«أرض»... مشهدية فنية مُترعة بجماليات الطبيعة

معرض للفنانة إيمان عزت في القاهرة

الريش المتطاير مستوحى من موسم هجرة الطيور (الشرق الأوسط)
الريش المتطاير مستوحى من موسم هجرة الطيور (الشرق الأوسط)
TT

«أرض»... مشهدية فنية مُترعة بجماليات الطبيعة

الريش المتطاير مستوحى من موسم هجرة الطيور (الشرق الأوسط)
الريش المتطاير مستوحى من موسم هجرة الطيور (الشرق الأوسط)

تنسج الفنانة التشكيلية المصرية إيمان عزت لغة بصرية مُرهفة مُشتقة من مفردات الأرض وتموجاتها، فتبحث في امتدادها الفسيح عن حكايات ورسائل تنسجم بحساسية ألوانها وطاقتها، لرسم «أرض» خاصة بها، التي تتجسد في عالم معرضها الفني الجديد، الذي يستمر حتى 10 يناير (كانون الثاني) الحالي.

في معرض «أرض»، الذي يستضيفه غاليري (مصر)، تبدو مسطحات الأرض وقد ارتدت حُلة سحرية مترعة بالألوان والتفاصيل الدقيقة؛ فالطبيعة هي المُلهمة الأولى لصاحبة المعرض، التي تتوقف عند مفردات منها لتُعيد تشكيلها بحسها ومنظورها الخاص، الذي يعتمد على البحث في جماليات العناصر التكرارية، التي تُشكل في جمعها أسراباً من المتعة البصرية.

لوحة مستوحاة من زهور شقائق النعمان (الشرق الأوسط)

تعدّ إيمان عزت، الحاصلة على الدكتوراه في فلسفة التربية الفنية، أن علاقتها بالأرض هي جانب أصيل من هُويتها كفنانة تشكيلية، وتقول في حديثها مع «الشرق الأوسط»: «أنا لا أعيش في العاصمة، فأنا أقطن في الريف، وتحديداً في محافظة (كفر الشيخ) المليئة بالأراضي الزراعية، فاهتمامي بالأرض مُمتد، بداية من قيامي بالتعبير عنها عبر فن الطباعة على الخشب، وصولاً لتصويرها عبر خامة ألوان الأكريليك، التي تمنحني أدواتٍ فنية لأسجل الأرض بمنظوري الخاص».

جانب من أعمال المعرض (الشرق الأوسط)

تتأمل الفنانة بدايتها في استخدام الألوان «المونوكروم» الرمادية، في بداية رحلة تصويرها للأرض عبر مشروعها الفني، وصولاً إلى توظيفها مساحات لونية أبرز عبر الألوان، وبعض التدخلات من الوسائط المتعددة، تقول: «أدخلت الورود بكثافة على الأرض الزراعية؛ لما تمنحني إياه من إيقاع لوني على سطح الأرض الترابية».

رؤية من أعلى لأثر البيوت في الأراضي الزراعية (الشرق الأوسط)

وتبدو لوحة مُترعة بالزهور الحمراء ذات أفق مركزي وخاطف في المعرض.

تقول إيمان عزت: إن «هذه اللوحة لها خصوصيتها التي استلهمتها بعد قراءتي قصة متداولة تُروى حول الملك النعمان بن المنذر الذي قُتل بسبب دفاعه عن النساء، وتقول الحكاية إنهم وجدوا وروداً حمراء مُنشقة من الأرض التي دُفن بها، فأطلقوا على هذا النوع من الزهور (شقائق النعمان) المنسوبة للنساء اللاتي دافع عنهن».

توضح إيمان عزت: «دائماً ما أبحث عن الفلسفة وراء الحكايات والقصص، التي أستمد منها موضوعات للوحاتي، فقد تبدو أعمالي متأثرة بالتجريد، أو مشغولة برسم المسطحات الأرضية، إلا أنني في الحقيقة أبحث عن عناصري الفنية الخاصة التي تبحث عن آفاق جديدة في تناول موضوع الأرض».

الفنانة إيمان عزت (الشرق الأوسط)

وفي عدد من لوحات المعرض، يمكن تأمل «ريش» منثور فوق سطح الأرض، يتدرج في كثافته ما بين لوحة وأخرى، وتروي الفنانة كيف أن تلك اللوحات كانت استلهاماً من زيارتها قبل عام إلى بحيرة البرلس (شمال مصر) في أوج موسم هجرة الطيور: «كانت السماء مُترعة بالطيور بشكل لافت، وعندما عُدت إلى مرسمي، فكرت في رسم أثر تلك الهجرة على الأرض الزراعية، مُتمثلة في الريش الذي تساقط من الطيور على سطح الأرض بكثافة، رسمته وهو يكاد يُلامس الأرض في حالة تطاير».

الفنانة إيمان عزت وجانب من زوار المعرض (الشرق الأوسط)

ويتعدد منظور الرؤية في المعرض، حيث يغلب على الرؤية البراح الذي يظهر في المساحات المفتوحة للوحات، وهناك منظور عين الطائر، الذي صوّرت به الفنانة من أعلى في إحدى لوحاتها البيوت التي تتوسط الأراضي الزراعية.


مقالات ذات صلة

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

يوميات الشرق شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

تُعدّ لوحات الفنان السوري ماهر البارودي بمنزلة «شهادة دائمة على معاناة الإنسان وقدرته على الصمود».

نادية عبد الحليم (القاهرة )
يوميات الشرق جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)

القديم والحديث والجريء في فن أبو ظبي

احتفل فن أبوظبي بالنسخة الـ16 مستضيفاً 102 صالة عرض من 31 دولة حول العالم.

عبير مشخص (أبوظبي)
يوميات الشرق أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها، الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع...

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون العالم الجغرافي والمحقق اللغوي الكويتي د. عبد الله الغنيم شخصية معرض الكتاب لهذا العام

معرض الكويت الدولي للكتاب ينطلق غداً... وعبد الله الغنيم «شخصية العام»

ينطلق غداً (الأربعاء) معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ47، بمشاركة 544 دار نشر، من 31 دولة، منها 19 دولة عربية و12 أجنبية.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
لمسات الموضة كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع.

جميلة حلفيشي (لندن)

زافين قيومجيان في برنامج «شو قولك» ينقل رؤية جيل الغد

برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)
برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)
TT

زافين قيومجيان في برنامج «شو قولك» ينقل رؤية جيل الغد

برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)
برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)

في حوارات جدّية تتّسم بالموضوعية وبمساحة تعبير حرّة يطالعنا الإعلامي زافين قيومجيان ببرنامجه التلفزيوني «شو قولك» وعبر شاشة «الجديد» ينقل للمشاهد رؤية جيل الشباب لمستقبل أفضل للبنان.

ويأتي هذا البرنامج ضمن «مبادرة مناظرة» الدّولية التي تقوم على مبدأ محاورة أجيال الشباب والوقوف على آرائهم. اختيار الإعلامي زافين مقدّماً ومشرفاً على البرنامج يعود لتراكم تجاربه الإعلامية مع المراهقين والشباب. فمنذ بداياته حرص في برنامجه «سيرة وانفتحت» على إعطاء هذه الفئة العمرية مساحة تعبير حرّة. ومنذ عام 2001 حتى اليوم أعدّ ملفات وبرامج حولهم. واطّلع عن كثب على هواجسهم وهمومهم.

يرتكز «شو قولك» على موضوع رئيسي يُتناول في كل حلقة من حلقات البرنامج. وينقسم المشاركون الشباب إلى فئتين مع وضد الموضوع المطروح. ومع ضيفين معروفَين تأخذ الحوارات منحى موضوعياً. فيُتاح المجال بين الطرفين للنقاش والتعبير. وبتعليقات قصيرة وسريعة لا تتجاوز الـ90 ثانية يُعطي كل فريق رأيه، فتُطرح سلبيات وإيجابيات مشروع معيّن مقترح من قبلهم. وتتوزّع على فقرات محدّدة تشمل أسئلة مباشرة وأخرى من قبل المشاهدين. ولتنتهي بفقرة الخطاب الختامي التي توجز نتيجة النقاشات التي جرى تداولها.

ويوضح قيومجيان لـ«الشرق الأوسط»: «يهدف البرنامج إلى خلق مساحة حوار مريحة للشباب. ومهمتي أن أدير هذا الحوار بعيداً عن التوتر. فلا نلهث وراء الـ(تريند) أو ما يُعرف بالـ(رايتينغ) لتحقيق نسبِ مشاهدة عالية. وبذلك نحوّل اهتمامنا من محطة إثارة إلى محطة عقل بامتياز».

تجري مسبقاً التمرينات واختيار الموضوعات المُراد مناقشتها من قبل الشباب المشاركين. فالبرنامج يقوم على ثقافة الحوار ضمن ورشة «صنّاع الرأي»؛ وهم مجموعات شبابية يخضعون سنوياً لتمارين تتعلّق بأسلوب الحوار وقواعده. ويطّلعون على كلّ ما يتعلّق به من براهين وحجج وأخبار مزيفة وغيرها. فيتسلّحون من خلالها بقدرة على الحوار الشامل والمفيد. ويوضح زافين: «عندما يُختار موضوع الحلقة يجري التصويت لاختيار المشتركين. وبعد تأمين الفريقين، يلتقي أفرادهما بضيفي البرنامج. ومهمتهما دعم الشباب والوقوف على آرائهم. ونحرص على أن يكونا منفتحين تجاه هذا الجيل. فأهمية البرنامج تتمثل في التوفيق بين المشتركين بمستوى واحد. ولذلك نرى الضيفين لا يتصدران المشهدية. وهي عادة متّبعة من قبل المبادرة للإشارة إلى أن الشباب هم نجوم الحلقة وليس العكس».

يمثّل المشاركون من الشباب في «شو قولك» عيّنة عن مجتمع لبناني ملوّن بجميع أطيافه. أما دور زافين فيكمن في حياديته خلال إدارة الحوار. ولذلك تختار المبادرة إعلاميين مخضرمين لإنجاز هذه المهمة.

طبيعة الموضوعات التي تُثيرها كلّ مناظرة حالياً ترتبط بالحرب الدائرة في لبنان.

ويستطرد زافين: «عادة ما تُناقش هذه المناظرات موضوعات كلاسيكية تهمّ الشباب، من بينها الانتحار والموت الرحيم، ولكن هذه الاهتمامات تقلّ عند بروز حدث معيّن. فنحاول مواكبته كما يحصل اليوم في الحرب الدائرة في لبنان».

ضرورة فتح مطار ثانٍ في لبنان شكّل عنوان الحلقة الأولى من البرنامج. وتناولت الحلقة الثانية خدمة العلم.

ينتقد قيومجيان أسلوب بعض المحاورين على الشاشات (زافين قيومجيان)

«شيخ الشباب» كما يحبّ البعض أن يناديه، يرى زافين أن مهمته ليست سهلةً كما يعتقد بعضهم. «قد يُخيّل لهم أن مهمتي سهلة ويمكن لأي إعلامي القيام بها. فالشكل العام للبرنامج بمثابة فورمات متبعة عالمياً. والمطلوب أن يتقيّد بها فريق العمل بأكمله». ويستطرد: «يمكن عنونة مهمتي بـ(ضابط إيقاع) أو (قائد أوركسترا)؛ فالمطلوب مني بصفتي مقدّماً، التّحكم بمجريات الحلقة ومدتها ساعة كاملة. فالتجرّد وعدم التأثير على المشاركين فيها ضرورة. أنا شخصياً ليس لدي هاجس إبراز قدراتي وذكائي الإعلامي، والمقدم بصورة عامة لا بدّ أن ينفصل عن آرائه. وأن يكون متصالحاً مع نفسه فلا يستعرض إمكانياته. وهو أمر بتنا لا نصادفه كثيراً».

يقول زافين إن غالبية إعلاميي اليوم يتّبعون أسلوب «التشاطر» على ضيفهم. وهو أمر يبيّن عدم تمتع الإعلامي بالحرفية. ولنتمكّن من الإبقاء على هذا الأسلوب المرن لا بدّ أن نتدرّب على الأمر. وأن نملك الثقة بالنفس وهو ما يخوّلنا خلق مساحة حوار سليمة، تكون بعيدة عن الاستفزاز والتوتر وتأخذ منحى الحوار المريح».

يستمتع زافين قيومجيان بتقديم برنامجه «شو قولك»، ويقول: «أحب اكتشاف تفكير الشباب كما أني على تماس مستمر معهم من خلال تدريسي لطلاب الجامعة، وأنا أب لشابين».

يحضّر زافين قيومجيان لبرنامج جديد ينوي تقديمه قريباً عبر المحطة نفسها. ولكنه يرفض الإفصاح عن طبيعته. ويختم: «سيشكّل مفاجأة للمشاهد وأتمنى أن تعجبه».