مصر تودع بخيت بيومي أشهر شعراء الفوازير والمواويل

مؤلف مسلسل «سر الأرض»

بخيت بيومي مع الفنان عبد الرحمن أبو زهرة خلال تسجيل أحد الأعمال (حسابه على فيسبوك)
بخيت بيومي مع الفنان عبد الرحمن أبو زهرة خلال تسجيل أحد الأعمال (حسابه على فيسبوك)
TT

مصر تودع بخيت بيومي أشهر شعراء الفوازير والمواويل

بخيت بيومي مع الفنان عبد الرحمن أبو زهرة خلال تسجيل أحد الأعمال (حسابه على فيسبوك)
بخيت بيومي مع الفنان عبد الرحمن أبو زهرة خلال تسجيل أحد الأعمال (حسابه على فيسبوك)

شُيعت الثلاثاء جنازة الشاعر المصري بخيت بيومي إلى مثواه الأخير في مسقط رأسه بمحافظة الدقهلية (دلتا مصر)، بعد أن وافته المنية عن عمر ناهز 82 عاماً، في ساعة مبكرة من صباح الثلاثاء، تاركاً وراءه مسيرة حافلة من الكتابة لمشاهير الفن في مصر، حظي خلالها بالعديد من الألقاب منها «شاعر الألف فزورة» و«شاعر الألف موال».

بخيت بيومي مع الإعلامية آمال فهمي عام 1986 (حسابه على فيسبوك)

ويُعدّ الراحل أشهر من تخصص في دراما الفوازير بما فيها من استعراضات وأغانٍ، ودام تخصصه في كتابتها مدة 17 سنة متواصلة، وتُعد الفنانة المصرية نيللي من بين أشهر من قدم أعماله في هذا السياق. كما كتب أغنيات العديد من الأعمال الفنية مثل مسلسلات «أصوات تبحث عن ميكرفون» 1987، و«ماما نور» 1992، «والستات ميعملوش كده» 1995، و«أحلام العصافير» 1997.

الشاعر الغنائي بخيت بيومي (حسابه على فيسبوك)

وفي الإذاعة وضع كلمات أغنيات مسلسلات، «اجري اجري»، و«خميس وجمعة»، و«الأستاذ عفيفي»، إلى جانب فيلمي «أخطر رجل في العالم» 1967 و«أسعد الله مساءك» 1987.

وإلى جانب تأليف الأغاني والأشعار، وضع القصة والسيناريو والحوار لعدد من الأعمال الأخرى مثل مسلسلات «سر الأرض» 1994، و«المسحراتي» 2003، و«فرح وفرقة المرح» 2010.

ونعت الدكتورة نيفين الكيلاني، وزيرة الثقافة المصرية، الشاعر.

وقالت وزيرة الثقافة في بيان الثلاثاء: «فقدنا اليوم شاعراً غنائياً متفرداً أثرى الحياة الفنية والغنائية بالعديد من الأعمال الخالدة لكبار مطربينا، وشكلت مؤلفاته جزءاً من ذاكرتنا، ورحل تاركاً مكتبة تحوي إرثاً لن يمّحى».

ووفق الناقد الفني طارق الشناوي، فإن «تجربة الشاعر الكبير بخيت بيومي تتميز بالتنوع والثراء وتعدد المحطات، إذ بدأت في ستينات القرن الماضي حين كتب لنجوم الغناء مثل وردة، ومحمد قنديل، وماهر العطار، و(الثلاثي المرح)، وهو صاحب إنجاز حقيقي في مجال كتابة الفوازير للإذاعة، ويعدّ المرحلة الثالثة في تقديم هذا الفن الصعب، من زاوية إبداعية خصوصاً حين بدأت الفوازير الإذاعية بالشاعر العملاق بيرم التونسي يليه صلاح جاهين ثم بخيت بيومي».

مع الفنانة معالي زايد عام 2002 (حسابه على فيسبوك)

وأضاف الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «يُعد بيومي أكثر من كتب فوازير على مدى ما يقرب من 20 عاماً وكذلك تترات المقدمة والنهاية للمسلسلات».

ويؤكد الشناوي أن «تجربة بخيت بيومي تعرّضت للتهميش ولم تجد من يهتم بها أو يقدم للرجل الاحتفاء الأدبي أو المعنوي، إذ عاش في سنواته الأخيرة يشكو التجاهل وعدم تقدير مسيرته، وكان ينبغي على الأقل إجراء حوار شامل يوثق إنجاز هذا الشاعر».

ونوّه إلى أن «آخر ظهور إعلامي للراحل جاء من خلال احتفاء موسم الرياض بالملحن الكبير محمد الموجي باعتبار أن بخيت بيومي كان من المقربين إليه».

ولد بخيت بيومي في 18 يونيو (حزيران) 1942، وحفظ القرآن الكريم في سن مبكرة بناءً على وصية والدته قبل رحيلها، وحصل على الثانوية الأزهرية من مدينة المنصورة عام 1960، ومن ثَمّ حصل على دبلومة الخط العربي وعمل مدرساً وسرعان ما ترك التدريس وتفرغ لكتابة الأغاني.

بيومي في شبابه (حسابه على فيسبوك)

وعُرف عن الراحل خفّة ظلّه وحبّه لإلقاء النكات واحتفاظه بروح مرحة في أحرج المواقف، حتى أنه عندما دخل المستشفى للخضوع لعملية قلب كان يلاحق الأطباء بـ«آخر نكتة»، كما ألّف قصيدة من وحي اسم الطبيبة «كوثر» التي ستُجري العملية وأهداها إياها، وفق ما ذكره سابقاً في ندوة أقيمت له في المركز الثقافي الفرنسي بالمنصورة.


مقالات ذات صلة

رحيل الشاعر والصحافي العراقي مخلص خليل في غربته

ثقافة وفنون رحيل الشاعر والصحافي العراقي مخلص خليل في غربته

رحيل الشاعر والصحافي العراقي مخلص خليل في غربته

أصدر مخلص خليل عدداً من المجموعات الشعرية، وكان من الأصوات البارزة في فترة السبعينات.

يوميات الشرق صوتٌ يتيح التحليق والإبحار والتدفُّق (الشرق الأوسط)

كاظم الساهر في بيروت: تكامُل التألُّق

يتحوّل كاظم إلى «كظّومة» في صرخات الأحبّة، وتنفلش على الملامح محبّة الجمهور اللبناني لفنان من الصنف المُقدَّر. وهي محبّةٌ كبرى تُكثّفها المهابة والاحترام.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق مَنْح هبة القواس درع مئوية الجامعة تقديراً لعطاءاتها (الجهة المنظّمة)

مئوية «اللبنانية – الأميركية» تُحييها الموسيقى والشعر

قرنٌ على ولادة إحدى أعرق المؤسّسات الأكاديمية في لبنان، والتي حملت شعار تعليم المرأة اللبنانية والعربية والارتقاء بها اجتماعياً واقتصادياً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق قضى الأمير بدر بن عبد المحسن خمسة عقود في إغناء الوسط الثقافي وكتابة الشعر وتدبيج القصائد وتزيين خرائط الوجدان (حساب الأمير على «إكس»)

«المختبر السعودي للنقد» يبدأ باكورة أعماله بقراءة جديدة لأعمال الأمير بدر بن عبد المحسن

يبدأ «المختبر السعودي للنقد» باكورة أعماله بتقديم قراءة نقدية جديدة لأعمال وإنتاج الأمير الراحل بدر بن عبد المحسن.

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق الأمير بدر بن عبد المحسن خلال مشاركته أمسية شعرية في باريس (الشرق الأوسط)

فنانون وشعراء يودعون أيقونة الشعر بعد خمسة عقود من العطاء

نعى شعراء وفنانون الأمير البدر، وتجربته التي امتدت لـ5عقود، غنى له خلالها نخبة من فناني العالم العربي، وتعاقبت الأجيال على الاستماع والاستمتاع ببراعته الشعرية.

عمر البدوي (الرياض)

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
TT

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)

مع انتشار اختبار «اللهجة الفلاحي» عبر مواقع التواصل في مصر بشكل لافت خلال الساعات الماضية، وتندُّر كثيرين على مفردات الاختبار التي عدَّها البعض «غير مألوفة» وتحمل معاني متعدّدة؛ تطوّر هذا الاختبار إلى «وصم اجتماعي» بتحوّل ناجحين فيه إلى مادة للسخرية، بينما تباهى خاسرون بالنتيجة، وعدّوا أنفسهم من أبناء «الطبقة الراقية».

وكتبت صاحبة حساب باسم بسمة هاني بعد نشر نتيجة اختبارها «اللهجة الفلاحي»، 5/ 20، عبر «فيسبوك»: «يعني أنا طلعت من EGYPT»، مع تعبير «زغرودة» للدلالة إلى الفرح.

ونشر حساب باسم المهندس رامي صورة لرجل يركب حماراً ويجري بسرعة وفرح، معلّقاً أنه هكذا يرى مَن نجحوا في اختبار «اللهجة الفلاحي».

وكتب حساب باسم سعيد عوض البرقوقي عبر «فيسبوك»: «هذا اختبار اللهجة الفلاحي... هيا لنرى الفلاحين الموجودين هنا وأقصد فلاحي المكان وليس الفكر».

ورداً على موجة السخرية والتندُّر من هذا الاختبار، كتب صاحب حساب باسم محمد في «إكس»: «هناك فلاحون يرتدون جلباباً ثمنه ألف جنيه (الدولار يساوي 48.62 جنيه مصري) ويمتلك بيتاً من هذا الطراز – نشر صورة لبيت بتصميم فاخر – ويعرف الصح من الخطأ، ويعلم بالأصول وهو أهل للكرم، تحية لأهالينا في الأرياف».

وأمام التحذير من تعرّض المتفاعلين مع الاختبار إلى حملات اختراق، كتب الإعلامي الدكتور محمد ثروت على صفحته في «فيسبوك»: «اختبار اللهجة الفلاحي مجرّد (ترند) كوميدي وليس هاكرز، ويعبّر عن جهل شديد في أصولنا وعاداتنا المصرية القديمة». فيما كتب حساب باسم إبراهيم عبر «إكس»: «أخاف المشاركة في الاختبار والحصول على 10/ 20. أهلي في البلد سيغضبون مني».

وتضمّ مصر عدداً من اللهجات المحلّية، وهو ما يردُّه بعض الباحثين إلى اللغة المصرية القديمة التي تفاعلت مع اللغة العربية؛ منها اللهجة القاهرية، واللهجة الصعيدية (جنوب مصر)، واللهجة الفلاحي (دلتا مصر)، واللهجة الإسكندراني (شمال مصر)، واللهجة الساحلية واللهجة البدوية. ولمعظم هذه اللهجات اختبارات أيضاً عبر «فيسبوك».

اختبار «اللهجة الفلاحي» يغزو وسائل التواصل (فيسبوك)

في هذا السياق، يرى أستاذ الأدب والتراث الشعبي في جامعة القاهرة الدكتور خالد أبو الليل أنّ «هذا (الترند) دليل أصالة وليس وصمة اجتماعية»، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «إقبال البعض في وسائل التواصل على هذا الاختبار محاولة للعودة إلى الجذور».

ويُضيف: «صوَّر بعض الأعمال الدرامية أو السينمائية الفلاح في صورة متدنّية، فترسَّخت اجتماعياً بشكل مغاير للحقيقة، حتى إنّ أي شخص يمتهن سلوكاً غير مناسب في المدينة، يجد، حتى اليوم، مَن يقول له (أنت فلاح) بوصفها وصمة تحمل معاني سلبية، على عكس طبيعة الفلاح التي تعني الأصالة والعمل والفَلاح. محاولة تحميل الكلمة معاني سلبية لعلَّها رغبةُ البعض في التقليل من قيمة المجتمعات الزراعية لأغراض طبقية».

ويتابع: «مَن يخوض الاختبار يشاء استعادة المعاني التي تعبّر عن أصالته وجذوره، أما من يتندّرون ويسخرون من الفلاحين فهُم قاصرو التفكير. ومن يخسرون ويرون أنّ خسارتهم تضعهم في مرتبة اجتماعية أعلى، فهذا تبرير للفشل».

ويشير أبو الليل إلى دور إيجابي تؤدّيه أحياناً وسائل التواصل رغم الانتقادات الموجَّهة إليها، موضحاً: «أرى ذلك في هذا الاختبار الذي لا يخلو من طرافة، لكنه يحمل دلالة عميقة تردُّ الحسبان للفلاح رمزاً للأصالة والانتماء».

لقطة من فيلم «المواطن مصري» الذي تدور أحداثه في الريف (يوتيوب)

ويعيش في الريف نحو 57.8 في المائة من سكان مصر بعدد 45 مليوناً و558 ألف نسمة، وفق آخر إحصائية نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2022، بينما يبلغ سكان المدن نحو 40 مليوناً و240 ألف نسمة.

من جهتها، ترى أستاذة علم الاجتماع في جامعة بنها، الدكتورة هالة منصور، أنّ «الثقافة الشعبية المصرية لا تعدُّ وصف (الفلاح) أمراً سلبياً، بل تشير إليه على أنه (ابن أصول) وجذوره راسخة»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يُسأل الوافدون إلى القاهرة أو المدن الكبرى عن أصولهم، فمَن لا ينتمي إلى قرية يُعدُّ غير أصيل».

وتُرجِع الوصم الاجتماعي الخاص بالفلاحين إلى «الهجرة الريفية الحضرية التي اتّسع نطاقها بدرجة كبيرة نظراً إلى ثورة الإعلام ومواقع التواصل التي رسَّخت سلوكيات كانت بعيدة عن أهل الريف».

وتشير إلى أنّ «السينما والدراما والأغنيات ترسّخ لهذا المنظور»، لافتة إلى أنه «من سلبيات ثورة 1952 التقليل من قيمة المهن الزراعية، والاعتماد على الصناعة بوصفها قاطرة الاقتصاد. وقد أصبحت تلك المهن في مرتبة متدنّية ليُشاع أنَّ مَن يعمل في الزراعة هو الفاشل في التعليم، وهذا لغط يتطلّب درجة من الوعي والانتباه لتصحيحه، فتعود القرية إلى دورها المركزي في الإنتاج، ومكانها الطبيعي في قمة الهرم الاجتماعي».

وعمَّن فشلوا في اختبار «اللهجة الفلاحي» وتفاخرهم بذلك بوصفهم ينتمون إلى طبقة اجتماعية راقية، تختم أستاذة علم الاجتماع: «هذه وصمة عار عليهم، وليست وسيلة للتباهي».