رائعة من مروان حامد، وأداء متقَن من منى زكي، وموسيقى مؤثرة من هشام نزيه، مع تميّز واضح في فروع التصوير والماكياج والمؤثرات والإنتاج والأزياء، فضلاً عن أسلوب رصين وحبكة وإيقاع في أفضل نجوم العمل».

فيلم «الست» شهد عرضاً خاصاً في مصر (الشرق الأوسط)

لم يقتصر الفيلم على تقديم الجوانب الإيجابية في حياة أم كلثوم، ولم يُظهرها بصورة ملائكية، بل سلّط الضوء على بعض سلبياتها أيضاً، ومنها مواقفها من الزواج والأمومة والمادة، طارحاً أسئلة عن سرعة غضبها وعنادها، وعلاقتها بأحمد رامي وشريف باشا صبري والملحن محمود الشريف، وزواجها في مرحلة عمرية متقدمة من الدكتور حسن الحفناوي، إضافة إلى علاقتها العملية بالصحافي محمد التابعي.

كما لم يغفل الفيلم تفاصيل حالتها الصحية، ونظارتها ومنديلها اللذين ارتبطا بصورتها، ولعب على وتر أحزانها في مشاهد مؤثرة أبكت الحضور. وتطرق كذلك إلى علاقتها بالأنظمة الحاكمة، وغنائها للملك فاروق، وتقديمها أغنية «مصر التي في خاطري» بحضور الرئيس جمال عبد الناصر، وشعورها بالتصالح مع الجمهور بعد فترة من الغياب.

وينتهي «الست» عند منتصف سبعينات القرن الماضي، مع وداع المصريين لها في جنازة شعبية مهيبة وثّقتها الصور واللقطات الأرشيفية. وقد شاركت في إنتاج الفيلم جهات عدة، وتولت منى زكي بطولته، في حين أخرجه مروان حامد وكتبه أحمد مراد، وشارك فيه عدد من الفنانين؛ بينهم محمد فراج، وسيد رجب، وأحمد خالد صالح، إلى جانب نجوم الشرف مثل أمينة خليل، وآسر ياسين، ونيللي كريم، وأحمد أمين، وأحمد حلمي، وعمرو سعد وغيرهم.

من جهته، أكد الكاتب والناقد الفني المصري أحمد النجار أن الحكم على فيلم «الست» قبل مشاهدته «غير مقبول»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «الأحكام السريعة والانتقادات غير الواقعية التي وُجهت إليه ثبت عكسها بعد عرضه». ورأى أن «هذه الظاهرة النقدية المتسرّعة تستدعي التروي قبل إصدار الأحكام على الأعمال الفنية»، مشيراً إلى أن «الفيلم حاز إعجاباً محلياً ودولياً بعد عرضه في مصر، وكذلك في (مهرجان مراكش) قبل أيام».