زيد ديراني... البيانو الذي لفتَ الملكة إليزابيث وجذبَ الجماهير شرقاً وغرباً

العازف والمؤلف الأردني لـ«الشرق الأوسط»: أريد بناء جسرٍ روحيّ وطيد مع جمهوري

عازف البيانو والمؤلّف الموسيقي الأردني زيد ديراني (إدارة أعمال الفنان)
عازف البيانو والمؤلّف الموسيقي الأردني زيد ديراني (إدارة أعمال الفنان)
TT

زيد ديراني... البيانو الذي لفتَ الملكة إليزابيث وجذبَ الجماهير شرقاً وغرباً

عازف البيانو والمؤلّف الموسيقي الأردني زيد ديراني (إدارة أعمال الفنان)
عازف البيانو والمؤلّف الموسيقي الأردني زيد ديراني (إدارة أعمال الفنان)

لم تكن لعبة زيد ديراني المفضّلة سيارةً على «الريموت كونترول»، ولا مسدّساً بلاستيكياً، بل علّاقة مفاتيح على هيئة بَطريقٍ بنفسجيّ، يطلق لحن «Love Story» في كل مرة تضغط عليه. «في السادسة من عمري، كانت أثمن ما أملك، ويوم أضَعتُها كان الأمر أشبهَ بالكارثة»، يخبر عازف البيانو والمؤلّف الموسيقي الأردني «الشرق الأوسط».

من الواضح أنّ طريق الموسيقى كان مرسوماً منذ الصغر، لكن من دون سابق تصوّر وتصميم. «بدأت دراسة البيانو في الـ13 وهي سنّ متأخّرة لتعلم الآلة، لكنّي وقعت في حبها وواظبت على التمرين يومياً ولساعاتٍ طويلة».

«زينة»

وكأنّ كل شيء وصل إليه متأخّراً، فالمعزوفة التي أطلقته إلى الشهرة العربية والعالمية، بقيت في الأدراج 10 أعوام. ألّف زيد ديراني «زينة» في الـ19 من عمره. منحَها اسمَ شقيقته ثمّ خبّأها إلى أن حان أوان خروجها إلى الضوء.

تجاوزت «زينة» الـ15 عاماً من عمرها الموسيقيّ، لكنها ما زالت المعزوفة المفضّلة في حفلات الزفاف حول العالم العربي. لا يُنكر زيد أنها شكّلت أسطَع نقطة ضوء في مسيرته؛ «غمرني نجاحها ويؤثّر فيّ كثيراً كونها اللحن المعتمد في الأفراح والمناسبات السعيدة».

لكن، ألم يقف نجاحها الجارف في طريق معزوفاتٍ أخرى؟ يؤكّد زيد أنّ الأمر لم يقلقه يوماً، فلكلِ عملٍ نصيبه من النجاح ومحبة الجمهور. يؤمن بالمثابرة وبالطاقة الإيجابية المتَبادلة بينه وبين متابعيه، وهي تتجلّى بوضوح خلال حفلاته، على غرار ما حصل مؤخراً في «كازينو لبنان».

من حفل زيد ديراني الأخير في كازينو لبنان (إدارة أعمال الفنان)

فيضان حبّ في كازينو لبنان

التقى زيد بجمهوره في لبنان على مدى 3 أمسياتٍ، طبعَها تقديمه «ميدلي» تحيةً للموسيقار الراحل إحسان المنذر. اجتمعت الحناجر في الصالة لترافق عزفَه؛ «ما حدا بيعبّي مطرحك بقلبي»، «يُسمعني حين يراقصني كلماتٍ ليست كالكلمات»، وسواها من أغاني الفنانة ماجدة الرومي. تأثّرَ زيد، ليس لأنّ الرومي هي أيقونة الطفولة فحسب، بل لأنّ الحبّ بينه وبين الجمهور بلغ أقصاه.

«أجمل ما قد ينتابني وأنا جالسٌ خلف البيانو على المسرح، هو ذاك الشعور بالهشاشة النابع من فائض الحب»، هكذا يختصر زيد حفلات «الكازينو». وما أضفى على اللحظة سحراً، هو علاقته الروحيّة الوطيدة بلبنان. «أعشق لبنان واللبنانيين... يلهمونني وأنا أشبههم في حب الفن وريادة الأعمال، إضافةً إلى أن عدداً كبيراً من فنّانيّ المفضّلين لبنانيون، كالرحابنة وفيروز وماجدة الرومي ووديع الصافي».

أطلّ زيد على جمهوره اللبناني في ديسمبر الماضي بعد سنوات من الغياب (إدارة أعمال الفنان)

تآلفَ زيد مع المسرح منذ سنوات المراهقة. يحبّ هذه الإطلالة على الناس، التي كانت نتيجتها تقريب آلة البيانو النخبويّة إليهم. من لغة الجسد والملامح، إلى الشغف البارز، مروراً باختيار المقطوعات المحبوبة، استطاعَ زيد والبيانو أن ينزلا إلى مقاعد الجمهور. «ألهمَني الشاعر نزار قبّاني الذي قرّب الشعر الفصيح من الناس. تحدّث بلُغتِهم إنما شعراً. لطالما كان هدفي التواصل مع الناس من خلال موسيقاي، وبناء جسرٍ روحيٍّ وطيد معهم بواسطة الفن».

محطّتا لندن وواشنطن

أخذته الطريق إلى جماهير متنوّعة من حول العالم، فجال عبر القارّات على أجنحة معزوفاته. ومن بين أبرز المحطّات التي لا تفارق ذاكرته، محطّة واشنطن حيث عزفَ أمام رئيس جنوب أفريقيا الراحل نيلسون مانديلا، ومحطّة لندن حيث كان للأداء أمام الملكة إليزابيث وَقعٌ فريد. «بعد العزف إلى جانب الأوركسترا الفيلهارمونية في لندن، صافحت الملكة التي سألتني عمّن ألّف المعزوفة فأخبرتُها أنها من تأليفي»، يتذكّر زيد مبتسماً. لا أنسى ردّها عليّ: «أتمنّى أن أراك تعزف في لندن من جديد».

عزف زيد ديراني أمام الملكة إليزابيث في إطار زيارة الملك عبد الله الرسمية إلى المملكة المتحدة (إنستغرام)

تضمّ مجموعة زيد ديراني الموسيقية حتى الآن أكثر من 10 ألبومات. يحاول أن يوازن ما بين المزاجَين الشرقي والغربي، هو الذي استقى من الثقافتَين استماعاً وعزفاً. يعود 26 عاماً في الزمن ليقول: «كنت في الـ17 عندما بدأت التأليف الموسيقي. التصقتُ بالأسلوب الذي أحبّ وبالإرثَين الشرقي والغربي اللذَين ربيت عليهما، لكني طوّرتُ نفسي تقنياً في الوقت ذاته. هذه حقيقتي. لم أرتدِ الأقنعة الفنية بهدف الوصول».

في المقابل، يقرّ زيد بأنّ الإطلالة العالمية ما كانت لتتحقّق، لولا انتقاله إلى الولايات المتحدة الأميركية بهدف الدراسة. «أنا مواطن أردني - أميركي وأعترف أنّ أميركا هي أرض الفرص. إنها بمثابة منصة تمنح أي شخص موهوب حرية الإبداع. أنا مَدينٌ بالكثير للولايات المتحدة، وما كنت الشخص نفسه لولا سفري إلى هناك».

تخصص زيد ديراني بالموسيقى في الولايات المتحدة الأميركية وهو مقيم هناك (إدارة أعمال الفنان)

التعاون مع كلايدرمان

من بين أبرز المشاريع التي عمل عليها زيد مؤخراً، معزوفة مشتركة مع عازف البيانو العالمي ريتشارد كلايدرمان. يصف التعاون الذي حمل عنوان «Princess of the Night» (أميرة الليل)، بالمحطة المحوريّة في مسيرته لِما يحمل كلايدرمان من خبرة.

يقول إنه تعلّم الكثير من كلايدرمان موسيقياً؛ «أعجبَني صدقه وتواضعه، وتعلّمت منه ألّا أبالغ في عزفي وألّا أتشاطر. فالشطارة الحقيقية هي في إيصال المشاعر بأقلّ عدد ممكن من النوتات».

قدّم ديراني إلى جانب العازف العالمي ريتشارد كلايدرمان معزوفة «Princess of the Night» من تأليف أوليفييه توسان (إنستغرام)

يحرص زيد على تقديم الألحان العربية إلى جمهوره الغربي خلال جولاته العالمية، إلا أنه لا يجعلها تطغى على ما يحبّون من معزوفات غربية؛ من فرانك سيناترا إلى إلفيس، وصولاً إلى سيلين ديون وماريا كاري. يوضح في هذا السياق أن العدد الأكبر من متابعيه حالياً هم من البرازيل؛ «هناك مثلاً وفي الغرب عموماً، يفضّلون المعزوفات العالمية، لذلك فإنّ ما أقدّم على مسارح أميركا يختلف كثيراً عمّا أقدّم في العالم العربي».

زيد ديراني سفيراً للنوايا الحسنة مع منظمة يونيسيف منذ 2016 (إنستغرام)

«سفير الأمل»

إن طلبت منه اختصار الموسيقى بكلمة، يجيب زيد: «الأمل». وعلى هذا الأساس اختار أن يتشارك الأمل الذي تمنحه الموسيقى، مع أطفالٍ اسودّت الآفاق في عيونهم. يفتخر بمشروع «موسيقتي» الخاص بالعلاج بالموسيقى، الذي قدّمه سفيراً للنوايا الحسنة مع منظمة «يونيسيف» في مخيّم الزعتري للّاجئين السوريين في الأردن.

رأى البسمة تعود تدريجياً إلى وجوههم الفتيّة بفضل النغم، فتأكّدَ من جديد أن المفتاح الأساسي إلى قلوب الناس هو الموسيقى التي تنطقُ حباً.


مقالات ذات صلة

باسكال مشعلاني لـ«الشرق الأوسط»: نحن شعب يحبّ السلام... والفنّ مسؤولية

الوتر السادس المخرج بول عقيقي لوّن مشاهد الكليب بسيارة «فولكسفاغن» قديمة صفراء (باسكال مشعلاني)

باسكال مشعلاني لـ«الشرق الأوسط»: نحن شعب يحبّ السلام... والفنّ مسؤولية

«ما حبيتش» هي الأغنية التي أصدرتها أخيراً الفنانة باسكال مشعلاني، وقد لوّنتها بلمسة تونسية تجيدها. فهي تعود للملحن والمغني التونسي علي الرياحي.

فيفيان حداد (بيروت)
الوتر السادس وائل الفشني خلال مشاركته في احتفالية «100 سنة غنا» (دار الأوبرا المصرية)

وائل الفشني: الكلمة الجذابة تحسم اختياراتي الغنائية

أكد الفنان المصري وائل الفشني الذي اشتهر بتقديم الابتهالات الدينية والشعر الصوفي أن هذا اللون الغنائي له جمهور عريض في الوطن العربي

داليا ماهر (القاهرة)
الوتر السادس الفنان مصطفى قمر طرح أخيراً أغنية منفردة بعنوان «صناعة مصرية» (حسابه على «فيسبوك»)

هل اكتفى نجوم التسعينات في مصر بطرح الأغاني «السينغل»؟

حقق مطربون مصريون شهرة واسعة، خلال تسعينات القرن الماضي وأوائل الألفية الجديدة، عبر ألبوماتهم الغنائية التي كانوا يصدرونها عبر شرائط الكاسيت

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق فريق «كولدبلاي» البريطاني في جولته الموسيقية الأخيرة (إنستغرام)

ألبوم مصنوع من النفايات... «كولدبلاي» يطلق إصداره الجديد

يصدر غداً الألبوم العاشر في مسيرة «كولدبلاي»، الفريق الموسيقي الأكثر جماهيريةً حول العالم. أما ما يميّز الألبوم فإنه مصنوع من نفايات جمعت من أنهار جنوب أميركا.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق النجمة الأميركية سيلينا غوميز (أ.ب)

بعد دخولها نادي المليارديرات... كيف علّقت سيلينا غوميز؟

بعد دخولها نادي المليارديرات... كيف علّقت سيلينا غوميز؟

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

صغيرتا قرود طمارين الأسد الذهبي نجمتا حديقة كولونيا

لونه ذهبي لافت (غيتي)
لونه ذهبي لافت (غيتي)
TT

صغيرتا قرود طمارين الأسد الذهبي نجمتا حديقة كولونيا

لونه ذهبي لافت (غيتي)
لونه ذهبي لافت (غيتي)

عرضت حديقة حيوان كولونيا للزوار اثنتين من صغار قرود طمارين الأسد الذهبي.

وجرى عرض الشقيقتين الصغيرتين بفراء أصفر ذهبي، واسمهما «تيارا» و«لينينا»، للجمهور، للمرّة الأولى، الجمعة.

وتنقل «وكالة الأنباء الألمانية» عن حديقة الحيوان أنّ الصغيرتين وُلدتا في أبريل (نيسان)، واستقرتا الآن بشكل جيّد مع المجموعة. ويُطلَق على والديهما اسمَا «أبو» و«نالا».

وقرود طمارين الأسد الذهبي هي أحد أنواع قرود القشّة، تستخدم أصوات النقيق للتواصل، كما تُعدّ خبيرة في التسلُّق.

في بعض الأحيان، تصطاد هذه القرود وتقتل الفقاريات الصغيرة، لكنها تتغذّى بشكل رئيسي على الفاكهة وعصارة الأشجار.

يُذكر أنّ هذا النوع موجود فقط في البرّية في جنوب شرقي البرازيل؛ وهي من الأنواع المهدَّدة بالانقراض.