دانييلا رحمة لـ«الشرق الأوسط»: سأظلُّ أتعلّم طوال عمري

تغيب عن رمضان وتطلّ بمسلسل عبر «نتفليكس»

تحيط دانييلا رحمة نفسها بمُلهمين يدفعون بها نحو الذروات (صور الفنانة)
تحيط دانييلا رحمة نفسها بمُلهمين يدفعون بها نحو الذروات (صور الفنانة)
TT

دانييلا رحمة لـ«الشرق الأوسط»: سأظلُّ أتعلّم طوال عمري

تحيط دانييلا رحمة نفسها بمُلهمين يدفعون بها نحو الذروات (صور الفنانة)
تحيط دانييلا رحمة نفسها بمُلهمين يدفعون بها نحو الذروات (صور الفنانة)

الردُّ على سؤال «كيفَ تعلّمتِ العربية بهذا الشكل، وكيف برعتِ؟»، المُوجَّه إلى دانييلا رحمة من كثيرين يقابلونها، تختصره هذه البساطة: «بالتعب المكثّف لصقل نفسي». كانت صغيرة، خائفة، تفتقد الثقة الداخلية بالقدرات والمستقبل، حين ظنّت أنّ أحداً لن يعرض عليها دوراً، وإنْ درست لسنوات في معهد التمثيل. إيمانُها بنفسها حقَّق القفزة المُنتَظرة وجعلها ترى كنوز الأعماق.

إنه التعلُّم، لا تخجل الممثلة اللبنانية من إعلان ممارسته «حتى آخر عمري». من أجله، تسأل وتستشير، وتطلب النصيحة. لا تكترث لأصوات تقول: «أنتِ نجمة، ألم تكتفِ بعد من مدرّب التمثيل؟»، وتُخبر «الشرق الأوسط» عن أهمية أن يحيط المرء نفسه بمُلهمين يدفعون به نحو الذروات.

بالتعب المكثّف صقلت دانييلا رحمة نفسها (صور الفنانة)

يرافق كل شخصية مَن يصقلها لظهورٍ أفضل: «من هؤلاء أتعلّم؛ مدرّب التمثيل، المخرج، وكل محرّض على النجاح. على الممثل امتلاك ثقافة عامة، وليس ضمن مهنته فقط، فيتمكن من التقلُّب بين الشخصيات. حتى اليوم، أجتهد في صناعة نفسي».

لا بد من سؤالها عن «ريم»، شخصيتها البديعة في «للموت» الرمضاني. لمواسم، انتُظرت على أوسع نطاق، وجذبت بالأداء المُتقن الأنظار. ماذا يبقى من شخصيات تصبح بعضاً من أصحابها؟ كيف تتعامل دانييلا رحمة مع الرواسب، وما يعلَق، لئلا يعوق التدفُّق الآتي؟ تتحدّث عن اختبار مرحلة «التخلُّص من الدور»، وإخضاع الشخصية للمغادرة: «اضطررتُ إلى وداعها. تطلّب الأمر جلسات مع مدرّب التمثيل. تعلّقتُ بها ووجدتُ فيها ما يشبهني لناحية الحب. لستُ أحبّذ التشابه مع الشخصيات. أحبُّ إبقاءها على مسافة. خطرٌ وصول الممثل إلى مرحلة التشبُّه التام بالشخصية. لم يكن وداع (ريم) سهلاً. هي اليوم في الذاكرة».

إيمان دانييلا رحمة بنفسها حقَّق القفزة المُنتَظرة (صور الفنانة)

صنّاعُ الدروس مَن يأتون ويرحلون، ومَن يتيحون الثقة وآخرون يعمّقون الخذلان: «حتى الشخصيات تُعلّمني. أراقبُ أخطاءها وأتعلّم». لكنها تفضّل أن تُخطئ. الأثر هنا أكبر. تشاء ارتكاب الهفوة مرة واثنتين. في الثالثة لا بدّ أن تتعلّم. تسمّيها «تذوُّق الخطأ»، فيبقى طعمه، وتصيبها نكهته بعِبرة الحياة.

في المنزل، وبين العائلة، تشعر أنها تمنح كلَّها لدفء المُحبّين والوقت الحلو. وعلى السجادة الحمراء، يصبح هذا الكُلّ مُلكاً للناس. تقول: «أشاء الامتنان لتقديرهم الكبير. حين تلقّيتُ جائزة في العراق، لم أتوقّع احتضاناً حقيقياً من خارج بلدي ولهجتي. فوجئت بمحبة العراقيين. أرادوني بينهم رغم ارتباطي بموقع التصوير. أصرّوا على التكريم الذي ملأني. ظلّلتُ أبتسم طوال الوقت، وأنا أتساءل، (حقاً؟ هل ثمة بالفعل أحبّة لي في العراق؟ وفي السعودية؟). كنتُ طفلة تحلم، وقلبها يخفق. يا لهذه المسؤولية!».

ترى دانييلا رحمة أنّ على الممثل امتلاك ثقافة عامة (صور الفنانة)

وفي مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي»، كان اللقاء بممثلين وكتّاب ومنتجين عالميين، منهم جوني ديب وويل سميث، لتُسجّل تجربة لا تُنسى: «التعرّف إلى ثقافات مختلفة يُغني الممثل. أحياناً، علينا النظر من زاوية مغايرة. أساليب العمل ليست واحدة، ومن المفيد معرفة ذلك». تُبقي التواصل قائماً مع أسماء كثيرة.

دانييلا رحمة وجوني ديب في السعودية (صور الفنانة)

تستريح حالياً، والاستراحة لا تعني إرجاء التفكير بالخطوة المقبلة. يؤرقها سؤال «What’s next?»، ويفرض الاجتهاد ورفض الاكتفاء بما تحقّق: «الغياب محرّك العودة. ما بعد كل نجاح يشغلني دائماً. أعلم أنّ المسألة ليست مرتبطة بي وحدي. هي أيضاً نصّ جيد ومخرج لامع وشركة إنتاج. لذا، أسعى نحو الخيار الصائب. مهنتنا مُخادِعة، فالحِمْل جماعي. علينا التكاتف من أجل النتيجة المرجوّة. أخاف التعثُّر، فالتمثيل بالنسبة إليّ حياة كاملة. لذا؛ لا أكفّ عن التعلُّم».

كانت في التاسعة عشرة حين غادرت أستراليا، موطن إقامة عائلتها، لمطاردة الشغف. تذكُر أنها رأت الدمع يتساقط على خدَي والدَيها وهما يودّعانها على الشرفة. رغم آلام الانسلاخ، سلّماها للأحلام. اليوم تقول: «إنني خليط من الموهبة والحظ. الأخير يأتي من الإحاطة والدعم والامتنان لله. أمكن أن أكتفي بأدوار ثانية وبتصنيفي ممثلةً عادية. ما أريده يتجاوز المحدود ويتخطّاه. أهدمُ الجدران وأنطلق. أنا فراشة مصيرها الطيران في الفضاء الرحب. الدنيا طافحة بالفرص، فأفردُ جناحيَّ لها».

لم تتوقّع دانييلا رحمة احتضاناً من خارج بلدها ولهجتها (صور الفنانة)

لطالما تخيّلت نفسها تؤدّي دوراً وهي تسير في الشوارع. تتحدّث عن «نار وُلدت داخلي»، هي الإلهام والشعلة، وما يُجمِّل المحاولات. ورغم مباغتة الحياة، وتسلُّل ما يُتعِب، تُبقيها مشتعلة. بهذه النار، منحت مسلسل «الضبع» (اسم أولي) أقصى ما تملك. العمل من 6 حلقات مرتقب عرضه هذا العام عبر «نتفليكس»، من إخراج المصري حسين البناوي، وإنتاج «إيغل فيلمز»، وبطولتها والممثل السوري محمد الأحمد، شريك نجاحات «للموت» بشخصية (هادي) العاشق الموجوع. تكشف أنّ تحضيره تطلّب عامين، وتفرّغت 6 أشهر لتُنجزه وفق المُشتهى. تعِد بدور جديد، يُظهر قدرات بدنية، جعلها تتخطّى مخاوف لم تظنّ أنها ستتخطاها.

تغيب عن رمضان بعد تعسُّر ولادة لقائها المنتَظر مع قصي خولي. تترقّب فرصة أخرى تتيح هذه الجَمعة، وتبحث دائماً عن العرض الأنسب.

مُنافِسة دانييلا رحمة الأولى هي نفسها، مع ذلك تقول: «تزدحم الساحة بالممثلات، وجميعنا نشاء أن نكون الأفضل. أغار على عملي، لكنني أيضاً أُسرّ لنجاحات الزميلات. المرأة التي تصل، تلهمني مزيداً من الوصول».


مقالات ذات صلة

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

يوميات الشرق لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

حظي مسلسل «رقم سري» الذي ينتمي إلى نوعية دراما الغموض والتشويق بتفاعل لافت عبر منصات التواصل الاجتماعي.

رشا أحمد (القاهرة )
يوميات الشرق زكي من أبرز نجوم السينما المصرية (أرشيفية)

مصر: تجدد الجدل بشأن مقتنيات أحمد زكي

تجدد الجدل بشأن مقتنيات الفنان المصري الراحل أحمد زكي، بعد تصريحات منسوبة لمنى عطية الأخت غير الشقيقة لـ«النمر الأسود».

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق تجسّد شخصية «دونا» في «العميل» (دانا الحلبي)

دانا الحلبي لـ«الشرق الأوسط»: لو طلب مني مشهد واحد مع أيمن زيدان لوافقت

تُعدّ تعاونها إلى جانب أيمن زيدان إضافة كبيرة إلى مشوارها الفني، وتقول إنه قامة فنية كبيرة، استفدت كثيراً من خبراته. هو شخص متعاون مع زملائه يدعم من يقف أمامه.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق آسر ياسين وركين سعد في لقطة من المسلسل (الشركة المنتجة)

«نتفليكس» تطلق مسلسل «موعد مع الماضي» في «القاهرة السينمائي»

رحلة غوص يقوم بها بعض أبطال المسلسل المصري «موعد مع الماضي» تتعرض فيها «نادية» التي تقوم بدورها هدى المفتي للغرق، بشكل غامض.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق مسلسل «6 شهور»   (حساب Watch IT على «فيسبوك»)

«6 شهور»... دراما تعكس معاناة حديثي التخرّج في مصر

يعكس المسلسل المصري «6 شهور» معاناة الشباب حديثي التخرج في مصر عبر دراما اجتماعية تعتمد على الوجوه الشابة، وتحاول أن ترسم الطريق إلى تحقيق الأحلام.

نادية عبد الحليم (القاهرة )

القديم والحديث والجريء في فن أبو ظبي

جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)
جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)
TT

القديم والحديث والجريء في فن أبو ظبي

جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)
جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)

عاماً بعد عام وبدأب وطموح كبيرين يُثبت معرض فن أبوظبي مكانه في خارطة المعارض الفنية العربية، وهذا العام احتفل بالنسخة الـ16 مستضيفاً 102 صالة عرض من 31 دولة حول العالم في مقره بجزيرة السعديات الملتفة برداء الفنون. التجول في أروقة المعرض الفني يحمل الكثير من المتعة البصرية والفنية، نعيد مشاهدة أعمال لفنانين كبار، ونكتشف أعمالاً لم نرها من قبل لفنانين آخرين، ونكتشف في وسط ذلك النجوم الصاعدة. ولم يختلف الوضع هذا العام بل أضاف أقساماً جديدة ليستكشف الزائر من خلالها أعمالاً فنية بعضها عتيق وبعضها حديث، من الأقسام الجديدة هناك «صالون مقتني الفنون» و«فن جريء، فن جديد» و«طريق الحرير، الهويات المتبادلة» إضافة إلى معرض منفصل من مجموعة فرجام عن الفن الحديث والتحرر من الاستعمار سنعود له لاحقاً.

جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)

صالون مقتني الفنون

يُعد إضافة مميزة لنسخة هذا العام، ويعرض المخطوطات والأسطرلابات والتحف التاريخية والكتب النادرة بتنظيم من روكسان زند. نطلق الجولة من غرفة أنيقة حملت جدرانها خريطة ضخمة أحاط بها من اليمين واليسار قطعتان مثبتتان على الحائط، ونقرأ أنها كانت تُستخدم لحمل العمامة في العهد العثماني، في كوات حائطية نرى أطباقاً من الخزف أحدها يعود للقرن الـ16، ويصور فارساً عربياً على صهوة جواده، وفي أخرى إبريق ذهبي اللون يعود للعهد العثماني. في جناح «شابيرو للكتب النادرة» من بريطانيا نرى نسخاً من مصاحف تاريخية مزخرفة ومذهبة بجمال وحرفة لا تتخطاها العين، ما يجذب الزائر هو أن الكتب والمصاحف كلها في متناول اليد مفتوحة الصفحات ومنتظمة في عرض جميل.

مصاحف أثرية (الشرق الأوسط)

تستعرض القائمة على العرض بعض القطع المميزة، وتقول: «إنها المرة الأولى التي نشارك فيها في معرض أبوظبي. نعرض بعض المخطوطات والكتب النادرة من متجرنا في لندن، منها صفحة من مصحف بالخط الحجازي يعود للقرن السابع، وبعض المصاحف المصغرة أحدها يعود للقرن الـ19». وعن الأسعار تقول إنها تتراوح ما بين آلاف الدولارات لبعض اللوحات التي تعود لعهد الحملة الفرنسية على مصر، أما المصاحف فتتراوح أسعارها حسب تاريخها ونسبة مالكيها السابقين، كمثال تشير إلى نسخة تعود لبلاد فارس في القرن الـ16 سعرها 335 ألف دولار، وصحائف من القرآن تتراوح أسعارها ما بين 20 و30 ألف دولار. هنا أكثر من مثال للمصاحف المصغرة منها مصحف مكتوب بدقة متناهية بالذهب على أوراق خضراء اللون مشكلة على نحو ورق الشجر، وبجانبه نرى مصحفاً مصغراً آخر محفوظاً في علبة ذهبية تتوسطها عدسة مكبرة. الكتابة دقيقة جداً، وهو ما يفسر وجود العدسة المكبرة، تقول: «هذا المصحف ليس مكتوباً باليد مثل المصاحف الأخرى هنا، بل مطبوع من قبل دار نشر في غلاسكو في عام 1900 باستخدام تقنية جديدة للطباعة الفوتوغرافية. ومثل هذا النوع من المصاحف المصغرة كانت تطبع لاستخدام الجنود البريطانيين المسلمين في الحرب العالمية الأولى، وكانوا يرتدونها معلقة في قلائد كتعويذة، يقدر سعر المصحف بـ3.5 ألف دولار أما المصحف على هيئة ورقة الشجر فيقدر سعره بـ40 ألف دولار.

مصحف مصغر مطبوع في غلاسكو عام 1900

نمر على «غاليري آري جان» الذي يعرض لوحات المستشرقين من القرن الـ19، ومنها أعمال جاك ماجوريل، ثم نصل إلى جناح «كتب دانيال كاروش النادرة» الذي يعرض مكتبة تضم أكثر من 500 ألبوم صور تحتوي على صور تاريخية للإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والعالم العربي الأوسع. هنا نرى مجموعة من الصور النادرة المكبرة معروضة على كامل الحائط، من ضمنها صور من الجزيرة العربية قديماً، بعضها لأشخاص مشهورين مثل الرحالة غيرترود بيل ولورانس العرب، وغيرها لأشخاص لا نعرف أسماءهم، نرى أيضاً صوراً للكعبة المكرمة وصوراً عامة لأشخاص يرتدون الزي العربي. في الصدارة مجموعة من المجلدات، يقول عنها المشرف على الجناح إنها المجموعة الكاملة التي تضم 33 ألف صورة من 350 ألبوماً، يقول: «إنَّ المجموعة تعود لسيدة من لندن تُدْعَى جيني ألزوث، وإنها جمعت الصور على مدى 25 إلى 30 عاماً. الشيء المثير للاهتمام في هذه المجموعة هو أنها تعبّر عن لمحات من الحياة اليومية في الجزيرة العربية التقطها زوار أوروبيون بريطانيون على مدار 130 عاماً».

صور تاريخية للإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والعالم العربي

يضيف محدثنا أن الصور لم تنشر من قبل، «نأمل أن تقدم هذه الصور سرداً لتاريخ المنطقة لم يوثقه أحد من قبل»، ويقدر سعرها بمبلغ 2 مليون دولار.

ولفت جناح دار «كسكينار - كنت آنتيكس» الأنظار إليه بمجسم لحصان وضع عليه سرج صُنع للسلطان العثماني سليم الثالث (1789-1807) ومزين بـ1036 شكلاً مذهباً، منها أكثر من 500 نجمة فضية، وكل نجمة يصل وزنها إلى 11 غراماً تقريباً، ويصل سعر السرج إلى 3 ملايين دولار.

«فن جريء، فن جديد»

«فن جريء، فن جديد»، بإشراف ميرنا عياد، يعيد عرض أعمال لفنانين مهمين كان لهم أدوار محورية في تاريخ الفن في المنطقة. من خلاله تستعرض صالات من تونس ومصر وفلسطين ولبنان والمملكة العربية السعودية وإيران وفرنسا، مجموعة ملهمة من أعمال الفن الحديث لفنانين وفنانات رواد من أوائل الستينات، وحتى أوائل الثمانينات»، وفي هذا الإطار نستمتع بنماذج رفيعة لرواد أمثال إنجي أفلاطون من مصر ونبيل نحاس من لبنان وسامي المرزوقي من السعودية وغيرهم. الأعمال المعروضة في هذا القسم لها ألق خاص فهي تعيد فنانين حفروا أسماءهم في تاريخ الفنون في بلادهم، وفي الوطن العربي بعضهم انحسرت عنه أضواء السوق الفنية، وأعادها العرض مرة أخرى لدائرة الضوء.

عمل للفنانة المصرية إنجي أفلاطون (الشرق الأوسط)

في «غاليري ون» نرى أعمالاً للفنانة الأردنية الفلسطينية نبيلة حلمي (1940-2011)، يصف موقع المتحف الوطني الأردني أسلوب الفنانة الراحلة بأنه خليط من «الكولاج والألوان المائية والحبر الصيني. تتميز أعمالها الزيتية بشفافية حالمة وعفوية، فيها تجريد تعبيري يتسم بالغموض والنضج الفني». نرى هنا نماذج لأعمالها، ونتحدث مع المشرف على القاعة عنها، يقول إنَّ الفنانة لها أعمال في متاحف عالمية وعربية، ولكنها قليلة في السوق التجارية. الفنانة الثانية هي إميلي فانوس عازر (فلسطينية، مواليد الرملة عام 1949)، ويعرض لها الغاليري أكثر من عمل منها بورتريه لامرأة تنظر إلى الأمام بينما عقدت ذراعيها أمامها، العمل يجبر الزائر على التوقف أمامه والتأمل فيما يمكن أن تخفيه تلك المرأة خلف نظرتها الواثقة والعزيمة التي تنبعث منها.

بورتريه للفنانة إميلي فانوس عازر (الشرق الأوسط)

من مصر يقدم «أوبونتو آرت غاليري» المشارك للمرة الأولى عدداً من أعمال الفنان المصري إيهاب شاكر (1933-2017)، المألوفة للعين، فالفنان له خطوط مميزة رأيناها في أعمال الكاريكاتير التي نشرها في الصحف المصرية. يقول المسؤول عن الغاليري إن شاكر انتقل للعمل في مسرح العرائس مع شقيقه ناجي شاكر قبل أن يسافر إلى فرنسا في عام 1968 حيث عمل في مجال أفلام الرسوم المتحركة، ونال عدداً من الجوائز عن أحد أفلامه. تلفتنا تعبيرات شاكر التي تحمل عناصر شعبية مصرية يقول عنها محدثنا إنَّها تبعث البهجة، ويشير إلى أن الحس الموسيقي يميز أعمال الفنان أيضاً، ويظهر ذلك في الوحدة والتناغم بين العناصر، ويؤكد أن «لديه خطوطاً مختلفة عن أي فنان آخر».

من أعمال الفنان إيهاب شاكر (الشرق الأوسط)

 

في «غاليري بركات» من بيروت نجد مجموعة من الأعمال المتنوعة ما بين اللوحات والمنحوتات الخشبية والبرونزية، يتحدث معنا صالح بركات مالك الغاليري عن الأعمال المعروضة، ويبدأ بالإشارة لعمل ضخم من البرونز للفنان معتصم الكبيسي يمثل أشخاصاً يتهامسون: «يعكس خلفيات المسرح السياسي، الكل يتهامس، وما لا يقال قد يكون أكثر أهمية مما يقال». للفنان جوزف الحوراني منحوتات خشبية تحمل كتابات بالخط العربي، تنتظم ببراعة، وتتضافر في تشكيلات خشبية مدهشة تجعلنا ندور حولها، ونحاول قراءة الجمل المكتوبة، ومنها «مصائب قوم عند قوم فوائد» و«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ». «عبقرية!» يصفها صالح بركات، ويتحدث عن الخط العربي ونقله للعالم المعاصر: «أنا اليوم يعنيني أن نحافظ على تراثنا بطريقة عصرية. نريد أن نأخذ تراثنا للمستقبل».

من أعمال الفنان العراقي سيروان باران (الشرق الأوسط)

ينتقل إلى عملين للفنان سروان بهما الكثير من الحركة، نرى أشخاصاً يتحركون في اتجاهات مختلفة، يحملون حقائب وأمتعة، ليست حركة مرحة بل متعجلة، يعلق: «الفنان لا يتحدث فقط عمّن يرحل، بل أيضاً عمّن يعود، حالات ذهاب وعودة وضياع».

 

الفن السعودي حاضر

عبر مشاركات في «غاليري أثر» و«غاليري حافظ» نرى عدداً من الأعمال الفنية السعودية المميزة، فيعرض «غاليري أثر» مجموعة من أعمال الفنانة المبدعة أسماء باهميم تفيض بالحيوانات الأسطورية وقصص من الخيال مرسومة على الورق الذي تصنعه الفنانة بيدها. للفنانة باهميم هنا مجموعتان جذابتان: «ملاحظات في الوقت» و«فانتازيا». تستكشف الأخيرة الفروق الدقيقة والتعقيدات في سرد القصص. وتتعمق «ملاحظات في الوقت»، وهي سلسلة أحدث، في الفولكلور العربي، وتفحص الأدوار الجنسانية في الحكايات التقليدية وتأثيرها اللاحق على الهوية الثقافية.

من أعمال الفنانة أسماء باهميم (الشرق الأوسط)

كما يقدم «أثر» عدداً من أعمال رامي فاروق الفنية وسلسلة للفنانة سارة عبدو بعنوان «الآن بعد أن فقدتك في أحلامي، أين نلتقي». أما «غاليري حافظ» فيقدم صالتين تتضمنان أعمال مجموعة من الفنانين المعاصرين والحديثين، فيقدم عدداً من أعمال الفنان سامي المرزوقي تتميز بألوانها وخطوطها التجريدية. وفي قسم الفن المعاصر يعرض أعمال الفنانة بشائر هوساوي، التي تستمد فنونها من بيئتها الغنية وذاكرتها البصرية العميقة، باستخدام مواد طبيعية مثل النخيل، وتعبر عن موضوعات مثل الانتماء، والحنين، والهوية الإنسانية المتغيرة. بجانبها يستعرض سليمان السالم أعماله التي تتعمق في الطبيعة الزائلة للوجود. باستخدام تقنيات الطباعة العدسية والفيديو ووسائط أخرى، تستكشف أعماله التفاعل بين الشعور والإدراك والتواصل الإنساني.