«سرد» نموذج ثقافي مبتكر لتدريب المبدعين ورعاية الفن والفنانين

يدرب نحو ألفي موسيقي سنوياً ويستقبل 5 آلاف زائر شهرياً

ينطلق «سرد» لبناء مجتمع حيّ يربط الفنانين والموسيقيين وعشاق الأدب في كل المدن السعودية ببعضهم (مركز سرد)
ينطلق «سرد» لبناء مجتمع حيّ يربط الفنانين والموسيقيين وعشاق الأدب في كل المدن السعودية ببعضهم (مركز سرد)
TT

«سرد» نموذج ثقافي مبتكر لتدريب المبدعين ورعاية الفن والفنانين

ينطلق «سرد» لبناء مجتمع حيّ يربط الفنانين والموسيقيين وعشاق الأدب في كل المدن السعودية ببعضهم (مركز سرد)
ينطلق «سرد» لبناء مجتمع حيّ يربط الفنانين والموسيقيين وعشاق الأدب في كل المدن السعودية ببعضهم (مركز سرد)

يفتح «مركز سرد الثقافي» أبوابه، مقدماً نفسه نموذجاً مبتكراً يلتقي مع مشهد ثقافي سعودي مزدهر ومتطلع، وينخرط في مهمة لتعزيز البعد الثقافي نمطاً معيشاً في الفضاء العام، وصناعة تجارب إبداعية استثنائية، واحتضان المبدعين، وتنظيم فعاليات فنية وإثرائية من شأنها دعم الفنون والاهتمامات الثقافية لدى المجتمع السعودي.

وقال عبد الله الحضيف، المدير العام للمركز، إن «مركز سرد» ينطلق لبناء مجتمع حيّ يربط الفنانين والموسيقيين وعشاق الأدب في كل المدن السعودية ببعضهم، مشيراً إلى أن الفكرة جاءت انطلاقاً من الطموح لبناء كوادر موهوبة تصنع الفرق في قطاعات ثقافية مختلفة، مثل الموسيقى والسينما والأدب والفنون البصرية.

وينطلق «مركز سرد»، بدعم من «الصندوق الثقافي السعودي»، حاضنةً للموهوبين ولإثراء مجالات الموسيقى والفنون وتعزيز المحتوى الفني، عبر بناء كوادر متميزة تصنع فرقاً نوعياً في جودة مخرجات القطاع الثقافي السعودي، ويستهدف تدريب نحو 2000 موسيقي سنوياً، واستقبال 5 آلاف زائر شهرياً.

يأتي تدشين «سرد» ضمن برنامج «تحفيز المشاريع الثقافية» بالشراكة مع «برنامج جودة الحياة»، وخُصِّصت له ميزانية إجمالية بلغت 181 مليون ريال سعودي، بهدف توفير الدعم والحوافز المالية غير المسترَدة لمشاريع القطاع الثقافي، حيث موّل «الصندوق» من خلاله 36 مشروعاً ثقافياً تتنوع أنشطتها ومجالاتها في مختلف القطاعات الثقافية الـ16.

وكشف الحضيف أن المشروع واجه تحديات على عدة مستويات، خلال العام الماضي، إلا أن دعم «الصندوق الثقافي» أعاد الأمل للمشروع، ولطموحه في إطلاق العنان للجوهر الثقافي في مدينة الرياض، وخلق مركز ثقافي يتسع للإبداع، ويعزز المواهب المحلية.

يسعى المركز إلى إطلاق العنان للجوهر الثقافي في مدينة الرياض وخلق مركز ثقافي يتسع للإبداع ويعزز المواهب (مركز سرد)

ريادة الأعمال الثقافية

ويقود عبد الله بن صالح الحضيف تحدياً جديداً في إطلاق المركز الجديد، ويمثل الحضيف نموذجاً لرائد أعمال متطلع في القطاع الثقافي، اختبر تحديات المجال ونهض بطموحاته من خلال تجربته الثريّة التي قضى فيها نحو عقد تقريباً في مجال ريادة الأعمال الثقافية، منذ أن أطلق أول مشاريعه عام 2016 «أرباب الحرف» في مدينة جدة، الذي وفَّر بقعة مضيئة وسط شحّ الأماكن والإمكانات، ووفد إليه الشباب من أصحاب الهوايات بوصفه ملتقى تلتئم تحت سقفه اهتماماتهم المشتركة، فكانت البداية بمحل صغير في شارع اليمامة بمدينة جدة.

تركز مهمة المركز على تحويل مقره إلى فضاء حيوي لرعاية المبدعين والفنانين وتقديم دورات وفعاليات فنية عالية الجودة (مركز سرد)

وفي عام 2018، افتتح الحضيف الفرع الثاني لأرباب الحرف في حي البساتين بجدة، ثم في عام 2019 قام بتأسيس 10 بيوت تاريخية في جدة القديمة وتحويلها إلى مراكز ثقافية، تميز كل بيت بهويته الفريدة ولمسته الساحرة، من بينها «بيت زرياب»، و«متحف الحضيف»، و«البيت البوهيمي»، و«بيت الحجاز»، و«بيت الحضيف»، ويجتمع نشاط هذه البيوت حول الثقافة والفن.

وفي عام 2020، توسعت مبادراته لتشمل مشروع «لاثريبو» في المدينة المنورة، وفي عام 2021، أنشأ مركزاً ثقافياً شمال جدة، وفي عام 2022، أطلق منصة «يمام الثقافية» في الرياض بالتعاون مع مكتبة الملك عبد العزيز العامة، ليكون واحداً من رواد الفن والموسيقى المؤثرين في السعودية.

ويشير عبد الله الحضيف إلى أن القطاع الثقافي السعودي مليء بالفرص التي تنتظر رواد الأعمال، والمستثمرين، ويضيف: «تجربتنا في (سرد) تعطي نموذجاً لهذه العلاقة المثمرة بين الطرفين، في خوض هذه التجربة وصناعة الفرق والمساهمة في تلبية احتياجات سوق العمل بالقطاع الثقافي».

ينطلق «مركز سرد» بدعم من «الصندوق الثقافي السعودي» حاضنة للموهوبين وإثراء مجالات الموسيقى والفنون وتعزيز المحتوى الفني (مركز سرد)

«سرد» فضاء حيوي للمبدعين

ويقول عبد الله الحضيف إن «كل فرد في (سرد) يؤمن بأن الفن لغة عالمية تتجاوز الحدود وتلامس القلوب، ونسعى انطلاقاً من هذا الوعي بقيمة وتأثير الفنون، إلى توفير بيئة إبداعية داعمة لكل مَن يرغب في تطوير مهاراته الفنية والتعبير عن ذاته من خلال الفن، وأن يكون (سرد) من بين الوجهات الأولى المفضلة، لكل مَن يبحث عن تحفيز لإبداعه وتطوير مهاراته الفنية، والمساهمة في بناء مجتمع فني مبتكر يجمع بين شتى المواهب ويسهم في تنمية الفن والثقافة وازدهار مجتمع فني متنامٍ يجمع بين الشغف والموهبة».

فريق مركز سرد الثقافي أثناء التحضيرات لإطلاق المركز والتجهيز لفعالياته وأنشطته الفنية والثقافية (مركز سرد)

وترتكز مهمة المركز، بالإضافة إلى تحويل مقره إلى فضاء حيوي لرعاية المبدعين والفنانين، على تقديم دورات وفعاليات فنية عالية الجودة تستهدف مختلف مستويات الفنانين، من المبتدئين إلى المحترفين، كما يسعى لتوفير التوجيه والدعم اللازم لكل فرد ليحقق إمكاناته الكاملة في عالم الفن، وخلق بيئة محفزة وداعمة لكل مَن يرغب في استكشاف وتعزيز مهاراته الفنية، والحث على تقديم أرقى الحفلات الكلاسيكية التي تشمل مختلف ميادين الفن، بهدف تلبية تطلعات كل فرد وتحفيزه على الابتكار والتعبير.


مقالات ذات صلة

«كريسماس أون آيس» المُنتَظر... نجاةٌ بالأمل

يوميات الشرق لحظات ساحرة تشبه رحلات تعبُر بالمرء نحو أحلام لطيفة (الشرق الأوسط)

«كريسماس أون آيس» المُنتَظر... نجاةٌ بالأمل

حين غنّى آندي ويليامز «إنه أروع أوقات السنة»، صَدَق؛ وهذه الروعة تتجلّى بتعميم الجمال. فالفريق ذلَّل الصعاب، ولـ9 أشهر واصل التحضير.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق من «الأطلال» إلى «واللهِ أبداً»... جواهر اللغة العربية بأصوات أجيالٍ من المطربين

من «الأطلال» إلى «واللهِ أبداً»... جواهر اللغة العربية بأصوات أجيالٍ من المطربين

من أم كلثوم وفيروز وعبد الوهاب، مروراً بماجدة الرومي وكاظم الساهر، وصولاً إلى عمرو دياب. كيف أسهمَ نجوم الأغنية في إحياء اللغة العربية الفصحى؟

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق احتلّت الفنانة الأميركية بيونسيه المرتبة رقم 35 على قائمة أقوى نساء العالم (فيسبوك)

بثروتها الضخمة ونفوذها الواسع... بيونسيه تخترق قائمة أقوى نساء العالم

800 مليون دولار و32 جائزة «غرامي» ومسيرةٌ صنعت فيها نفسها بنفسها. مواصفاتٌ كانت كافية لتضع بيونسيه في المرتبة 35 من بين أقوى نساء العالم وفق تصنيف مجلة «فوربس».

كريستين حبيب (بيروت)
الوتر السادس تركز الفنانة نسمة محجوب على الحضور الفني بشكل دائم (صفحتها على {فيسبوك})

نسمة محجوب: أطمح لتقديم سيرة ماجدة الرومي درامياً

طرحت الفنانة المصرية نسمة محجوب، مطلع ديسمبر (كانون الأول) الجاري، أحدث أعمالها الغنائية بعنوان «الناس حواديت»، والتي حظيت بتفاعل من المتابعين عبر مواقع التواصل

داليا ماهر (القاهرة)
الوتر السادس بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})

إيلي فهد لـ«الشرق الأوسط»: المدن الجميلة يصنعها أهلها

لا يمكنك أن تتفرّج على كليب أغنية «حبّك متل بيروت» للفنانة إليسا من دون أن تؤثر بك تفاصيله. فمخرج العمل إيلي فهد وضع روحه فيه

فيفيان حداد (بيروت)

سينما «متروبوليس» في حلّة جديدة من منطقة مار مخايل

سينما «متروبوليس» الجديدة في منطقة مار مخايل (متروبوليس)
سينما «متروبوليس» الجديدة في منطقة مار مخايل (متروبوليس)
TT

سينما «متروبوليس» في حلّة جديدة من منطقة مار مخايل

سينما «متروبوليس» الجديدة في منطقة مار مخايل (متروبوليس)
سينما «متروبوليس» الجديدة في منطقة مار مخايل (متروبوليس)

في عام 2020 أقفلت سينما «متروبوليس» (أمبير صوفيل) أبوابها. يومها أسدلت الستارة الحديدية لتُعلن انتهاء حقبة مزدهرة عاشتها على مدى 36 عاماً. فافتقد اللبنانيون العروض والمهرجانات السينمائية التي كانت تستضيفها السينما في قلب العاصمة.

ولكن، قبل أيام قليلة أُعلن عن إعادة افتتاح سينما «متروبوليس» في حلّة جديدة. وهذه المرة لن ترى النور من موقعها القديم قرب وزارة الخارجية. فإدارتها قرّرت إعادة إحيائها في مكان مختلف يقع في شارع مار مخايل.

هانية مروّة مديرة «متروبوليس» (متروبوليس)

الموقع هو كناية عن مبنى مصنّع مسبقاً. لماذا هذا النوع من البناء؟ تردّ هانية مروّة مديرة «متروبوليس» لـ«الشرق الأوسط»: «استثمرنا العقار لفترة من الوقت. واخترنا البناء الجاهز لنتمكّن من حمله معنا في حال اضطررنا إلى تغيير الموقع مرة جديدة».

في 21 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، يُفتتح الموقع باحتفالية من خلال دعوة عامة لهواة السينما، رغبت إدارة «متروبوليس» في إحيائها بعد غياب عن الساحة. فالأزمات التي مرّ بها لبنان من اقتصادية، وانتشار الجائحة، وانفجار المرفأ، وصولاً إلى اندلاع الحرب، أخّرت ولادتها.

وكانت إدارة «متروبوليس» قد بدأت تبحث عن مكان بديل لموقعها القديم (مركز صوفيل) منذ عام 2020. ولم توفّق بأي مكان يستوفي شروط صالة سينمائية. وبالصدفة وجدت هذا الموقع في مار مخايل. وهو كناية عن أرض فارغة لم يُمانع أصحابها من استثمارها لنشاطات ثقافية.

تتألف السينما من صالتي عرض (متروبوليس)

ويتألف الموقع الذي يحيط به موقف ضخم يتسّع لعشرات السيارات من صالتي سينما. تتسّع واحدة منها لمائة شخص، فيما الثانية مساحتها أكبر وتستوعب مائتي شخص. وتوضح مروّة: «الأولى ستُخَصّص لعروض صغيرة. وستستضيف الثانية عروض المهرجانات السينمائية. كما أن الحديقة المحيطة بالموقع ستُستخدم للعروض السينمائية في الهواء الطلق وتتسّع لنحو 350 شخصاً».

في هذا المبنى أيضاً تحضر قاعة «سينماتيك» وهي كناية عن مكتبة. يستطيع طلاب الجامعات والباحثون في موضوعات السينما استخدامها. وتتضمّن مجموعة من الكتب والمجلات والملصقات والأفلام المؤرشفة من قبل «متروبوليس». ويستطيع روّادها حضور أفلام تعود ملكيتها للسينما، فيستفيدون من محتواها لأبحاثهم.

إلى جانب المبنى تلفتك حاوية كبيرة كُتب عليها «سينما». وتوضح مروّة في سياق حديثها: «خُصّص جزء منه للماكينات والأعمال التقنية. وقسم آخر ننوي تحويله إلى صالة استقبال».

تؤكد مروّة أن المشروع تطلّب كلفةً مالية مرتفعة. وتضيف: «لقد بنيناه في ظروف صعبة جداً كان يمرّ بها لبنان. ورغم ذلك استطعنا جمع مبالغَ من متبرعين ومموّلين محليين وأجانب. بعض الأوروبيين انسحبوا من المشروع إثر اندلاع حرب أوكرانيا، وآخرون التزموا بتعاونهم معنا من بينهم سفارات فرنسا، والنرويج، وإيطاليا، وسويسرا. وهناك لبنانيون تبرعوا لنا بالحديد والألمنيوم والأقمشة. واستُقدمت مقاعد الصالتين من إيطاليا. واهتم (المركز الثقافي الإيطالي) بتأمينها من صالة سينمائية في ميلانو. ونعدّ كل من ساهم في ولادة هذه السينما أنه بنى معنا بالفعل».

في ليلة افتتاح «متروبوليس» ستُعرض 4 أفلام قصيرة. وتقول مروّة في سياق حديثها: «طلبنا من بعض المخرجين والمنتجين السينمائيين صناعة أفلام قصيرة للمناسبة. وهي ترتكز على مواد أرشيفية، تشمل لبنان، ومصر، وفلسطين. ويرافق هذه العروض موسيقى حيّة تعزف مباشرة لأن الأفلام صامتة».

من بين المخرجين الذين ساهموا في صناعة هذه الأفلام جوانا حاجي توما، وخليل جريج، وكذلك سينتيا زافين، ورنا عيد وغيرهم.

هانية مروّة مديرة «متروبوليس» (متروبوليس)

وفي فترة الأعياد برمجت «متروبوليس» أجندتها بما يناسب هذا الموسم. «لقد ركنا إلى الكلاسيكيات. وأطلقنا على هذه العروض (جواهر من الماضي). وهي كناية عن أفلام كلاسيكية مرمّمة وأخرى تحكي عن تاريخنا السينمائي الغني. كما خصّصنا عروضاً أخرى للأطفال طوال فترة الأعياد وحضورها سيكون مجانياً».

ومن المتوقع أن تنطلق «متروبوليس» مع السنة الجديدة في برمجتها الخاصة بالمهرجانات السينمائية. وتستهلّها بـ«شاشات الواقع» مهرجان الأفلام الوثائقية. وسيُركّز فيها على أفلام لبنانية لم تأخذ إنتاجاتها حقّها المطلوب. هذه الإنتاجات الغزيرة تأثرت عروضها بسبب أوضاع البلاد المضطربة. وهذه الفئة تطغى على غيرها. وبعد ذلك ستنظم السينما مباشرة، بالتعاون مع (المركز الثقافي الإيطالي) مهرجان (السينما الإيطالية).

وتختم هانية مروّة: «هدف عودتنا إعادة إحياء التواصل بيننا وبين الجمهور. صحيح أننا أبقينا على نشاطاتنا في أماكن مختلفة بينها متحف (سرسق) و(غالاكسي) في بيروت، وصالة (إشبيليا) في صيدا، بيد أن موقعنا الجديد سيكون ملتقى دائماً مع المخرجين والسينمائيين والجمهور». وتستطرد أن «اختلاف الموقع سيحضّنا على بناء ذكريات جديدة ولحظات مثيرة مع السينما. وكذلك يُسهم في تثبيت علاقة مبنيّة على الثقة بيننا وبين الناس. فموقعنا السابق شهد على مدى أعوامٍ طويلة نشاطات كثيرة. وزارته أسماء لمّاعة في عالم السينما المحلية والأجنبية. لا شيء يعوّض لحظات من الماضي. ولكننا نطمح إلى إحياء ما يشبهها في موقعنا الجديد في شارع مار مخايل».