«آي فيل غود» لسليم الترك... فيلم سينمائي ثلاثي الأبعاد

تألفت المسرحية من تجاربه الواقعية ملونة بحسه الفكاهي

أي فيل غود» أول عمل مسرحي للمخرج سليم الترك (الشرق الأوسط)
أي فيل غود» أول عمل مسرحي للمخرج سليم الترك (الشرق الأوسط)
TT

«آي فيل غود» لسليم الترك... فيلم سينمائي ثلاثي الأبعاد

أي فيل غود» أول عمل مسرحي للمخرج سليم الترك (الشرق الأوسط)
أي فيل غود» أول عمل مسرحي للمخرج سليم الترك (الشرق الأوسط)

جميع المدعوين الذين لبوا رغبة المخرج سليم الترك لحضور أول أعماله المسرحية «آي فيل غود» وعدوا أنفسهم برؤية فيل على الخشبة. فهو ردّد أكثر من مرة في إطلالاته الإعلامية بأن هذا الحيوان الضخم سيرافقه على المسرح.

ترقب الحضور إطلالة الفيل، لا سيما وأن المخرج الترك استهل مسرحيته باستدعائه من الكواليس كي يحضر. وبعد أكثر من نداء «تفضل أيها الفيل إلى المسرح» إلّا أن هذا الأخير لم يأت. وليفاجئ الترك الحضور بالقول «لقد أوهمتكم بأنه سيطل على الخشبة. ولكنها كانت مجرد دعابة رغبت في إلقائها تيمناً بأفعال المسؤولين في لبنان. فهم يومياً (يطيّرون الفيلة) ويكذبون علينا معتقدين أننا نصدقهم». وليمر بعدها فيل رمادي ضخم عبر شاشة عملاقة تتوسط المسرح معلناً افتتاح المسرحية.

سليم الترك واضعاً قبعة الاستعمالات اليومية عند اللبناني (الشرق الأوسط)

لم ينسَ الترك استذكار أحد رواد المسرح اللبناني أنطوان ملتقى بمناسبة رحيله مؤخراً. فطالب الحضور بالالتزام بدقيقة صمت بوصفها تحية لروحه.

تسلّم الترك زمام أمور مسرحيته من أولها إلى آخرها. فاهتم شخصياً بعملية الإضاءة والديكور والإخراج معاً. وكتب نصاً يتألف من غمرة تجارب مر بها خلال مشواره الإخراجي. ووقف يرتدي طنجرة على رأسه تحمل نماذج عن مستلزمات حياة اللبناني اليوم. فعلق عليها وصلة كهرباء وأخرى خاصة بالإنترنت ومؤشر بورصة وسلاحاً حربياً وغيرها. وراح يروي قصصه على طريقة فيلم سينمائي ثلاثي الأبعاد. وكان على الحضور من نجوم فن وحشد من الصحافيين أن يتلقفوا قفشاته بين الأسطر كي يستوعبوا رسائلها.

وبوصفه حكواتياً يبرع في شد انتباه جمهوره راح يقصّ على جمهوره حكاية 14 شخصية التقاها في مشواره الفني. استهلها بداية بقصة بشير الحوت شخصية لبنانية رافقت عائلته من قضاة ومحامين أباً عن جد.

واعتمد تفاصيل صغيرة وكثيرة أثناء تلاوة قصصه ليسجلها دماغ المتلقي وكأنها مشاهد بصرية. وكان في كل مرة يشرح هذه اللقطات بحسه الفكاهي المعروف، ينفجر الحضور ضحكاً متفاعلاً مع طرائفه العفوية.

تميزت اسكتشات المسرحية بالحس الفكاهي (الشرق الأوسط)

«من كل واد عصا» قد يكون بمثابة العنوان العريض لخبريات الترك في «أي فيل غود». فمرة يخبر الحضور عن حادثة جرت معه في المكسيك عندما وجد نفسه في صحراء شاسعة وهو يحمل في جيبه مبلغ 35 ألف دولار. وتفاجأ كون قطاع الطرق هناك لم يستولوا على فلوسه. وعندما عاد إلى لبنان وأودع المبلغ في أحد المصارف، كانت صدمته كبيرة بأنه تمت سرقتها. فهو كغيره من اللبنانيين خسر جميع مدخراته بفضل سياسيين نهبوا البلاد كما يقول. ومرة أخرى يأخذنا إلى بلاد المغرب والجزائر ويتوقف في الهند. هناك يلتقي بالمهراجا لوديفيك الذي طلبه شخصياً من أجل تصوير وثائقي عنه. فيتعرض إلى عملية خطف لم ينفد منها وفريقه إلا بعد أن أخبرهم عن المهمة التصويرية التي جاء ينفذها.

واختار سليم الترك الفنانة هيفاء وهبي ليروي بعض المواقف الطريفة التي تخللت عملية تصوير كليبات غنائية لها. ويصفها بأكثر الفنانات اللاتي يتمتعن بخفة ظل وجمال باهر. فهو صور لها سلسلة أغنيات، من أبرزها في بداياتها «أقول أهواك». ويحكي في هذا الصدد عن ردود فعل الناس عندما يشاهدونها في مواقع التصوير. حتى أن بينهم من كان يلاحقها وينتظرها من على شرفة منزله واسمه المواطن «ميم نون». وفي كليب آخر «يا حياة قلبي» روى الترك عملية تصويره الصعبة التي دارت في سوق السمك بطرابلس. حينها ظهر هناك المواطن «ميم نون» وقدم لهم المساعدة مما أتاح لفريق التصوير دخول السوق المذكور بفضله.

ومن المواقف الأخرى التي تعرض لها الترك تلك التي يحكي فيها قصته مع أحد جيرانه مصطفى الملقب بـ«ستيف أوستن». فيعرض عليه القيام بتصوير فيلم في ملهى ليلي، وهناك يلتقي بممثلة سورية مشهورة. ويكتشف أنها هي من تريد تصوير فيلم يحكي عن خيانة زوجها لها.

ويعرج في أخباره على فيلمه السينمائي «ماي لاست فالنتاين» الذي منع عرضه بعدد كبير من الدول العربية. ويروي هذه الحادثة بطرافة ملحوظة جعلت الجمهور يتفاعل معها ضحكاً وتصفيقاً.

ومن اللحظات المؤثرة التي تخلّلت المسرحية هي تلك التي استذكر فيها الترك رحيل والده، مسترجعاً لحظات الانفجار الذي أودى بحياة المفتي حسن خالد في 16 مايو (أيار) 1989. كان عمره يومها 14 عاماً وانتظر من والده إبراهيم الترك محامي المفتي أن يتصل به ويطمئنه بأنه بخير، إلا أنه كان قد استشهد في تلك اللحظة.

تسلم الترك مهمة مسرحيته من ألفها إلى يائها (الشرق الأوسط)

بكى الترك وهو يخبر قصته هذه التي استهل بها آخر فقرات مسرحيته وتحمل عنوان «يونيفرس». فتكلم خلالها عن علاقته برب العالمين وبقدَرٍ رسم له ومشاه برضا. وحاول أحياناً أن يطلب من «اليونيفرس» تحقيق أمنيات خاصة به فكانت تقابل بالإيجابية وتتم فعلياً على أرض الواقع.

نجح سليم الترك بشكل عام في أولى خطواته المسرحية مترجماً براعته الإخراجية في قصص محكية. فجمع فيها مهاراته مخرجاً وحكواتياً وصاحب مشهدية ذكية. لوّنها بخيالٍ واسعٍ وبتقنية أداء «ستاند أب كوميدي» لا تشبه غيرها. فرض على متابعه مساحة بصرية متقنة لا تحضر عادة على الخشبة. واعتمد عبارة «توب كاميرا» من دون أن يلفظها. فتابع روّاد مسرحه فيلماً سينمائياً ثلاثي الأبعاد وقّعه حكواتي من الطراز الحديث.


مقالات ذات صلة

«القومي للمسرح» يمنح أولوية لتكريم الفنانين على قيد الحياة

يوميات الشرق رياض في المؤتمر الصحافي للمهرجان (إدارة المهرجان)

«القومي للمسرح» يمنح أولوية لتكريم الفنانين على قيد الحياة

دافع الفنان المصري محمد رياض، رئيس المهرجان القومي للمسرح عن قرارته التي أحدثت جدلاً في الأوساط المسرحية ومن بينها أسماء المكرمين في الدورة الـ17 من المهرجان.

رشا أحمد (القاهرة)
يوميات الشرق ذات ترتدي الفستان الذي صنعته لها جدتها (الشرق الأوسط)

«ذات والرداء الأحمر»... مسرحية تسلّط الضوء على «غابة السوشيال ميديا»

تستدعي مسرحية «ذات... والرداء الأحمر» الحكاية الخرافية الشهيرة للفتاة الصغيرة صاحبة الرداء الأحمر المعروفة باسم «ليلى والذئب».

منى أبو النصر (القاهرة )
يوميات الشرق مراكب كلود مونيه (أرشيفية - غيتي)

المسرحي العراقي سعدي يونس يُحاور جاره الرسام كلود مونيه

لا أحد يعرف كم عمر سعدي يونس بحري لأنه مثل بطله المفضَّل، جلجامش، يبحث عن عشبة الخلود ويتمرَّن كل يوم ليحافظ على قوام ممثّل في لياقة الشباب.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق مسرحية «مرايا إليكترا» (الشرق الأوسط)

«مرايا إليكترا»... معالجة عصرية لأسطورة إغريقية

في معالجة عصرية للأسطورة الإغريقية التي تتناول قصة «إليكترا» ابنة الملك أغاممنون التي تحرّض أخاها على قتل أمهما لضلوعها في قتل أبيهما.

نادية عبد الحليم (القاهرة )
يوميات الشرق عرضٌ للباليه المعاصر بعنوان «أسود» يجسّد الانتقال من العتمة إلى الضوء (الشرق الأوسط)

بيروت تخلع الأسوَد وتنتقل إلى الضوء... عرضٌ تعبيريّ راقص يروي الحكاية

رغم القلق والمخاوف الأمنية، فإنّ الحركة الثقافية التي تشهدها بيروت هي في أوجها، وآخرُها عرضٌ راقص للباليه المعاصر على خشبة «مترو المدينة».

كريستين حبيب (بيروت)

الأمير هاري: عودة ميغان إلى بريطانيا «لا تزال خطرة»

الأمير البريطاني هاري وزوجته ميغان ماركل (رويترز)
الأمير البريطاني هاري وزوجته ميغان ماركل (رويترز)
TT

الأمير هاري: عودة ميغان إلى بريطانيا «لا تزال خطرة»

الأمير البريطاني هاري وزوجته ميغان ماركل (رويترز)
الأمير البريطاني هاري وزوجته ميغان ماركل (رويترز)

أعلن الأمير البريطاني هاري أن عودة زوجته ميغان ماركل، دوقة ساسكس، إلى المملكة المتحدة «لا تزال تُعتبر خطرة»، وفقاً لشبكة «سكاي نيوز».

في أول مقابلة رئيسية لدوق ساسكس منذ انتهاء قضيته ضد المجموعة الإعلامية «ميرور غروب» (MGN)، قال إنه يخشى تعرض زوجته لهجوم إذا عادت إلى المملكة المتحدة بسبب الاهتمام الذي يجذبه الزوجان الملكيان.

عندما سُئل عما إذا كانت المعارك القانونية تجتذب المزيد من الاهتمام، قال هاري: «هناك ما يكفي من الاهتمام بي وبزوجتي ميغان على أي حال... لقد دفعوني إلى أبعد مما ينبغي».

وتابع: «لا يزال الأمر خطيراً، وكل ما يتطلبه الأمر هو شخص واحد، فرد واحد يقرأ هذه الأشياء ليتصرف بناءً على ما قرأه، وسواء كان ذلك سكيناً أو حمضاً، أياً كان، وهذه أشياء تثير قلقاً حقيقياً بالنسبة لي».

وأضاف: «يعتبر ذلك من الأسباب التي تجعلني لا أعيد زوجتي إلى هذا البلد».

الأمير البريطاني هاري في لندن (أ.ب)

كما ألقى هاري باللوم على معركته ضد الصحافة باعتبارها «محورية» في تدمير علاقته بعائلته.

وعندما سُئل عن «قرار عائلته بعدم محاربة» الصحافة بالطريقة التي فعلها هاري، قال: «أعتقد أن كل ما حدث أظهر للناس حقيقة الأمر... بالنسبة لي، تستمر المهمة، لكنها نعم تسببت في جزء من الخلاف».