المرجان مُهدَّد بالإبادة والنتيجة مثيرة للقلق

ارتفاع درجات حرارة البحر يضع العلماء أمام «صدمة»

الشعاب المرجانية معرَّضة لخطر الإبادة بسبب موجات الحرارة البحرية (جامعة كوينزلاند)
الشعاب المرجانية معرَّضة لخطر الإبادة بسبب موجات الحرارة البحرية (جامعة كوينزلاند)
TT

المرجان مُهدَّد بالإبادة والنتيجة مثيرة للقلق

الشعاب المرجانية معرَّضة لخطر الإبادة بسبب موجات الحرارة البحرية (جامعة كوينزلاند)
الشعاب المرجانية معرَّضة لخطر الإبادة بسبب موجات الحرارة البحرية (جامعة كوينزلاند)

حذّرت دراسة أسترالية من أنّ موجات الحرارة البحرية الراهنة تُنذر بحدوث ابيضاض جماعي للشعاب المرجانية في جميع أنحاء العالم، وموتها في السنوات القليلة المقبلة.

وأوضح الباحثون أنّ هذه الموجات تهدّد النظم البيئية الاستوائية الحيوية، مثل الشعاب المرجانية، وغابات المانغروف، ومروج الأعشاب البحرية. ونشرت النتائج، الخميس، في دورية «ساينس».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهدت الأرض أحرَّ أيامها على الإطلاق منذ عام 1910، بالإضافة إلى أدفأ شهر سُجِّل على الإطلاق بالنسبة إلى درجات حرارة سطح البحر.

ووفق النتائج، تشير البيانات التاريخية إلى أنّ موجات الحرارة البحرية الراهنة من المرجّح أن تكون مقدّمة لظاهرة ابيضاض المرجان ووفياتها على نطاق عالمي خلال الـ12 إلى الـ24 شهراً المقبلة، مع استمرار مرحلة التذبذب الجنوبي لظاهرة النينيو، وهي سلسلة من أحداث الاحترار والتبريد التي تحدث على طول خط الاستواء في المحيط الهادئ.

أما ظاهرة النينيو فهي جزء من الاحترار العالمي، وتحدث عند انخفاض كمية المياه الباردة التي ترتفع إلى سطح البحر بالقرب من أميركا الجنوبية، ما يؤدي إلى زيادة درجات حرارة سطح البحر عبر المحيط الهادئ، وارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوّي.

ضغوط هائلة

ووجد الباحثون أنّ هذه التغيّرات تشكل ضغوطاً هائلة على النظم البيئية الاستوائية الحيوية، فتراكمت على سبيل المثال الضغوط الحرارية على الشعاب المرجانية في منطقة فلوريدا كيز، جنوب الولايات المتحدة، بنحو 3 أضعاف الرقم القياسي السابق، وحدث ذلك قبل 6 أسابيع من الذروة السابقة.

وأشاروا إلى أنّ ارتفاع درجات حرارة البحر، إلى جانب الضغوط الأخرى، مثل تحمّض المحيطات، والتلوّث، أدى إلى إضعاف قدرة الشعب المرجانية على الصمود بشدّة، وهذا يعرّضها، وربع التنوّع البيولوجي في المحيط، إلى خطر الإبادة.

من جانبه، رأى الباحث الرئيسي للدراسة من كلية البيئة بجامعة كوينزلاند، البروفيسور أوفي هوغ غولدبيرغ، أن هذه النتيجة مثيرة للقلق. وأضاف عبر موقع الجامعة: «صُدمنا عندما وجدنا أنّ ظروف الإجهاد الحراري بدأت قبل 12 أسبوعاً من الذروة المُسجَّلة سابقاً، واستمرت لفترة أطول بكثير في شرق المحيط الهادئ الاستوائي، ومنطقة البحر الكاريبي على نطاق أوسع».

وأوضح أن النتائج تأتي في مرحلة حرجة في حماية التنوّع البيولوجي العالمي، مع تراجع الالتزام بالتخفيف من تغيّر المناخ في دول عدّة، إذ تشير أحدث المعلومات البيئية إلى أننا بعيدون عن المسار عندما يتعلّق الأمر بالحفاظ على درجات الحرارة السطحية العالمية من الوصول إلى حالة خطيرة في حلول منتصف القرن الحالي وأواخره.


مقالات ذات صلة

ظهور «سمكة يوم القيامة» الغامضة على شاطئ كاليفورنيا

يوميات الشرق السمكة المجدافية كما أعلن عنها معهد سكريبس لعلوم المحيطات بجامعة كاليفورنيا

ظهور «سمكة يوم القيامة» الغامضة على شاطئ كاليفورنيا

جرف البحر سمكة نادرة تعيش في أعماق البحار، إلى أحد شواطئ جنوب كاليفورنيا، بالولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (كاليفورنيا)
الاقتصاد د. خالد أصفهاني الرئيس التنفيذي لـ«المؤسسة العامة للمحافظة على الشعب المرجانية» وعدد من الشخصيات عند انطلاق المؤتمر

دراسة مع «البنك الدولي» لتحديد القيمة الفعلية للشعاب المرجانية في السعودية

تقترب السعودية من معرفة القيمة الفعلية لمواردها الطبيعية من «الشعاب المرجانية» في البحر الأحمر.

سعيد الأبيض (جدة)
يوميات الشرق يأتي الاكتشاف ضمن سلسلة الجهود لتعزيز المعرفة بالسلاحف البحرية وبيئاتها الطبيعية (واس)

اكتشاف أكبر موقع تعشيش لـ«السلاحف» في البحر الأحمر بالسعودية

أعلنت السعودية، السبت، عن اكتشاف أكبر موقع تعشيش للسلاحف البحرية يتم تسجيله على الإطلاق في المياه السعودية بالبحر الأحمر، وذلك في جزر الأخوات الأربع.

«الشرق الأوسط» (جدة)
يوميات الشرق يمكن أن يتحول فَردان من قناديل البحر بسهولة فرداً واحداً (سيل برس)

قناديل البحر قد تندمج في جسد واحد عند الإصابة

توصل باحثون إلى اكتشاف مدهش يفيد بأن أحد أنواع قناديل البحر المعروف بـ«قنديل المشط» يمكن أن تندمج أفراده في جسد واحد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق الدلافين دائماً ما تفتح فمها بصورة تظهرها مبتسمة أثناء لعبها مع بعضها بعضاً (رويترز)

دراسة: الدلافين تبتسم لبعضها بعضاً «لتجنب سوء الفهم»

كشفت دراسة جديدة، عن أن الدلافين تبتسم لبعضها بعضاً أثناء اللعب لتجنب سوء الفهم.

«الشرق الأوسط» (روما)

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
TT

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

عاد إلى ذاكرة مُؤسِّسة غاليري «آرت أون 56»، نهى وادي محرم، مشهد 4 أغسطس (آب) 2020 المرير. حلَّ العَصْف بذروته المخيفة عصر ذلك اليوم المشؤوم في التاريخ اللبناني، فأصاب الغاليري بأضرار فرضت إغلاقه، وصاحبته بآلام حفرت ندوباً لا تُمحى. توقظ هذه الحرب ما لا يُرمَّم لاشتداد احتمال نكئه كل حين. ولمّا قست وكثَّفت الصوتَ الرهيب، راحت تصحو مشاعر يُكتَب لها طول العُمر في الأوطان المُعذَّبة.

رغم عمق الجرح تشاء نهى وادي محرم عدم الرضوخ (حسابها الشخصي)

تستعيد المشهدية للقول إنها تشاء عدم الرضوخ رغم عمق الجرح. تقصد لأشكال العطب الوطني، آخرها الحرب؛ فأبت أن تُرغمها على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية. تُخبر «الشرق الأوسط» عن إصرارها على فتحه ليبقى شارع الجمّيزة البيروتي فسحة للثقافة والإنسان.

تُقلِّص ساعات هذا الفَتْح، فتعمل بدوام جزئي. تقول إنه نتيجة قرارها عدم الإذعان لما يُفرَض من هول وخراب، فتفضِّل التصدّي وتسجيل الموقف: «مرَّت على لبنان الأزمة تلو الأخرى، ومع ذلك امتهنَ النهوض. أصبح يجيد نفض ركامه. رفضي إغلاق الغاليري رغم خلوّ الشارع أحياناً من المارّة، محاكاة لثقافة التغلُّب على الظرف».

من الناحية العملية، ثمة ضرورة لعدم تعرُّض الأعمال الورقية في الغاليري لتسلُّل الرطوبة. السماح بعبور الهواء، وأن تُلقي الشمس شعاعها نحو المكان، يُبعدان الضرر ويضبطان حجم الخسائر.

الفنانون والزوار يريدون للغاليري الإبقاء على فتح بابه (آرت أون 56)

لكنّ الأهم هو الأثر. أنْ يُشرّع «آرت أون 56» بابه للآتي من أجل الفنّ، يُسطِّر رسالة ضدّ الموت. الأثر يتمثّل بإرادة التصدّي لِما يعاند الحياة. ولِما يحوّلها وعورةً. ويصوّرها مشهداً من جهنّم. هذا ما تراه نهى وادي محرم دورها في الأزمة؛ أنْ تفتح الأبواب وتسمح للهواء بالعبور، وللشمس بالتسلُّل، وللزائر بأن يتأمّل ما عُلِّق على الجدران وشدَّ البصيرة والبصر.

حضَّرت لوحات التشكيلية اللبنانية المقيمة في أميركا، غادة جمال، وانتظرتا معاً اقتراب موعد العرض. أتى ما هشَّم المُنتَظر. الحرب لا تُبقى المواعيد قائمة والمشروعات في سياقاتها. تُحيل كل شيء على توقيتها وإيقاعاتها. اشتدَّت الوحشية، فرأت الفنانة في العودة إلى الديار الأميركية خطوة حكيمة. الاشتعال بارعٌ في تأجيج رغبة المرء بالانسلاخ عما يحول دون نجاته. غادرت وبقيت اللوحات؛ ونهى وادي محرم تنتظر وقف النيران لتعيدها إلى الجدران.

تفضِّل نهى وادي محرم التصدّي وتسجيل الموقف (آرت أون 56)

مِن الخطط، رغبتُها في تنظيم معارض نسائية تبلغ 4 أو 5. تقول: «حلمتُ بأن ينتهي العام وقد أقمتُ معارض بالمناصفة بين التشكيليين والتشكيليات. منذ افتتحتُ الغاليري، يراودني هَمّ إنصاف النساء في العرض. أردتُ منحهنّ فرصاً بالتساوي مع العروض الأخرى، فإذا الحرب تغدر بالنوايا، والخيبة تجرّ الخيبة».

الغاليري لخَلْق مساحة يجد بها الفنان نفسه، وربما حيّزه في هذا العالم. تُسمّيه مُتنفّساً، وتتعمّق الحاجة إليه في الشِّدة: «الفنانون والزوار يريدون للغاليري الإبقاء على فتح بابه. نرى الحزن يعمّ والخوف يُمعن قبضته. تُخبر وجوه المارّين بالشارع الأثري، الفريد بعمارته، عما يستتر في الدواخل. أراقبُها، وألمحُ في العيون تعلّقاً أسطورياً بالأمل. لذا أفتح بابي وأعلنُ الاستمرار. أتعامل مع الظرف على طريقتي. وأواجه الخوف والألم. لا تهمّ النتيجة. الرسالة والمحاولة تكفيان».

الغاليري لخَلْق مساحة يجد بها الفنان نفسه وربما حيّزه في العالم (آرت أون 56)

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها: الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع، الإسعاف والصراخ... لـ9 أشهر تقريباً، أُرغمت على الإغلاق للترميم وإعادة الإعمار بعد فاجعة المدينة، واليوم يتكرّر مشهد الفواجع. خراب من كل صوب، وانفجارات. اشتدّ أحدها، فركضت بلا وُجهة. نسيت حقيبتها في الغاليري وهي تظنّ أنه 4 أغسطس آخر.