مصر: ارتفاع نسب رسوب «أولى طب» يُجدد الحديث عن «غش الثانوية»

عقب نجاح 25 % فقط من طلاب جامعة سوهاج

طلاب الفرقة الأولى بكلية الطب جامعة سوهاج المصرية (صفحة الكلية على «فيسبوك»)
طلاب الفرقة الأولى بكلية الطب جامعة سوهاج المصرية (صفحة الكلية على «فيسبوك»)
TT

مصر: ارتفاع نسب رسوب «أولى طب» يُجدد الحديث عن «غش الثانوية»

طلاب الفرقة الأولى بكلية الطب جامعة سوهاج المصرية (صفحة الكلية على «فيسبوك»)
طلاب الفرقة الأولى بكلية الطب جامعة سوهاج المصرية (صفحة الكلية على «فيسبوك»)

جدد ارتفاع نسب رسوب طلاب الفرقة الأولى بكلية الطب البشري بجامعة سوهاج المصرية (جنوب البلاد) الحديث عن «الغش» في الثانوية العامة، إذ عقب إعلان نتيجة طلاب الفرقة الأولى، الأربعاء، والتي أظهرت مؤشراتها نجاح 25 في المائة فقط من الطلاب، أُثيرت حالة من الجدل حولها، لكون هذه النتائج «لا تتناسب مع هؤلاء الطلاب (المتفوقين) من أصحاب المجموع المرتفع في الثانوية العامة خلال العام الماضي، السابق لالتحاقهم بكلية الطب»، حسب مراقبين.

وأدى 825 طالباً وطالبة بالفرقة الأولى بكلية الطب امتحانات الفصل الدراسي الأول إلكترونياً، قبل أسابيع قليلة، حسب الجامعة.

وهي ليست المرة الأولى التي تأتي نتائج بعض طلاب كليات الطب بمصر في السنة الأولى من دراستهم الجامعية «مخيبة»، ففي العام الماضي شهدت نتيجة الفرقة الأولى بنفس الكلية رسوب 229 طالباً، من أصل 671 طالباً بالفرقة الأولى؛ ما يعني قرابة الثُّلث، كما أظهرت نتائج جامعتَي «جنوب الوادي» و«أسيوط» نتائج مماثلة، والتي فُسرت من جانب رؤساء الجامعات وقتها بسبب «الغش العائلي» في لجان الثانوية العامة، وأيضاً ضجَّت «السوشيال ميديا» حينها بالواقعة.

كلية الطب في جامعة سوهاج المصرية (صفحة الكلية على «فيسبوك»)

وحسب بيان رسمي صادر من جانب رئيس جامعة سوهاج د.حسان النعماني، الأربعاء، فإن طلاب الفرقة الأولى بكلية الطب أدوا الامتحانات إلكترونياً، وذلك تماشياً مع خطة الجامعة نحو التحول الرقمي لجميع نظم المخرجات التعليمية، التي تلعب دوراً أساسياً في مراقبة جودة التعليم وأداء الطلاب.

وأضاف أن إدارة الجامعة حرصت على تطبيق نظام الامتحان الإلكتروني؛ لضمان المصداقية والشفافية، دون تدخل العنصر البشري، مشيراً إلى أن الامتحانات لم تشهد أي معوقات خلال فترة انعقادها، خصوصاً أن القاعات الامتحانية مجهَّزة بأحدث التقنيات التي تضمن دقة عالية الجودة في تأدية الطلاب اختباراتهم.

إلى ذلك، أعلنت الكلية، الخميس، أنه سيُفتح باب التظلمات على نتيجة الفرقة الأولى. بينما لَفَتَ رئيس الجامعة إلى عرض إجابات الطلاب على اللجنة المختصة، وتابع أن هذه النتائج ليست نهائية، وللطالب حق التقدم لأداء امتحانات الدور الثاني.

ووفق آخر إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، فإن إجمالي الطلاب المقيدين بالتعليم العالي في مصر بلغ 3.7 مليون طالب خلال العام الدراسي (2022 - 2023).

وتفاعلت مواقع التواصل الاجتماعي، الخميس، مع نسبة الرسوب المقدرة بـ75 في المائة. وتحدثت حسابات من بينها حساب باسم «محمد» عن دور «الغش» في الثانوية العامة في حصول الطلاب على المجموع المرتفع. في حين دافعت حسابات أخرى عن الكلية والجامعة.

ويذهب الخبير التربوي المصري، الدكتور حسن شحاتة، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الغش» في الثانوية العامة أحد أسباب رسوب الطلاب في المرحلة الجامعية، لكنّ «(عناصر فشل الطلاب وعدم النجاح) تعود إلى نظام امتحانات الثانوية العامة، لكونه يدفع الطالب إلى الحفظ لا إلى التفكير وإبداء الرأي»، مضيفاً أن «هذه المنهجية في الثانوية العامة، صدمت الطلاب عند أول امتحان في الجامعة، الذي يأتي ليقيس القدرات والمهارات، على عكس ما كانوا معتادين عليه».

ويشار إلى أن محاولات وزارة التربية والتعليم التصدي للغش وصلت إلى التجريم القانوني، إذ صدر القانون رقم 205 لسنة 2020 الخاص بمكافحة أعمال الإخلال بـالامتحانات على أن يعاقَب الطالب المتهم بالغش بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد على 7 سنوات، فضلاً عن دفع غرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه، ولا تزيد على 200 ألف جنيه.

وعن دور الامتحانات الإلكترونية في تحقيق نتيجة طلاب كلية الطب، قال شحاتة إن «المشكلة ليست في طريقة أداء الامتحان، بل في الطريقة التي تربى وتدرج عليها الطلاب في سنوات الدراسة، منذ المرحلة الابتدائية حتى الثانوية العامة، فهي عادات ربّت فيهم الحفظ والتكرار، وعندما جاء انتقالهم إلى الجامعة وجدوا عادات عقلية أخرى مختلفة».

ووفق أحدث إحصائية للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، يُقدر عدد طلاب التعليم قبل الجامعي «الابتدائي والإعدادي والثانوي» بنحو 28 مليوناً خلال عام (2022 – 2023).

في السياق، طالب شحاتة بإعادة النظر في تطوير نظام الثانوية العامة ومنهجيتها وامتحاناتها، لكي تتناسب مع متطلبات التعليم الجامعي والبحث العلمي، بما يفرز طالب علم قادراً على التفكير، سواء كانت دراسته في الكليات النظرية أو العملية، فالمهم أن يكون الطالب مُؤسَّساً على عملية التفكير وإبداء الرأي.​


مقالات ذات صلة

وزير الخارجية المصري يبحث مع ويتكوف تثبيت وقف النار في غزة

شمال افريقيا صورة ملتقطة في 18 سبتمبر 2024 في القاهرة تظهر وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يتحدث خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وزير الخارجية المصري يبحث مع ويتكوف تثبيت وقف النار في غزة

بحث وزير الخارجية المصري، الاثنين، في اتصال هاتفي مع المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف التطورات في قطاع غزة وجهود تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي أداء صلاة الجنازة على فلسطينيين قتلوا بقصف إسرائيلي استهدف مجمع ناصر الطبي في خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز) play-circle

مقترح مصري جديد لاستعادة وقف إطلاق النار في غزة

قال مسؤولون إن مصر قدمت مقترحاً جديداً لمحاولة استئناف وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا عائلات فلسطينية تغادر الجانب الشرقي من قطاع غزة عقب غارات جوية في وقت سابق (أ.ف.ب)

 مصر تجدد رفضها تهجير الفلسطينيين من غزة قسراً أو طوعاً

قالت الهيئة العامة المصرية للاستعلامات، إن القاهرة أعادت التأكيد على رفض أي محاولة لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة قسرا أو طوعا لأي مكان خارجه.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عربية زيزو محتفلاً بكأس السوبر الأفريقي على حساب الأهلي المصري (حسابه على فيسبوك)

«الموافقة المبدئية» لانتقال زيزو من الزمالك إلى الأهلي تفجر جدلاً بمصر

في خطوة أثارت جدلاً كبيراً في الأوساط الرياضية المصرية، كشفت تقارير إعلامية عن وجود «موافقة مبدئية» لانتقال أحمد سيد زيزو، لاعب الزمالك إلى الأهلي.

محمد عجم (القاهرة )
يوميات الشرق صانع الكنافة البلدي عنتر أبو زيد  (الشرق الأوسط)

مصر: «الكنافة البلدي» تحتفظ بمكانتها رغم إغراءات الأصناف الجديدة

رغم تنوع أصناف الكنافة وإغراءات أشكالها الحديثة، فإن «الكنافة البلدي» ما زالت تحتفظ بمكانتها في عدد كبير من أحياء وقرى مصر.

حمدي عابدين (القاهرة )

كنز من العصر الحديدي قد يُغيّر تاريخ بريطانيا

مما قد يُغيِّر فَهْم التاريخ (جامعة دورهام)
مما قد يُغيِّر فَهْم التاريخ (جامعة دورهام)
TT

كنز من العصر الحديدي قد يُغيّر تاريخ بريطانيا

مما قد يُغيِّر فَهْم التاريخ (جامعة دورهام)
مما قد يُغيِّر فَهْم التاريخ (جامعة دورهام)

كُشِف عن أحد أكبر وأهم كنوز العصر الحديدي التي عُثر عليها في المملكة المتحدة على الإطلاق، مما قد يُغيّر فهمنا للحياة في بريطانيا قبل 2000 عام.

وذكرت «الغارديان» أنه اكتُشف أكثر من 800 قطعة أثرية في حقل بالقرب من قرية ميلسونبي بشمال يوركشاير، يعود تاريخها إلى القرن الأول الميلادي؛ أي في وقت قريب من الغزو الروماني لبريطانيا في عهد الإمبراطور كلوديوس. ومن شبه المؤكَّد أنها مرتبطة بقبيلة تدعى «بريغانتس»، كانت تبسط سيطرتها على معظم شمال إنجلترا.

تشمل القطع أجزاء من عربات و/أو مركبات، بما فيها 28 إطاراً حديدياً ولجاماً متقناً لما لا يقلّ على 14 حصاناً، ولجامات أخرى، بالإضافة إلى رماح احتفالية، وقدرَيْن مزخرفَيْن بشكل جميل.

يقول الخبراء المشاركون في الاكتشاف، الذي وُصف بأنه ذو أهمية كبيرة على المستوى الدولي، إنّ القطع المُكتشفة قد تؤدّي إلى إعادة تقييم كيفية فهمنا لمواضيع مثل الثروة والمكانة الاجتماعية والتجارة والسفر بين قبائل العصر الحديدي القديمة في بريطانيا.

اكتشف الخبير في الكشف عن المعادن، بيتر هيدز، الكنز وأبلغ عنه، فأدرك بعد حفره الحفرة أنه بحاجة إلى مساعدة الخبراء. اتصل برئيس قسم الآثار في جامعة دورهام، البروفسور توم مور، الذي كان يُجري بحوثاً في المنطقة، فأدرك على الفور الأهمية المُحتملة للاكتشاف، ولكن لم تكن لديه فكرة أنه سيكون بهذا الحجم المذهل. وقال: «العثور على كنز أو مجموعة من 10 قطع أثرية، أمر غير عادي ومثير، ولكن العثور على شيء بهذا الحجم الهائل يُعدُّ أمراً غير مسبوق. لم نكن نتوقَّع ذلك أبداً، وأعتقد أنَّ جميع أعضاء الفريق لم تكن لديهم القدرة على التعبير الحقيقي عن مشاعرهم». بعد الحصول على تمويل بقيمة 120 ألف جنيه إسترليني من «هيئة إنجلترا التاريخية»، جرت عمليات التنقيب وشملت إزالة كتلة كبيرة من القطع المعدنية المُتشابكة التي وُجدت ربما في حقيبة معاً.

علَّق مور أنّ أحزمة الخيول التي كانت تجرّ المركبات أو العربات زُيِّنت بشكل جميل بالمرجان والزجاج الملوَّن، وكانت ستضفي على المركبات مشهداً رائعاً. وتابع: «هذا يؤكد ببساطة أنّ هؤلاء الناس كانوا يتمتّعون بمكانة اجتماعية كبيرة وثروة حقيقية. كان البعض ينظر إلى الشمال الإنجليزي القديم على أنه منطقة فقيرة مقارنةً بالعصر الحديدي في جنوب بريطانيا. وهذا يدلّ على أنّ الأفراد هناك كانوا يتمتّعون بنوعية المواد والثروة والمكانة الاجتماعية وشبكات العلاقات عينها التي تمتّع بها الناس في الجنوب. إنهم يتحدّون طريقة تفكيرنا، ويُظهرون أنّ الشمال لم يكن بالتأكيد منطقة مُتخلِّفة في العصر الحديدي. فهو مترابط وقوي وثري تماماً مثل مجتمعات العصر الحديدي في الجنوب».

قطع معدنية مُتشابكة (جامعة دورهام)

بدوره، قال مفتّش الآثار القديمة في «هيئة الآثار التاريخية» بإنجلترا، كيث إيميريك، إنه اتُّفق على قرار توفير التمويل في اليوم عينه الذي اتصل به الدكتور مور. وأضاف: «حجم الاكتشاف والمواد فيه لا مثيل لها على الإطلاق في هذا البلد. الحصول على شيء كهذا من شمال إنجلترا أمر استثنائي». ويذكُر رؤية القطع الأثرية المعروضة في دورهام: «كانت واحدة من تلك اللحظات المذهلة، لمجرّد رؤية مدى ثراء بعض منها وروعته بشكل مذهل. كان اكتشافاً فريداً بالنسبة إلى جميع المُشاركين فيه».

من جهته، قال الدكتور مور إنّ الافتراض العملي السائد هو أنّ هذه القطع الأثرية ذات المكانة الرفيعة تعود إلى شخص «ربما كان جزءاً من شبكة من النخب في جميع أنحاء بريطانيا، وحتى في أوروبا، أو العالم الروماني القديم». وقد حُرق كثير من المواد، مما يشير إلى أنها ربما كانت جزءاً من محرقة جنائزية لشخصية نبيلة من النخبة قبل أن تُلقى في حفرة. وتابع مور أنّ أحد أكثر الأجزاء إثارةً للاهتمام في ذلك الاكتشاف هو أنه أول دليل على وجود عربات ذات 4 عجلات استخدمتها قبائل العصر الحديدي القديمة في بريطانيا؛ والتي هي ربما تقليد للعربات التي شوهدت في أوروبا القارية. وأضاف: «سنضطرّ إلى قضاء سنوات في التفكير بشكل هذه العربات، ومن أين جاءت».

وقُدِّرت قيمة كنز ميلسونبي بنحو 254 ألف جنيه إسترليني، وسيُطلق متحف يوركشاير في يورك حملة لجمع التبرعات لتأمينها للأمة. أما وزير التراث كريس براينت، فأكد أنّ الكنز يُعدُّ اكتشافاً استثنائياً، «ومن شأنه أن يساعدنا على فهم نسيج تاريخ أمتنا بصورة أفضل».