«حلم ليلة صيف»... حين يتحدث شكسبير بالعامية المصرية

في عرض لفرقة «أتيليه المسرح» بالقاهرة

أبطال عرض «حلم ليلة صيف» بين الحلم والحقيقة (مصدر الصورة مخرج العرض)
أبطال عرض «حلم ليلة صيف» بين الحلم والحقيقة (مصدر الصورة مخرج العرض)
TT

«حلم ليلة صيف»... حين يتحدث شكسبير بالعامية المصرية

أبطال عرض «حلم ليلة صيف» بين الحلم والحقيقة (مصدر الصورة مخرج العرض)
أبطال عرض «حلم ليلة صيف» بين الحلم والحقيقة (مصدر الصورة مخرج العرض)

فيما تبدو لعبة لغوية مع النص الكلاسيكي للكاتب الإنجليزي الأشهر ويليم شكسبير (1564 - 1616)، استضاف مسرح الفلكي في وسط القاهرة العرض المسرحي «حلم ليلة صيف»، حيث «ليساندر» و«هيرميا» وباقي أبطال المسرحية يخوضون مغامرات من أجل الدفاع عن حبهم، عبر مفارقات كوميدية وفانتازية، ولكنهم هذه المرة يتخلون عن اللغة الفصحى التي اشتهرت بها كلاسيكيات شكسبير، ويجعلون الشخصيات الشكسبيرية تتحدث بالعامية المصرية.

ففي عرض لفرقة «أتيليه المسرح» للمخرج المصري عمر رأفت، تواجه الابنة «هيرميا» رفض والدها الملك الزواج من حبيبها «ليساندر»، لأنه يريد أن يُزوجها من آخر، ويقودها تمردها إلى مروج الغابة، وهناك تحدث الغرائب التي لا تخلو من مُفارقات ساخرة، ويبدأ الأبطال في تصوّر أن ما يحدث لهم هو مجرد «حلم» في ليلة صيف.

احتفظ العرض ببنية العمل المسرحي لشكسبير، إلا أن استخدام العامية منحه مستوى جديداً من التلقي، فالأبطال يستمعون لأغنيات عامية، ويناوشون بعضهم البعض بكلمات يومية متداولة.

رؤية فانتازية للغابة في عرض لمسرحية «حلم ليلة صيف» لشكسبير (مصدر الصورة مخرج العرض)

وتستند المسرحية إلى النص الذي ترجمه الشاعر المصري عبد الرحيم يوسف، الذي يقول: «ترجمت العمل قبل عشر سنين بعدما حدثني الصديق المخرج أحمد شوقي رؤوف عن حلمه بترجمة هذا النص إلى العامية وتقديمه في قالب موسيقي غنائي».

ويضيف يوسف لـ«الشرق الأوسط» أنه اعتذر في البداية «تخوفاً من صعوبة ترجمة النص الشكسبيري من ناحية، وتخوفاً كذلك من الهجوم بسبب العامية كما هو معتاد». ويستدرك: «لكنني اقتنعت في النهاية وترجمت النص كاملاً، وقمت بصياغة الأغاني ومساحات أخرى من النص بشكل مقفى وموزون». وأشار إلى تقديم العرض عام 2014 على مسرح «الليسيه» بالإسكندرية، وكان «تجربة مهمة» بحسب وصفه، «لكنها لم تحظ بالتقدير الذي تستحقه».

مخلوقات جنيّة تتدخل بين العشاق (مصدر الصورة مخرج العرض)

تطرح المسرحية تساؤلات عن الحب وسوء التفاهم وعبث الأقدار بصورة كوميدية، ورغم أن أحداث المسرحية تدور في أثينا، وفقاً لنص شكسبير، فإن العرض المسرحي المصري تجاهل مكان الأحداث، وهو ما يُعلق عليه مُخرج العرض عمر رأفت قائلاً: «خلال معالجة النص بمشاركة الزميلة رندا عصام، قررنا ألا نجعل الأحداث تدور في أثينا كما في المسرحية الكلاسيكية، وكذلك جعلنا الأحداث وكأنها تدور في وقتنا المعاصر، ولكننا احتفظنا بملامح كلاسيكية، لا سيما في الديكور وملابس الأبطال؛ للحفاظ على سِحر عالم شكسبير».

ويضيف المخرج لـ«الشرق الأوسط» أن العرض «يحتفظ في سينوغرافيته من الديكور وملابس الأبطال والمكياج، بحالة الغموض التي تكتنف الغابة مكان الأحداث، لا سيما دراما العُشاق والجان المشاكسين الذين يرتدون ملابس البشر». وتابع رأفت: «فيما يرتدي الملك ملابس الطبّاخ في مفارقة ساخرة، وتضع البطلة (هيلينا) سمّاعات كبيرة وتغرق في سماع أغنيات حزينة لأن حبيبها لا يُبادلها الحب، وهو ما عزز حالة الحِلم التي يبني عليه النص افتراضه: هل ما يحدث حلم أم حقيقة؟».

الحوار في المسرحية يدور بالعامية المصرية (مصدر الصورة مخرج العرض)

ويرى المخرج أن العرض يتضمن سؤالاً فلسفياً طرحه شكسبير قبل سنوات طويلة، وهو «من الذي يغيّر مصائرنا وآراءنا؟، وهو سؤال لا يزال مطروحاً، ما يجعل النص مُتجدداً إلى اليوم».

واعتبر رأفت أن «استخدام العامية في المسرح يستطيع جذب شريحة أكبر من الجمهور بشكل عام والاستفادة من إعادة تقديم نصوص مهمة ربما يقف حاجز اللغة أو التناول الكلاسيكي لها حائلاً دون جذب الجمهور إليها».

ويلفت المترجم المصري عبد الرحيم يوسف إلى «أن جانباً كبيراً من تحدي العامية هنا نابع من النظرة المتعالية تجاه اللهجة العامية، خصوصاً عندما يكون النص لشكسبير، الذي تُمثل أعماله كلاسيكيات وعلامات في تكوين الثقافة العالمية الأدبية والمسرحية».


مقالات ذات صلة

انطلاق مسابقة «المسرح المدرسي» بالسعودية... وترقب النتائج في نوفمبر

يوميات الشرق جوائز بقيمة 3 ملايين ريال سعودي تنتظر الفائزين في مسابقة «المسرح المدرسي» (موقع هيئة المسرح والفنون الأدائية)

انطلاق مسابقة «المسرح المدرسي» بالسعودية... وترقب النتائج في نوفمبر

انطلقت مسابقة «مبادرة المسرح المدرسي» التي تشارك فيها ألف مسرحية قصيرة من إعداد الطلاب والطالبات من جميع المدارس التابعة لإدارات التعليم على مستوى السعودية بعد…

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق التمرين على تقديم عروض يتواصل (مسرح شغل بيت)

«مسرح شغل بيت» يحتفل بـ8 سنوات على ولادته

تُعدّ الاحتفالية حصاد 8 سنوات من العمل والاجتهاد، خلالها قدّم «مسرح شغل بيت» نحو 40 عملاً توزّعت على أيام تلك السنوات عروضاً شهرية استمرت طوال أزمات لبنان.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق توقيع اتفاق شراكة بين هيئة المسرح وجمعية المسرح السعوديتين على هامش المؤتمر (جمعية المسرح)

جمعية المسرح السعودية تطلق 8 مشاريع لتعزيز عطاء المبدعين

أطلقت جمعية المسرح والفنون الأدائية في السعودية 8 مشاريع لتعزيز أدوارها في القطاع بوصفها رابطة مهنية للممارسين في مختلف الفنون المسرحية والأدائية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق مهرجان الخليج للمسرح ينطلق من الرياض في دورته الـ14 (حساب المهرجان على منصة إكس)

«المسرح الخليجي" يستأنف مسيرته من الرياض بعد غياب 10 سنوات

أطلق مهرجان المسرح الخليجي أعماله، في مدينة الرياض، التي تحتضنه للمرة الأولى منذ عام 1988 من خلال دورته الـ14.

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق المصنع يشهد النسخة العصرية من مأساة ماكبث (مهرجان المسرح التجريبي)

«ماكبث المصنع»... صرخة مسرحية للتحذير من الذكاء الاصطناعي

في رائعة وليام شكسبير الشهيرة «ماكبث»، تجسد الساحرات الثلاث فكرة الشر؛ حين يهمسن للقائد العسكري لورد ماكبث بأنه سيكون الملك القادم على عرش أسكوتلندا.

رشا أحمد (القاهرة)

بينالي الفنون الإسلامية في جدة... حوار المقدس والمعاصر

جانب من بينالي الفنون الإسلامية بجدة في نسخته الأولى (واس)
جانب من بينالي الفنون الإسلامية بجدة في نسخته الأولى (واس)
TT

بينالي الفنون الإسلامية في جدة... حوار المقدس والمعاصر

جانب من بينالي الفنون الإسلامية بجدة في نسخته الأولى (واس)
جانب من بينالي الفنون الإسلامية بجدة في نسخته الأولى (واس)

يجري العمل على قدم وساق لتقديم النسخة الثانية من بينالي الفنون الإسلامية بجدة في 25 من يناير (كانون الثاني) القادم، التحديات ضخمة أمام القائمين على البينالي خاصة بعد النجاح الساحق الذي حققته النسخة الأولى، ما الذي يتم إعداده للزائر؟ وما هي المعروضات التي ستبهر الزوار، وتداعب مخيلتهم وتفكيرهم؟ ما الذي أعده فريق إدارة البينالي للنسخة الثانية؟ «الشرق الأوسط» تحدثت مع الدكتور جوليان رابي، المدير السابق للمتحف الوطني للفن الآسيوي التابع لمؤسسة «سميثسونيان»، والمؤرخ والمؤلف الدكتور عبد الرحمن عزام، والفنان السعودي مهند شونو بصفته القيّم الفني على أعمال الفن المعاصر.

د.عبد الرحمن عزام وجماليات الأرقام

من النقاط المهمة التي يتحدث عنها الدكتور عبد الرحمن عزام هي المشاركات من الدول الإسلامية المختلفة، ومنها دول تحضر للمرة الأولى مثل إندونيسيا ومالي، ويقول: «نحن محظوظون بذلك. أردنا أن يحضروا ليرووا قصصهم، وأن نحترم تفسيراتهم وثقافتهم وتاريخهم». عن قسم «المدار» يقول إنه يعكس جلال الخالق وخلقه في إطار تفسير الآية الكريمة: «الله الذي خلق السموات والأرض وما بينهما»، ولكن التفسير هنا يتخذ مساراً مختلفاً، ويختار الأرقام وسيلة لذلك: «لنأخذ مفهوم الأرقام، لدينا كل هذه المؤسسات المشاركة من 21 بلداً والمتمثلة في 280 قطعة، خلال المحادثات قلنا لهم إن الطريقة التي يمكن أن تساعدنا في تفسير العنوان يجب أن تكون عبر فهم استخدام الأرقام في الحضارة الإسلامية، هي ما أطلق عليه اللغة غير المحكية، بها نوع من الغموض». الأساس في سردية العرض بالنسبة للدكتور عزام هو محاولة فهم النظام الإلهي عبر الأرقام واستخدامها لعرض الجمال الإلهي، فهناك تناغم وجمال يأتي من عمق الطبيعة، يتبدى في حركة الكواكب، وفي أوراق الزهرة... كل شيء مرتبط بنظام كوني متناغم.

سجادة أثرية من معروضات النسخة الأولى من بينالي الفنون الإسلامية في جدة (واس)

«الأرقام هي البوابة لفهم العلوم والرياضيات، ونرى نماذج في هذا القسم لاكتشافات علماء المسلمين النابعة من الأرقام، هناك قسم آخر حول حركة العلوم وتبادلها عبر الدول. رحلة المعرفة من مكان لآخر تظهر جلياً حين التمعن في جوانب الحضارة الإسلامية. ننظر إلى ترجمة ما تركه علماء اليونان مثل بطليموس للعربية، ننظر هنا كيف استوعب علماء المسلمين حاجتهم إلى معرفة الاتجاهات لتحديد القِبلة، وهو ما يقودنا لرسم الخرائط، ونعرض منها نماذج مذهلة، منها خريطة بعرض ستة أمتار لنهر النيل، وهي من مقتنيات الفاتيكان، ولم تخرج منه من قبل».

يتحدث عن الأرقام بوصفها أساساً للجمال والتناغم، ضارباً المثل بالسجادة الجميلة وتنسيق الأشكال عليها: «عندما نتحدث عن الأرقام، أول ما ندركه هو أنها في حد ذاتها مجردة، وتكتسب معنى إذا أضفنا لها معرفات، أو أن تتخذ شكلاً معيناً كالدائرة والمربع تنتج منها قطعاً من الجمال الفائق. ما نؤكد عليه هنا هو أن الأرقام ليست فقط علمية، ولكنها أيضاً جميلة». ينتقل للحديث عن تأثير الفن الإسلامي في الفن المعاصر، وكيف استفاد الفنانون من ذلك في تبنيهم لأساليب الخط العربي والأشكال الهندسية: «الكثيرون من الفنانين المعاصرين عادوا للمنبع وللأساسيات، ولكنهم يستخدمونها بطرق مختلفة، مثل استخدام التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي». يختتم حديثه معي بالتأكيد على أهمية إقامة مثل هذا الحدث في جدة بوابة الحرمين حيث الزوار من المملكة وخارجها مثل المعتمرين الذين يتفاعلون مع القطع المعروضة بأسلوب مختلف عن شخص تتاح له الفرصة لرؤيتها في أحد المتاحف الغربية: «هناك عامل مهم، وهو أن زوار البينالي يفهمون اللغة العربية، وبالتالي تصبح رؤية مخطوطة أو نسخة من القرآن الكريم تجربة مختلفة. لاحظت أيضاً الإحساس بالفخر لدى الزوار، فهذه القطع ليست قطعاً تاريخية منفصلة عن ثقافتها، يرى الزوار هذه القطع كجزء من ثقافتهم بالكثير من الفخر».

جانب من عرض في النسخة الأولى من بينالي الفنون الإسلامية في جدة (واس)

د.جوليان رابي: العرض ينظر إلى المقدس عبر القلب والعقل

للدكتور جوليان رابي رأي خاص حول الفرق بين عرض الفن الإسلامي في المتاحف وبين عرضه في «بينالي» مخصص له. يقول في حديث مع «الشرق الأوسط» إن «البينالي ليس عن الفن الإسلامي، بل هو عن فن أن تكون مسلماً». يعرج في حديثه لمفهوم الفن الإسلامي في الغرب، قائلاً: «من المؤسف أن الجمهور الغربي يرى الفن الإسلامي بمنظار أوروبي من القرن الـ19، وهو ما أطلق عليه (الفنون الإسلامية الفرعية)، وهي فنون جميلة، ولكن بالنسبة إليّ الإسلام جزء صغير في هذه الفنون».

شمعدان مملوكي عُرض في النسخة الأولى من بينالي الفنون الإسلامية في جدة (واس)

الاهتمام الأوروبي بتلك الفنون يغفل جانباً مهماً، وهو الجزء الروحاني الذي لا يمكن رؤيته: «عندما نتحدث عن الصلاة يمكننا رؤية سجادة صلاة، ولكن هنا يصبح التعبير عن الإسلام مختزلاً في الجانب المادي». يعاكس قسم «البداية» الذي يشرف عليه رابي تلك النظرة الغربية، ويشير إلى الفرق «هنا في جدة بقربها من مكة والمدينة، لدينا فرصة للحديث عن موضوعين: الأول هو مركز الإسلام في مكة، والثاني عن التأثير حول العالم. لا يمكننا تحقيق ذلك بالتفصيل، وإلا تحول العرض إلى درس في التاريخ أو الجغرافيا، ولكن ما يهمنا هو إبراز المشاعر. جمال البينالي يأتي من التقابل بين التاريخي والمعاصر، وهو ما يمنحنا فرصة لتحقيق شيء لا يمكن لأي متحف تحقيقه؛ لأن الفن المعاصر يمكنه التعبير عن أشياء قد لا تتبدى في القطع التاريخية، ولهذا أعتقد أنها خلطة رائعة».

«بين الرجال» للفنان هارون جان - سالي من النسخة الأولى من بينالي الفنون الإسلامية في جدة (واس)

الدورة القادمة من البينالي تتقدم خطوة عن الدورة السابقة في هذا المسعى: «العرض سيمثل رحلة عبر إحساسنا بخلق الله، وكيف صنع الإنسان الجمال تمجيداً للخالق. هي رحلة عبر أقسام مختلفة، حيث ننظر إلى المقدس عبر قلوبنا وعقولنا وأيدينا». يعد الزوار بالاستمتاع وبالتدبر: «سيكون هنا الكثير من المتعة والكثير من الروحانية، أرى أنه يحاول وضع الإسلام في الفن الإسلامي». يرى أن العرض المنقسم لثلاثة أجنحة أساسية يمكن رؤيته كـ«رحلة واحدة متصلة، أو يمكن رؤية كل منها على حدة». قسم «البداية» سيضم عدداً كبيراً من القطع «الفريدة» بحسب تعبير الخبير الذي يعد الجمهور بمفاجآت. وعبر مزج رائع بين التاريخي والمعاصر سيمر الزائر في القسم ما بين مفاهيم المقدس، ثم يصل إلى أعمال معاصرة تعبر عن «المقدس» بطريقتها. يتحدث عن تفسيره لعنوان البينالي: «وما بينهما لا يمكننا رؤية هذه العبارة وحدها، الآية تتحدث عن الخلق، بالتأكيد لن نعرض السموات، ولن نعرض الأرض، ولكن العنوان سيُفسر من قبل كل شخص بطريقة مختلفة، وسيستنبط كل منهم المعاني بحسب تفكيره الخاص. أحس أنه عنوان يثير الفضول، وأيضاً عنوان يطلب من الزائر أن يبحث بنفسه عن التفسير».

مهند شونو وأوركسترا الأفكار

الفنان مهند شونو يعود لبينالي الفنون الإسلامية هذه الدورة بوصفه قيّماً على قسم «الفن المعاصر» بعد أن شارك في الدورة الأولى بعمل فني ضخم. بطريقته الهادئة في الكلام يتحدث شونو عن دوره في تنسيق أعمال الفن المعاصر، وعن الموضوع العام للبينالي، وما يقدمه فنانون معاصرون في ضوء هذا العنوان. يصف شونو الجانب المعاصر في الدورة الثانية بأنه «أوركسترا أفكار»، ويتحدث عن التعاون المثمر مع مديري البينالي والمشرفين عليه. بالنسبة إلى شونو، فالنقطة الأساسية هي التكامل بين الجانب التاريخي والجانب المعاصر، يصفه بـ«الحوار بين القطع المعاصرة والتاريخ».

عمل فني عُرض في النسخة الأولى من بينالي الفنون الإسلامية في جدة (واس)

ننطلق من العنوان الذي أعلن عنه الأسبوع الماضي، وهو: «وما بينهما»، أسأله عن رؤيته للعنوان، وكيف يتجلى في أعمال الفن المعاصر المختارة: «عندما نفكر في العنوان يجب أن نتذكر السياق الذي وردت فيه العبارة في القرآن الكريم، فهي جزء من آية: (الله الذي خلق السموات والأرض وما بينهما)، هنا نتبين أن العنوان ليس منصبّاً على جزئية واحدة من اثنتين، بل أيضاً على المساحة الوسطى بين مساحتين، بين فكرتين. بشكل ما أرى أن ذلك المفهوم يختزل ثراء محتويات البينالي ما بين القطع التاريخية والتكليفات الفنية والمؤسسات المشاركة، ولكن من الناحية المعاصرة أرى أن العرض سيستكشف تلك المساحة الثرية ذات الطبقات المختلفة بين مساحتين». هل ترى أن العنوان يشير إلى الإنسان؟ يقول: «بالتأكيد، هناك الكثير من التفكير والبحث والاستكشاف لمفهوم أن تكون مسلماً، ما هي الحدود؟ وكيف نفسر تلك المساحة الوسطى؟ هنا يأتي العنوان: (وما بينهما) ليلقي الضوء الحاني على الإنسان، وما يمر به كشخص وكعنصر داخل مجتمع».

التكليفات الفنية في الدورة الماضية كانت ضخمة، مشحونة بالأفكار والمعاني التي توافقت مع عنوان الدورة الافتتاحية، وكان «أول بيت». ما الذي يميز التكليفات الفنية للدورة الثانية؟ يقول شونو إن التكليفات الجديدة ستثير لدى الزائر حس الاستكشاف، وهو ما يفسر استبعاد أعمال فنانين راحلين، والتركيز عوضاً عن ذلك على «اللحظة المعاصرة، وهي متغيرة ومليئة بالتحديات، وتحتاج لما يمكن وصفه بالتعليق الحي، هي أعمال متفردة ومرتبطة بالمكان الذي ستُعرض فيه، تبحر في الواقع وتحاول فهمه». وعن مشاركات الفنانين السعوديين يقول: «أعتقد أنها ستكون لحظة اكتشاف وتعرّف إلى أسماء غير معروفة، ستحمل تجربة ماذا يعني أن تكون مسلماً هنا في هذه البقعة من الأرض. يمكننا وصف المشاركات بأنها نقاشات عالمية، فعالمنا متصل والسعودية جزء منه».