172 عاماً من معرض «إكسبو الدولي»... تعرّف على الدول التي استضافت الحدث العالمي

24 مدينة و15 دولة فقط فازت بشرف الاستضافة

TT

172 عاماً من معرض «إكسبو الدولي»... تعرّف على الدول التي استضافت الحدث العالمي

تُظهر هذه الصورة شعار «إكسبو الرياض 2030» في قصر المؤتمرات في «إيسي ليه مولينو» بضاحية باريس، في 28 نوفمبر 2023، عقب إعلان الهيئة الملكية السعودية لمدينة الرياض فوزها باستضافة «إكسبو 2030» لعام 2030، الحدث العالمي الذي يُقام كل خمس سنوات (أ.ف.ب)
تُظهر هذه الصورة شعار «إكسبو الرياض 2030» في قصر المؤتمرات في «إيسي ليه مولينو» بضاحية باريس، في 28 نوفمبر 2023، عقب إعلان الهيئة الملكية السعودية لمدينة الرياض فوزها باستضافة «إكسبو 2030» لعام 2030، الحدث العالمي الذي يُقام كل خمس سنوات (أ.ف.ب)

منذ انطلاقته عام 1851 وحتى يومنا هذا، ساعد «إكسبو» البشرية على رسم مستقبل أكثر تقدماً من خلال جمع الناس والأمم تحت شعار مشترك هو التعليم والابتكار والتعاون. وبوصفها مرايا لعصرها، فقد عكست معارض «إكسبو» أولويات العصر، وتلاقت فيها الأفكار، ورنَت تطلّعات الدول المشاركة فيها، نحو مستقبل يشكّله التقدم التكنولوجي والتعاون الإنساني.

 

انطلاقة «إكسبو»

بدأ مفهوم اجتماع الأشخاص معاً لعرض وبيع ما أنتجوه منذ العصور القديمة. بعد أن كانت المهرجانات الزراعية موجودة لقرون عدة، بدأت مجموعات من الميكانيكيين والحرفيين في تنظيم معارضهم الخاصة في القرن السابع عشر تقريباً، ومع اقتراب القرن التاسع عشر، وتزايد وتيرة التصنيع، ولدت مهرجانات مخصصة لإظهار ما تمكن الأفراد والمجموعات من الميكانيكيين من إنجازه من خلال الابتكارات الجديدة، وفق موقع «هيستوري» المتخصص بالتاريخ العالمي.

صورة نشرتها شركة «الإخوة ديكينسون» تُظهر جانباً من «كريستال بالاس» خلال استضافته «المعرض الكبير» في لندن سنة 1851 (متداولة)

نشأ المعرض العالمي بمعناه الحديث خلال فترة مهد الثورة الصناعية في منتصف القرن التاسع عشر. ففي عام 1851، تغيّر مفهوم المعارض المحلية مع تنظيم «المعرض الكبير لأعمال الصناعة لجميع الأمم» - المعروف باسم «المعرض الكبير» أو «معرض كريستال بالاس»، إذ يعدُّ هذا الحدث الذي أُقيم في حديقة «هايد بارك» في العاصمة البريطانية لندن، المعرض العالمي الأول.

لم يكن هذا المعرض أول مهرجان وطني يحتفل بالتقدم الصناعي فحسب، بل كان أيضاً أول معرض دولي. يقول روبرت ريدل البروفسور في التاريخ من جامعة مونتانا الأميركية: «لقد جمع (المعرض الكبير) في لندن، للمرة الأولى، الأحزاب والحكومات والمصالح الخاصة من جميع أنحاء مناطق المحيط الأطلسي وأوروبا معاً لإظهار ثمار التصنيع». وأضاف: «كان الهدف من المعرض توفير قدر من الاستقرار والثقة في مواجهة القلق المتزايد بشأن مصير التصنيع في بداية الثورة الصناعية وما رافقها من اضطرابات اجتماعية».

صورة تُظهر معرض «إكسبو باريس العالمي» لسنة 1878 (في الوسط)، وفي أعلى الصورة وأسفلها تظهر بعثات دول مشاركة في المعرض الدولي (متداولة)

سعت المعارض المحلية والمعارض الدولية التي جاءت بعد «المعرض الكبير» في لندن 1851، بما في ذلك تلك التي أقيمت في العاصمة الفرنسية باريس (1855 و1867 و1878) ومدينة فيلادلفيا الأميركية (1876)، إلى جعل الجمهور أكثر ارتياحاً لفكرة عصر الصناعة والتصنيع. ولكن بدءاً من المعرض الكولومبي عام 1893 في شيكاغو، اتبعت الشركات نهجاً جديداً: فبدلاً من مجرد السماح لرواد المعرض بمشاهدة أحدث منتجاتها، كانت ستوضح لهم أيضاً كيف يتم تصنيعها.

خريطة تُظهر معرض «الإكسبو الكولومبي العالمي» في مدينة شيكاغو في الولايات المتحدة سنة 1893 (مكتبة الكونغرس)

معارض «إكسبو الدولية»، التي نُظّمت في القرن التاسع عشر، هي «إكسبو»: لندن 1851 (بريطانيا)، باريس 1855 (فرنسا)، لندن 1862، باريس 1867، فيينا 1873 (النمسا)، فيلادلفيا 1876 (الولايات المتحدة)، باريس 1878، ملبورن 1880 (أستراليا)، برشلونة 1888 (إسبانيا)، باريس 1889، شيكاغو 1893 (الولايات المتحدة)، بروكسل 1897 (بلجيكا).

إعلان لمعرض «إكسبو 1905» الدولي في مدينة لييج البلجيكية سنة 1905 بمناسبة الاحتفال بذكرى 75 عاماً على استقلال بلجيكا (متداولة)

 

النصف الأول من القرن العشرين

بشكل عام، جاءت معارض «إكسبو» العالمية التي أُقيمت في النصف الأول من القرن العشرين بمثابة استمرار للمفهوم الأساسي لـ«المركزية التكنولوجية» في القرن التاسع عشر (بشكل خاص تكنولوجيا الصناعة)؛ ومع ذلك، حصلت تحولات مهمّة. لقد حاول المعرض العالمي، الذي وُلد من عالم تقني، أن ينظر إلى أبعد من ذلك في الأفق الواسع أمامه، بأن ينظر إلى ما هو أبعد من التكنولوجيا ويبدأ في إيلاء المزيد من الاهتمام للظروف الإنسانية وللثقافة، وفق موقع «أنسيكلوبيديا» الموسوعي.

صورة عامة من موقع استضافة «إكسبو 1929» الدولي في مدينة برشلونة الإسبانية سنة 1929 (متداولة)

كان للكساد الكبير - منذ 1929 وفي ثلاثينات القرن العشرين - وللحربين العالميتين اللتين وقعتا على التوالي خلال النصف الأول من القرن العشرين، تأثير كبير على معرض «إكسبو الدولي»، حتى أن المعرض توقف تنظيمه لسنوات بفعل تلك الظروف. ومع ذلك، أُعيد تنظيم المعرض، وتطوّر رغم الظروف المعاكسة.

روزالي فيربانكس، وهي مرشدة لمعرض «إكسبو نيويورك العالمي 1939»، تشير إلى البناءين «Trylon and Perisphere» (في وسط الصورة باللون الأبيض) اللذين تحوّلا إلى رمز لـ«إكسبو نيويورك 1939»، في نيويورك في 22 فبراير 1939، بعد الكشف عنهما للمرة الأولى (أ.ب - أرشيفية)

معارض «إكسبو الدولية»، التي أُقيمت في النصف الأول من القرن العشرين هي «إكسبو»: باريس 1900، سانت لويس 1904 (الولايات المتحدة)، لييج 1905 (بلجيكا)، ميلان 1906 (إيطاليا)، بروكسل 1910، غانت 1913 (بلجيكا)، سان فرانسيسكو 1915 (الولايات المتحدة)، برشلونة 1929، شيكاغو 1933، بروكسل 1935، باريس 1937، نيويورك 1939 (الولايات المتحدة)، بورت أو برانس 1949 (هايتي).

صورة جوية لمعرض «إكسبو نيويورك العالمي 1939» في الولايات المتحدة سنة 1939 (أرشيف مكتبة نيويورك العامة)

النصف الثاني من القرن العشرين حتى اليوم

بعد الحرب العالمية الثانية، نشأت في الـ«إكسبو» منصات للمناقشة وعرض الأفكار، وأصبح معرض «إكسبو» منصة عالمية أيضاً لتبادل الأفكار والمناقشة. وأظهرت الموضوعات المتطورة لمعارض «إكسبو» منذ خمسينات القرن الماضي، هذا التحول، مع «إكسبو 1958» في بروكسل الذي حمل عنوان «رؤية للعالم: أنسنة جديدة»، أو إكسبو «الإنسان وعالمه» في «إكسبو 1967» في مونتريال.

صورة أرشيفية من حفل افتتاح «إكسبو 1958» الدولي في العاصمة البلجيكية بروكسل، في 17 أبريل 1958 (وكالة «بلجا» البلجيكية)

وأدت عملية إنهاء الاستعمار في النصف الثاني من القرن الماضي، إلى زيادة عدد الدول المستقلة، وبالتالي زيادة مستمرّة في عدد المشاركين في معارض «إكسبو». فارتفع عدد الدول المشاركة في المعرض، من 39 دولة شاركت في «إكسبو 1958»، ليصل إلى 192 دولة مشاركة في «إكسبو دبي 2020» في دولة الإمارات العربية، حسب الموقع الرسمي لـ«إكسبو دبي»، وهو معرض دولي افتُتح في 1 أكتوبر (تشرين الأول) 2021 واستمر حتى 31 مارس (آذار) 2022 (لم يُفتتح سنة 2020 بسبب الإغلاق إبان جائحة كورونا العالمية).

منظر عام لمعرض «إكسبو 2020» الدولي في دبي، الإمارات العربية المتحدة، 16 يناير 2022 (رويترز)

وارتبط التحدي العالمي لتغير المناخ كذلك بمعارض «إكسبو» عندما اعتمد المكتب الدولي للمعارض - المشْرف والمنظِم للحدث العالمي - في عام 1994 قراراً يضمن أن جميع معارض «إكسبو» لديها «التزام بالأهمية القصوى للإنسانية المتمثلة في الاحترام الواجب للطبيعة والبيئة».

صورة أرشيفية من معرض «إكسبو 67» الدولي في مدينة مونتريال الكندية سنة 1967 (وكالة الأنباء الكندية)

مبدأ احترام الطبيعة والبيئة، تم التركيز عليه في معرض «إكسبو 2000» هانوفر (ألمانيا) من خلال العنوان الذي حمله «الإنسان، الطبيعة، التكنولوجيا». وأصبح مبدأ الطبيعة والبيئة من المحاور الأساسية في معارض «إكسبو»، لمعالجة التحديات العالمية من خلال عدسة التنمية المستدامة.

صورة عامة من «إكسبو 1992» الدولي في مدينة إشبيلية الإسبانية سنة 1992 (متداولة)

في القرن الحادي والعشرين، تم توسيع المشاركة في المعارض لتشمل المجتمع المدني والمدن والمناطق والمنظمات الدولية. ومن خلال توفير مساحة فريدة للتعاون بين الثقافات، تعمل معارض «إكسبو» اليوم كأدوات للتقدم في جميع مجالات الحياة البشرية.

فنانون يؤدون خلال حفل افتتاح معرض «إكسبو 2020» الدولي في دبي بالإمارات العربية المتحدة، 30 سبتمبر 2021 (رويترز)

معارض «إكسبو الدولية» التي أُقيمت منذ منتصف القرن الماضي حتى يومنا هذا، هي «إكسبو»: بروكسل 1958، سياتل 1962 (الولايات المتحدة)، مونتريال 1967 (كندا)، أوساكا 1970 (اليابان)، إشبيلية 1992 (إسبانيا)، هانوفر 2000 (ألمانيا)، آيشي 2005 (اليابان)، شانغهاي 2010 (الصين)، ميلان 2015، دبي 2020 (الإمارات العربية المتحدة).

ومن المُرتقب تنظيم «إكسبو أوساكا 2025» في اليابان، و«إكسبو الرياض 2030» في المملكة العربية السعودية.

منذ انطلاقة «إكسبو الدولي» في عام 1851 وحتى تاريخ عام 2030 المُرتقب، 24 مدينة في 15 دولة، هي فقط تلك التي استضافت (أو ستستضيف) هذا المعرض العالمي.

 

ملتقى التبادل الثقافي والتكنولوجي

أثبتت معارض «إكسبو» عبر تاريخها، شعبيّتها بتثقيف الجمهور وتشجيع التبادل وعرض الأفكار والمنتجات الجديدة. واعتُبرت إقامة المعارض الدولية، أهم أحداث التبادل الثقافي، وتجمعات دبلوماسية واقتصادية كبرى. وقد أدى الاعتراف المتزايد بالمعارض وأهميتها إلى التطور المزدهر للمؤتمرات والاتفاقيات الدولية، مما أدى إلى تعاون أقوى عبر الحدود في مجالات متنوعة مثل الملكية الفكرية، وحقوق العمل، والرياضة، والتعليم، وفق الموقع الرسمي ﻟ«المكتب الدولي للمعارض»، الهيئة الدولية المعنية بالإشراف على معارض «إكسبو» العالمية.

أصبحت معارض «إكسبو» منذ تأسيسها في العصر الحديث، أهم الأحداث العالمية لعرض التقنيات والاختراعات الجديدة، وتحقيق الإنجازات المعمارية والتقنية. كما باتت مواقع عرض الـ«إكسبو»، بمثابة الأماكن المثالية لعرض العلامات التجارية الوطنية، ومنح المعرض جميع البلدان المشاركة فيه، الفرصة لإبراز إنجازاتها الفنية والثقافية والهندسية.


مقالات ذات صلة

معرض «إكسبو» في اليابان يعلّق العروض المائية بسبب تلوّث بكتيري

آسيا منظر لمنطقة «ووتر بلازا» في موقع المعرض العالمي بأوساكا 4 يونيو 2025 (أ.ب)

معرض «إكسبو» في اليابان يعلّق العروض المائية بسبب تلوّث بكتيري

عُلِّقت العروض المائية اليومية ومنطقة حمام السباحة الضحلة في معرض «إكسبو 2025» في مدينة أوساكا باليابان مؤقتاً بسبب تلوث بكتيري يتطلب أعمال تطهير.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد «إكسبونور» أول جناح في تاريخ إكسبو يُخصص لريادة الأعمال والابتكار والاستثمار (واس)

إكسبونور... مبادرة سعودية لربط منظومات ريادة الأعمال عالمياً

شهد جناح السعودية في «إكسبو 2025 أوساكا» إطلاق مبادرة «إكسبونور» العالمية، التي تهدف إلى ربط رواد الأعمال والمبتكرين والمستثمرين عبر المعرض الدولي.

«الشرق الأوسط» (أوساكا)
يوميات الشرق ‏مع كل يوم جديد تبدأ رحلة الزوّار نحو أعماق الثقافة السعودية (إكسبو السعودية)

السعودية في «إكسبو أوساكا»... تراث غنيّ وطموح يبلغ الفضاء

منذ انطلاق «إكسبو أوساكا 2025» يواصل الجناح السعودي فتح نوافذ إلى تراث السعودية وتطلعاتها، وقد استقبل أكثر من 300 ألف زائر خلال 3 أسابيع منذ انطلاقه.

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق أمام الجناح السعودي (الشرق الأوسط)

«إكسبو أوساكا»... ضحك ولعب وتكنولوجيا

يعكس «إكسبو 2025» الذي افتُتح في مدينة أوساكا اليابانية في 13 أبريل (نيسان) الماضي، بمشاركة 160 دولة، أن العالم أصبح أكثر ميلاً للانفتاح والتعاون في زمن.

يوميات الشرق «إكسبو 2025» في استضافة اليابان (موقع «إكسبو» على منصة «إكس»)

«إكسبو 2025» في اليابان: ضحك ولعب وتكنولوجيا

مقارنة بين «إكسبو 2025» في أوساكا، و«إكسبو 2020» في دبي، تُظهر أن العالم بات أقل ترفاً وأكثر تقشفاً، مع تصاعد الدعوات للانفتاح والتعاون في ظل أجواء من الانغلاق.

سوسن الأبطح (أوساكا)

نافذة ذكية تقلل الحرارة وتمنع التوهج

النافذة الذكية تعمل بـ3 أوضاع مختلفة لتقليل تسرب الحرارة والضوء (المعهد الكوري المتقدم للعلوم والتكنولوجيا)
النافذة الذكية تعمل بـ3 أوضاع مختلفة لتقليل تسرب الحرارة والضوء (المعهد الكوري المتقدم للعلوم والتكنولوجيا)
TT

نافذة ذكية تقلل الحرارة وتمنع التوهج

النافذة الذكية تعمل بـ3 أوضاع مختلفة لتقليل تسرب الحرارة والضوء (المعهد الكوري المتقدم للعلوم والتكنولوجيا)
النافذة الذكية تعمل بـ3 أوضاع مختلفة لتقليل تسرب الحرارة والضوء (المعهد الكوري المتقدم للعلوم والتكنولوجيا)

أعلن فريق بحثي من المعهد الكوري المتقدم للعلوم والتكنولوجيا عن تطوير تقنية جديدة لنافذة ذكية، قادرة على تقليل تسرب الحرارة والضوء داخل المباني والمركبات.

وأوضح الباحثون أن هذه النافذة تعالج مشكلة «التوهج الضوئي» التي تؤثر على راحة المارة في المدن، ونُشرت النتائج، الجمعة، بدورية «ACS Energy Letters».

ويُعدّ تسرب الحرارة من النوافذ، إضافة إلى التوهج الناتج عن انعكاس الضوء، من أبرز التحديات التي تواجه المباني في البيئات الحضرية.

وتسمح النوافذ التقليدية بدخول كميات كبيرة من الحرارة خلال فصل الصيف، ما يؤدي لزيادة استهلاك الطاقة في التبريد، في حين تسبب النوافذ المعدنية العاكسة توهجاً بصرياً مزعجاً نتيجة انعكاس أشعة الشمس مباشرة على المارة.

ولا تؤثر هذه المشكلات على كفاءة الطاقة داخل المبنى فحسب؛ بل تُسهم أيضاً في خلق بيئة غير مريحة بصرياً في محيطه الخارجي، الأمر الذي يستدعي حلولاً ذكية تجمع بين العزل الحراري والتحكم في الإضاءة بطريقة فعالة وصديقة للبيئة والمجتمع.

ووفق الفريق، توفر التقنية الذكية الجديدة تحكماً دقيقاً في كمية الضوء والحرارة الداخلة عبر النوافذ حسب الحاجة، من خلال إشارات كهربائية فورية، ما يجعلها تقنية «نشطة» مقارنة بالأنظمة التقليدية التي تعتمد على تفاعل تلقائي مع الضوء أو الحرارة دون تدخل مباشر من المستخدم.

وتعمل النافذة الذكية، التي طُورت تحت اسم «RECM» بـ3 أوضاع مختلفة، الأول «شفاف»، يسمح بدخول الضوء والحرارة كما في الزجاج العادي، ويُعد مثالياً خلال فصل الشتاء للاستفادة من أشعة الشمس.

وفي الوضع الثاني «ملون»، تتحول النافذة إلى لون أزرق عميق بفعل التنشيط الكهربائي، ما يتيح الخصوصية ويقلل من انتقال الحرارة إلى الداخل.

نوافذ صديقة للمارة

أما الوضع الثالث «ملون مع ترسيب معدني»، فتُستخدم فيه أيونات الفضة التي تترسب على سطح النافذة، فتعكس الضوء والحرارة للخارج، بينما تمتص المواد الملونة الضوء المنعكس لتقليل التوهج، ما يجعل هذه النافذة صديقة للمارة بالمناطق الحضرية.

وأظهرت تجارب على نموذج مصغر لمنزل أن درجة الحرارة الداخلية وصلت إلى 58.7 درجة مئوية خلال 45 دقيقة عند استخدام زجاج تقليدي، في حين لم تتجاوز 31.5 درجة مئوية باستخدام النافذة الجديدة في الوضع الثالث، ما يعكس قدرة هذه التقنية على خفض درجة الحرارة بنحو 27.2 درجة مئوية، وهو ما يُعد دليلاً واضحاً على فاعليتها في التحكم بالحرارة الداخلية.

وأكّد الفريق أن هذا الابتكار يتجاوز تقنيات النوافذ الذكية الحالية التي تركز على الضوء المرئي فقط، إذ يقدم نظاماً متكاملاً للتحكم الحراري والبصري النشط، مع مراعاة السلامة البصرية للمارة.

وأضاف الباحثون أن التقنية قابلة للتطبيق على واجهات المباني، وكذلك في المركبات والقطارات، كما أنها تتماشى مع رؤية المدن الذكية التي تهدف إلى تحسين كفاءة الطاقة، والحدّ من التلوث الضوئي، والارتقاء بجودة الحياة الحضرية.