«وراء الشاشات» لعماد فخري... ثرثرات صامتة تُحطّم الوحدة

معرض بيروتي لوحاته بتقنية «ميكسد ميديا» والأكليريك

عماد فخري أمام بعض لوحاته (الشرق الأوسط)
عماد فخري أمام بعض لوحاته (الشرق الأوسط)
TT

«وراء الشاشات» لعماد فخري... ثرثرات صامتة تُحطّم الوحدة

عماد فخري أمام بعض لوحاته (الشرق الأوسط)
عماد فخري أمام بعض لوحاته (الشرق الأوسط)

قلبت مواقع التواصل العلاقات الاجتماعية رأساً على عقب، فغابت اللقاءات بين الناس، وما عادت ترتكز على التحادُث وجهاً لوجه، ولا التسليم باليد، ولا الاطمئنان إلى مريض بزيارته. صارت شاشة الهاتف الجوال الوسيلة الأسرع لإنجاز هذه العادات، عبرها نتواصل مع شقيق مسافر، ووالدة مريضة، ونقدّم واجب العزاء لصديق.

الموضوع شائك، ويثير جدلية بين الناس. بعضهم يصفه بـ«علّة العصر»، وآخرون بـ«نعمة الزمن». لكن الفنان التشكيلي عماد فخري استفزّه التواصل الدائم عبر شاشات الكومبيوتر والجوال و«الآيباد»، فقرّر إطلاق العنان لفرشاته ليؤلّف لوحات بعنوان «وراء الشاشات». من خلالها، عزف على الوتر الحساس، فأعاد جمع الناس تحت سقف واحد؛ مرات وهم يتسامرون، وفي أخرى يلتقون من دون تحدُّث. لا بأس أن يكون الصمت سيد اجتماعات تغلب عليها لغة الجسد. الأهم عنده إعادة إحياء العلاقات الصادقة، وروح الجماعة، والروابط الإنسانية. فالأحباء يستحقّون فرصة الالتقاء مجدداً من دون قيود تفرضها الشاشات.

«وقت القيلولة» لوحة تعبّر عن التواصل بين الإنسان والحيوان (الشرق الأوسط)

تطبعك لوحات فخري بألوانها الدافئة التي تعيدك إلى زمن مضى يعبق براحة نفتقدها اليوم. فهو يحرّك أنامله باتجاه شخصيات حفظتها ذاكرته، وبطبقات «ميكسد ميديا»، يُعمّر موضوعات لوحاته من دون تخطيط مسبق. يقول لـ«الشرق الأوسط»: «أبدأ بالرسم على خلفية بيضاء، ألوّنها، ومن ثَم أترك للفكرة أن تترجم نفسها. بعض لوحاتي استهلّه بموضوع لاستبدل به آخر، وثانياً وثالثاً. أحياناً تتعبني الفكرة، وأتخلّى عن إكمالها، فتكون لوحة من دون نهاية».

هكذا، بكل صدق، يعبّر عن تقنيته في الرسم. أما أدواته من سكين، ومجحاف، وفرشاة، وأنامل رشيقة، فتشكّل التناغم المطلوب في اللوحة.

ملامح شخصيات لوحاته تُمرّر لناظرها رسائل مختلفة. حزن وفرح ونبض حياة، لا تسردها النظرات فقط، بل لغة جسد نافرة. بعضها يتكئ على زمن مضى، وآخر يروي قصة تأمّل أو وحدة قاسية.

يرسم عماد فخري التواصل حرفة لا يتقنها الجميع. ويُلاحظ في كلٍّ من لوحاته حضور لشخص وحيد. يعلق: «إنها العزلة التي شعرنا بها جميعاً أثناء الجائحة، فأحسسنا بالاختناق».

يقام معرض «وراء الشاشات» في غاليري «آر ت أون 56» (الشرق الأوسط)

ولكن كيف يؤلّف هذه الجماعات المتناغمة والمنفصلة في آن؟ يوضح: «إنهم أشخاص مرّوا في حياتي، أختار كلاً منهم على حدة. ومن ثَم أضعهم تحت سقف واحد لأنمّي التواصل بينهم؛ بالألوان، وحركة الجسد، وملامح وجه غامضة مرات كثيرة. من خلالهم أدعو العالم إلى التلاقي من جديد، مهما فرّقتهم المسافات. أشرّح لغة جسدهم على طريقتي؛ أحياناً بيد مسترخية، أو بقدم حافية، وأفواه مفتوحة، فجميعها تؤلّف لغة تواصل نستطيع أن نستشف منها الحالة التي يمرّون بها».

جميع لوحات «وراء الشاشات» المعروضة في غاليري «آرت أون 56» بشارع الجميزة في بيروت، تحمل عناوين تصبّ في خانة التواصل: «تناغم في الحوار»، و«في رفقة حلوة»، و«تفاعل بهيج»، و«جمعة أصدقاء»، و«قلوب متصلة»، و«تواصل صامت»... في كل منها تجتمع قصص إنسانية تلغي لغة العينين، ويستبدل بها فخري أخرى خاصة بالجسد، توهمك بفكرة معينة ليتبيّن أنها خاطئة. هذا الأمر يتجلى في لوحة «قلوب متصلة» التي استوحاها من مشهدية لا ينساها؛ فالرجل المتصدّر اللوحة يتمتّع بلياقة بدنية لافتة ليبدو بطل ملاكمة. ولكن عندما نستوضح فخري عنه، يقول: «إنه يحمل مع باقي شخصيات الصورة صندوق موت غير مرئي. يرفعه بيديه القويتين إلى أعلى مودّعاً صديقه. وهي صورة حفرت في ذهني عندما كنت لا أزال يافعاً أثناء جنازة قريب لي».

لوحة «في رفقة حلوة» من معرض «وراء الشاشات» (الشرق الأوسط)

أما في لوحة «وقت القيلولة»، فيصوّر رجلاً مع كلبه: «الكلب أيضاً صلة تواصل بالنسبة إلى كثيرين. ورغم عدم حفظ ذاكرتي غالباً لشكله، أستحضره في المشهد، وأركّبه ضمن اللوحة ليخدم موضوعها».

من قلب الجسد والفراغات، تتحرّك فرشاة عماد فخري. يلوّن، ويفتح طاقات لا يلبث أن يقفل بعضها. فالأكاديمية والحرفية تجتمعان في لوحاته بليونة أنامل تبحث عن الراحة. يقول: «بالفعل، إنه العالم الهادئ الذي أرغب في دخوله يومياً من خلال مشغلي. أمضي فيه ساعات من دون ملل، لأنه يشكّل واحة من الحرّية والراحة، وهما ما تعكسهما لوحاتي».


مقالات ذات صلة

عمل فني صادم: رؤوس مشاهير التكنولوجيا على كلاب روبوتية (فيديو)

يوميات الشرق روبوتات تُشبه آندي وارهول (يساراً) وإيلون ماسك (يميناً) تُعرض في معرض «حيوانات عادية» للفنان بيبل في «آرت بازل ميامي بيتش» (أ.ب)

عمل فني صادم: رؤوس مشاهير التكنولوجيا على كلاب روبوتية (فيديو)

انتشر عمل فني من معرض «آرت بازل» يضم كلاباً آلية تحمل رؤوساً شمعية لوجوه شخصيات بارزة من رواد التكنولوجيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق رئيس المعهد الثقافي الايطالي أنجلو جووي خلال جولته في المعرض (الشرق الأوسط)

معرض «ديفا» حكايات الإبداع الإيطالي في تصميم المجوهرات

لا يشكّل معرض «ديفا» (رحلة في بريق المجوهرات الإيطالية) قصة عادية لفنانين مصمّمين، بل يروي حكاية شيّقة عن تاريخ هذا الفنّ اليدوي في إيطاليا.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق لوحة الفنان لويس هارو من أوروغواي (الشرق الأوسط)

«عيد الكاريكاتير المصري» يحتفي بـ«المتحف الكبير» وطوغان

المعرض يهدف إلى تعزيز الوعي بالهوية المصرية وبقيمة المتاحف، ويقدّم أعمالاً متنوعة تمزج بين السخرية والطرح الإنساني لإيصال رسائل ثقافية وفنية قريبة من الجمهور.

حمدي عابدين (القاهرة)
يوميات الشرق تدور موضوعات لوحات بو فرح بين الخيال والواقع (الشرق الأوسط)

معرض «آي كلاود» لجولي بو فرح ريشة مغمسة بالحدس والعفوية

تستعير الفنانة التشكيلية جولي بو فرح في معرضها «آي كلاود» من الغيوم صورة شاعرية لأعمالها، فترسمها بريشة تتأرجح بين الواقع والخيال.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق إحدى لوحات المعرض (المتحف المصري بالتحرير)

المتحف المصري يحتضن لوحات «من البردي الأخضر إلى الفن الخالد»

تحت عنوان «من البردي الأخضر إلى الفن الخالد»، استضاف المتحف المصري بالتحرير (وسط القاهرة) معرضاً فنياً يضم لوحات وأعمالاً تستلهم الحضارة المصرية.

محمد الكفراوي (القاهرة )

«البحر الأحمر»...3 أفلام تبحر في التاريخ غير البعيد

أمير المصري وبيرس بروسنان في «عملاق» (مهرجان البحر الأحمر)
أمير المصري وبيرس بروسنان في «عملاق» (مهرجان البحر الأحمر)
TT

«البحر الأحمر»...3 أفلام تبحر في التاريخ غير البعيد

أمير المصري وبيرس بروسنان في «عملاق» (مهرجان البحر الأحمر)
أمير المصري وبيرس بروسنان في «عملاق» (مهرجان البحر الأحمر)

نال الفيلمان العربيان «نجوم الأمل والألم» لسيريل عريس، و«اللي باقي منك» لشيرين دعيبس، استحساناً جيداً من جمهور غفير في اليوم الأول من مهرجان البحر الأحمر (الجمعة)، وكلاهما في المسابقة الرسمية.

يُؤلّف «اللي باقي منك» و«فلسطين 36» ثلاثية من الأفلام الجديدة التي وجّهت اهتمامها، وفي الوقت المناسب، إلى الموضوع الفلسطيني، وتمتد أحداثه إلى ثلاثة أجيال متعاقبة، من عام 1948 حتى سنة 2022.

«نجوم الأمل والألم» مؤلَّف أيضاً من 3 محطات زمنية، ونجد فيه حكاية عاطفية - رومانسية في الأساس، مع خلفيات عن الحرب الأهلية وما بعدها ومصائر البيروتيين خلالها.

فيلم الافتتاح، «عملاق»، يتولّى الإعلان عن أنّه قصّة حياة الملاكم اليمنيّ الأصل نسيم، لكن التركيز في الواقع ينصبّ على شخصية المدرّب براندن (بيرس بروسنان)، ويختار أن يمارس قدراً من عنصرية التفكير حول مَن يستحقّ التركيز عليه أكثر: الملاكم العربيّ الأصل أم المدرّب الأبيض.


جورج كلوني: «أسافر دوماً بالقطار»

النجم الأميركي جورج كلوني (رويترز)
النجم الأميركي جورج كلوني (رويترز)
TT

جورج كلوني: «أسافر دوماً بالقطار»

النجم الأميركي جورج كلوني (رويترز)
النجم الأميركي جورج كلوني (رويترز)

عزز الممثل الأميركي جورج كلوني من صورته فيما يتعلق بالبيئة عن طريق السفر بالقطار، سواء كان ذلك أسفل القنال الإنجليزي إلى لندن أو بين باريس وقصره جنوب فرنسا.

وقال النجم السينمائي (64 عاماً) لنسخة نهاية الأسبوع من صحيفة «فرانكفورتر ألجماينه تسايتونغ» الألمانية: «غالباً ما أستقل القطار بين لندن وباريس، وأسافر بالقطار قطعاً بين إكس-أون- بروفانس وباريس كل أسبوعين».

وأوضح كلوني، الذي أبدى من قبل انحيازه لحماية البيئة: «أسافر دائماً بالقطار».

ويعيش كلوني، الحاصل على جائزتي أوسكار والعديد من الجوائز الأخرى، مع زوجته المحامية الحقوقية أمل كلوني، وابناهما التوأمان إيلا وألكسندر في مزرعة في بروفانس.

وصدر فيلمه «جاي كيلي» على منصة «نتفليكس» الجمعة. ومن بين أشهر أفلامه «أوشنز إليفن» و«سيريانا».


رقصة هندية تلهم الروبوتات تعلّم حركات اليد المعقدة

عرضٌ تجريبيٌّ في المختبر (جامعة ماريلاند)
عرضٌ تجريبيٌّ في المختبر (جامعة ماريلاند)
TT

رقصة هندية تلهم الروبوتات تعلّم حركات اليد المعقدة

عرضٌ تجريبيٌّ في المختبر (جامعة ماريلاند)
عرضٌ تجريبيٌّ في المختبر (جامعة ماريلاند)

استخلص باحثون في جامعة ماريلاند الأميركية بمقاطعة بالتيمور (UMBC) العناصر الأساسية لإيماءات اليد الدقيقة التي يستخدمها الراقصون في رقصة «بهاراتاناتيام» الهندية الكلاسيكية، ووجدوا «أبجدية» للحركة أغنى وأكثر ثراء مقارنةً بمسكات اليد الطبيعية.

ووفق دراستهم المنشورة في مجلة «ساينتفيك ريبورتس» (Scientific Reports)، يمكن لهذا العمل أن يُحسّن كيفية تعليم الروبوتات حركات اليد المعقدة، وأن يُوفر للبشر أدوات أفضل للعلاج الطبيعي.

ركّز رامانا فينجاموري، الأستاذ في جامعة ماريلاند بمقاطعة بالتيمور والباحث الرئيسي في هذا العمل، مختبره على فهم كيفية تحكم الدماغ في حركات اليد المعقدة.

ابتكر فينجاموري نهجاً جديداً لاستخلاص العناصر الأساسية من مجموعة واسعة من إيماءات اليد الدقيقة، المسماة «مودرا»، المستخدمة في الرقص الكلاسيكي الهندي لتعزيز عنصر سرد القصص في هذا الإطار الفني.

ويُطور الفريق البحثي حالياً تقنيات «لتعليم» الأيدي الروبوتية أبجديات الحركات وكيفية دمجها لإنشاء إيماءات يد جديدة، وهو ما يُمثل انحرافاً عن الأساليب التقليدية لتعليم الروبوتات تقليد إيماءات اليد، ويتجه نحو أسلوب جديد لكيفية عمل جسم الإنسان ودماغه معاً.

ويختبر الباحثون هذه التقنيات على يد روبوتية مستقلة وروبوت بشري، يعمل كل منهما بطريقة مختلفة ويتطلَّب نهجاً فريداً لترجمة التمثيلات الرياضية للتآزر إلى حركات جسدية.

يقول فينجاموري: «الأبجدية المُشتقة من مودرا أفضل بالتأكيد من أبجدية الفهم الطبيعي لأنها تُظهر قدراً أعلى من البراعة والمرونة».

وأضاف في بيان نُشر الخميس: «عندما بدأنا هذا النوع من الأبحاث قبل أكثر من 15 عاماً، تساءلنا: هل يُمكننا إيجاد أبجدية ذهبية يُمكن استخدامها لإعادة بناء أي شيء؟».

ووفق نتائج الدراسة يمكن استخدام هذا المفهوم لتفكيك تنوع مذهل من الحركات إلى عدد محدود من الوحدات الأساسية.

بحث الفريق عن العناصر الأساسية لحركات اليد وفهرستها (ساينتفيك ريبورتس)

وقبل أكثر من عقد من الزمان، بحث فينجاموري وشركاؤه عن العناصر الأساسية لحركات اليد وفهرستها، بالاعتماد على مفهوم يُسمى التآزر الحركي، إذ يُنسّق الدماغ حركات مفاصل متعددة باليد في آنٍ واحد لتبسيط الحركات المعقدة.

بدأ فينجاموري وطلابه بتحليل مجموعة بيانات تضم 30 مسكة يد طبيعية، تُستخدم لالتقاط أشياء تتراوح أحجامها بين زجاجات المياه الكبيرة وحبات الخرز الصغير.

اختبر الفريق بعد ذلك مدى قدرة التآزرات المستمدة من الإمساك الطبيعي على الجمع لإنشاء حركات يد غير مرتبطة مقارنةً بالتآزرات المستمدة من المودرا. وقد تفوقت التآزرات المستمدة من المودرا بشكل ملحوظ على تآزرات الإمساك الطبيعي باليد، وفق نتائج الدراسة.

يقول بارثان أوليكال، العضو المخضرم في مختبر فينجاموري الذي يسعى حالياً للحصول على درجة الدكتوراه في علوم الحاسوب: «عندما تعرَّفت على مفهوم التآزر، أصبح لدي فضول كبير لمعرفة ما إذا كان بإمكاننا استخدامه لجعل اليد الروبوتية تستجيب وتعمل بطريقة اليد البشرية نفسها».

ويضيف: «لقد كان من دواعي سروري أن أُضيف عملي الخاص إلى جهود البحث، وأن أرى النتائج».

يستخدم الفريق كاميرا بسيطة ونظاماً برمجياً للتعرُّف على الحركات وتسجيلها وتحليلها، وهو ما يُسهم بشكل كبير في تطوير تقنيات فعالة من حيث التكلفة يمكن للناس استخدامها في منازلهم.

في نهاية المطاف، يتصوَّر فينجاموري ابتكار مكتبات من الأبجديات المُخصصة لمهام روبوتية مُحددة، يُمكن استخدامها حسب الاحتياجات، سواءَ كان ذلك إنجاز الأعمال المنزلية اليومية من بينها الطهي أو طيّ الملابس، أو أي شيء أكثر تعقيداً ودقة، مثل العزف على آلة موسيقية.