«ثانوية النسيم»... سرد درامي يجمع بين تمرد المراهقين ومأزق المعلمين

الكاتب علاء حمزة لـ«الشرق الأوسط»: للعمل رسالة تربوية... ونحاول الترويج للمعلم «المُصلح»

صورة جماعية لأبطال المسلسل (المصدر: شاهد)
صورة جماعية لأبطال المسلسل (المصدر: شاهد)
TT

«ثانوية النسيم»... سرد درامي يجمع بين تمرد المراهقين ومأزق المعلمين

صورة جماعية لأبطال المسلسل (المصدر: شاهد)
صورة جماعية لأبطال المسلسل (المصدر: شاهد)

لطالما احتلت دراما المدارس الثانوية مكانة خاصة في قلوب الجمهور، كونها أشبه بنافذة للمشاهد على فترات الصعود والهبوط خلال مرحلة المراهقة، هذا ما يرتكز عليه المسلسل السعودي «ثانوية النسيم» الذي بدأ عرضه اليوم (الأحد) على منصة «شاهد»، والذي يتناول قصص طلاب مشاغبين داخل مدرسة ثانوية في حي شعبي شرق مدينة الرياض، يعين فيها معلم جديد يحاول خلال أحداث المسلسل إصلاح هؤلاء الشباب المتمردين وترويض سلوكهم.

سرد محلي بنكهة شعبية

في حديث له مع «الشرق الأوسط»، يكشف كاتب العمل علاء حمزة أن المسلسل «هو من دراما المدارس الثانوية التي تُقدم كثيراً في أنحاء العالم، فهناك أكثر من عمل ينزل سنوياً بتصنيف دراما المدارس الثانوية، لكن نحن هنا نقدمها بنكهة محلية وبسيطة، من خلال مجموعة من الشباب الذين نجدهم في حي شعبي كحي النسيم، لا يكترثون بدراستهم، لكن لديهم مجموعة من المزايا الأخرى، منها صفات رجولية وعادات متوارثة، مثل إكرام الضيف واحترام الجار ونحو ذلك».

يتابع حمزة: «هؤلاء الشبان هم بحاجة للتوجيه السليم فقط كي تتحسن مستوياتهم الدراسية وظروفهم المعيشية، ومن هنا يأتي دور الأستاذ عبد الله (الممثل خالد صقر) الذي يحمل درجة الماجستير من بريطانيا في تخصص إصلاح التعليم، وحين يدخل إلى المدرسة يحاول أن يُصلح أحوال الطلاب، وسيحكم المشاهد إن كان سينجح في ذلك أم لا»، ولفت حمزة إلى أن الصيغة المحلية لأعمال المدارس الثانوية اعتادت على تناول مدارس البنات، أما ما يحدث داخل مدارس البنين فلم يسبق طرحه مسبقاً، ما يجعل هذا العمل فريداً من نوعه.

⁨«ثانوية النسيم» أول مسلسل سعودي يكشف خبايا ما يحدث في مدارس الأولاد (الشرق الأوسط)⁩

الرسالة التربوية في الدراما

لأن المسلسل يحمل في طياته جوانب تربوية، كان لا بد من السؤال عن دور الدراما في معالجة مشكلات المجتمع، هنا يجيب حمزة: «أي عمل فني لا يحمل رسالة هو مجرد مضيعة للوقت والمال، فمن الضروري أن تكون هناك رسالة هامة تتضمنها الأعمال الفنية، وفي (ثانوية النسيم) كانت رسالتنا تربوية، مفادها أنه في حال وجود المعلم الجيّد والمؤمن إيماناً كاملاً برسالته، حينها سيكون بمقدوره إصلاح الطالب وتغيير حالة إلى ما هو أفضل».

يستند حمزة في ذلك على رؤيته بأهمية دور المعلم في نهضة المجتمع، مشيراً إلى أن دور الأستاذ عبد الله في المسلسل لا يقتصر على مهام التدريس الروتينية، إنما يذهب إلى ما هو أبعد من ذلك مع الطلاب، حيث يزورهم ويتعرف على آبائهم ويقترب أكثر من الطلاب غير المنضبطين، ويردف: «أي عمل فني عليه أن يتضمن رسالة تفيد المجتمع، لأن الفن أحد العناصر القوية في التنمية».

التعليم ما بين أمس واليوم

بسؤاله عن الفترة الزمنية التي تناولها العمل، يقول: «تناولنا الزمن الحالي، إلا أن القصص تختلف من مكان لمكان، ومن مدرسة لأخرى، لكن هناك أموراً معروفة، مثل أن الطلاب الأشقياء دائماً ما يجلسون في المقاعد الأخيرة بالصف الدراسي». وأشار إلى أن القصة تُظهر مدى تفاوت أساليب التعليم قائلاً: «في الماضي، كان التعليم يعتمد على الضرب كأسلوب تقويمي، لكنه أصبح ممنوعاً في المدارس، وصار على المعلمين أن ينهجوا أساليب أخرى، ما يجعل المعلم يعتمد على خبرته وأساليبه الإقناعيّة في التعامل مع الطلاب».

نموذج المعلّم المصلح

لا يقتصر المسلسل على تباين شخصيات الطلاب فقط، بل يتناول قصصاً من واقع المعلمين أنفسهم، ما بين المتساهل وغير المكترث بالطلاب وآخر يبذل كل جهده لتقويمهم، عن ذلك يقول كاتب العمل: «هذا يحدث على أرض الواقع، ما بين معلم يأخذ رسالته إلى أبعد مدى، ومعلم يرى أن عمله مجرد وظيفة ولا يهتم بالطلاب، ونحن في المسلسل نروّج للنوع الأول من المعلمين... صحيح أنه عمل مليء بعناصر التشويق إلا أن الغرض الرئيسي هو أن نقول للمعلمين شاهدوا النموذج الجيد الذي يستطيع المساهمة في إصلاح هؤلاء الطلاب، فنحن نحاول أن نجعل الأستاذ عبد الله نموذجاً للمعلم، المؤمن بالدور الذي يقدمه».

وبسؤال الكاتب علاء حمزة عن أعماله المرتقبة، يقول: «انتهينا مؤخراً من تصوير الجزء الثاني من مسلسل (سندس)، من بطولة إلهام علي وحسن عسيري ومجموعة من الممثلين السعوديين». ولأن الجزء الأول من العمل كان يتناول أيضاً جانباً تربوياً في قصته التي تتضمن محاولة مربية تقويم سلوك مجموعة من الشبان المشاغبين، يفسر علاء حمزة ذلك قائلاً: «تهمني الأسرة في مجمل أعمالي، وكذلك دور المدرسة والمؤسسات الفاعلة في تنشئة الجيل الجديد، فهم وقود المستقبل».


مقالات ذات صلة

ثلاثة أفلام تسجيلية تمر على أحداث متباعدة

يوميات الشرق من «واحد لواحد: جون ويوكو» (مركوري ستديوز)

ثلاثة أفلام تسجيلية تمر على أحداث متباعدة

«رايفنشتال» للألماني أندريس فايَل فيلم مفعم بالتوثيق مستعيناً بصور نادرة ومشاهد من أفلام عدّة للمخرجة التي دار حولها كثير من النقاشات الفنية  والسياسية.

محمد رُضا (ڤينيسيا)
يوميات الشرق السيناريست المصري عاطف بشاي (صفحته على «فيسبوك»)

الوسط الفني بمصر يودّع السيناريست عاطف بشاي

ودّع الوسط الفني بمصر المؤلف والسيناريست المصري عاطف بشاي، الذي رحل عن عالمنا، الجمعة، إثر تعرضه لأزمة صحية ألمت به قبل أيام.  

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق أنجلينا جولي في مهرجان ڤنيسيا (إ.ب.أ)

«الشرق الأوسط» بمهرجان «ڤنيسيا-4»... ماريا كالاس تعود في فيلم جديد عن آخر أيام حياتها

إذا ما كانت هناك ملاحظة أولى بالنسبة للأيام الثلاثة الأولى التي مرّت على أيام مهرجان ڤنيسيا فهي أن القدر الأكبر من التقدير والاحتفاء ذهب لممثلتين أميركيّتين.

محمد رُضا (فينيسيا)
يوميات الشرق جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء «مؤسسة البحر الأحمر السينمائي» خلال مشاركتها في افتتاح مهرجان البندقية (الشرق الأوسط)

«البحر الأحمر السينمائي» تشارك في مهرجان البندقية بـ4 أفلام

تواصل «مؤسسة البحر الأحمر السينمائي» حضورها بالمهرجانات الدولية من خلال مشاركتها في الدورة الـ81 من مهرجان البندقية السينمائي بين 28 أغسطس و7 سبتمبر.

«الشرق الأوسط» (البندقية)
سينما جيمس ستيوارت في «انعطاف نهر» (يونيڤرسال)

كلاسيكيات السينما على شاشة «ڤينيسيا»

داوم مهرجان «ڤينيسيا» منذ سنوات بعيدة على الاحتفاء بالأفلام التي حفرت لنفسها مكانات تاريخية وفنية راسخة. ومنذ بضعة أعوام نظّمها في إطار برنامج مستقل

محمد رُضا‬ (ڤينيسيا)

معرض فوتوغرافي يستعيد «الخضرة والوجه الحسن» في مصر 

حديقة الحيوان في الثمانينات (مركز بساط الثقافي)
حديقة الحيوان في الثمانينات (مركز بساط الثقافي)
TT

معرض فوتوغرافي يستعيد «الخضرة والوجه الحسن» في مصر 

حديقة الحيوان في الثمانينات (مركز بساط الثقافي)
حديقة الحيوان في الثمانينات (مركز بساط الثقافي)

تستعيد صور فوتوغرافية فكرة النزهة العائلية «المُفتَقَدة» في الحدائق العامة، التي طالما كانت متنفساً لأغلب الأسر المصرية، وهي ما تبدو أنها صارت بعيدة المنال مع تعرُض عديد من الحدائق العامة للإهمال، أو إخضاعها لخطط التطوير، أو تقلص مساحاتها مع ابتلاع الأرصفة لها، وهي نقاط ترددت أصداؤها ونقاشاتها في أروقة فعالية «أغسطس الأخضر» التي اختتم بها القائمون على «مركز بساط الثقافي» بالقاهرة شهر أغسطس (آب)، مع الدعوة لاستحضار ذكريات الحدائق وهوامشها الاجتماعية.

وبعد دعوة أطلقها «مركز بساط الثقافي» بالقاهرة، عبر مواقع التواصل، لاستقبال صور من الأرشيف العائلي الشخصي في الحدائق، فوجئت مديرة المركز، دعاء الشريف، بتدفق المشارَكات من الصور التي شاركها الجمهور مع القائمين عليه، في احتفاءٍ بذاكرة الحدائق والمتنزهات.

لقطة من حديقة الأزهر وسط القاهرة (مركز بساط الثقافي)

«كان الغرض من المعرض الفوتوغرافي بشكل رئيسي ملاحظة تغيّر ممارساتنا الاجتماعية في الحدائق، والمساحات التي تقلّصت. لاحظنا كثيراً من الأشجار التي اختفت، والحدائق التي لم نعد نعرف أسماءها، وذلك من خلال صور عادية شاركت معنا حكايات أصحابها الشخصية مع الحدائق، بعضهم دوّن اسم الحديقة مع تاريخ تصوير الصور، وآخرون لم يجدوا حدائق فقاموا بمشاركة صورهم داخل مساحات خضراء ضيقة أو حتى اكتفوا بتصوير ورود عبروا بجوارها، وهي توثق فترة تمتد من الخمسينات حتى هذا العام، بكثير من المشاعر التي افتقدها الناس بتقلص اللون الأخضر» وفق ما قالته دعاء لـ«الشرق الأوسط».

أطفال جيل الثمانينات (مركز بساط الثقافي)

ويمكن من خلال التجوّل بين الصور المعروضة، التقاط ملامح من حدائق الخمسينات، حيث الألفة تطغى على كادرات حديقة «الأندلس» العريقة، و«حديقة الحيوان» بالجيزة، التي ظهرت في أكثر من لقطة، ما بين لقطات لها في الخمسينات وأخرى في فترة الثمانينات، في استعادة لواحدة من أشهر حدائق مصر التي تم إغلاق أبوابها أمام الجمهور منذ عامين بعد إدراجها للتطوير، ويعود تأسيسها إلى عام 1891 وتعدّ أكبر حدائق الحيوان في منطقة الشرق الأوسط من حيث المساحة، حيث تقع على نحو 80 فداناً.

لقطة عائلية في حديقة الحيوان (مركز بساط الثقافي)

وهناك صور خلت من العنصر البشري، اعتمد أصحابها على توثيق زياراتهم لها؛ مثل حديقة «قصر عابدين» الأثري، وصور مُلتقطة من داخل حديقة «الأورمان» بأشجارها وزهورها النادرة، علاوة على تكوينات أظهرت كثيراً من ملامح البهجة في حديقة «الأزهر» ما بين صور لأمهات يلتقطن أنفاسهن وسط اللون الأخضر، وصور بالأبيض والأسود لحديقة النباتات بأسوان (جنوب مصر)، وأطفال يطلقون العنان للعب.

وفي تعميق للارتباط المتجذر بين اللون الأخضر وذاكرة المدينة، دارت محاضرة «المياه والخضرة والوجه الحسن» ضمن فعاليات المعرض، التي تحدثت فيها المهندسة علياء نصار، مؤسسة «مدرسة خزانة للتراث»، التي تعدّ أن «إحياء ذاكرة الأماكن والتراث يبقيها حيّة حتى لو نالها التغيير، فليست فقط الحدائق التي يتم تقليصها لأغراض التطوير، ولكن حتى الشجر يُقطع من مكانه، وصار يختفي تدريجياً من الشوارع»، كما تقول في حديثها مع «الشرق الأوسط».

حديقة الأندلس الشهيرة (مركز بساط الثقافي)

وتضيف أن «مسألة الاهتمام بالحدائق والمساحات الخضراء طالما ارتبطت تاريخياً بالاهتمام بالتخطيط البيئي للمدن، حيث كان هناك قديماً اتجاه حدائق بينية بين العمارات بمساحات مختلفة، فكانت تمثل متنزهات صغيرة للأهالي مثلما كان في شوارع شبرا، مروراً بالاهتمام بتخصيص كيانات للاهتمام بالزراعة والبستنة مثل (المعرض الزراعي الصناعي) الذي تأسس عام 1897، وكان حدثاً يفتتحه الملك، ثم صار يفتتحه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وقد ظهر في فيلم (حب حتى العبادة) وهو من بطولة صلاح ذو الفقار وتحية كاريوكا».

اللون الأخضر يتسع للجميع (مركز بساط الثقافي)

وتعدّ المهندسة علياء نصار أن «ذاكرة السينما مصدر مهم لتتبع تاريخ الحدائق في مصر» على حد تعبيرها، وتقول: «السينما أرّخت لعديد من الحدائق التي لم نعد نعلم أسماء كثير منها، كما أنها احتفظت بذاكرة حدائق ارتبطت بقصص حب شهيرة في الخمسينات والستينات، وأشهرها حديقة الأسماك، وحديقة الحيوان، وحديقة الأندلس».