172 عاماً من معرض «إكسبو الدولي»... تعرّف على الدول التي استضافت الحدث العالمي

24 مدينة و15 دولة فقط فازت بشرف الاستضافة

TT

172 عاماً من معرض «إكسبو الدولي»... تعرّف على الدول التي استضافت الحدث العالمي

تُظهر هذه الصورة شعار «إكسبو الرياض 2030» في قصر المؤتمرات في «إيسي ليه مولينو» بضاحية باريس، في 28 نوفمبر 2023، عقب إعلان الهيئة الملكية السعودية لمدينة الرياض فوزها باستضافة «إكسبو 2030» لعام 2030، الحدث العالمي الذي يُقام كل خمس سنوات (أ.ف.ب)
تُظهر هذه الصورة شعار «إكسبو الرياض 2030» في قصر المؤتمرات في «إيسي ليه مولينو» بضاحية باريس، في 28 نوفمبر 2023، عقب إعلان الهيئة الملكية السعودية لمدينة الرياض فوزها باستضافة «إكسبو 2030» لعام 2030، الحدث العالمي الذي يُقام كل خمس سنوات (أ.ف.ب)

منذ انطلاقته عام 1851 وحتى يومنا هذا، ساعد «إكسبو» البشرية على رسم مستقبل أكثر تقدماً من خلال جمع الناس والأمم تحت شعار مشترك هو التعليم والابتكار والتعاون. وبوصفها مرايا لعصرها، فقد عكست معارض «إكسبو» أولويات العصر، وتلاقت فيها الأفكار، ورنَت تطلّعات الدول المشاركة فيها، نحو مستقبل يشكّله التقدم التكنولوجي والتعاون الإنساني.

 

انطلاقة «إكسبو»

بدأ مفهوم اجتماع الأشخاص معاً لعرض وبيع ما أنتجوه منذ العصور القديمة. بعد أن كانت المهرجانات الزراعية موجودة لقرون عدة، بدأت مجموعات من الميكانيكيين والحرفيين في تنظيم معارضهم الخاصة في القرن السابع عشر تقريباً، ومع اقتراب القرن التاسع عشر، وتزايد وتيرة التصنيع، ولدت مهرجانات مخصصة لإظهار ما تمكن الأفراد والمجموعات من الميكانيكيين من إنجازه من خلال الابتكارات الجديدة، وفق موقع «هيستوري» المتخصص بالتاريخ العالمي.

صورة نشرتها شركة «الإخوة ديكينسون» تُظهر جانباً من «كريستال بالاس» خلال استضافته «المعرض الكبير» في لندن سنة 1851 (متداولة)

نشأ المعرض العالمي بمعناه الحديث خلال فترة مهد الثورة الصناعية في منتصف القرن التاسع عشر. ففي عام 1851، تغيّر مفهوم المعارض المحلية مع تنظيم «المعرض الكبير لأعمال الصناعة لجميع الأمم» - المعروف باسم «المعرض الكبير» أو «معرض كريستال بالاس»، إذ يعدُّ هذا الحدث الذي أُقيم في حديقة «هايد بارك» في العاصمة البريطانية لندن، المعرض العالمي الأول.

لم يكن هذا المعرض أول مهرجان وطني يحتفل بالتقدم الصناعي فحسب، بل كان أيضاً أول معرض دولي. يقول روبرت ريدل البروفسور في التاريخ من جامعة مونتانا الأميركية: «لقد جمع (المعرض الكبير) في لندن، للمرة الأولى، الأحزاب والحكومات والمصالح الخاصة من جميع أنحاء مناطق المحيط الأطلسي وأوروبا معاً لإظهار ثمار التصنيع». وأضاف: «كان الهدف من المعرض توفير قدر من الاستقرار والثقة في مواجهة القلق المتزايد بشأن مصير التصنيع في بداية الثورة الصناعية وما رافقها من اضطرابات اجتماعية».

صورة تُظهر معرض «إكسبو باريس العالمي» لسنة 1878 (في الوسط)، وفي أعلى الصورة وأسفلها تظهر بعثات دول مشاركة في المعرض الدولي (متداولة)

سعت المعارض المحلية والمعارض الدولية التي جاءت بعد «المعرض الكبير» في لندن 1851، بما في ذلك تلك التي أقيمت في العاصمة الفرنسية باريس (1855 و1867 و1878) ومدينة فيلادلفيا الأميركية (1876)، إلى جعل الجمهور أكثر ارتياحاً لفكرة عصر الصناعة والتصنيع. ولكن بدءاً من المعرض الكولومبي عام 1893 في شيكاغو، اتبعت الشركات نهجاً جديداً: فبدلاً من مجرد السماح لرواد المعرض بمشاهدة أحدث منتجاتها، كانت ستوضح لهم أيضاً كيف يتم تصنيعها.

خريطة تُظهر معرض «الإكسبو الكولومبي العالمي» في مدينة شيكاغو في الولايات المتحدة سنة 1893 (مكتبة الكونغرس)

معارض «إكسبو الدولية»، التي نُظّمت في القرن التاسع عشر، هي «إكسبو»: لندن 1851 (بريطانيا)، باريس 1855 (فرنسا)، لندن 1862، باريس 1867، فيينا 1873 (النمسا)، فيلادلفيا 1876 (الولايات المتحدة)، باريس 1878، ملبورن 1880 (أستراليا)، برشلونة 1888 (إسبانيا)، باريس 1889، شيكاغو 1893 (الولايات المتحدة)، بروكسل 1897 (بلجيكا).

إعلان لمعرض «إكسبو 1905» الدولي في مدينة لييج البلجيكية سنة 1905 بمناسبة الاحتفال بذكرى 75 عاماً على استقلال بلجيكا (متداولة)

 

النصف الأول من القرن العشرين

بشكل عام، جاءت معارض «إكسبو» العالمية التي أُقيمت في النصف الأول من القرن العشرين بمثابة استمرار للمفهوم الأساسي لـ«المركزية التكنولوجية» في القرن التاسع عشر (بشكل خاص تكنولوجيا الصناعة)؛ ومع ذلك، حصلت تحولات مهمّة. لقد حاول المعرض العالمي، الذي وُلد من عالم تقني، أن ينظر إلى أبعد من ذلك في الأفق الواسع أمامه، بأن ينظر إلى ما هو أبعد من التكنولوجيا ويبدأ في إيلاء المزيد من الاهتمام للظروف الإنسانية وللثقافة، وفق موقع «أنسيكلوبيديا» الموسوعي.

صورة عامة من موقع استضافة «إكسبو 1929» الدولي في مدينة برشلونة الإسبانية سنة 1929 (متداولة)

كان للكساد الكبير - منذ 1929 وفي ثلاثينات القرن العشرين - وللحربين العالميتين اللتين وقعتا على التوالي خلال النصف الأول من القرن العشرين، تأثير كبير على معرض «إكسبو الدولي»، حتى أن المعرض توقف تنظيمه لسنوات بفعل تلك الظروف. ومع ذلك، أُعيد تنظيم المعرض، وتطوّر رغم الظروف المعاكسة.

روزالي فيربانكس، وهي مرشدة لمعرض «إكسبو نيويورك العالمي 1939»، تشير إلى البناءين «Trylon and Perisphere» (في وسط الصورة باللون الأبيض) اللذين تحوّلا إلى رمز لـ«إكسبو نيويورك 1939»، في نيويورك في 22 فبراير 1939، بعد الكشف عنهما للمرة الأولى (أ.ب - أرشيفية)

معارض «إكسبو الدولية»، التي أُقيمت في النصف الأول من القرن العشرين هي «إكسبو»: باريس 1900، سانت لويس 1904 (الولايات المتحدة)، لييج 1905 (بلجيكا)، ميلان 1906 (إيطاليا)، بروكسل 1910، غانت 1913 (بلجيكا)، سان فرانسيسكو 1915 (الولايات المتحدة)، برشلونة 1929، شيكاغو 1933، بروكسل 1935، باريس 1937، نيويورك 1939 (الولايات المتحدة)، بورت أو برانس 1949 (هايتي).

صورة جوية لمعرض «إكسبو نيويورك العالمي 1939» في الولايات المتحدة سنة 1939 (أرشيف مكتبة نيويورك العامة)

النصف الثاني من القرن العشرين حتى اليوم

بعد الحرب العالمية الثانية، نشأت في الـ«إكسبو» منصات للمناقشة وعرض الأفكار، وأصبح معرض «إكسبو» منصة عالمية أيضاً لتبادل الأفكار والمناقشة. وأظهرت الموضوعات المتطورة لمعارض «إكسبو» منذ خمسينات القرن الماضي، هذا التحول، مع «إكسبو 1958» في بروكسل الذي حمل عنوان «رؤية للعالم: أنسنة جديدة»، أو إكسبو «الإنسان وعالمه» في «إكسبو 1967» في مونتريال.

صورة أرشيفية من حفل افتتاح «إكسبو 1958» الدولي في العاصمة البلجيكية بروكسل، في 17 أبريل 1958 (وكالة «بلجا» البلجيكية)

وأدت عملية إنهاء الاستعمار في النصف الثاني من القرن الماضي، إلى زيادة عدد الدول المستقلة، وبالتالي زيادة مستمرّة في عدد المشاركين في معارض «إكسبو». فارتفع عدد الدول المشاركة في المعرض، من 39 دولة شاركت في «إكسبو 1958»، ليصل إلى 192 دولة مشاركة في «إكسبو دبي 2020» في دولة الإمارات العربية، حسب الموقع الرسمي لـ«إكسبو دبي»، وهو معرض دولي افتُتح في 1 أكتوبر (تشرين الأول) 2021 واستمر حتى 31 مارس (آذار) 2022 (لم يُفتتح سنة 2020 بسبب الإغلاق إبان جائحة كورونا العالمية).

منظر عام لمعرض «إكسبو 2020» الدولي في دبي، الإمارات العربية المتحدة، 16 يناير 2022 (رويترز)

وارتبط التحدي العالمي لتغير المناخ كذلك بمعارض «إكسبو» عندما اعتمد المكتب الدولي للمعارض - المشْرف والمنظِم للحدث العالمي - في عام 1994 قراراً يضمن أن جميع معارض «إكسبو» لديها «التزام بالأهمية القصوى للإنسانية المتمثلة في الاحترام الواجب للطبيعة والبيئة».

صورة أرشيفية من معرض «إكسبو 67» الدولي في مدينة مونتريال الكندية سنة 1967 (وكالة الأنباء الكندية)

مبدأ احترام الطبيعة والبيئة، تم التركيز عليه في معرض «إكسبو 2000» هانوفر (ألمانيا) من خلال العنوان الذي حمله «الإنسان، الطبيعة، التكنولوجيا». وأصبح مبدأ الطبيعة والبيئة من المحاور الأساسية في معارض «إكسبو»، لمعالجة التحديات العالمية من خلال عدسة التنمية المستدامة.

صورة عامة من «إكسبو 1992» الدولي في مدينة إشبيلية الإسبانية سنة 1992 (متداولة)

في القرن الحادي والعشرين، تم توسيع المشاركة في المعارض لتشمل المجتمع المدني والمدن والمناطق والمنظمات الدولية. ومن خلال توفير مساحة فريدة للتعاون بين الثقافات، تعمل معارض «إكسبو» اليوم كأدوات للتقدم في جميع مجالات الحياة البشرية.

فنانون يؤدون خلال حفل افتتاح معرض «إكسبو 2020» الدولي في دبي بالإمارات العربية المتحدة، 30 سبتمبر 2021 (رويترز)

معارض «إكسبو الدولية» التي أُقيمت منذ منتصف القرن الماضي حتى يومنا هذا، هي «إكسبو»: بروكسل 1958، سياتل 1962 (الولايات المتحدة)، مونتريال 1967 (كندا)، أوساكا 1970 (اليابان)، إشبيلية 1992 (إسبانيا)، هانوفر 2000 (ألمانيا)، آيشي 2005 (اليابان)، شانغهاي 2010 (الصين)، ميلان 2015، دبي 2020 (الإمارات العربية المتحدة).

ومن المُرتقب تنظيم «إكسبو أوساكا 2025» في اليابان، و«إكسبو الرياض 2030» في المملكة العربية السعودية.

منذ انطلاقة «إكسبو الدولي» في عام 1851 وحتى تاريخ عام 2030 المُرتقب، 24 مدينة في 15 دولة، هي فقط تلك التي استضافت (أو ستستضيف) هذا المعرض العالمي.

 

ملتقى التبادل الثقافي والتكنولوجي

أثبتت معارض «إكسبو» عبر تاريخها، شعبيّتها بتثقيف الجمهور وتشجيع التبادل وعرض الأفكار والمنتجات الجديدة. واعتُبرت إقامة المعارض الدولية، أهم أحداث التبادل الثقافي، وتجمعات دبلوماسية واقتصادية كبرى. وقد أدى الاعتراف المتزايد بالمعارض وأهميتها إلى التطور المزدهر للمؤتمرات والاتفاقيات الدولية، مما أدى إلى تعاون أقوى عبر الحدود في مجالات متنوعة مثل الملكية الفكرية، وحقوق العمل، والرياضة، والتعليم، وفق الموقع الرسمي ﻟ«المكتب الدولي للمعارض»، الهيئة الدولية المعنية بالإشراف على معارض «إكسبو» العالمية.

أصبحت معارض «إكسبو» منذ تأسيسها في العصر الحديث، أهم الأحداث العالمية لعرض التقنيات والاختراعات الجديدة، وتحقيق الإنجازات المعمارية والتقنية. كما باتت مواقع عرض الـ«إكسبو»، بمثابة الأماكن المثالية لعرض العلامات التجارية الوطنية، ومنح المعرض جميع البلدان المشاركة فيه، الفرصة لإبراز إنجازاتها الفنية والثقافية والهندسية.


مقالات ذات صلة

السعودية ضمن أسرع أسواق المعارض والمؤتمرات نموّاً في «مجموعة العشرين»

خاص رئيس مجلس إدارة الهيئة فهد الرشيد متحدثاً في «القمة الدولية لصناعة المعارض والمؤتمرات» (الشرق الأوسط)

السعودية ضمن أسرع أسواق المعارض والمؤتمرات نموّاً في «مجموعة العشرين»

تستعد السعودية لمرحلة توصف بأنها «العقد الذهبي لفعاليات الأعمال»، مدفوعة بنمو غير مسبوق في قطاع المعارض والمؤتمرات.

عبير حمدي (الرياض )
المشرق العربي السفير السعودي وليد بخاري يسلّم وزير الخارجية اللبناني يوسف رجّي الدعوة للمشاركة في «إكسبو 2030 الرياض» (السفارة السعودية)

السعودية تدعو لبنان للمشاركة في «إكسبو 2030 الرياض»

قدم السفير السعودي وليد بخاري إلى وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي، دعوة لمشاركة لبنان في «إكسبو 2030 الرياض».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق عروض فنية وثقافية متنوعة حضرها أمام 15 ألف شخص في ساحة «أرينا ماتسوري» (إكسبو 2030 الرياض)

«من أوساكا إلى الرياض»... فعالية تُجسِّد انتقال «إكسبو» بين المدينتين

مع قرب انتهاء «إكسبو 2025 أوساكا»، جسَّدت فعالية استثنائية شهدتها ساحة «إكسبو أرينا ماتسوري» انتقال المعرض الدولي بين المدينة اليابانية والعاصمة السعودية.

«الشرق الأوسط» (أوساكا)
الاقتصاد أحمد الخطيب يتحدث لقادة القطاع السياحي الياباني (وزارة السياحة السعودية)

الخطيب: التحول السياحي السعودي مصدر فخر عربي ونموذج عالمي ملهم

أكد وزير السياحة السعودي أحمد الخطيب أن بلاده تعدّ الوجهة السياحية الأسرع نمواً عالمياً، معتبراً تحوُّلها في القطاع مصدر فخر للعرب ونموذجاً ملهماً للعالم.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق سلَّطت الأمسية الضوء على جاهزية السعودية لتنظيم نسخة استثنائية من المعرض العالمي (إكسبو 2030 الرياض)

حفل في أوساكا يُبرز جاهزية الرياض لـ«إكسبو 2030»

نظّمت شركة «إكسبو 2030 الرياض»، الخميس، حفل استقبال بمدينة أوساكا، شهد حضور نحو 200 من كبار الشخصيات، بينهم سفراء ومفوضون عامون وشخصيات بارزة من أنحاء العالم.

«الشرق الأوسط» (أوساكا (اليابان))

«الميلاد» حول العالم... رسائل أمل وسلام واحتفالات تُعيد الحياة

قداس منتصف الليل في كنيسة المهد ببيت لحم في فلسطين المحتلة (رويترز)
قداس منتصف الليل في كنيسة المهد ببيت لحم في فلسطين المحتلة (رويترز)
TT

«الميلاد» حول العالم... رسائل أمل وسلام واحتفالات تُعيد الحياة

قداس منتصف الليل في كنيسة المهد ببيت لحم في فلسطين المحتلة (رويترز)
قداس منتصف الليل في كنيسة المهد ببيت لحم في فلسطين المحتلة (رويترز)

وسط أجواء من الفرح والأنشطة المتنوعة، عادت المدن حول العالم لتزيين شوارعها واستقبال موسم الميلاد بألوان زاهية، من بيت لحم وغزة إلى الأقصر في مصر وسيدني في أستراليا، معبرة عن الأمل وتجدد الحياة رغم التحديات.

قداس عيد الميلاد في كنيسة المهد ببيت لحم مع مسيرة كشافة فلسطينية (أ.ف.ب)

شهدت بيت لحم والأراضي الفلسطينية احتفالات ميلادية بعد عامين خيّم عليهما النزاع في غزة، حيث عادت الحياة تدريجياً بعد اتفاق وقف إطلاق النار. شارك المئات في ساحة المهد وشارع النجمة في قداس ومسيرة للكشافة، وسط أصوات الطبول وألحان الترنيم الميلادي.

رئيس الوزراء الأسترالي ألبانيزي يقدم الطعام في غداء عيد الميلاد بسيدني (إ.ب.أ)

وقالت كاتياب عمايا، إحدى المشاركات في الكشافة، إن عودة الاحتفالات تمثل رمزاً مهماً لوجود المجتمع المسيحي في المنطقة، وتمنح سكان غزة الأمل في مستقبل أفضل. وأكد السكان أن الاحتفالات تعكس رغبتهم في إعادة الحياة إلى المدينة وتحفيز عودة السياح، بعد فترة من عزوف الزوار وارتفاع معدلات البطالة.

في غزة، أحيا المسيحيون قداس الميلاد في الكنيسة الكاثوليكية الوحيدة بعد وقف إطلاق النار، معبرين عن رغبتهم في عودة الحياة الطبيعية إلى المدينة.

شجرة عيد الميلاد المضيئة في إحدى حدائق بكين (أ.ف.ب)

احتفلت الأقصر التاريخية في صعيد مصر بعيد الميلاد بعروض فلكلورية وألعاب التحطيب، على أنغام الربابة والمزمار، مستعرضة إرث المصريين القدماء في الاحتفال بالأعياد والمواسم. واستمرت الاحتفالات طوال فترة الميلاد ضمن فعاليات الدورة الـ15 للمهرجان القومي للتحطيب، ما أضفى بهجة وفرحاً على السكان والزوار.

أعضاء جوقة أغابي يقدمون عرضاً بمتحف الحضارة المصرية بالقاهرة (أ.ب)

شهد شاطئ بونداي في أستراليا احتفالات محدودة بسبب هجوم إرهابي أودى بحياة 15 شخصاً قبل أيام، حيث حافظ المشاركون على طقوس الميلاد مع احترام ذكرى الضحايا، وسط تعزيز الإجراءات الأمنية، بينما قلل الطقس العاصف من عدد المحتفلين.

وفي الوقت نفسه، تواجه بعض مناطق العالم ظروف طقس صعبة، مثل كاليفورنيا التي أعلنت السلطات فيها حالة الطوارئ تحسباً لفيضانات محتملة، ما يعكس التحديات المتعددة التي تواجه المجتمعات خلال موسم الأعياد.

أوكرانيون يرنمون للميلاد حاملين نجوم بيت لحم وسط مدينة لفيف (إ.ب.أ)

على الرغم من الظروف الصعبة، حملت الاحتفالات الميلادية هذا العام رسائل فرح وتجدد للأمل، سواء في فلسطين أو مصر أو أستراليا. وتجسد هذه الفعاليات قدرة المجتمعات على التعبير عن التضامن والحياة المشتركة، والحفاظ على التراث والثقافة، حتى في أصعب الأوقات.


«مقابر الخالدين» تفشل في ابتلاع انتقادات هدم ضريح «أمير الشعراء»

الضريح الذي دُفن فيه أحمد شوقي يخص عائلة زوجته (صفحة «جبانات مصر» على «فيسبوك»)
الضريح الذي دُفن فيه أحمد شوقي يخص عائلة زوجته (صفحة «جبانات مصر» على «فيسبوك»)
TT

«مقابر الخالدين» تفشل في ابتلاع انتقادات هدم ضريح «أمير الشعراء»

الضريح الذي دُفن فيه أحمد شوقي يخص عائلة زوجته (صفحة «جبانات مصر» على «فيسبوك»)
الضريح الذي دُفن فيه أحمد شوقي يخص عائلة زوجته (صفحة «جبانات مصر» على «فيسبوك»)

رغم إعلان محافظة القاهرة نقل رفات أمير الشعراء أحمد شوقي (1868 - 1932) إلى مقابر الخالدين التي تضم رفات رموز المجتمع المصري من ساسة ومبدعين وعلماء وأمراء، فإن خبر هدم ضريح أحمد شوقي في مكانه التاريخي قوبل بردود فعل غاضبة، جاء معظمها من مهتمين بتراث المقابر ذات الطرز المعمارية المتميزة، وأضرحة الشخصيات التاريخية، والعارفين بقدر شوقي، ومكانته في تاريخ الشعر المصري والعربي الحديث.

ويؤكد الباحث في التاريخ الدكتور مصطفى الصادق أن «هدم ضريح أمير الشعراء أحمد شوقي، يأتي ضمن لائحة طويلة من قبور المشاهير والعظماء التي تمت إزالتها»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «هناك غضب كبير، إلا أن عملية الهدم نفسها غير مستغرَبة، ومتوقَّعة، فقد سبقه كثيرون، جرفتهم المعاول، حيث سبق هدم ضريح محمود الفلكي، والسردار راتب باشا، وكثيرون آخرين».

وتحدث الصادق عن «وعود لم يفِ بها أحد»، على حد قوله، مضيفاً: «بعد هدم قبة حليم بن محمد علي باشا، أعلن المسؤولون أن أعمال الهدم سوف تتوقف، لكن ما جرى بعدها فاق الوصف، كانت أعمال الإزالة بعد ذلك خرافية»، ولفت إلى أن الحديث الذي يدور حالياً عن «مقابر فاخرة» لا معنى له في ظل هدم أضرحة لا مثيل لها في الفخامة والإبداع والعمارة.

من جهتها أعلنت محافظة القاهرة قرب افتتاح «مقابر تحيا مصر للخالدين»، التي «أقامتها الدولة خصيصاً لنقل رفات الشخصيات التاريخية، وسيخصص جزء منها لعرض التراكيب المعمارية الفريدة ذات الطراز المعماري المتميز».

جانب من أعمال الهدم في المقابر (صفحة «جبانات مصر» على «فيسبوك»)

وقالت المحافظة في بيان: «إن المقابر شرفت بإعادة دفن رفات شوقي، إذ تم وضعه في المكان الذي يليق بمكانته الأدبية والتاريخية». فيما قال الروائي المصري إبراهيم عبد المجيد لـ«الشرق الأوسط» إن «هدم ضريح شوقي جاء على خلاف ما أعلن عنه المسؤولون، فقد كان الحديث عن عدم المساس به، لكننا فوجئنا بنقل رفاته منذ شهور، ثم هدم المقبرة الذي لم يراع مكانة شوقي؛ فهو أشهر شعراء العربية في العصر الحديث».

وأضاف عبد المجيد أن «الخبر مؤلم جداً، خصوصا أنه يأتي في ظل الحديث عن هدم أضرحة رموز إبداعية مهمة في تاريخ مصر، بدءاً من مدفن محمود سامي البارودي، وصولاً إلى ضريح عميد الأدب العربي طه حسين، الذي يختفي الآن تحت الجسر».

ووفق عبد المجيد: «هناك أضرحة عديدة هدموها وكانت بمثابة متاحف زاخرة بالتحف والتماثيل والرسومات والزخارف الفنية المرصعة بالمعادن، تعرضت للسرقة وبيعت في السوق، وبينها شواهد قبور وتركيبات لمشاهير كان يجب حمايتها ومنع المساس بها».

المحزن في واقعة هدم ضريح شوقي، وفق الباحث في التراث إبراهيم طايع، أن «عمليات الإزالة سبقها بشهور نقل رفاته، وقام مجهولون بسرقة تركيبات عدد من المقابر داخل الضريح»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «كان من الواضح أن مصير الضريح إلى زوال، لأن كل ما حوله من مدافن جرفتها المعاول».

من جهته وصف الشاعر المصري، أحمد عبد المعطي حجازي، إزالة مقبرة شوقي بأنها بمنزلة «هدم جسم حي وكيان باقٍ وخالد بأيدي فانين وعاجزين عن تقدير القيم». وأضاف في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «ما يحدث لمقبرة شوقي يطول الثقافة المصرية كلها، منذ عقود وحتى الآن، ومَن هدموا مقبرة شوقي هم أنفسهم الذين يهدمون الثقافة المصرية».

دُفن أمير الشعراء في مقبرة تخص عائلة زوجته، وتعود لحسين باشا شاهين، وهناك يوجد رفاته أيضاً، ورفات زوجته ووالده. «أكثر من 5 تركيبات اختفت قبل هدم الضريح، ولم يتبقَّ سوى التركيبة الرخامية الخاصة بشوقي، التي ظلت حتى هدم الضريح»، وفق طايع.


«بين ثقافتين» يَعبر الحدود ويبرز تنوع الثقافتين السعودية والصينية تحت سقف واحد

ثقافتان تتشاركان التعبير عن الموروث وصور الإبداع في مكانٍ واحد (وزارة الثقافة)
ثقافتان تتشاركان التعبير عن الموروث وصور الإبداع في مكانٍ واحد (وزارة الثقافة)
TT

«بين ثقافتين» يَعبر الحدود ويبرز تنوع الثقافتين السعودية والصينية تحت سقف واحد

ثقافتان تتشاركان التعبير عن الموروث وصور الإبداع في مكانٍ واحد (وزارة الثقافة)
ثقافتان تتشاركان التعبير عن الموروث وصور الإبداع في مكانٍ واحد (وزارة الثقافة)

من جديد، يعود مهرجان «بين ثقافتين» ليعبر حدود الثقافة، ويحتفي بتجارب استثنائية تجمع بين الفنون والموسيقى ومذاقات المأكولات التقليدية وشتى العروض الحيّة، جامعاً في نسخته الثالثة بين الثقافتين السعودية والصينية، لإبراز التنوع الثقافي وحدود التلاقي بينهما في قلب الرياض.

وأطلقت وزارة الثقافة النسخة الثالثة من مهرجان «بين ثقافتين» التي تستضيف جمهورية الصين وثقافتها وتقاليدها المتنوعة، وذلك في قاعة «الملفى» بمدينة محمد بن سلمان غير الربحية «مدينة مسك» في العاصمة الرياض، ضمن حدث دولي يُقام بالتزامن مع العام الثقافي السعودي الصيني 2025؛ بهدف ترسيخ الحوار الحضاري، وتعزيز التبادل الثقافي بين السعودية والصين.

وتُقدم الفعالية تجربة فنية متكاملة تستعرض الإرث الحضاري والممارسات الثقافية لكلا البلدين، وتكشف عن أوجه التشابه والتكامل بينهما في مجالات الفنون والطهي والحرف اليدوية والموسيقى، ما يعكس عمق الروابط التي تجمع الشعبين.

ويضم المهرجان معرضاً فنياً يزخر بأعمال لفنانين سعوديين وصينيين بارزين، ومتاجر متنوعة تُقدم منتجات من كلتا الثقافتين، وفعاليات تفاعلية تشمل عروضاً أدائية حية، وتجارب طهي فريدة، وأنشطة ثقافية مصممة لإثراء تجربة الزوار.

‏أصالة الموروث السعودي والصيني تتجلّى في عروض ثقافية متنوّعة في ⁧‫المهرجان (وزارة الثقافة)

حينما تهب الرياح شرقاً

يحضر الفن في المهرجان بوصفه لغةً وجسراً يربط بين ثقافتين وشعبين اختارا، عبر العصور، التعبير عن مكنونات ثقافتيهما من خلال العطاء الفني والإبداعي الرصين. وفي معرض يحمل عنوان «حينما تهبّ الرياح شرقاً»، تلتقي الأعمال السعودية والصينية في حوار إبداعي يعكس التلاقي الثقافي المعاصر، من خلال لوحات ومنحوتات وأعمال تركيبية، تسعى إلى استكشاف نقاط الالتقاء بين الطبيعة والفكر، وبين الماضي والحاضر، ضمن رؤية فنية مشتركة.

‏تناغم ثقافي يتوهّج بألوان الفن في ⁧‫المهرجان (وزارة الثقافة)

وتتوزع أعمال المعرض في 3 أقسام؛ حيث تلتقي الصحراء ببحر الذاكرة في القسم الأول من المعرض الفني، ويتناول كيف تُشكِّل الصحراء والبحر ذاكرة الفنانين ورؤيتهم الفنية، إذ تتحول العناصر الطبيعية إلى لغة للتأمل تربط بين ثبات الأرض وسيولة الزمن.

وفي قسم «نسيج من نور وتراب»، وهو القسم الثاني من المعرض، يُسلط الضوء على العلاقة بين المادي واللامادي، إذ يذيب الفنانون الحدود بين الضوء والطين والنسيج ليكشفوا جوهر المادة واتحاد الروح بالبيئة.

وفي قسم «آثار المستقبل»، تُركز المعروضات على إعادة قراءة التقاليد برؤية معاصرة تمزج بين الذاكرة والابتكار، لتغدو الأعمال بمثابة خريطة زمنية تصل الماضي بالحاضر، وتستشرف ملامح المستقبل.

‏صور توثّق الالتقاء الثقافي البديع بين المملكة والصين (وزارة الثقافة)

14 يوماً من جسور الثقافة

يُقدم المهرجان الذي سيستمر حتى 6 يناير (كانون الثاني) 2026، تجربة ثقافية شاملة تُبرز عُمق الحضارة الصينية وتَنوُّعَ موروثها، كما يستعرض أوجه التلاقي والتباين بينها وبين الثقافة السعودية، وذلك في إطار جهود وزارة الثقافة لمدّ جسور التواصل الحضاري، وتعزيز حضور السعودية إقليمياً ودولياً، وترسيخ مكانتها بوصفها مركزاً فاعلاً للحوار الثقافي العالمي.

ويستهدف المهرجان العائلات والأفراد، والسياح والزوار الأجانب، والوفود الرسمية، والمهنيين في القطاعات الثقافية، من خلال برنامج متنوع يشمل معرضاً فنياً، وتجربة «الشارع الصيني» التي تجمع بين الثقافتين عبر الحِرف اليدوية، إلى جانب العروض الأدائية والموسيقية، وغيرها من الفعاليات التي تعكس القيم المشتركة في التراث والهوية، وتُسهم في تعزيز التقارب الإنساني عبر الثقافة بوصفها لغةً عالمية.

من الصين إلى المهرجان وجوه متعددة للمتعة واستكشاف الفن والتراث (وزارة الثقافة)

يُذكر أن النسخة الأولى من مهرجان «بين ثقافتين» استضافت الثقافة اليمنية، فيما استضافت النسخة الثانية الثقافة العراقية، إذ شهدت النسختان إقبالاً جماهيرياً واسعاً وتفاعلاً ملحوظاً من المهتمين والمثقفين؛ ما أسهم في ترسيخ مكانة الفعالية منصة ثقافية سنوية تحتفي بالتنوّع الحضاري الإنساني.

وتسعى وزارة الثقافة، من خلال مهرجان «بين ثقافتين»، إلى تقديم الثقافة السعودية في سياق تفاعلي مُقارَن، يُبرز أوجه التقارب والاختلاف مع ثقافات العالم، ويُعزز الوعي بالتنوّع الثقافي، ويدعم تمكين المبدعين والحرفيين والفنانين، ويوسّع آفاق فرص التعاون الثقافي الدولي، إلى جانب بناء شراكات استراتيجية تُسهم في تنمية الصناعات الإبداعية، بما ينسجم مع مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للثقافة تحت مظلة «رؤية 2030».

أبعاد ثقافية رحبة يضمها المهرجان بين الثقافتين (وزارة الثقافة)