يورغن بوديتس لـ«الشرق الأوسط»: أظهرتُ بشاعة الحروب وعرّفتُ بالأماكن المنسيّة

«جمال العراق الخفيّ» يعود إلى واجهة «البحر الأحمر»

‎⁨المصوّر العراقي لطيف العاني في مشهد من الفيلم (صور المخرج)⁩
‎⁨المصوّر العراقي لطيف العاني في مشهد من الفيلم (صور المخرج)⁩
TT

يورغن بوديتس لـ«الشرق الأوسط»: أظهرتُ بشاعة الحروب وعرّفتُ بالأماكن المنسيّة

‎⁨المصوّر العراقي لطيف العاني في مشهد من الفيلم (صور المخرج)⁩
‎⁨المصوّر العراقي لطيف العاني في مشهد من الفيلم (صور المخرج)⁩

للعراق وجهٌ خفيٌّ، يظهر بوضوح في أرشيف المصوّر لطيف العاني، الذي التقط صوراً لبلده طوال 30 عاماً. حين بلغ الـ86، سافر بحثاً عن أشخاص وأماكن صوَّرها في الماضي. هذه باختصار قصة الوثائقي «جمال العراق الخفي» الذي يُعرض حالياً في مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» بجدة، ضمن عرضه الأول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

يقول العاني في الشريط: «العراق هو البلد الوحيد الذي يُعدّ ماضيه أفضل من حاضره»، ثم يأخذ المشاهدين، عبر هذا الوثائقي العاطفي، في رحلة إلى داخل بلاده المنكوبة بحثاً عن موضوعات صوّرها، فيشارك أرشيفه الفريد، وقصصه مع عراقيين لا يصدّقون أنّ بلدهم الجميل بعدسته، هو نفسه ما رأوه بعيونهم الحزينة.

يُظهر الفيلم الذي صوّره طوال 5 سنوات، وجه العراق قبل الحروب، وهو أشبه بشهادة عاطفية لأهم مصوِّر في تاريخ هذا البلد؛ عاش تفاصيله بصور نادرة، فشكّلت أرشيفاً فريداً من الخمسينات إلى السبعينات.

«بوستر» الفيلم (صور المهرجان)

الأماكن العراقية المنسيّة

لافتٌ أنّ الفيلم من إنتاج وكتابة وإخراج مخرج بلجيكي هو يورغن بوديتس، فيوضح في حديث خاص مع «الشرق الأوسط» أنه تعرّف إلى أعمال لطيف العاني من خلال كتاب لدى صديقه العراقي، ضمَّ صوراً مذهلة عن مكان لم يره في حياته. ويضيف: «في أوروبا، حين نشاهد نشرات الأخبار، نرى فقط الكوارث والمشكلات في البلدان العربية. عندما عاينتُ صور العاني، وجدتها ممتازة وكاملة. تواصلتُ معه، وطرحت عليه فكرة إعداد الفيلم، في مغامرة رائعة حاولنا من خلالها إظهار الأماكن العراقية المنسيّة».

ويشير بوديتس إلى أنّ لقاءه العاني كان في العام عينه الذي حصد فيه جائزة «الأمير كلاوس» المرموقة (2015)، التي تمنحها العائلة المالكة الهولندية سنوياً. ويتابع: «بعد هذه الجائزة، بدأ الإعلام الأوروبي يهتمّ بالعاني، وأردتُ بدوري فهم لماذا تغيّرت الأمور في العراق خلال 17 عاماً، فاختلف البلد كثيراً».

المخرج البلجيكي يورغن بوديتس خلال حديثه مع «الشرق الأوسط» (الشرق الأوسط)

60 يوماً في 5 سنوات

بسؤاله عن رحلته الطويلة التي استغرقها إعداد الفيلم، يعزو ذلك إلى الجهد البحثي وتحدّيات الميزانية، ويضيف: «لم أرغب بإنجاز وثائقي قصير، بل أردتُ فيلماً شاعرياً عن حياته، مع تخصيص الوقت المناسب لذلك، فعملنا يتعلّق بالوقت»، مشيراً إلى صعوبات واجهها، لمعاناة العراق عدم الاستقرار الأمني، بينما كان تنظيم «داعش» يلفظ أنفاسه الأخيرة، علاوة على جائحة «كورونا» التي شلَّت العالم.

يتابع: «التصوير الفعلي استغرق نحو 60 يوماً طوال 5 سنوات». وعن كيفية التعامل مع رجل في منتصف الثمانين، يجيب: «لطيف صوَّر جميع الرؤساء العراقيين، وكان عليه أن يكون ذكياً لبلوغ ما حقّقه، وليبقى على قيد الحياة من بعدهم. لم يكن سهلاً أن نصنع فيلماً عنه، فهو بالغ الذكاء».

فريق الفيلم رافق لطيف العاني طوال 5 سنوات (صور المخرج)

بشاعة الحروب

وإذ يؤكد بوديتس أنّ رسالة الفيلم تُظهر بشاعة الحروب وتنادي بإيقافها، يتابع: «كان من الصعب أن نحدّد المعنى الحقيقي للجمال، لكنَّ لطيف منحني انطباعاً بأنه مهم جداً لنا كبشر للبقاء على قيد الحياة. في غياب الجمال لا نستطيع تحديد شكل البشاعة». أما عن أكثر ما لفته في العراق، فيردّ: «كأوروبي، أدهشني التواصل بين الناس، والصداقات، والانفتاح والرغبة القوية في إنجاز أشياء جميلة ومتقدّمة».

يقف الفيلم على ما فعلته الحرب في العراق (صور المخرج)

أبو التصوير العراقي

يُذكر أنّ لطيف العاني من مواليد 1932 في بغداد، وكان أول مَن صوَّر الحياة العراقية في خمسينات القرن الماضي وسبعيناته، وعُرف باسم أبو التصوير العراقي.

تُمثّل صوره بالأبيض والأسود ذاكرة بصرية فريدة للبلد خلال زمنه الجميل، كما قدّم الحضارة العراقية النابضة بالحياة بكثافتها وتعقيدها. وبالإضافة إلى توثيق الحياة اليومية المتحضّرة، والثقافة السياسية والصناعية، التقط صوراً للعراق من الجوّ لشركة نفطية.

وفي فترة حُكم الرئيس الراحل صدام حسين، توقّف العاني عن التصوير. واليوم، تشهد صوره على عصر مضى. خلال بينالي البندقية في عام 2016؛ ركز المعرض في جناح العراق على أعماله من الفترة المبكرة من حياته المهنية، والتي أظهرت موضوعاتها اتجاهات التحديث والحفاظ على التقاليد.


مقالات ذات صلة

هل استعاد محمد سعد «توازنه» بفضل «الدشاش»؟

يوميات الشرق محمد سعد في العرض الخاص لفيلم «الدشاش» (الشركة المنتجة للفيلم)

هل استعاد محمد سعد «توازنه» بفضل «الدشاش»؟

حقق فيلم «الدشاش» للفنان المصري محمد سعد الإيرادات اليومية لشباك التذاكر المصري منذ طرحه بدور العرض.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق تماثيل وقوالب من الفخار مصنوعة قبل الميلاد (مكتبة الإسكندرية)

«صناعة الفخار»... وثائقي مصري يستدعي حرفة من زمن الفراعنة

يستدعي الفيلم الوثائقي «حرفة الفخار» تاريخ هذه الصناعة التي تحمل طابعاً فنياً في بعض جوانبها، على مدى التاريخ المصري القديم، منذ أيام الفراعنة.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق لقطة من الفيلم تجمع «شاهيناز» وأولادها (الشركة المنتجة)

«المستريحة»... فيلم مصري يتناول النصّابين يمزج الكوميديا بالإثارة

تصدَّرت مجسّمات دعائية للأبطال دار العرض عبر لقطات من الفيلم تُعبّر عنهم، فظهرت ليلى علوي في مجسّم خشبيّ جالسةً على حافة حوض استحمام مليء بالدولارات.

انتصار دردير (القاهرة )
سينما أحمد زكي وآثار الحكيم في «طائر على الطريق»

بشير الديك كتب للسينما البديلة والسائدة معاً

بشير الديك، كاتب القصّة والسيناريو لعدد كبير من الأفلام المصرية طوال العقود الأربعين الماضية، الذي توفي في اليوم الأخير من العام الراحل، 2024

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
سينما «لقتل حصان مونغولي» (بلوتو فيلم)

شاشة الناقد: قضية المرأة في أفعانستان

من بين كثير من المشاهد اللافتة يوجد في هذا الفيلم مشهدان متباعدان، في الأول يربت ساينا على رأس فرسه الذي يستجيب لحنان صاحبه ويميل برأسه فوق كتفه بحنان ظاهر.

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)

السعودية: استمرار انخفاض درجات الحرارة... وأمطار على معظم المناطق

محافظة طريف سجّلت أدنى درجة مئوية في السعودية السبت عند واحدة تحت الصفر (واس)
محافظة طريف سجّلت أدنى درجة مئوية في السعودية السبت عند واحدة تحت الصفر (واس)
TT

السعودية: استمرار انخفاض درجات الحرارة... وأمطار على معظم المناطق

محافظة طريف سجّلت أدنى درجة مئوية في السعودية السبت عند واحدة تحت الصفر (واس)
محافظة طريف سجّلت أدنى درجة مئوية في السعودية السبت عند واحدة تحت الصفر (واس)

سجّلت محافظة طريف (شمال السعودية)، صباح السبت، درجة مئوية واحدة تحت الصفر، هي الأدنى على مستوى البلاد، بينما يتوقّع استمرار انخفاض درجات الحرارة في عدة مناطق، وأن تشهد معظمها أمطاراً رعدية حتى الأربعاء المقبل.

وبحسب تقرير «مركز الأرصاد» لأقل درجات الحرارة في السعودية ليوم السبت، سجّلت «القريات» و«رفحاء» الصفر المئوي، ومدينة حائل درجة مئوية واحدة.

وأشار حسين القحطاني، المتحدث الرسمي للمركز، إلى استمرار انخفاض درجات الحرارة، الأحد، على مناطق «الحدود الشمالية، وتبوك، والجوف، وحائل»، ويمتد تأثيرها إلى منطقتي «القصيم، والرياض»، وشمال المنطقة الشرقية.

في شأن متصل، توقّع المركز تأثر معظم مناطق البلاد بحالة مطرية تتراوح شدتها بين المتوسطة والغزيرة، تبدأ الأحد وتستمر حتى الأربعاء المقبل، مصحوبة برياح هابطة مثيرة للأتربة والغبار تصل سرعتها إلى 60 كم/ساعة، مع احتمالية جريان السيول، وتساقط البرد، وارتفاع الأمواج على السواحل.

ووفقًا للمركز، ستؤثر الحالة المطرية على منطقتي «تبوك والمدينة المنورة» يومي الأحد والاثنين، و«الجوف والحدود الشمالية» من مساء الأحد حتى الثلاثاء، و«حائل والقصيم ومكة المكرمة» الاثنين والثلاثاء، بينما تمتد إلى «الرياض» من الاثنين حتى الأربعاء، وتشمل «الشرقية» يومي الثلاثاء والأربعاء.

وأهاب بالجميع متابعة تقاريره اليومية وإنذاراته الصادرة عن الحالة المتوقعة عبر موقعه الإلكتروني، وحساباته على منصات التواصل الاجتماعي، وتطبيق «أنواء»، والالتزام بتعليمات الجهات المعنية حفاظاً على سلامة الجميع.

بدوره، أوضح «الدفاع المدني» أن منطقة مكة المكرمة ستتأثر بأمطار غزيرة تؤدي إلى جريان السيول، وتساقط البرد، ورياح هابطة مثيرة للأتربة والغبار، لتشمل جدة والعاصمة المقدسة وبحرة والجموم ورابغ وخليص والكامل، ومتوسطة إلى غزيرة على الطائف وميسان وأضم والمويه وتربة والخرمة ورنية والليث والقنفذة.

وأضاف أن منطقة الرياض ستتأثر بأمطار «متوسطة إلى غزيرة» تؤدي إلى جريان السيول وتساقط البرد ورياح هابطة مثيرة للأتربة والغبار لتشمل عفيف والدوادمي والقويعية وشقراء والغاط والزلفي والمجمعة ورماح وثادق وحريملاء ومرات، و«خفيفة إلى متوسطة» لتشمل الرياض العاصمة والخرج والدلم والمزاحمية والدرعية والرين وضرما والحريق.

ونوّه «الدفاع المدني» أن مناطق تبوك والجوف والحدود الشمالية وحائل والقصيم والشرقية والمدينة المنورة ستتأثر بأمطار متوسطة إلى غزيرة.

ودعا لأخذ الحيطة والحذر، وضرورة البقاء في أماكن آمنة، والابتعاد عن أماكن تجمُّع السيول والأودية، وعدم السباحة فيها، والالتزام بالتعليمات المعلنة عبر وسائل الإعلام المختلفة ومواقع التواصل الاجتماعي.