الجزيرة العربية موطن القوة ووجهة العالم منذ أكثر من 400 ألف عام

تقديرات بوجود مليون موقع أثري في السعودية

انطلاق جلسات المؤتمر... ويبدو الرئيس التنفيذي لهيئة التراث يلقي كلمته (واس)
انطلاق جلسات المؤتمر... ويبدو الرئيس التنفيذي لهيئة التراث يلقي كلمته (واس)
TT

الجزيرة العربية موطن القوة ووجهة العالم منذ أكثر من 400 ألف عام

انطلاق جلسات المؤتمر... ويبدو الرئيس التنفيذي لهيئة التراث يلقي كلمته (واس)
انطلاق جلسات المؤتمر... ويبدو الرئيس التنفيذي لهيئة التراث يلقي كلمته (واس)

قدّرت هيئة التراث في السعودية أن إجمالي عدد المواقع الأثرية قد يصل إلى أكثر من مليون موقع تشمل مواقع «النقوش، والرسوم الصخرية، والمنشآت الحجرية»، والمواقع المنتشرة على سواحل البحر الأحمر والخليج العربي، لافتةَ إلى أن المواقع الأثرية المسجلة في البلاد تتجاوز 3500 موقع أثري.

وقالت الهيئة إن هناك أكثر من 1000 موقع في البحر الأحمر هي بقايا للتراث الثقافي المغمور بالمياه، من بينها كثير من بقايا حطام السفن وحمولاتها المختلفة تعود إلى أكثر من 1600 عام، تعمل الهيئة على حمايتها من الاندثار. وأثبتت الأبحاث العلمية وجود عدد كبير من البحيرات القديمة الجافة وبقايا أنهار موزعة في مختلف مناطق المملكة، تؤكد أن الجزيرة العربية مرت بفترات مناخية متغيرة منذ عصور ما قبل التاريخ، وأنها منطقة جاذبة للبشرية من شتى بقاع الأرض وشهدت أولى الهجرات إليها قبل 400 ألف عام، وذلك لما تتمتع به من قوة اقتصادية وحضارية.

حضور كثيف لمنتدى التراث في جدة (واس)

وقال الدكتور جاسر الحربش، الرئيس التنفيذي لهيئة التراث، إن السعودية تعد قارة، ولديها سواحل على البحر الأحمر والخليج العربي تمتد على مسافة تزيد على 1700 كيلومتر، لم يجرِ مسح سوى ما يقارب 400 كيلومتر من إجمالي هذه المساحة، داعياً جميع الباحثين من أفراد وشركات إلى العمل مع الهيئة للكشف عن مزيد من تلك الآثار.

وتحدث الحربش عن رغبة الهيئة في العمل مع الجانب الكوري الجنوبي، وذلك على غرار البعثات الدولية التي عملت مع السعودية في عمليات البحث والتنقيب عن الآثار، موضحاً أن الهيئة لديها 5 اختصاصات رئيسية تتمثل في «قطاع الآثار، والتراث العمراني، والحِرف والصناعات اليدوية، والتراث الثقافي غير المادي، والتراث العالمي»، لافتاً إلى أن الهيئة تعمل في كل هذه الاتجاهات وبشكل خاص في عمليات التراث الثقافي المغمور.

جاء حديث الحربش مع انطلاق مؤتمر التراث الثقافي المغمور بالمياه الذي يُعقَد في مدينة جدة غرب السعودية، ويعرض نحو 16 ورقة عمل لخبراء وعلماء مختصين في الآثار، تحدثوا عن تجاربهم في عمليات المسح، إذ أشار ستيف كراسيك، نائب رئيس التراث الدولي، إلى أن نتائج مسح الآثار الغارقة التي أجرها فريق من متخصصي الجيوفيزياء وعلماء الآثار في «نيوم» يؤكد الأهمية الاستراتيجية لمنطقة «نيوم» في العصور القديمة المتأخرة وأواخر فترة ما قبل الإسلام، موضحاً أن المسح كشف عن وجود كمية كبيرة من جرار «الأمفورات الرومانية المتأخرة»، وعن وجود عدد من الجزر وحطام السفن التي تدل على ارتباط تجارة البحر الأبيض المتوسط بالمحيط الهندي.

وتطرقت ورقة عمل الدكتور كريس أندروود، إلى التوسع في أعمال الغوص، التي كانت سبباً في الكشف عن مواقع تراثية عدة أغلبها حطام سفن انتشل منها الغواصون الهواة قطعاً أثرية وهدايا تذكارية. وخشيةً من وجود محاولات لاستغلال تلك المواقع تجارياً، دعا علماء الآثار والجمعيات إلى ضرورة حمايتها، وهو ما استجابت له الحكومات. فيما تحدث عمر خليل، أستاذ التراث الثقافي البحري بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، عن مفهوم الإدارة بوصفها عملية تنسيق تجري بين عدة مهام لتحقيق مجموعة من الأهداف بكفاءة وفاعلية، ومن ثم فإن إدارة التراث هي تطبيق مجموعة من الآليات بهدف الحفاظ على الموارد الثقافية.

إلى ذلك قال الدكتور عبد الله الزهراني، مدير عام الآثار في هيئة التراث، إن الهيئة تعمل على استكشاف مواقع التراث الثقافي المغمور بالمياه، موضحاً أن موقع الجزيرة العربية مكّنها منذ قدم العصور في التحكم التجاري البري والبحري، إذ كانت السفن القادمة من «الهند، والصين، والحبشة» المحمّلة بكثير من البضائع، ترسو في بحر العرب، ثم تنقل تلك البضائع بعد ذلك إلى المراكز الحضارية في وسط الجزيرة العربية وشمالها وغربها، بعدها تُبحر السفن باتجاه مدن حوض البحر المتوسط ومن هناك إلى باقي مدن العالم، لافتاً إلى أن العرب نقلوا الكثير من المنتجات ومنها «الذهب، والفضة، واللبان، والأبنوس، والمنسوجات» عبر البر والبحر.

وحول إجمالي عدد الآثار في السعودية، قال الزهراني إن عدد الآثار المسجَّلة يزيد على 3500 موقع أثري، وهناك كثير من المسوحات التي يجري تنفيذها للتحقق من المواقع الأخرى، وقد يصل عدد المواقع الأثرية في السعودية إلى أكثر من مليون موقع، إذا احتُسبت مواقع النقوش والرسوم الصخرية والمنشآت الحجرية والمواقع الموجودة في سواحل البحر الأحمر والخليج العربي.

وقال الزهراني إن الأبحاث التي نفَّذتها الهيئة في مختلف المناطق السعودية، أثبتت وجود عدد كبير من البحيرات القديمة الجافة وبقايا أنهار موزعة في مختلف مناطق المملكة، كما تشير الدلائل إلى أن الجزيرة العربية مرَّت بفترات مناخية متغيرة منذ عصر ما قبل التاريخ وإلى نحو ما قبل 10 آلاف عام، مما يؤكد أن الجزيرة العربية كانت جاذبة للإنسان من مختلف دول العالم واحتوت على الكثير من الحيوانات، إضافةً إلى بقايا حضارات في تلك المناطق، مشدداً على أن هذه الأبحاث التي وُثّقت على مدار 60 عاماً، أثبتت أن الجزيرة العربية تعرضت لموجات من الهجرات البشرية باتجاهها أقدمها قبل 400 ألف عام وآخرها قبل ما يقرب من 75 ألف عام.

وتطرق مدير عام الآثار، في كلمته، إلى دور البعثات في عمليات الاكتشافات، ومنها البعثة السعودية - الفرنسية في جزيرة فرسان، إذ اكتُشف عدد من التماثيل والعملات النقدية وبعض الدروع التي استُخدمت في تلك الفترة، إضافةً إلى عدد من الظواهر المعمارية، في حين تمكنت البعثة السعودية - الصينية التي تعمل في شمال محافظة القنفذة، من الكشف عن عدد من الفخار والخزف الصيني، في أحد الموانئ التي كانت تُنقل منها صادرات الجزيرة العربية إلى الصين والهند ويجري استقبال البضائع بها.

وحول ما قامت به البعثة السعودية - الألمانية في «منطقة الشعيبة بجدة»، يقول إنه عُثر على كميات من الفخار التي تعود إلى ما قبل الإسلام، واكتُشف حطام سفينتين؛ إحداهما تعود أيضاً إلى فترة ما قبل الإسلام والأخرى إلى الفترة الإسلامية المبكرة، فيما قامت البعثة السعودية - الإيطالية التي تعمل منذ 6 أعوام في موقع بمدينة «إملج»، للتحقق من سفينة قد يرجع تاريخ غرقها إلى القرن الـ18 الميلادي تحمل على متنها كميات كبيرة من الفخار والخزف الصيني، ويجري العمل على نقل تلك القطع لعرضها للزوار قريباً.


مقالات ذات صلة

مصير «خيّالة» الأهرامات يُفجر الجدل قبيل افتتاح تطوير المنطقة

يوميات الشرق استياء كتاب ومتابعين من سلوكيات «الخيالة والجمالة» بمنطقة أهرامات الجيزة (الشرق الأوسط)

مصير «خيّالة» الأهرامات يُفجر الجدل قبيل افتتاح تطوير المنطقة

جدّد رجل الأعمال المصري، نجيب ساويرس، النقاش والجدل بشأن مصير «الخيالة» بأهرامات الجيزة، الذي وصف بعضهم بأنهم «عصابات بلطجة مستقوية».

عبد الفتاح فرج (القاهرة)
يوميات الشرق مقتنيات تم اكتشافها في دمياط (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مصر: اكتشاف 63 مقبرة ودفنة أثرية بدمياط

نجحت البعثة الأثرية المصرية التابعة للمجلس الأعلى للآثار، في الكشف عن 63 مقبرة من الطوب اللبن وبعض الدفنات البسيطة بداخلها مجموعة من الرقائق الذهبية من الأسرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق الآثار المصرية تصدرت متحف شنغهاي في معرض «قمة الهرم»  (وزارة السياحة والآثار المصرية)

«قمة الهرم»... معرض يحكي قصة الحضارة المصرية

حظي المعرض الأثري «قمة الهرم: حضارة مصر القديمة» الذي أقيم في متحف مدينة شنغهاي بالصين، الجمعة، بإقبال جماهيري كبير.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق نقوش أثرية تم اكتشافها خلال المسح الأثري الفوتوغرافي تحت مياه النيل بأسوان (وزارة السياحة والآثار المصرية)

اكتشاف نقوش أثرية فريدة تحت مياه النيل بأسوان

أعلنت البعثة الأثرية المصرية - الفرنسية المشتركة اكتشاف عدد من اللوحات والنقوش المصغرة للملوك أمنحتب الثالث وتحتمس الرابع وبسماتيك بسماتيك الثاني وإبريس بأسوان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق معرض «رمسيس وذهب الفراعنة» جذب الزوار في ألمانيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

«رمسيس وذهب الفراعنة» يجذب آلاف الزوار في ألمانيا

حلّ معرض «رمسيس وذهب الفراعنة» ضيفاً على مدينة كولون الألمانية، في محطته الخامسة حول العالم، متضمناً 180 قطعة أثرية منتقاة بعناية من المتاحف والبعثات الأثرية.

محمد الكفراوي (القاهرة )

فرقة «الحضرة» المصرية تدخل عامها العاشر بطموحات كبيرة

«الحضرة» تنشد على المسرح (الشرق الأوسط)
«الحضرة» تنشد على المسرح (الشرق الأوسط)
TT

فرقة «الحضرة» المصرية تدخل عامها العاشر بطموحات كبيرة

«الحضرة» تنشد على المسرح (الشرق الأوسط)
«الحضرة» تنشد على المسرح (الشرق الأوسط)

تحتفل فرقة «الحضرة» المصرية للإنشاد الديني بعيد ميلادها التاسع خلال فعاليات الموسم الصيفي للموسيقى والغناء في دار الأوبرا؛ بإحيائها حفلاً على «المسرح المكشوف» يمتدّ لساعتين، السبت 10 أغسطس (آب) المقبل.

يتضمّن البرنامج مجموعة قصائد تقدّمها للمرّة الأولى، منها «جدّدت عشقي» لعلي وفا، و«أحباب قلبي سلام» للشيخ سيدي الهادي من تونس، وقصيدة في مدح النبي، «يفديك قلبي»، لشاعرة فلسطينية، وفق نور ناجح، مؤسِّس الفرقة الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: «سيكون الحفل مختلفاً واستثنائياً على جميع المستويات، فهو محطّة لاستقبال عامنا العاشر».

الفرقة تجمع منشدين ذوي ثقافة صوفية (الشرق الأوسط)

وستقدّم الفرقة مجموعة من أشهر أعمالها السابقة، هي 11 قصيدة مجمَّعة بطريقة «الميدلي»، منها «مدد يا سيدة»، و«أول كلامي بأمدح»، و«جمال الوجود»، و«هاتوا دفوف الفرح»، و«خذني إليك». ذلك إضافة إلى مجموعة من الأناشيد والابتهالات التي يُطالب بها الجمهور، مثل «إني جعلتك في الفؤاد محدّثي»، و«المسك فاح». ومن مفاجآت الحفل، وفق ناجح، استضافة مشايخ لمشاركتهم الإنشاد، منهم المنشد وائل فشني، وعلي الهلباوي، وراقص التنورة المصري - الإسباني المقيم في أوروبا، محمد السيد، الذي سيقدّم فقرة للأداء التعبيري، مصاحبةً لبعض القصائد.

إحياء التراث الصوفي المصري بشكل مختلف (الشرق الأوسط)

ويعدُّ ناجح «الحضرة» أول فرقة مصرية للإنشاد الصوفي الجماعي، التي كانت سبباً لانطلاق فرق أخرى مماثلة لاحقاً: «قدّمت مصر عمالقة في مجال الإنشاد والابتهالات، مثل نصر الدين طوبار، وسيد النقشبندي، ومحمد الهلباوي ومحمد عمران»، مشدّداً على أنّ «الإنشاد خلال الحقبات الماضية كان فردياً، فلم تعرف مصر الفرق في هذا المجال، على عكس دول أخرى مثل سوريا، لكنّ (الحضرة) جاءت لتغيّر ثقافة الإنشاد في البلاد؛ فهي أول مَن قدَّم الذِكر الجماعي، وأول مَن أدّى (الحضرة) بكل تفاصيلها على المسرح».

واتّخذ ناجح عبارة «الحضرة من المساجد إلى المسارح» شعاراً لفرقته، والمقصود نقل الحضرة الصوفية من داخل الجامع أو من داخل ساحات الطرق الصوفية والمتخصّصين والسهرات الدينية والموالد في القرى والصعيد، إلى حفلات الأوبرا والمراكز الثقافية والسفارات والمهرجانات المحلّية والدولية.

جمعت قماشة الصوفية المصرية في حفلاتها (الشرق الأوسط)

تحاكي «الحضرة» مختلف فئات الجمهور بمَن فيهم الشباب، والذين لا يعرف كثيرون منهم شيئاً عن أبناء الطرق أو عن الصوفية عموماً، وفق مؤسِّس الفرقة الذي يقول: «نجحنا في جذب الشباب لأسباب منها زيادة الاهتمام بالتصوُّف في مصر منذ بداية 2012، حدَّ أنه شكَّل اتجاهاً في جميع المجالات، لا الموسيقى وحدها».

ويرى أنّ «الجمهور بدأ يشعر وسط ضغوط الحياة العصرية ومشكلاتها بافتقاد الجانب الروحي؛ ومن ثَم كان يبحث عمَن يُشبع لديه هذا الإحساس، ويُحقّق له السلام والصفاء النفسي».

وأثارت الفرقة نقاشاً حول مشروعية الذِكر الجهري على المسرح، بعيداً عن الساحات المتخصِّصة والمساجد؛ ونظَّمت ندوة حول هذا الأمر شكّلت نقطة تحوُّل في مسار الفرقة عام 2016، تحدَّث فيها أحد شيوخ دار الإفتاء عن مشروعية ذلك. وفي النتيجة، لاقت الفرقة صدى واسعاً، حدَّ أنّ الشباب أصبحوا يملأون الحفلات ويطلبون منها بعض قصائد الفصحى التي تتجاوز مدّتها 10 دقائق من دون ملل، وفق ناجح.

فرقة «الحضرة» تدخل عامها العاشر (الشرق الأوسط)

وعلى مدى 9 سنوات، قدَّمت الفرقة أكثر من 800 حفل، وتعاونت مع أشهر المنشدين في مصر والدول العربية، منهم محمود التهامي، ووائل الفشني، وعلي الهلباوي، والشيخ إيهاب يونس، ومصطفى عاطف، وفرقة «أبو شعر»، والمنشد السوري منصور زعيتر، وعدد من المنشدين من دول أخرى.

تمزج «الحضرة» في حفلاتها بين الموسيقى والإنشاد، وهو ما تتفرّد به الفرقة على المستوى الإقليمي، وفق ناجح.

وتدخل الفرقة عامها العاشر بطموحات كبيرة، ويرى مؤسِّسها أنّ أهم ما حقّقته خلال السنوات الماضية هو تقديمها لـ«قماشة الصوفية المصرية كاملة عبر أعمالها»، مضيفاً: «جمعنا الصوفية في النوبة والصعيد والريف».

كما شاركت في مهرجانات الصوفية الدولية، وأطلقت مشروعات فنية، منها التعاون مع فرقة «شارموفرز»، التي تستهدف المراهقين عبر موسيقى «الأندرغراوند»، ومشروع المزج بين الموسيقى الكلاسيكية والصوفية مع عازفي الكمان والتشيلو والفيولا. وقدَّمت «ديو» مع فرق مختلفة على غرار «وسط البلد» بهدف جذب فئات جديدة لها.

يأمل نور ناجح، مع استقبال العام العاشر، في إصدار ألبومات جديدة للفرقة، وإنشاء مركز ثقافي للإنشاد الديني، وإطلاق علامة تجارية للأزياء الصوفية باسم «الحضرة».