جدد ارتفاع نسب رسوب طلاب الفرقة الأولى بكلية الطب البشري بجامعة سوهاج المصرية (جنوب البلاد) الحديث عن «الغش» في الثانوية العامة، إذ عقب إعلان نتيجة طلاب الفرقة الأولى، الأربعاء، والتي أظهرت مؤشراتها نجاح 25 في المائة فقط من الطلاب، أُثيرت حالة من الجدل حولها، لكون هذه النتائج «لا تتناسب مع هؤلاء الطلاب (المتفوقين) من أصحاب المجموع المرتفع في الثانوية العامة خلال العام الماضي، السابق لالتحاقهم بكلية الطب»، حسب مراقبين.
وأدى 825 طالباً وطالبة بالفرقة الأولى بكلية الطب امتحانات الفصل الدراسي الأول إلكترونياً، قبل أسابيع قليلة، حسب الجامعة.
وهي ليست المرة الأولى التي تأتي نتائج بعض طلاب كليات الطب بمصر في السنة الأولى من دراستهم الجامعية «مخيبة»، ففي العام الماضي شهدت نتيجة الفرقة الأولى بنفس الكلية رسوب 229 طالباً، من أصل 671 طالباً بالفرقة الأولى؛ ما يعني قرابة الثُّلث، كما أظهرت نتائج جامعتَي «جنوب الوادي» و«أسيوط» نتائج مماثلة، والتي فُسرت من جانب رؤساء الجامعات وقتها بسبب «الغش العائلي» في لجان الثانوية العامة، وأيضاً ضجَّت «السوشيال ميديا» حينها بالواقعة.
وحسب بيان رسمي صادر من جانب رئيس جامعة سوهاج د.حسان النعماني، الأربعاء، فإن طلاب الفرقة الأولى بكلية الطب أدوا الامتحانات إلكترونياً، وذلك تماشياً مع خطة الجامعة نحو التحول الرقمي لجميع نظم المخرجات التعليمية، التي تلعب دوراً أساسياً في مراقبة جودة التعليم وأداء الطلاب.
وأضاف أن إدارة الجامعة حرصت على تطبيق نظام الامتحان الإلكتروني؛ لضمان المصداقية والشفافية، دون تدخل العنصر البشري، مشيراً إلى أن الامتحانات لم تشهد أي معوقات خلال فترة انعقادها، خصوصاً أن القاعات الامتحانية مجهَّزة بأحدث التقنيات التي تضمن دقة عالية الجودة في تأدية الطلاب اختباراتهم.
إلى ذلك، أعلنت الكلية، الخميس، أنه سيُفتح باب التظلمات على نتيجة الفرقة الأولى. بينما لَفَتَ رئيس الجامعة إلى عرض إجابات الطلاب على اللجنة المختصة، وتابع أن هذه النتائج ليست نهائية، وللطالب حق التقدم لأداء امتحانات الدور الثاني.
ووفق آخر إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، فإن إجمالي الطلاب المقيدين بالتعليم العالي في مصر بلغ 3.7 مليون طالب خلال العام الدراسي (2022 - 2023).
وتفاعلت مواقع التواصل الاجتماعي، الخميس، مع نسبة الرسوب المقدرة بـ75 في المائة. وتحدثت حسابات من بينها حساب باسم «محمد» عن دور «الغش» في الثانوية العامة في حصول الطلاب على المجموع المرتفع. في حين دافعت حسابات أخرى عن الكلية والجامعة.
الثانويه العامه معظم اللى جابوا طب كانوا غاشين الامتحانات وكانت بتدخلهم الاجابات...النتيجة رسوب 75%من طلبة طب سوهاج....تلات ارباع الدفعة سقطت....#بين_السطور
— mahmoud saad (@mahmoud26388528) February 22, 2024
ويذهب الخبير التربوي المصري، الدكتور حسن شحاتة، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الغش» في الثانوية العامة أحد أسباب رسوب الطلاب في المرحلة الجامعية، لكنّ «(عناصر فشل الطلاب وعدم النجاح) تعود إلى نظام امتحانات الثانوية العامة، لكونه يدفع الطالب إلى الحفظ لا إلى التفكير وإبداء الرأي»، مضيفاً أن «هذه المنهجية في الثانوية العامة، صدمت الطلاب عند أول امتحان في الجامعة، الذي يأتي ليقيس القدرات والمهارات، على عكس ما كانوا معتادين عليه».
ويشار إلى أن محاولات وزارة التربية والتعليم التصدي للغش وصلت إلى التجريم القانوني، إذ صدر القانون رقم 205 لسنة 2020 الخاص بمكافحة أعمال الإخلال بـالامتحانات على أن يعاقَب الطالب المتهم بالغش بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد على 7 سنوات، فضلاً عن دفع غرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه، ولا تزيد على 200 ألف جنيه.
بيقولك عدد الراسبين في أولى طب سوهاج 75% واللي نجح 25% بس pic.twitter.com/OEyagf4UNJ
— Creative Sarcasm (@Cs_Sarcasm) February 22, 2024
وعن دور الامتحانات الإلكترونية في تحقيق نتيجة طلاب كلية الطب، قال شحاتة إن «المشكلة ليست في طريقة أداء الامتحان، بل في الطريقة التي تربى وتدرج عليها الطلاب في سنوات الدراسة، منذ المرحلة الابتدائية حتى الثانوية العامة، فهي عادات ربّت فيهم الحفظ والتكرار، وعندما جاء انتقالهم إلى الجامعة وجدوا عادات عقلية أخرى مختلفة».
ووفق أحدث إحصائية للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، يُقدر عدد طلاب التعليم قبل الجامعي «الابتدائي والإعدادي والثانوي» بنحو 28 مليوناً خلال عام (2022 – 2023).
في السياق، طالب شحاتة بإعادة النظر في تطوير نظام الثانوية العامة ومنهجيتها وامتحاناتها، لكي تتناسب مع متطلبات التعليم الجامعي والبحث العلمي، بما يفرز طالب علم قادراً على التفكير، سواء كانت دراسته في الكليات النظرية أو العملية، فالمهم أن يكون الطالب مُؤسَّساً على عملية التفكير وإبداء الرأي.