طوني خليفة مقيّماً عاماً على «المشهد»: اشتعال المنطقة غيَّر المعادلات

يقول لـ«الشرق الأوسط» إنه جرَّ ملعبه إلى مشروعه الأكبر

طوني خليفة يقيّم عاماً على انطلاق القناة ومنصّاتها (المشهد)
طوني خليفة يقيّم عاماً على انطلاق القناة ومنصّاتها (المشهد)
TT

طوني خليفة مقيّماً عاماً على «المشهد»: اشتعال المنطقة غيَّر المعادلات

طوني خليفة يقيّم عاماً على انطلاق القناة ومنصّاتها (المشهد)
طوني خليفة يقيّم عاماً على انطلاق القناة ومنصّاتها (المشهد)

يتراءى شيءٌ من تطابُق بيت شعر المتنبي «مصائبُ قومٍ عند قومٍ فوائدُ» مع مرور عام على ولادة فضائية «المشهد» من دبي. يوافق مديرها العام الإعلامي اللبناني طوني خليفة على أنّ اشتعال المنطقة ثبّت حضور المحطة بين زميلاتها المُنافِسات، ويعود بالتاريخ مستعيداً تفوّق مؤسّسات إعلامية ضخمة اشتدّت الأزمات لتؤكد مكانتها. عامٌ على انطلاق القناة، فيجيب خليفة على أسئلة «الشرق الأوسط» عما تحقّق ولم يتحقّق.

الجمهور يدرك المزايا حين يجيد الإعلام دوره (المشهد)

لكان على القناة مضاعفة الجهد لفرض موقع في المنافسة، لو أنّ السكينة تعمّ، فلا اشتعالات تُحتّم التغطية المستمرة، ولا أخبار عاجلة تشترط مطاردتها. يقول مُراكِم نحو 3 عقود أمام أضواء الشاشات: «وُلد الإعلام لمواكبة النار. هذا واقع مؤسف، لكنه حقيقي. من الصعب إبراز القدرات في جوّ هادئ وأعصاب باردة. الجمهور يدرك مزاياك حين تُحشَر في الزاوية وتجيد دورك تحت الضغط».

يُذكّر بشعار «المشهد معنا يكتمل»، ويتابع: «نستضيفُ الجميع، وعلى الجمهور اختيار وجهة النظر الأقرب إليه. لكلٍّ زاوية من الحكاية، يرويها للرأي العام، فيحدّد موقفه منها». بالنسبة إلى خليفة، «ليست القناة الأكبر على مستوى الفريق والميزانية، لكنها حجزت مكانها في المنافسة، وباتت تُنتَظر».

التحسين مطلوب للتقدُّم والاستمرار (المشهد)

أُخذ على المحطة افتقارها للهوية، فبعضٌ يتوه ما بين وصفها بالقناة الإخبارية وما بين عدِّها قناة منوّعات، فيوضح: «على الطريقة اللبنانية، هي الاثنان. لسنا نعاني ضياع الهوية. فكما المحطات اللبنانية تتجنّد للتغطية وتصبح إخبارية في الأزمات، كذلك (المشهد). نتحوّل خبراً عاجلاً حين تتوجّه الأنظار إلى حدث يفرض متابعته وتجنيد الفريق لنقله بالكامل. وأمام الهدوء النسبي وبعض الاستقرار، نوجّه المحتوى ليكون منوّعاً، فيحاكي الشباب وهواجس العصر السريع».

يُشبّه ذلك بسيارة «هايبرد»، تُدار تارة بالوقود وأخرى بالكهرباء؛ ويرى أنّ «المسألة دارجة في لبنان، وبنسبة أقل عربياً، فالشارع العربي لم يعتد تماماً تبدُّل الثوب وفق المناخ الخارجي».

لا مفرّ من سؤال عن التعثّر والارتباك. يجيب أنّ «المشهد» أخطأت وتعلّمت من أخطائها. وقعت ثم أعادت لملمة نفسها. يشبّهها بطفل يحبو: «سيتعثّر قبل أن يجيد المشي. وحين يُمكّن قدمَيْه، يصبح عدّاءً ويحجز مكانه في السباقات». مِن اعترافه بأنّ ذلك الطفل لن يركض لمجرّد ولادته، يقول: «حين لم يكن الديكور مناسباً، غيّرناه على الهواء. وعلى الهواء أيضاً تغيّر مذيعون، ومفاهيم (كونسبت)، وغرافيكس. التحسين مطلوب. الأهم هي القناعة بأنّ ثمة أخطاء تُرتَكب وينبغي تصحيحها. فرضُ الخطأ على المُشاهد مرفوض».

يرفض طوني خليفة افتقار القناة للهوية (المشهد)

يشدّد على أنه يصغي للنقد ويأخذه في الحسبان: «أمام الثغرات، نعقد اجتماعات ونصوِّب. لمجرّد الاقتناع بأنّ الأمور لا تبلغ الذروة منذ المحاولة الأولى، تصبح النتيجة أفضل».

أي عقبات اعترضت «المشهد» في عامها الأول، وبأي تحدّيات تواجه عامها الثاني؟ يعود مجدداً إلى مسألة الهوية: «شكّل إثباتها التحدّي الأول والعرقلة الأولى أيضاً. لكنّ الرأي العام العربي بدأ يتقبّل. إشكالية التحدّيات تتصل بما يجري حولنا. قبل انطلاق القناة، وضعنا استراتيجية للسنوات الثلاث المقبلة. تزاحُم الأحداث والتهاب المنطقة، جعلانا نتخطاها بعام فقط. اليوم، نضع أخرى. واقع المنطقة يُكبِّر المسؤولية ويُغيّر المعادلات. الرهان هو الاستمرار والتقدُّم، وسط ظرف أشدّ صعوبة تشترط مواكبته جهوداً أكبر. عموماً، إنني ممَن لا ينجحون كلياً إلا تحت الضغط».

القناة أخطأت وتعلّمت من أخطائها (المشهد)

اعتاد الإعلامي اللبناني خلْق أفكار وخطط ورؤى إعلامية لما يخصّه شخصياً لتطوير برامجه بين لبنان والأردن ومصر. للمرة الأولى، يقود قناة عربية، جمهورها لا يقتصر على المحلّي. «التجربة مضنية»، يقول. ولكن، هل كان تقديم البرامج ملعبه، فانتقل إلى ملعب آخر قلَّص إتاحة تسديد الأهداف؟ يردّ: «لا، بل أتيتُ بملعبي معي، ووظّفتُ 30 عاماً من الخبرة الإعلامية في خدمة مشروعي الأكبر. حين بدأتُ، لم أعرف أنواع الكاميرات، ولا كيفية تشغيلها. تعلّمتُ وأثبتُ نفسي في عالم لم أعلم عنه شيئاً. اليوم، تضعنا التكنولوجيا، وتقنيات الذكاء الاصطناعي، وهندسة الاتصالات أمام رؤية مغايرة للبناء والتأسيس. كان تحدّي ولادة (المشهد) أشبه بـ(ضرب جنون). لم أُعيَّن مديراً على مؤسّسة جاهزة، بل بدأتُ من الصفر. عملتُ في البلاط والإضاءة والشبابيك و(الماكيت)، وساعدتُ في انتقاء الكاميرات. حين انطلقنا، شعرتُ أنني متعَب وأشاء الاستراحة. ثم تبيّن لي أنّ الاستمرار هو ما ينبغي فعله فقط».

تضعنا التكنولوجيا، وتقنيات الذكاء الاصطناعي، وهندسة الاتصالات أمام رؤية مغايرة للبناء والتأسيس. كان تحدّي ولادة «المشهد» أشبه بـ«ضرب جنون»

الإعلامي اللبناني طوني خليفة

برامجه في مصر توجّهت إلى المصريين، فنجحت. وبرامجه في لبنان، خاطبت اللبنانيين، فشكّلت حالة، وإنْ اعترى النقد جانباً منها. عبر «المشهد»، يقدّم «توتّر عالي»، ويتداور على تقديم «استوديو العرب». جمهورهما أشمل، ومفهوم نجاحهما مختلف. يعلم طوني خليفة أنّ العصر يفرض صناعة «الترند»، وتصدُّر اهتمام متابعي المنصّات. تشغله هواجس الجيل الجديد، ويخصّص لها برامج. إنما يصرُّ على المخضرمين: «لئلا تغدو المحطة شيئاً من (تيك توك). الإعلاميون الكبار يمنحون الصدقية. أُنتج للشاشة على طريقة مواقع التواصل، لكنني أحرص على الضوابط».

تؤلمه خسارة الكاتب السعودي هاني نقشبندي، ويصنّفها «شخصيةً ومهنية»: «راهنتُ على الإضافة التي سيشكّلها. إيجاد البديل في حالته صعب جداً».


مقالات ذات صلة

توقيف «بلوغر» مصرية لحيازتها مخدرات يجدّد أزمات صانعات المحتوى

يوميات الشرق «البلوغر» والمذيعة المصرية داليا فؤاد بقبضة الشرطة (صفحتها في «فيسبوك»)

توقيف «بلوغر» مصرية لحيازتها مخدرات يجدّد أزمات صانعات المحتوى

جدَّدت واقعة توقيف «بلوغر» أزمات صانعات المحتوى في مصر، وتصدَّرت أنباء القبض على داليا فؤاد «التريند» عبر «غوغل» و«إكس».

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق الممثل كيليان مورفي يعود إلى شخصية تومي شلبي في فيلم «The Immortal Man» (نتفليكس)

عصابة آل شلبي عائدة... من باب السينما هذه المرة

يعود المسلسل المحبوب «Peaky Blinders» بعد 6 مواسم ناجحة، إنما هذه المرة على هيئة فيلم من بطولة كيليان مورفي المعروف بشخصية تومي شلبي.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق جود السفياني (الشرق الأوسط)

جود السفياني... نجمة سعودية صاعدة تثبّت خطواتها في «خريف القلب»

على الرغم من أن الممثلة جود السفياني ما زالت في بداية العقد الثاني من عمرها، فإنها استطاعت أن تلفت الأنظار إليها من خلال مسلسلات محليّة حققت نسب مشاهدة عالية.

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق تضم المنطقة المتكاملة 7 مباني استوديوهات على مساحة 10.500 متر مربع (تصوير: تركي العقيلي)

الرياض تحتضن أكبر وأحدث استوديوهات الإنتاج في الشرق الأوسط

بحضور نخبة من فناني ومنتجي العالم العربي، افتتحت الاستوديوهات التي بنيت في فترة قياسية قصيرة تقدر بـ120 يوماً، كواحدة من أكبر وأحدث الاستوديوهات للإنتاج.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق الفنان المصري مصطفى فهمي (وزارة الثقافة)

حزن في مصر لرحيل «برنس الشاشة» مصطفى فهمي

خيَّمت حالة من الحزن على الوسط الفني بمصر، الأربعاء، بعد إعلان رحيل الفنان مصطفى فهمي، المشهور بلقب «برنس الشاشة»، عن عمر ناهز 82 عاماً.

محمد الكفراوي (القاهرة)

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
TT

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)

وجدت دراسة جديدة، أجراها فريق من الباحثين في كلية الطب بجامعة نورث وسترن الأميركية، أن الأجزاء الأكثر تطوراً وتقدماً في الدماغ البشري الداعمة للتفاعلات الاجتماعية -تسمى بالشبكة المعرفية الاجتماعية- متصلة بجزء قديم من الدماغ يسمى اللوزة، وهي على اتصال باستمرار مع تلك الشبكة.

يشار إلى اللوزة تُعرف أيضاً باسم «دماغ السحلية»، ومن الأمثلة الكلاسيكية لنشاطها الاستجابة الفسيولوجية والعاطفية لشخص يرى أفعى؛ حيث يصاب بالذعر، ويشعر بتسارع ضربات القلب، وتعرّق راحة اليد.

لكن الباحثين قالوا إن اللوزة تفعل أشياء أخرى أكثر تأثيراً في حياتنا.

ومن ذلك ما نمر به أحياناً عند لقاء بعض الأصدقاء، فبعد لحظات من مغادرة لقاء مع الأصدقاء، يمتلئ دماغك فجأة بأفكار تتداخل معاً حول ما كان يُفكر فيه الآخرون عنك: «هل يعتقدون أنني تحدثت كثيراً؟»، «هل أزعجتهم نكاتي؟»، «هل كانوا يقضون وقتاً ممتعاً من غيري؟»، إنها مشاعر القلق والمخاوف نفسها، ولكن في إطار اجتماعي.

وهو ما علّق عليه رودريغو براغا، الأستاذ المساعد في علم الأعصاب بكلية فاينبرغ للطب، جامعة نورث وسترن، قائلاً: «نقضي كثيراً من الوقت في التساؤل، ما الذي يشعر به هذا الشخص، أو يفكر فيه؟ هل قلت شيئاً أزعجه؟».

وأوضح في بيان صحافي صادر الجمعة: «أن الأجزاء التي تسمح لنا بالقيام بذلك توجد في مناطق الدماغ البشري، التي توسعت مؤخراً عبر مسيرة تطورنا البشري. في الأساس، أنت تضع نفسك في عقل شخص آخر، وتستنتج ما يفكر فيه، في حين لا يمكنك معرفة ذلك حقّاً».

ووفق نتائج الدراسة الجديدة، التي نُشرت الجمعة في مجلة «ساينس أدفانسز»، فإن اللوزة الدماغية، بداخلها جزء محدد يُسمى النواة الوسطى، وهو مهم جدّاً للسلوكيات الاجتماعية.

كانت هذه الدراسة هي الأولى التي أظهرت أن النواة الوسطى للوزة الدماغية متصلة بمناطق الشبكة المعرفية الاجتماعية التي تشارك في التفكير في الآخرين.

لم يكن هذا ممكناً إلا بفضل التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، وهي تقنية تصوير دماغ غير جراحية، تقيس نشاط الدماغ من خلال اكتشاف التغيرات في مستويات الأكسجين في الدم.

وقد مكّنت هذه المسوحات عالية الدقة العلماء من رؤية تفاصيل الشبكة المعرفية الاجتماعية التي لم يتم اكتشافها مطلقاً في مسوحات الدماغ ذات الدقة المنخفضة.

ويساعد هذا الارتباط باللوزة الدماغية في تشكيل وظيفة الشبكة المعرفية الاجتماعية من خلال منحها إمكانية الوصول إلى دور اللوزة الدماغية في معالجة مشاعرنا ومخاوفنا عاطفياً.

قالت دونيسا إدموندز، مرشح الدكتوراه في علم الأعصاب بمختبر «براغا» في نورث وسترن: «من أكثر الأشياء إثارة هو أننا تمكنا من تحديد مناطق الشبكة التي لم نتمكن من رؤيتها من قبل».

وأضافت أن «القلق والاكتئاب ينطويان على فرط نشاط اللوزة الدماغية، الذي يمكن أن يسهم في الاستجابات العاطفية المفرطة وضعف التنظيم العاطفي».

وأوضحت: «من خلال معرفتنا بأن اللوزة الدماغية متصلة بمناطق أخرى من الدماغ، ربما بعضها أقرب إلى الجمجمة، ما يسهل معه استهدافها، يمكن لتقنيات التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة استهداف اللوزة الدماغية، ومن ثم الحد من هذا النشاط وإحداث تأثير إيجابي فيما يتعلق بالاستجابات المفرطة لمشاعر الخوف والقلق».