هيئة الموسيقى تُطلق كتاب «من ذاكرة الأغاني الوطنية» ضمن سلسلة التدوين الموسيقي

هيئة الموسيقى تطلق كتاب «من ذاكرة الأغاني الوطنية» ضمن سلسلة التدوين الموسيقي لمبادرة «ذاكرة الموسيقى السعودية» (هيئة الموسيقى)
هيئة الموسيقى تطلق كتاب «من ذاكرة الأغاني الوطنية» ضمن سلسلة التدوين الموسيقي لمبادرة «ذاكرة الموسيقى السعودية» (هيئة الموسيقى)
TT

هيئة الموسيقى تُطلق كتاب «من ذاكرة الأغاني الوطنية» ضمن سلسلة التدوين الموسيقي

هيئة الموسيقى تطلق كتاب «من ذاكرة الأغاني الوطنية» ضمن سلسلة التدوين الموسيقي لمبادرة «ذاكرة الموسيقى السعودية» (هيئة الموسيقى)
هيئة الموسيقى تطلق كتاب «من ذاكرة الأغاني الوطنية» ضمن سلسلة التدوين الموسيقي لمبادرة «ذاكرة الموسيقى السعودية» (هيئة الموسيقى)

أعلنت هيئة الموسيقى عن إطلاق كتاب «من ذاكرة الأغاني الوطنية»، وذلك ضمن سلسلة التدوين الموسيقي لمبادرة «ذاكرة الموسيقى السعودية»، والتي تهدف إلى توثيق وحفظ التراث الموسيقي السعودي الغني وإبراز قيمه وأهميته.

وتتضمن سلسلة التدوين الموسيقي لمبادرة «ذاكرة الموسيقى السعودية» مجموعة من الكتب التي ستسلط الضوء على العديد من الجوانب الموسيقية السعودية المتنوعة، ويعد كتاب «من ذاكرة الأغاني الوطنية» أول إضافة إلى هذه السلسلة المهمة، ويتضمن مجموعة من الأغاني وقصصها التي تعبر عن قيم ومفاهيم وطنية، ومن هذه القصص: قصة أغنية «يا رفيع التاج» التي تعود قصتها لرحلة المؤسس التاريخية إلى مصر عام 1946، والتي كانت خير شاهد على ما يمثله الملك عبد العزيز من قيمة ووزن إقليمياً ودولياً؛ إذ اعتنى المصريون بهذه المناسبة غاية العناية واستعدوا لها جيداً، فكانت من الزيارات الخالدة في تاريخ مصر.

ومن بين ما أعده المصريون لهذه الزيارة، الأغنية الترحيبية «يا رفيع التاج» التي غناها ولحنها الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب، ونجح الشاعر المصري صالح جودت من خلالها في التعبير عن شعور المصريين وسعادتهم باستقبال القائد السياسي المحنك الذي تابعوا مسيرته التوحيدية من انطلاقها وحتى إعلان اسم المملكة العربية السعودية في مطلع الثلاثينات.

أغنية أم كلثوم للملك المؤسس

وعندما زار المؤسس الملك عبد العزيز مملكة مصر عام 1946 ميلادية أضافت أم كلثوم 5 أبيات من كلمات الشاعر محمد الأسمر على قصيدة «سلوا قلبي» التي كتبها أمير الشعراء أحمد شوقي ولحنها الموسيقار العبقري رياض السنباطي. وكانت هذه الأبيات المضافة ترحيباً بالمؤسس الملك عبد العزيز.

«یا صاحب الجلالة»

أما قصة أغنية «يا صاحب الجلالة» فتعود إلى الستينات الميلادية وتحديداً إلى عهد الملك سعود، حين كانت تقام احتفالات في مدينة الطائف تسمى «حفلات نجمة»، وضمن إحدى هذه الحفلات أطلق الفنان طلال مداح أغنية «یا صاحب الجلالة» إهداءً للملك سعود، والتي لحنها الموسيقار عمر كدرس.

«بلادي منار الهدى»

يروي الفنان والملحن سراج عمر في كتاب «من ذاكرة الأغاني الوطنية» قصة أغنية «بلادي منار الهدى»، قائلاً: «قابلت كاتب هذا النص لأول مرة في مكتب الأمير الشاعر محمد العبدالله الفيصل في (البلد) بجدة في عام 1395هـ، وكنتُ في تلك اللحظة أتحدث مع الأمير عن تعاون بيني وبينه، يخص الفنان عبد الحليم حافظ، وكان سعید فیاض حاضراً، وقال لي: (يا ابني لديّ نص وطني يصلح أن يكون أغنية، وعندي إحساس أنها إذا غُنيت سيكون لها شأن)، وذهب لإحضارها وأعطاني إياها، وفي تلك الفترة وأثناء ما كان النص معي، تُوفي المغفور له جلالة الملك فيصل، وفي تلك الحالة السيئة التي كنتُ فيها بعد وفاة الفيصل، فرغت كل ما لديّ من أحاسيس فيما لديّ من نصوص وطنية، كان من ضمنها ذلك النّص، الذي أذيع بعدها لمرة واحدة في مناسبة اليوم الوطني، ثم أصبح يُعرض ويُذاع باستمرار، وتفاعل معه الجمهور كثيراً».

«يا بلادي واصلي»

ترجع قصة هذه الأغنية إلى عام 1400 هجرية عندما طلب وزير الإعلام الأسبق الدكتور محمد عبده يماني من الفنان أبو بكر سالم بلفقيه العمل على أغنية وطنية تُذاع في مؤتمر القمة العربية الذي أقيم بمكة المكرمة بقيادة الملك خالد - رحمهم الله جميعاً - وخلال 28 ساعة كانت الأغنية جاهزة؛ إذ قام أبو بكر بكتابة وتلحين الأغنيـة وهو في الطائرة بين السعودية وجمهورية مصر العربية، وتم تسجيلها في القاهرة، ثم عاد بها إلى جدة وسلمها لوزير الإعلام.

«فوق هام السحب»

ويحكي الأمير بدر بن عبد المحسن في كتاب «من ذاكرة الأغاني الوطنية» قصة ظهور قصيدة «فوق هام السحب» وانتشارها، موضحاً أنها ظلت حبيسة الأدراج لمدة 3 أعوام قبل أن يُكتب لها الخروج للضوء، فعندما كتب الأمير «البدر» القصيدة بعث بها إلى محمـد عبـده، ليلحنها تمهيداً لغنائها وطرحها للجمهور السعودي، لكن «فنان العرب» نسيها في مكتبه وامتد نسيانه ذاك 3 سنوات.

وكانت المصادفة، التي أوجبت خروج القصيدة حين أمر الملك الراحل فهد بن عبد العزيز، الأمير بدر بكتابة أغانٍ وطنية، فتذكر قصيدته «فوق هام السحب». يقول الأمير الشاعر: «حين طلب مني الملك فهد كتابة الوطنيات وأكد عليها بقوله: (لازم تكتب أغاني وطنية)، أنتجت ليلتها قصيدة (الله أحد) وسلمتها لمحمد عبده، وابتدأ هو بدوره في تلحينها من وقت استلامها». ويكمل: «حين أكدت على محمد عبده إنتاج أغانٍ أخرى في ذات السياق الوطني، ذكّرني بـ(فوق هام السحب)، وعلى الفور أُخرجت القصيدة ولُحنت لتظهر بعدها وتلقى ما لاقت من نجاح».

«أجل نحن الحجاز ونحن نجد»

أما أغنية «أجل نحن الحجاز ونحن نجد»، فكتب كلماتها الدكتور غازي القصيبي رداً على تردد مقولة: «أهلنا في الحجاز ونجد»، على بعض القنوات إبان غزو الكويت 1990، والتي كانت تهدف لخلخلة اللحمة الوطنية السعودية، إلا أنها قوبلت بمزيد من اللحمة، وحينها صاغ غازي مطلع القصيدة لتصبح وكأن قائلها هو لسان واحد لجميع أفراد الشعب السعودي، والتقطها محمد عبده أثناء تجنيده ضمن المتطوعين لتقديم الدعم والمساندة للقوات المشاركة في تحرير الكويت.

تجدر الإشارة إلى أن إطلاق كتاب «من ذاكرة الأغاني الوطنية» يعد بمثابة خطوة مهمة، تهدف لتدوين الإرث الموسيقي في المملكة العربية السعودية الذي رغم قيمته الفنية الموسيقية العالية فإن جزءاً كبيراً منه توارى عن الذاكرة الجماهيرية بسبب غياب عمليات التوثيق المؤسساتي المنهجي سابقاً.


مقالات ذات صلة

هاني شاكر في بيروت... الأحزان المُعتَّقة تمسحها ضحكة

يوميات الشرق بارعٌ هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظنّ بأنها انطفأت (الشرق الأوسط)

هاني شاكر في بيروت... الأحزان المُعتَّقة تمسحها ضحكة

فنان الغناء الحزين يضحك لإدراكه أنّ الحياة خليط أفراح ومآسٍ، ولمّا جرّبته بامتحانها الأقسى وعصرت قلبه بالفراق، درّبته على النهوض. همست له أن يغنّي للجرح ليُشفى.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الباحثة ييرين رين تعزف على البيانو (معهد جورجيا للتكنولوجيا)

الموسيقى تحسّن قدرات الطلاب على التعلّم

وفقاً لدراسة جديدة منشورة في دورية «بلوس وان»، يمكن للموسيقى أن تعزّز قدرتنا على تعلّم معلومات جديدة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق موسيقى الشهر: عودة متعثّرة لشيرين... وأحلام تنفي الانفصال بالصور والغناء

موسيقى الشهر: عودة متعثّرة لشيرين... وأحلام تنفي الانفصال بالصور والغناء

بدل أن يصل صدى أغنيات شيرين الجديدة إلى جمهورها العربي، طغى عليها ضجيج المشكلات التي واكبت عودتها. ماذا أيضاً في الجديد الموسيقي لهذا الشهر؟

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق سمير روحانا خلال حفل بعلبك (المصدر منصة إكس)

شربل روحانا والثلاثي جبران مع محمود درويش يعزفون على «أوتار بعلبك»

الجمهور جاء متعطشاً للفرح وللقاء كبار عازفي العود في العالم العربي، شربل روحانا وفرقته، والثلاثي جبران والعازفين المرافقين.

سوسن الأبطح (بيروت)
الوتر السادس المايسترو العليا عاصر حقبات فنية متعددة (ايلي العليا)

إيلي العليا لـ«الشرق الأوسط»: دورنا هو الحفاظ على هوية الأغنية اللبنانية

قد يكون المايسترو إيلي العليا من الموسيقيين القلائل الذين لا يزالون يمارسون مهنتهم بنجاح منذ نحو 40 سنة حتى اليوم.

فيفيان حداد (بيروت)

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
TT

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)

مع انتشار اختبار «اللهجة الفلاحي» عبر مواقع التواصل في مصر بشكل لافت خلال الساعات الماضية، وتندُّر كثيرين على مفردات الاختبار التي عدَّها البعض «غير مألوفة» وتحمل معاني متعدّدة؛ تطوّر هذا الاختبار إلى «وصم اجتماعي» بتحوّل ناجحين فيه إلى مادة للسخرية، بينما تباهى خاسرون بالنتيجة، وعدّوا أنفسهم من أبناء «الطبقة الراقية».

وكتبت صاحبة حساب باسم بسمة هاني بعد نشر نتيجة اختبارها «اللهجة الفلاحي»، 5/ 20، عبر «فيسبوك»: «يعني أنا طلعت من EGYPT»، مع تعبير «زغرودة» للدلالة إلى الفرح.

ونشر حساب باسم المهندس رامي صورة لرجل يركب حماراً ويجري بسرعة وفرح، معلّقاً أنه هكذا يرى مَن نجحوا في اختبار «اللهجة الفلاحي».

وكتب حساب باسم سعيد عوض البرقوقي عبر «فيسبوك»: «هذا اختبار اللهجة الفلاحي... هيا لنرى الفلاحين الموجودين هنا وأقصد فلاحي المكان وليس الفكر».

ورداً على موجة السخرية والتندُّر من هذا الاختبار، كتب صاحب حساب باسم محمد في «إكس»: «هناك فلاحون يرتدون جلباباً ثمنه ألف جنيه (الدولار يساوي 48.62 جنيه مصري) ويمتلك بيتاً من هذا الطراز – نشر صورة لبيت بتصميم فاخر – ويعرف الصح من الخطأ، ويعلم بالأصول وهو أهل للكرم، تحية لأهالينا في الأرياف».

وأمام التحذير من تعرّض المتفاعلين مع الاختبار إلى حملات اختراق، كتب الإعلامي الدكتور محمد ثروت على صفحته في «فيسبوك»: «اختبار اللهجة الفلاحي مجرّد (ترند) كوميدي وليس هاكرز، ويعبّر عن جهل شديد في أصولنا وعاداتنا المصرية القديمة». فيما كتب حساب باسم إبراهيم عبر «إكس»: «أخاف المشاركة في الاختبار والحصول على 10/ 20. أهلي في البلد سيغضبون مني».

وتضمّ مصر عدداً من اللهجات المحلّية، وهو ما يردُّه بعض الباحثين إلى اللغة المصرية القديمة التي تفاعلت مع اللغة العربية؛ منها اللهجة القاهرية، واللهجة الصعيدية (جنوب مصر)، واللهجة الفلاحي (دلتا مصر)، واللهجة الإسكندراني (شمال مصر)، واللهجة الساحلية واللهجة البدوية. ولمعظم هذه اللهجات اختبارات أيضاً عبر «فيسبوك».

اختبار «اللهجة الفلاحي» يغزو وسائل التواصل (فيسبوك)

في هذا السياق، يرى أستاذ الأدب والتراث الشعبي في جامعة القاهرة الدكتور خالد أبو الليل أنّ «هذا (الترند) دليل أصالة وليس وصمة اجتماعية»، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «إقبال البعض في وسائل التواصل على هذا الاختبار محاولة للعودة إلى الجذور».

ويُضيف: «صوَّر بعض الأعمال الدرامية أو السينمائية الفلاح في صورة متدنّية، فترسَّخت اجتماعياً بشكل مغاير للحقيقة، حتى إنّ أي شخص يمتهن سلوكاً غير مناسب في المدينة، يجد، حتى اليوم، مَن يقول له (أنت فلاح) بوصفها وصمة تحمل معاني سلبية، على عكس طبيعة الفلاح التي تعني الأصالة والعمل والفَلاح. محاولة تحميل الكلمة معاني سلبية لعلَّها رغبةُ البعض في التقليل من قيمة المجتمعات الزراعية لأغراض طبقية».

ويتابع: «مَن يخوض الاختبار يشاء استعادة المعاني التي تعبّر عن أصالته وجذوره، أما من يتندّرون ويسخرون من الفلاحين فهُم قاصرو التفكير. ومن يخسرون ويرون أنّ خسارتهم تضعهم في مرتبة اجتماعية أعلى، فهذا تبرير للفشل».

ويشير أبو الليل إلى دور إيجابي تؤدّيه أحياناً وسائل التواصل رغم الانتقادات الموجَّهة إليها، موضحاً: «أرى ذلك في هذا الاختبار الذي لا يخلو من طرافة، لكنه يحمل دلالة عميقة تردُّ الحسبان للفلاح رمزاً للأصالة والانتماء».

لقطة من فيلم «المواطن مصري» الذي تدور أحداثه في الريف (يوتيوب)

ويعيش في الريف نحو 57.8 في المائة من سكان مصر بعدد 45 مليوناً و558 ألف نسمة، وفق آخر إحصائية نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2022، بينما يبلغ سكان المدن نحو 40 مليوناً و240 ألف نسمة.

من جهتها، ترى أستاذة علم الاجتماع في جامعة بنها، الدكتورة هالة منصور، أنّ «الثقافة الشعبية المصرية لا تعدُّ وصف (الفلاح) أمراً سلبياً، بل تشير إليه على أنه (ابن أصول) وجذوره راسخة»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يُسأل الوافدون إلى القاهرة أو المدن الكبرى عن أصولهم، فمَن لا ينتمي إلى قرية يُعدُّ غير أصيل».

وتُرجِع الوصم الاجتماعي الخاص بالفلاحين إلى «الهجرة الريفية الحضرية التي اتّسع نطاقها بدرجة كبيرة نظراً إلى ثورة الإعلام ومواقع التواصل التي رسَّخت سلوكيات كانت بعيدة عن أهل الريف».

وتشير إلى أنّ «السينما والدراما والأغنيات ترسّخ لهذا المنظور»، لافتة إلى أنه «من سلبيات ثورة 1952 التقليل من قيمة المهن الزراعية، والاعتماد على الصناعة بوصفها قاطرة الاقتصاد. وقد أصبحت تلك المهن في مرتبة متدنّية ليُشاع أنَّ مَن يعمل في الزراعة هو الفاشل في التعليم، وهذا لغط يتطلّب درجة من الوعي والانتباه لتصحيحه، فتعود القرية إلى دورها المركزي في الإنتاج، ومكانها الطبيعي في قمة الهرم الاجتماعي».

وعمَّن فشلوا في اختبار «اللهجة الفلاحي» وتفاخرهم بذلك بوصفهم ينتمون إلى طبقة اجتماعية راقية، تختم أستاذة علم الاجتماع: «هذه وصمة عار عليهم، وليست وسيلة للتباهي».