«حرب غزة» تفرض نفسها على احتفالات مصر بـ«يوم اللغة العربية»

ورشة خط عربي على هامش مؤتمر إحياء اليوم العالمي للغة العربية (وزارة الهجرة المصرية)
ورشة خط عربي على هامش مؤتمر إحياء اليوم العالمي للغة العربية (وزارة الهجرة المصرية)
TT

«حرب غزة» تفرض نفسها على احتفالات مصر بـ«يوم اللغة العربية»

ورشة خط عربي على هامش مؤتمر إحياء اليوم العالمي للغة العربية (وزارة الهجرة المصرية)
ورشة خط عربي على هامش مؤتمر إحياء اليوم العالمي للغة العربية (وزارة الهجرة المصرية)

فرضت حرب غزة نفسها على احتفالات مصر باليوم العالمي للغة العربية، الاثنين، وتصدر وسم «اليوم العالمي للغة العربية» محركات البحث على «غوغل» و«إكس»، وجاء كثير من الوسوم مقترناً بأحداث غزة.

وذكر أحمد أبو زيد، المتحدث باسم الخارجية المصرية، على صفحته بمنصة «إكس»، أن «أجواء الحرب في غزة تخيم على احتفالنا باليوم العالمي للغة العربية، وما تشهده قضية العرب من محاولات لطمسها». وأضاف أبو زيد أنه بمناسبة «ذكرى اعتماد لغتنا العربية لغةً رسمية بالأمم المتحدة، نؤكد تضامننا مع القضية الفلسطينية لتبقى حاضرة، ونطالب بالانتصار لمبادئ وقرارات الأمم المتحدة الداعمة لحقوقنا العربية»، وجاءت التعليقات على هذا المنشور تحمل إشارات لما يحدث في غزة.

وأشارت وزيرة الهجرة المصرية السفيرة سها جندي إلى نجاح المبادرة الرئاسية «اتكلم عربي» في الوصول إلى 200 مليون مشارك حول العالم، مشيرة إلى أن المبادرة تستهدف بالأساس تشجيع أبناء المصريين المقيمين في الخارج على الحديث باللغة العربية، وقالت الوزيرة، خلال بيان نشرته صفحة الوزارة حول المؤتمر الذي شاركت فيه وزارتا الهجرة والثقافة ومنظمة «اليونسكو» بالقاهرة، تحت عنوان «إحياء اليوم العالمي للغة العربية»، بقصر الأمير طاز بوسط القاهرة، إن «اللغة العربية من أغنى اللغات في العالم، حيث يتحدث بها أكثر من 400 مليون شخص، وهي اللغة الرسمية لـ22 دولة، واللغة السادسة في الأمم المتحدة، وأشارت إلى أن اللغة تملك من الثراء بحيث وصلت مفرداتها دون تكرار إلى 12 مليون كلمة».

وعدَّ الشاعر أحمد سراج، مؤسس مشروع النحو البسيط، «أن مصر على الخصوص ترى فلسطين قطعة منها، ومن ثم انشغلت عن أي احتفالات بما يحدث في فلسطين». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كان الاحتفال بيوم اللغة العربية نوعاً من الواجب، فإن فعالياته يمكن أن تأتي كنوع من المقاومة وتقرير الموقف».

وعلق حساب باسم أدهم شرقاوي على منصة «إكس» مقتبساً جملاً وتعبيرات من أحداث غزة مدوناً: «بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، أجمل ما قيل في الإنجاز: ولعت، وأجمل ما قيل في الوداع: هاي روح الروح...!».

وأضاف سراج أن أحزان الحرب لم تمنع المصريين فقط من الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية، بل شغلتهم أحداثها عن الاستعداد لأي شيء؛ فمرت أحداث كأنها لم تقع. وتابع: «لأن هناك خطراً داهماً لعدو شرس، فقد انصرف الاهتمام للأولوية؛ فلسطين».

وحددت منظمة اليونسكو يوم 18 ديسمبر (كانون الأول) للاحتفال باليوم العالمي للغة العربية، مع اعتمادها لغة رسمية في الأمم المتحدة قبل خمسين عاماً (1973)، وذكرت المنظمة على صفحتها الرسمية أن «الاحتفال هذا العام يستهدف إبراز أهمية اللغة في لم الشمل وإجراء حوار بنّاء بين الثقافات، وكذلك تعزيز التفاهم في المشهد العالمي الحالي الذي يتسم بالشكوك والاضطرابات».

وعدَّ الأكاديمي المصري عماد عبد اللطيف، المتخصص في البلاغة وتحليل الخطاب، أن «الاحتفال بيوم اللغة العربية هذا العام يتزامن مع ملحمة استثنائية تصنع بها المقاومة الفلسطينية يوماً عربياً جديداً». وفيما تخفت الاحتفالات العربية والمصرية بهذه المناسبة بسبب أحداث غزة، يشير عبد اللطيف لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «خطاب المقاومة أعاد للعربية جزءاً من بهائها، حين استعملوها ببراعة ورصانة وحصافة لمقاومة طوفان الأكاذيب والادعاءات التي يروجها العدو».


مقالات ذات صلة

مدينة ملقا الإسبانية للسياح: غطّوا أنفسكم

يوميات الشرق الشاطئ مقصدٌ وإن حلَّ الخريف (د.ب.أ)

مدينة ملقا الإسبانية للسياح: غطّوا أنفسكم

في وقت تشهد معظم أوروبا تحوُّل أوراق الشجر إلى اللون البني وأولى أمسيات الخريف الباردة، لا تزال مناطق البحر الأبيض المتوسّط تنعم بنوع من الدفء النادر.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
صحتك أطفال اليوم من غير المرجح أن يعيشوا حتى سن 100 عام (رويترز)

دراسة: أغلب أطفال اليوم لن يبلغوا سن الـ100

قالت دراسة علمية جديدة إن أغلب أطفال اليوم من غير المرجح أن يعيشوا حتى سن 100 عام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق بعض الأوان لا يفوت (غيتي)

بريطانية تتلقّى رداً على وظيفة تقدَّمت إليها قبل 48 عاماً

استعادت امرأة من مقاطعة لينكولنشاير البريطانية طلباً سبق أن تقدّمت به لشَغْل وظيفة أحلامها قائدةً استعراضية لدراجات نارية، بعد 48 عاماً من التقدُّم إليها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق تفقّد المصعد قبل أن يختار النزول على الدرج (لقطة من الفيديو المُنتشر)

كوالا شارد في محطة قطار يُشغل شرطة سيدني

طاردت الشرطة، بتمهُّل، حيوان كوالا في أرجاء محطة قطار بمدينة سيدني وسط دهشة الركاب.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
يوميات الشرق سيسي تلتحق بويتني (رويترز)

«الملكة المحبوبة» سيسي هيوستن تلتحق بالأسطورة ويتني

فارقت مغنّية موسيقى «الغوسبل» الأميركية، سيسي هيوستن، والدة النجمة الراحلة ويتني هيوستن، الحياة عن 91 عاماً.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

«الفاو» ثروة علمية وتاريخ اجتماعي يوثق ازدهار واندثار الموقع الأثري

مشاركون خلال تقديم الأوراق العلمية في الندوة (هيئة التراث)
مشاركون خلال تقديم الأوراق العلمية في الندوة (هيئة التراث)
TT

«الفاو» ثروة علمية وتاريخ اجتماعي يوثق ازدهار واندثار الموقع الأثري

مشاركون خلال تقديم الأوراق العلمية في الندوة (هيئة التراث)
مشاركون خلال تقديم الأوراق العلمية في الندوة (هيئة التراث)

بعد تسجيل موقع الفاو الأثري، في يوليو (تموز) الماضي، ضمن قائمة التراث العالمي لدى «اليونسكو» كثامن موقع سعودي يسجل في القائمة العالمية، سلّط الحدث مزيداً من الأضواء نحو ثراء التراث التاريخي الذي تتمتع به السعودية، وجذب انتباه العالم إلى العمق التاريخي للمواقع السعودية وتراثها الإنساني العريق.

وفتحت ندوة علمية استضافتها العاصمة السعودية الرياض، الثلاثاء، وشارك بها مختصون في مجال آثار السعودية، ومهتمون بالفاو من مختلف أنحاء العالم، نوافذ إلى التعريف بموقع الفاو الأثري وقيمته التاريخية والأثرية، وما تم في الموقع من مشاريع للبحث والتنقيب الأثري، بدءًا بجهود الدكتور عبد الرحمن الأنصاري، أحد رواد الآثار السعوديين، وأول من قام بأعمال التنقيب في «الفاو»، مروراً بإسهامات جامعة الملك سعود في هذا الموقع الأثري.

ونظّمت هيئة التراث، الثلاثاء، في الرياض، «الندوة العلمية لأبحاث المنظر الثقافي لمنطقة الفاو الأثرية»، التي تناولت في جلساتها العلمية التي استمرت لساعات المكانة التاريخية والحضارية للسعودية على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية، واهتمامها بإثراء الساحة العلمية بأحدث الدراسات والأبحاث العلمية المتخصصة بمجالات الآثار، وتبادل الخبرات والرؤى والتجارب الأكاديمية على المستويين المحلي والدولي.

خلال افتتاح أعمال الندوة العلمية الدولية (هيئة التراث)

هيئة التراث تكشف نتائج الأبحاث حول الفاو لتعزيز قيمتها التاريخية (هيئة التراث)

«الفاو» ثروة علمية وتاريخ اجتماعي

قدّمت الندوة العلمية فهماً شاملاً حول «موقع الفاو الأثري»، وبيان قيمته العالمية، وتاريخه الاجتماعي والبيئي، إضافة إلى تسليط الضوء على طرق تكيّف المجتمعات مع بيئاتها الطبيعية، وتقديم المعرفة الكاملة عن المجتمعات البشرية التي استوطنتها خلال مختلف الأزمنة والعصور.

وتضمنت الندوة 5 جلسات، نوقش خلالها 22 ورقة علمية، شملت دراسات علمية تتعلّق بنشأة «موقع الفاو الأثري»، وتاريخه الاجتماعي والاقتصادي، وإطاره الحضاري والبيئي، وآثاره المتنوعة، إضافة إلى النقوش الكتابية، والفنون الصخرية المكتشفة به، وحفل برنامج الندوة بتنظيم الزيارات الميدانية لموقع الفاو الأثري للمتحدثين والمتحدثات.

كشفت التنقيبات الأثرية في الفاو عن القطع الأثرية التي تجسد أهميتها ووضعها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي (واس)

وتناولت الأوراق العلمية وجلسات النقاش للندوة الدولية جوانب متعددة من تفاصيل منطقة الفاو، ومن ذلك ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ وﻧﺘﺎﺋﺞ اﻟﻤﺸﺎرﻳﻊ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ التي حاولت تقديم إجابات دقيقة لتساؤلات ﺣﻮل ﺗﺎرﻳﺦ ﻧﺸﺄة ﻗﺮﻳﺔ اﻟﻔﺎو وﻋﻼﻗﺎتها بالفن، وعن مضامين اﻟﻤﻨﺤﻮﺗﺎت الحجرية اﻵدﻣﻴﺔ والحيوانية اﻟﻤﻜﺘﺸﻔﺔ في القرية الأثرية، التي قدّمت في دراﺳﺔ ﻓﻨﻴﺔ وﺣﻀﺎرﻳﺔ.

كما تناولت أوراق الندوة اﻟﺘﺤﻮﻻت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ والحضارية ﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻔﺎو عبر اﻟﻌﺼﻮر، كما سلّطت الضوء على سكان ومجتمع الفاو وعلى نشأة اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ القديمة، وعلى موقعها في فترة ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻻﻛﺘﺸﺎﻓﺎت والمسكوكات الساسانية في القرية ، ودراﺳﺔ ﻣﻀﺎﻣﻴﻨﻬﺎ وﺳﻴﺎق ﺣﻀﻮرﻫﺎ اﻟﺘﺎريخي في ﺷﺒﻪ الجزيرة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ.

باحثون من مختلف دول العالم شاركوا في الندوة العلمية (هيئة التراث)

«الفاو» ازدهار واندثار

رصدت إحدى دراسات الندوة، للباحثين ريم الفقير وعبد الله بن كليب، الحالة الثقافية للتراث غير المادي في موقع الفاو الأثري، حيث ازدهرت الفاو بشبكة ري متطوّرة، استخدمت فيها قنوات المياه الجوفية والسطحية للحفاظ على ممارساتها الزراعية، وتأمين إمدادات المياه الوفيرة للمدينة، ونشرت في الدراسة الأثرية اكتشافات مختلطة حول عدد قنوات المياه والآبار، بحيث أشار العلماء في العصر الحديث إلى 11 قناة للمياه و 33 بئراً في الموقع، في حين وثّقت دراسات أثرية سابقة وجود 120 بئراً.

وتشير الدراسة إلى أن المجتمع التاريخي للفاو اعتمد على الزراعة المحلية، بما في ذلك أشجار النخيل، والكروم، ومحاصيل الحبوب، وامتدت قوته الزراعية لتصل إلى تربية الحيوانات الأليفة المؤيدة بأدلة لعظام جمال وأبقار وماعز وأغنام. وكان السكان منخرطين بشكل فعّال في صيد الحيوانات البرية في المنطقة المحيطة، كما هو ظاهر في الرسمات الجدارية، والنقوش الصخرية والتماثيل البرونزية التي تصوّر الغزال، والظبي، والإبل البرية، والوعول.

نتائج المسح تعزز نتائج الأبحاث والدراسات العلمية (واس)

وكشفت التنقيبات الأثرية في الفاو، حسب الدراسة، عن مجموعة واسعة من القطع الأثرية تجسد أهميتها ووضعها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، ويبين هذا السجل الأثري الغني كيف أن الفاو رفعت مكانتها الجيوستراتيجية من معبر تجارة إقليمية إلى المشاركة بفاعلية في التبادل الثقافي. ومع مرور السنين، بيّن التأثير الاقتصادي والسياسي للفاو اندماج البعض مع أرقى جوانب الحضارات التاريخية المتنوعة، والمشاركة في التجارة المثمرة، والزراعة الطويلة الأجل، وهي ثقافة خاصة ميّزتها عن المناطق المجاورة.

ويشير العلماء إلى أنه يبدو أن هناك تخلّياً مفاجئاً عن الفاو. ومن الممكن أن يعود ذلك إلى حدوث قوة تاريخية قاهرة، أو تغير مناخي.

ولا توجد أي آثار معروفة لاستيطان بشري في العصر الإسلامي.