تحت عنوان «أطياف مرئية» تنظم دار كريستيز مزاداً لأعمال فنية من شمال أفريقيا يعكس ثراء الفن الإبداعي لهذه المنطقة، من ناحية الألوان المتجذرة في التراث الفني للمنطقة، ومن ناحية أخرى يلمح إلى الحضور الخفي أو الصريح للإشارات إلى المغرب العربي في الأعمال المعاصرة. ويشيد المعرض بالسعي الجمالي والفكري للفنانين الذين ساهموا في إنهاء الاستعمار الثقافي لهذه البلدان. كما يتتبع الرحلة الفردية لجيل من الفنانين المعاصرين الذين أجروا أبحاثاً تتعلق بمفاهيم الهجرة والتهجين والاختلاف والانتماء إلى منطقة تتميز بكثافة التبادلات الفنية.
وتجتمع أعمال الفنانين المعروضة في هذا المزاد لتعكس تأثيرهم في إثراء المشهد الفني العربي والعالمي، ويمكن اعتبار أعمالهم الفنية بمثابة نوافذ لفهم تطور الفن البصري في المغرب العربي في العصر الحديث. ومن خلال وجهات نظرهم حول الأرض، وتأملاتهم حول المقدس، وتمثيلات الجسد، وإعادة تفسير التراث الثقافي المحلي، فإنهم يصوغون نهجاً جمالياً جديداً خلال فترة تاريخية مهمة شهدت ظهور الهوية البصرية للمنطقة التي تخلصت من الاستعمار حديثاً.
يضم المزاد أيضاً أعمالاً لنخبة من الفنانين المعاصرين من شمال أفريقيا، وتضع مساراتهم وتجاربهم الفريدة في سياق عالمي أوسع. سواء كان مقرهم في شمال أفريقيا أو أوروبا أو الولايات المتحدة، فإن عملهم يفكك الهويات الموجودة مسبقاً من خلال التشكيك في موضوعات جديدة مثل النزوح والانتماء وما بعد الاستعمار. ومع تطور مناهجهم الفنية في إطار التفاعل بين الثقافات، فإن عملهم - بوعي أو بغير وعي - يجسد آثار تراثهم الثقافي.
تم تصميم المعرض برعاية الدكتور رضا مومني، نائب رئيس مجلس إدارة كريستيز في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بالتعاون مع غاليري سلمى فرياني، وغاليري لوفت آرت، وغاليري كلود ليماند، وكاديت كابيلا، ويتضمن أيضاً قطعاً من مؤسسة دلول آرت.
يضم العرض مجموعة مختارة من الأعمال التي تتراوح بين الرسم والتصوير الفوتوغرافي والنحت والنسيج. منها أعمال لفنانين مثل مليكة أكزناي، فريد بلكاهية، عبد الله بن عنتر، بايا، أحمد الشرقاوي، حاتم المكي، الجيلالي الغرباوي، محمد مليحي، وحسن الكلاوي، إلى جانب فنانين معاصرين مثل أمينة أكزناي، نادية العياري، مبارك بوحشيشي، نضال الشامخ، نادية الكعبي لينك، رشيد قريشي، وزينب سديرة.
القاسم المشترك في أعمال هؤلاء الفنانين هو التحرر من الأشكال المفروضة لصالح لغة فنية مستوحاة من الأراضي المحررة وتراثها الفني. وباعتبارهم فاعلين ثقافيين متجذرين بعمق في مجتمعاتهم، واجه هؤلاء الفنانون ديناميكيات سياسية واجتماعية معقدة. إنهم يحملون مجموعة من الأعمال التي تعمل بمثابة ناقل لتراث متعدد مع تطوير منظور جديد للممارسة الفنية وهويتهم الخاصة.
المعرض هو الأول الذي تخصصه دار كريستيز للمشهد الفني المغاربي في فرنسا، ويضم أعمالاً نادرة جداً، مثل لوحة ثلاثية لأحمد الشرقاوي، أحد رواد مدرسة الفنون بالدار البيضاء. تتفاعل الخطوط السميكة في قطعته مع بعضها البعض، وتنكسر بألوان زاهية. كما يتم عرض لوحة مبكرة لمحمد المليحي من فترة وجوده في نيويورك، وعمل «أغنية الرغبة المتحمسة» هي عبارة عن نسيج مستوحى من الفراعنة لرشيد قريشي، معروضة لأول مرة. تشمل أبرز القطع الأخرى في المعرض صوراً ذاتية قوية لرفيق الكامل، وإبداعاً جميلاً جداً لأمينة أكيزناي، على حدود عوالم مختلفة مثل التصميم والأزياء وتقنيات النسيج الحرفي.
تعرض الأعمال في مقر كريستيز بباريس في الفترة من 26 يناير (كانون الثاني) الحالي إلى 11 فبراير (شباط) المقبل.