«صراع ديوك» بين مطعمين هنديين على طبق الدجاج بالزبدة

طبق دجاج بالزبدة يتم تقديمه في مطعم موتي في نيودلهي (أ.ف.ب)
طبق دجاج بالزبدة يتم تقديمه في مطعم موتي في نيودلهي (أ.ف.ب)
TT

«صراع ديوك» بين مطعمين هنديين على طبق الدجاج بالزبدة

طبق دجاج بالزبدة يتم تقديمه في مطعم موتي في نيودلهي (أ.ف.ب)
طبق دجاج بالزبدة يتم تقديمه في مطعم موتي في نيودلهي (أ.ف.ب)

ادّعت سلسلة «موتي محل»، إحدى أقدم شبكات المطاعم في نيودلهي، على منافِستها «دارياغانج» أمام المحكمة العليا في العاصمة. واتهمت «موتي محل» في الدعوى المؤلفة من 2000 صفحة منافِسَتها بأنها تزعم بشكل غير عادل ابتكار الوصفة اللذيذة للدجاج بالصلصة الحمراء الدسمة التي تُمزَج فيها كريمة الطبخ بملعقة صغيرة من الزبدة، وكذلك وصفة دال ماخاني، وهو طبق من العدس الأسود يُطهى على نار خفيفة ويُقدّم مع صلصة بالكريمة والطماطم.

دعوى قضائية رفعتها موتي إحدى أقدم سلاسل المطاعم (أ.ف.ب)

وقال صاحب «موتي محل» مونيش غوجرال (57 عاماً)، في أحد الفروع المزدحمة للسلسلة في نيودلهي: «حقيقة أننا مبتكرو الدجاج بالزبدة ودال ماخاني موثقة جيداً». وأضاف: «لا نقول إن الآخرين لا يمكنهم تقديم الدجاج بالزبدة في مطعم، لكن عليهم ألا يقولوا إنهم ابتكروا هذا الطبق. لن أسمح لأي شخص بسرقة تاريخنا».

في بيشاور الواقعة فيما يعرف الآن بباكستان، تعلّم جدّ مونيش غوجرال الذي كان يُدعى كوندان لال غوجرال الطبخ، وفتح مطعماً عام 1920. وخطرت له فكرة إضافة صلصة بالكريمة غنية بالطماطم إلى «قطع الدجاج التندوري المتبّلة بالبهارات

يقدم نادل الدجاج بالزبدة للعملاء في مطعم موتي (أ.ف.ب)

كي لا تكون جافة. وبعد انتقاله إلى نيودلهي عام 1947 لدى تقسيم الهند وباكستان، أطلق الشيف مطعمه الأول «موتي محل».

وأصبح المطعم مؤسسة فعلية في الفن المطبخي يقصدها ضيوف مرموقون لتذوق ابتكاراتها، من بينهم رئيس الوزراء الهندي جواهر لال نهرو الذي كان من الزوار المنتظمين، والرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون والسيدة الأولى جاكي كيندي. لكنّ الوضع ساء بعد تعيين ابن عم المؤسس كوندان لال جاغي شريكاً.

فورثة الأخير الذين أسسوا سلسلة «دارياغانج» يؤكدون أن سلفهم هو الأب الحقيقي للدجاج بالزبدة. ففي روايتهم أن الطبق ابتُكر عام 1947. فذات ليلة، لم يكن لدى صاحب المطعم سوى بضع قطع من الدجاج التندوري لخدمة زبائن وصلوا عند إغلاق المطبخ، فاقترح أحد الضيوف أن يضيف صلصة «لكي يتمكن الجميع من الاستمتاع بوجبة كبيرة». لكنّ مونيش غوجرال اعتبر أن السلسلة المنافسة تنكر ببساطة تاريخ عائلته.

أصبح الدجاج بالزبدة أحد أكثر الأطباق الهندية المفضلة (أ.ف.ب)

وقال أمام صور بالأبيض والأسود لشخصيات تزين جدران المطعم: «نحن نعمل في هذا المجال منذ مائة عام». وأضاف: «لقد قلّدوا أجواءنا وأسلوبنا».

وطالبت السلسلة المدّعية بتعويض عن عطل وضرر مقداره 20 مليون روبية (237 ألف دولار) وبمنع «دارياغانج» من القول إنها صاحبة ابتكار الدجاج بالزبدة ودال ماخاني. أما مسؤولو «دارياغانج» ففضلوا درس مضمون الدعوى قبل التعليق على هذه القضية.

ومن المقرر عقد جلسة مقبلة للنظر في الدعوى في مايو (أيار). وهذه ليست المرة الأولى يحصل فيها نزاع على أطباق شهيرة من المطبخ الهندي.

وفي عام 2018، نظرت محكمة نيودلهي العليا في قضية «تونداي كبابي»، وهو طبق شعبي يقوم على اللحم المشوي. وتؤكد كل من ولايتي أوديشا والبنغال الغربية أنها ابتكرت حلوى راسغولا الشهيرة، وهي عبارة عن زلابية كروية الشكل من الجبن تُطهى في شراب مصنوع من السكّر. ولم تقتصر النزاعات على الأطباق الهندية، بل تناولت أيضاً أطباقاً من مناطق أخرى من العالم، كالكيمتشي (الملفوف المخمّر والحار) والحمّص والفلافل ودجاج كييف.


مقالات ذات صلة

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
صحتك رجل يشتري الطعام في إحدى الأسواق الشعبية في بانكوك (إ.ب.أ)

دراسة: 3 خلايا عصبية فقط قد تدفعك إلى تناول الطعام

اكتشف باحثون أميركيون دائرة دماغية بسيطة بشكل مذهل تتكوّن من ثلاثة أنواع فقط من الخلايا العصبية تتحكم في حركات المضغ لدى الفئران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق خبراء ينصحون بتجنب الوجبات المالحة والدهنية في مبنى المطار (رويترز)

حتى في الدرجة الأولى... لماذا يجب عليك الامتناع عن تناول الطعام على متن الطائرات؟

كشف مدرب لياقة بدنية مؤخراً أنه لا يتناول الطعام مطلقاً على متن الطائرات، حتى إذا جلس في قسم الدرجة الأولى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق قطع من الجبن عُثر عليها ملفوفة حول رقبة امرأة (معهد الآثار الثقافية في شينغيانغ)

الأقدم في العالم... باحثون يكتشفون جبناً يعود إلى 3600 عام في مقبرة صينية

اكتشف العلماء أخيراً أقدم قطعة جبن في العالم، وُجدت ملقاة حول رقبة مومياء.

«الشرق الأوسط» (بكين)
يوميات الشرق التفوُّق هو الأثر أيضاً (أ.ف.ب)

الشيف دانييل هوم... أرقى الأطباق قد تكون حليفة في حماية كوكبنا

دانييل هوم أكثر من مجرّد كونه واحداً من أكثر الطهاة الموهوبين في العالم، فهو أيضاً من المدافعين المتحمّسين عن التغذية المستدامة، وراهن بمسيرته على معتقداته.

«الشرق الأوسط» (باريس)

«سلمى» يرصد معاناة السوريين... ويطالب بـ«الكرامة»

الفنانة السورية سُلاف فواخرجي والمخرج جود سعيد مع فريق الفيلم (القاهرة السينمائي)
الفنانة السورية سُلاف فواخرجي والمخرج جود سعيد مع فريق الفيلم (القاهرة السينمائي)
TT

«سلمى» يرصد معاناة السوريين... ويطالب بـ«الكرامة»

الفنانة السورية سُلاف فواخرجي والمخرج جود سعيد مع فريق الفيلم (القاهرة السينمائي)
الفنانة السورية سُلاف فواخرجي والمخرج جود سعيد مع فريق الفيلم (القاهرة السينمائي)

في كل مرة يُعلن فيها عن الإفراج عن دفعة من المعتقلين السوريين، تتزيّن بطلة فيلم «سلمى» وتهرع مع والد زوجها، علّها تعثر على زوجها «سجين الرأي» الذي اختفى قبل سنوات في ظروف غامضة، متمسكة بأمل عودته، رافضة إصدار شهادة وفاته، ومواصلة حياتها مع نجلها ونجل شقيقتها المتوفاة.

تدور أحداث الفيلم السوري «سلمى» في هذا الإطار، وقد جاء عرضه العالمي الأول ضمن مسابقة «آفاق عربية» في «مهرجان القاهرة السينمائي» في دورته الـ45، وتلعب الفنانة السورية سلاف فواخرجي دور البطولة فيه إلى جانب المخرج الراحل عبد اللطيف عبد الحميد الذي يؤدي دور والد زوجها. وقد أُهدي الفيلم لروحه.

تتعرض «سلمى» للاستغلال من أحد أثرياء الحرب سيئ السمعة، لتبدأ بنشر معلومات دعائية لشقيقه في الانتخابات على خلفية ثقة السوريين بها للعبها دوراً بطوليّاً حين ضرب زلزال قوي سوريا عام 2023، ونجحت في إنقاذ عشرات المواطنين من تحت الأنقاض، وتناقلت بطولتها مقاطع فيديو صورها كثيرون. وتجد «سلمى» نفسها أمام خيارين إما أن تتابع المواجهة حتى النهاية، وإما أن تختار خلاصها مع عائلتها.

ويشارك في بطولة الفيلم كلٌ من باسم ياخور، وحسين عباس، والفيلم من إخراج جود سعيد الذي يُعدّه نقاد «أحد أهم المخرجين الواعدين في السينما السورية»، بعدما حازت أفلامه جوائز في مهرجانات عدة، على غرار «مطر حمص»، و«بانتظار الخريف».

سُلاف تحتفل بفيلمها في مهرجان القاهرة (القاهرة السينمائي)

قدّمت سُلاف فواخرجي أداءً لافتاً لشخصية «سلمى» التي تنتصر لكرامتها، وتتعرّض لضربٍ مُبرح ضمن مشاهد الفيلم، وتتجاوز ضعفها لتتصدّى لأثرياء الحرب الذين استفادوا على حساب المواطن السوري. وتكشف أحداث الفيلم كثيراً عن معاناة السوريين في حياتهم اليومية، واصطفافهم في طوابير طويلة للحصول على بعضِ السلع الغذائية، وسط دمار المباني جراء الحرب والزلزال.

خلال المؤتمر الصحافي الذي نُظّم عقب عرض الفيلم، تقول سُلاف فواخرجي، إنه من الصّعب أن ينفصل الفنان عن الإنسان، وإنّ أحلام «سلمى» البسيطة في البيت والأسرة والكرامة باتت أحلاماً كبيرة وصعبة. مؤكدة أن هذا الأمر ليس موجوداً في سوريا فقط، بل في كثيرٍ من المجتمعات، حيث باتت تُسرق أحلام الإنسان وذكرياته. لافتة إلى أنها واحدة من فريق كبير في الفيلم عمل بشغف لتقديم هذه القصة. وأضافت أنها «ممثلة شغوفة بالسينما وتحب المشاركة في أعمال قوية»، مشيرة إلى أن «شخصية (سلمى) تُشبهها في بعض الصّفات، وأن المرأة تظل كائناً عظيماً».

من جانبه، قال المخرج جود سعيد، إن هذا الفيلم كان صعباً في مرحلة المونتاج، خصوصاً في ظل غياب عبد اللطيف عبد الحميد الذي وصفه بـ«الحاضر الغائب».

مشيراً إلى أن قصة «سلمى» تُمثّل الكرامة، «وبعد العشرية السّوداء لم يبقَ للسوريين سوى الكرامة، ومن دونها لن نستطيع أن نقف مجدداً»، وأن الفيلم يطرح إعادة بناء الهوية السورية على أساسٍ مختلفٍ، أوّله كرامة الفرد. ولفت المخرج السوري إلى أن شهادته مجروحة في أداء بطلة الفيلم لأنه من المغرمين بأدائها.

الفنان السوري باسم ياخور أحد أبطال فيلم «سلمى» (القاهرة السينمائي)

ووصف الناقد الأردني، رسمي محاسنة، الفيلم بـ«الجريء» لطرحه ما يقع على المسالمين من ظلمٍ في أي مكان بالعالم؛ مؤكداً على أن كرامة الإنسان والوطن تستحق أن يُجازف المرء من أجلها بأمور كثيرة، وتابع: «لذا لاحظنا رفض (سلمى) بطلة الفيلم، أن تكون بوقاً لشخصية تمثّل نموذجاً للفساد والفاسدين رغم كل الضغوط».

وأوضح رسمي محاسنة في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن الفيلم قدّم شخصياته على خلفية الحرب، عبر نماذج إنسانية متباينة، من بينها تُجار الحرب الذين استغلوا ظروف المجتمع، ومن بقي مُحتفّظاً بإنسانيته ووطنيته، قائلاً إن «السيناريو كُتب بشكل دقيق، وعلى الرغم من دورانه حول شخصية مركزية فإن المونتاج حافظ على إيقاع الشخصيات الأخرى، وكذلك الإيقاع العام للفيلم الذي لم نشعر لدى متابعته بالملل أو بالرتابة».

سُلاف والمخرج الراحل عبد اللطيف عبد الحميد في لقطة من الفيلم (القاهرة السينمائي)

وأشاد محاسنة بنهاية الفيلم مؤكداً أن «المشهد الختامي لم يجنح نحو الميلودراما، بل اختار نهاية قوية. كما جاء الفيلم دقيقاً في تصوير البيئة السورية»؛ مشيراً إلى أن «المخرج جود سعيد استطاع أن يُخرِج أفضل ما لدى أبطاله من أداء، فقدموا شخصيات الفيلم بأبعادها النفسية. كما وفُّق في إدارته للمجاميع».

واختتم محاسنة قائلاً: «تُدهشنا السينما السورية باستمرار، وتقدّم أجيالاً جديدة مثل جود سعيد الذي يتطوّر بشكل ممتاز، وفي رأيي هو مكسبٌ للسينما العربية».