جو معلوف... الإعلاميّ المشاكس يتحوّل إلى «دي جي» بدوامٍ كامل

غادر الشاشة منذ سنتَين ليأخذ فاصلاً طويلاً مع الموسيقى

الإعلامي اللبناني جو معلوف يتفرّغ لشغفه تنسيق الموسيقى (إنستغرام)
الإعلامي اللبناني جو معلوف يتفرّغ لشغفه تنسيق الموسيقى (إنستغرام)
TT

جو معلوف... الإعلاميّ المشاكس يتحوّل إلى «دي جي» بدوامٍ كامل

الإعلامي اللبناني جو معلوف يتفرّغ لشغفه تنسيق الموسيقى (إنستغرام)
الإعلامي اللبناني جو معلوف يتفرّغ لشغفه تنسيق الموسيقى (إنستغرام)

عرفه المشاهدون اللبنانيون والعرب وجهاً تلفزيونياً قلّما يبتسم، لفَرط ثقل ومرارة القضايا الاجتماعية والإنسانية التي وضعها في صدارة برامجه. جو معلوف، غالباً ما أطلّ على الشاشة مستنفراً ضدّ ظلمٍ تعرّض له طفل، وغاضباً من نظامٍ عاث في البلاد فساداً.

منذ سنتَين غادر الإعلامي اللبناني جو معلوف الشاشة (إنستغرام)

من أمام الكاميرا إلى خلف أزرار تنسيق الموسيقى انتقل معلوف، بوجهٍ تعلوه الابتسامة هذه المرّة، وباسمٍ جديد هو Just J. كل الطرق كان لا بدّ من أن تؤدّي به إلى لقب DJ. أطفأ الشاشة خلفه ومشى باتّجاه شغفه، معتمراً السمّاعات وحاشداً حوله محبّي موسيقى «الهاوس» الإلكترونية.

يتذكّر في حديثه مع «الشرق الأوسط» كيف أسّس إذاعته الأولى في سنّ الـ13: «كنت أقيم عند جدَّيّ يوم فتحت إذاعة صغيرة تبثّ داخل الحيّ حيث نقطن». لاحقاً، وبالتزامن مع اختياره هندسة الكمبيوتر والاتصالات تخصُصاً جامعياً، ابتكر إذاعته الثانية من داخل منزل والدته. غير أنّ الأمر انتهى بأن اقتيدَ إلى التحقيق، بعد أن صدر قرار بتنظيم قطاع الإذاعات اللبنانية.

ركّب أجهزة البث بنفسه واستعان بحاسوبه لتشغيل الأغاني وتلقّي طلبات المستمعين. لكن بعد أن أُقفلت «إذاعة البيت» قسراً، تمسّك بحلمه ولم تمضِ سنوات حتى افتتح إذاعته الشرعية وسمّاها «جرس سكوب».

كان معلوف في الـ13 يوم أسّس إذاعته الأولى من داخل المنزل (صور الإعلامي)

رغم تلك البداية الإذاعيّة الطموحة، فإنّ الصورة التي انطبعت في أذهان الجمهور عن جو معلوف، هي لذاك الإعلاميّ المشاكس، صاحب الصوت العالي، والحامل قضايا اجتماعية شائكة في برامجه التلفزيونية التي جالت على أبرز المحطات طيلة 14 عاماً. فإن معلوف قرر وضع تلك الصورة جانباً منذ سنتَين، عائداً إلى حلم الطفولة إنما على هيئة DJ أو منسّق موسيقى.

يبدو قرار النقلة الصادم ناتجاً عن خيبةٍ من حائط المهنة المسدود، إذ إنّ رفع الصوت دفاعاً عن حقوق المواطنين لم يُجدِ نفعاً؛ «اتخذتُ قرار الابتعاد عن الشاشة بعدما تبيّنَ لي أنه لا نتيجة، وأنّني أدور في حلقةٍ مفرغة لا توصل الناس إلى حقوقها». بعد أن كرّس «هواءه» للمحرومين، والمقموعين، والمهمّشين، بلغ مرحلةً متقدّمة من عدم الرضا، «وبما أني لستُ متعلّقاً بالشاشة فإنّ الرحيل كان سهلاً»، يقول معلوف.

قدّم معلوف البرامج الاجتماعية وتولّى قضايا إنسانية طيلة 14 عاماً (إنستغرام)

يكرّر أنه لولا الموسيقى لما تخطّى الخيبة. ولا ينكر أنه عاش صراعاً ما بين حرّيته «وقضبان النظام اللبناني، التي ضاق خلفها هامش الحريات بفعل الارتهان»، وفق تعبير معلوف.

إلى حرّيّةٍ من نوع آخر، طار على أجنحة الموسيقى التي يحب. في طليعة اهتماماته حالياً عروضه التي يقيمها ما بين بيروت والعواصم العربية والأوروبية، وتلك التي ينظّمها مستقدماً إلى لبنان أبرز الأسماء العالمية في مجال التنسيق الموسيقي الإلكتروني.

«هذه أيضاً طريقة أخدم بلدي من خلالها. كان من الممكن أن أقبل العروض التلفزيونية التي أتتني من الخارج، لكنّي فضّلت البقاء هنا مانحاً نفسي فرصة الاستكشاف والسعادة، ولأدعم ثقافة الحياة والفرح في بلدي»؛ يُدرّ قطاع الترفيه على لبنان الكثير، لا سيّما خلال مواسم الاستقرار الأمني، وهذا ما قرّر معلوف الاستثمار فيه حتى إشعار آخر ضمن حفلات يفوق عدد حضورها أحياناً الـ5 آلاف شخص.

ليس تنسيق الموسيقى طارئاً على جدول أعمال جو معلوف، فهو حتى عندما كان إعلامياً بدوامٍ كامل، غالباً ما أحيا السهرات. «خلال عملي في التلفزيون كان الأمر بمثابة هواية. كنتُ DJ بخجَل وبعيداً عن الأضواء، أي أنني كنت أطلّ الاثنين على الشاشة لأناقش ملفّات حياتيّة ملحّة، ثم أظهر السبت في إحدى الحفلات لأشارك الساهرين تنسيقاتي الموسيقية». أما اليوم، فيخوض معلوف المجال بجدّية ومن زاوية ريادةِ الأعمال، وتعهُّد الحفلات، وإقامة شراكات مع جهات خارجية.

لم تأتِ النقلةُ النوعيّة من دون استجماع أكبر قدرٍ ممكن من الجرأة، وغالباً ما تسبّبت الحلّة الجديدة بصدمات من حول معلوف. يستذكر مبتسماً ردود الفعل على وجوه الساهرين، عندما يكتشفون أن الشخصية التلفزيونية التي يعرفون حاضرة بينهم وتتولّى نغمات سهرتهم.

معلوف مع الـDJ العالمي Black Coffee (صور الإعلامي)

هو الذي عُرف بقربِه من بعض نجوم الأغنية العربية وعلى رأسهم الموسيقار الراحل ملحم بركات، لا يلعب معلوف الأغاني العربية في سهراته ولا أغاني البوب الغربي الرائجة. اختار خطاً موسيقياً خاصاً تتضاعف شعبيّته مؤخراً، لا سيّما في أوساط الجيل الجديد. يمزج بين موسيقى الـ«إندي»، والـ«أفرو هاوس»، والـ«بروغريسيف».

من قلب الحلقة الموسيقية الطويلة، لا بدّ من فاصلٍ وسؤال: «هل طويتَ صفحة التلفزيون نهائياً؟». يجيب معلوف أنه لا يعترف بالمستحيلات، إلا أنّ العودة إلى الشاشة ليست من بين أولويّاته في الوقت الراهن. «لا أفكّر في الرجوع إلى التلفزيون ولا أسعى إليه ولا مكان له أصلاً على جدول أعمالي الحافل».

حدّد معلوف أولويّاته: «تنسيق الموسيقى وتنظيم الحفلات وإدارة أعمالي التي أسستها في هذا المجال». أما إذا كان لا بدّ من عودة تلفزيونية، «فلتكُن أقرب إلى الترفيه والموسيقى حتى أشعر بالتصالح والارتياح مع نفسي. لكن أن أعود إلى المعارك مع السياسيين وأصحاب القرار، فهذا لا أريده أبداً».

يحيى معلوف السهرات الموسيقية بين بيروت والرياض ودبي والدوحة وباريس (إنستغرام)

جو متعدّد الهويّات والاهتمامات، وهذا ما يودّ أن يحفظه الجمهور عنه؛ «لا أحبّ أن يتذكّرني الناس من خلال صورة واحدة، بل كشخصٍ لم يمرّ مرور الكرام وكان متعدّد الشخصيات والأهداف».

يبقى الشأن الإنساني في لبّ هذه الاهتمامات، فمن بين المشاريع التي أسسها معلوف جمعيّة «كرامة»، التي تُعنى بشؤون الأحداث في السجون اللبنانية. «هذه القضية أغلى ما على قلبي، وتعهّدتُ بأن أمنحها كل ما استطعت. أنا عشتُ طفولة صعبة، وأعرف تماماً شعور الولد ذي الأسرة المفكّكة، والمحروم ممّن يوجّهه».


مقالات ذات صلة

«بي بي سي» تعتزم تسريح 500 موظف

أوروبا صورة لشعار «بي بي سي» (فليكر)

«بي بي سي» تعتزم تسريح 500 موظف

تعتزم هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» تسريح 500 موظف بحلول نهاية مارس 2026 بعدما خفّضت عدد موظفيها بنسبة 10 % خلال السنوات الخمس الماضية

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن يتحدث في المؤتمر الوطني رقم 115 لـ NAACP في لاس فيغاس بنيفادا (رويترز)

بايدن: أميركا تعمل بلا كلل للإفراج عن غيرشكوفيتش

أكد الرئيس الأميركي جو بايدن أن الولايات المتحدة تعمل «بلا كلل» لضمان الإفراج عن الصحافي الأميركي إيفان غيرشكوفيتش.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ مراسل صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية إيفان غيرشكوفيتش في صورة غير مؤرخة (رويترز)

الحكم على الصحافي الأميركي غيرشكوفيتش بالسجن 16 عاماً في روسيا

أدانت محكمة يكاترينبورغ الروسية في الأورال الصحافي الأميركي إيفان غيرشكوفيتش، اليوم (الجمعة)، بتهمة «التجسس» وحكمت عليه بالسجن 16 عاماً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
إعلام التوجه الاستراتيجي يجسّد إرادة جماعية واضحة لحماية المصالح الرقمية العربية (واس)

اجتماع عربي في الرياض يبحث التعامل مع الإعلام العالمي

ناقش فريق التفاوض العربي الخطة التنفيذية للتفاوض مع شركات الإعلام الدولية وفق إطار زمني، وصياغة التوجه الاستراتيجي للتعامل معها.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
أوروبا عناصر من الشرطة البريطانية أمام بوابة في «دوانينغ ستريت» (إ.ب.أ)

السجن مدى الحياة لرجل خطط لخطف مذيعة بريطانية لاغتصابها

قضت محكمة بريطانية بالسجن مدى الحياة على رجل أدين بمحاولة اختطاف مذيعة تلفزيونية بريطانية شهيرة واغتصابها وقتلها.

«الشرق الأوسط» (لندن)

رغم المرض... سيليون ديون تبهر الحضور في افتتاح أولمبياد باريس

النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)
النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)
TT

رغم المرض... سيليون ديون تبهر الحضور في افتتاح أولمبياد باريس

النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)
النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)

لم يمنع المرض النجمة العالمية سيلين ديون من إحياء افتتاح النسخة الـ33 من الألعاب الأولمبية في باريس، مساء الجمعة، حيث أبدعت في أول ظهور لها منذ إعلان إصابتها بمتلازمة الشخص المتيبس.

وأدت المغنية الكندية، الغائبة عن الحفلات منذ 2020، أغنية «L'hymne a l'amour» («نشيد الحب») لإديت بياف، من الطبقة الأولى لبرج إيفل.

ونجحت الفنانة الكندية رغم أزمتها الصحية الأخيرة في مواصلة شغفها كمغنية عالمية، كما أثارث النجمة البالغة من العمر 56 عاماً ضجة كبيرة بين معجبيها في عاصمة الأنوار هذا الأسبوع الحالي، حيث شوهدت محاطة بمعجبيها.

وتعاني ديون بسبب هذا المرض النادر، الذي يسبب لها صعوبات في المشي، كما يمنعها من استعمال أوتارها الصوتية بالطريقة التي ترغبها لأداء أغانيها.

ولم يشهد الحفل التاريخي في باريس عودة ديون للغناء المباشر على المسرح فقط، بل شمل أيضاً أداءها باللغة الفرنسية تكريماً لمضيفي الأولمبياد.

وهذه ليست أول مرة تحيي فيها سيلين ديون حفل افتتاح الأولمبياد، إذ أحيته من قبل في عام 1996، حيث أقيم في أتلانتا في الولايات المتحدة الأميركية.

وترقبت الجماهير الحاضرة في باريس ظهور ديون، الذي جاء عقب أشهر عصيبة لها، حين ظهر مقطع فيديو لها وهي تصارع المرض.

وأثار المشهد القاسي تعاطف عدد كبير من جمهورها في جميع أنحاء المعمورة، الذين عبّروا عبر منصات التواصل الاجتماعي عن حزنهم، وفي الوقت ذاته إعجابهم بجرأة سيلين ديون وقدرتها على مشاركة تلك المشاهد مع العالم.

وترتبط المغنية بعلاقة خاصة مع فرنسا، حيث حققت نجومية كبيرة مع ألبومها «دو» («D'eux») سنة 1995، والذي تحمل أغنياته توقيع المغني والمؤلف الموسيقي الفرنسي جان جاك غولدمان.

وفي عام 1997، حظيت ديون بنجاح عالمي كبير بفضل أغنية «My Heart will go on» («ماي هارت ويل غو أون»)، في إطار الموسيقى التصويرية لفيلم «تايتانيك» لجيمس كامرون.