تحتفي دار الأوبرا المصرية بسيد درويش، عبر تقديم أوبريت نادر له على «مسرح الجمهورية»، الأحد المقبل، ضمن برنامجها لإحياء الذكرى المئوية لرحيل الموسيقار الذي عُرف بلقب «فنان الشعب».
واختارت كلية التربية الموسيقية بجامعة حلوان، التعاون مع دار الأوبرا برئاسة الدكتور خالد داغر، عبر تقديم أوبريت «البروكة» التي لحنّها درويش عام 1921، ومن المقرّر أن يجسدها كورال «صوت العاصمة»، عبر رؤية فنية للدكتور محمد عبد القادر، بينما يتولّى وجدي الفوي التوزيع الأوركسترالي، ومهدي السيد الإخراج، وفق بيان الأوبرا.
في هذا السياق، يؤكد رئيس «البيت الفني للمسرح» سابقاً، الناقد الأكاديمي الدكتور أسامة أبو طالب، أنّ «سيد درويش هو الأهم في تاريخنا الموسيقى»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «قبله، لم تكن الموسيقى على هذا القدر من الثراء، فهو مجدّد حقيقي ومبتكر». ويرى أنّ الأنواع الفنية المختلفة التي أبدع فيها «فنان الشعب» ضمن الموسيقى العربية، من الأغنية إلى «الطقطوقة»، فالأوبريت، لا تزال حيّة بيننا.
ويشير أبو طالب إلى أنّ «إعادة تقديم أعمال درويش، سواء أكانت الأغنيات، أم المسرحيات، أم الأوبريتات، أمر بالغ الأهمية، ليعيد المستمع المصري والعربي تطهير ذائقته الفنية»، مؤكداً: «بعده لم تعد هناك أوبريت مصرية بهذا المستوى الراقي».
وتُعدّ «البروكة» من العروض الكوميدية المأخوذة عن «الدب الفرنسي»، وتروي قصة فتاة كلما وُجدت في مكان حلَّ الخير والرخاء على أهله، وسط مفارقات كثيرة، ومَشاهد متنوّعة يتضمّنها العرض عبر فصوله الثلاثة.
وإذ يصف الناقد الموسيقى فوزي إبراهيم «فنان الشعب» سيد درويش بأنه «أبو الموسيقى المصرية»، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «أي فعالية تحيي ذكرى هذا الرمز، أو تحتفي بأعماله مثل (البروكة)، أو غيرها من الأوبريتات التي قدّمها، أمر يستحق التقدير».
ويرى أهمية في استعادة أعمال درويش «لإحياء روح الموسيقى العربية وطابعها الأصيل».
ويُعدّ سيد درويش (1892 – 1923) من القامات المهمّة والمميزة في الموسيقى العربية، بدأ مشواره الفني بإنشاد ألحان الشيخين سلامة حجازي وحسن الأزهري. وحقّق ثورة موسيقية بألحانه المتميزة لأغنيات ومسرحيات وأوبريتات لا تزال بكامل حضورها في الكلاسيكيات الموسيقية المصرية، كما لحَّن النشيد الوطني المصري.
ويشير أبو طالب إلى أنّ درويش «لم يكن مجدِّداً في الموسيقى أو اللحن وحدهما، بل في دورهما وتأثيرهما في المجتمع»، ويقول: «إنه استطاع التعبير عن نبض المواطن المصري، فقد حقّق هذه الطفرة الكبيرة الواعية والمُدركة لدور الفن في النهوض بالمجتمع. من هنا، تجب استعادة تراثه، وما يمثله من قيمة كبرى على المستوى الاجتماعي والثقافي والفني».
ورغم قصر عمره الذي لم يتجاوز 31 عاماً، ترك درويش تراثاً غنائياً ومتنوّعاً، تضمّن نحو 20 مسرحية، أشهرها «العشرة الطيبة»، و«فشر»، و«البروكة»، و«كليوباترا»، و«الهلال». وقدّم عدداً من التواشيح والأدوار، مثل «أنا هويت»، و«أنا عشقت»، و«في شرع مين»، و«ضيعت مستقبل حياتي».