اختراعات كبرى أبصرت النور في «إكسبو الدولي»... ومعالم سياحية عالمية

من التلغراف إلى التلفون فالبث التلفزيوني المباشر... وتمثال الحرية وبرج إيفل

عرض ضوئي باستخدام مسيّرات بعد فوز الرياض بحق استضافة معرض «إكسبو العالمي 2030» في مركز الملك عبد الله المالي في العاصمة السعودية الرياض في 28 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)
عرض ضوئي باستخدام مسيّرات بعد فوز الرياض بحق استضافة معرض «إكسبو العالمي 2030» في مركز الملك عبد الله المالي في العاصمة السعودية الرياض في 28 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)
TT

اختراعات كبرى أبصرت النور في «إكسبو الدولي»... ومعالم سياحية عالمية

عرض ضوئي باستخدام مسيّرات بعد فوز الرياض بحق استضافة معرض «إكسبو العالمي 2030» في مركز الملك عبد الله المالي في العاصمة السعودية الرياض في 28 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)
عرض ضوئي باستخدام مسيّرات بعد فوز الرياض بحق استضافة معرض «إكسبو العالمي 2030» في مركز الملك عبد الله المالي في العاصمة السعودية الرياض في 28 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)

إنّه معرض «إكسبو»... المهرجان العالمي للتكنولوجيا والثقافة والصناعة... ملتقى تتشارك فيه الدول آخر ما توصلت إليه منجزات الحضارة الإنسانية. اختراعات كبرى ومعالم تاريخية أبصرت فيه النور. قلّة من المدن فازت باستضافة هذا الحدث العالمي. الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية، التي تحتضن «إكسبو 2030» في آخر إطلالة مرتقبة لهذا المحفل العلمي والتراثي العالمي، هي إحدى أبرز المدن المستضيفة للحدث الكبير، حيث تتطلّع فيه المملكة لتنظيم نسخة استثنائية.

اختراعات كبرى عرفها العالم، وُلدت في «المعرض الدولي» المعروف اليوم باسم «إكسبو». هو «مسقط رأس» التلغراف والتليفون والبث التلفزيوني المباشر وآلاف الإبداعات الأخرى التي غيّرت سُبل الحياة وطوّرتها نحو الأفضل. ولأجل المعرض، شُيّدت مشاريع منها ما أصبح رمزاً وطنياً، ومَعْلَماً سياحياً عالمياً، وجعلت البلد المستضيف وجهة عالمية للسياحة تستقطب ملايين الزائرين.

«مسقط رأس» اختراعات كبرى

عرفت معارض «إكسبو» الدولية ولادة اختراعات كبرى شهدتها البشرية، من الفاكس إلى التليفون، فالنقل التلفزيوني المباشر، فالهاتف الجوال، وغيرها الكثير من الاختراعات التي شاهدها العالم وتعرّف عليها للمرة الأولى في عروض «إكسبو».

منظر عام من طريق نايتسبريدغ لمعرض كريستال بالاس في حديقة هايد بارك في العاصمة البريطانية لندن خلال استضافته «المعرض الكبير» لعام 1851... شهد الحدث العالمي أوّل عرض لنسخة أولية من التلغراف أو الفاكس (أرشيفية-متداولة)

الفاكس: تم الكشف عن نسخة أولية لجهاز الفاكس في «إكسبو 1851» (المعرض الكبير) في لندن.

وعُرفت الآلة آنذاك باسم «تلغراف الصورة»، اخترعها الفيزيائي الإنجليزي فريدريك بايكويل، الذي بنى على مفهوم نظري طوره الميكانيكي الأسكوتلندي ألكسندر باين قبل 10 سنوات، حسب شبكة «سي إن إن».

أُبهر الجمهور بالعروض الحية لآلة الفاكس في معرض «إكسبو 1851»، واستُغرق بعد ذلك حتى عام 1863 لإنتاج أول نموذج تجاري لجهاز الفاكس.

صورة ملوّنة تُظهر مخترع التليفون (الهاتف) ألكسندر غراهام بيل يتحدث عبر الهاتف في نيويورك (يتصل بشيكاغو) في عام 1892 (غيتي)

التليفون: أو الهاتف، هو جهاز بدوره، أحد هذه الاختراعات الكبرى التي أبصرت النور في معارض «إكسبو» وأحدثت لاحقاً ثورة في عالم الاتصالات. فقد استعرض المخترع الأسكوتلندي ألكسندر غراهام بيل اختراعه «التليفون» للمرة الأولى في 10 مارس (آذار) 1876، وفق شبكة «سي بي إس» الأميركية، وذلك في معرض «إكسبو» بفيلادلفيا في الولايات المتحدة، بعد حصول بيل على براءة اختراع لهذه التكنولوجيا قبل بضعة أشهر فقط.

في «إكسبو»، عرض بيل نظام الاتصالات الخاص به الذي كان له طرفان: جهاز إرسال وجهاز استقبال.

وأذهل بيل الجمهور في المعرض، حيث قال أحد الشهود، وهو إمبراطور البرازيل بيدرو الثاني، مندهشاً: «يا إلهي، إنه يتحدث»، وهو يضع سماعة التليفون على أذنه، وفقاً لصحيفة «نيويورك تايمز».

الرئيس الأميركي آنذاك فرانكلين روزفلت يفتتح معرض "إكسبو نيويورك" العالمي في 30 أبريل 1939... شهد هذا الحدث أوّل بثّ تلفزيوني مباشر في التاريخ، بثت فيه شبكة «إن بي سي» الأميركية الكلمة الافتتاحية للرئيس روزفلت (أرشيف إذاعة نيويورك العامة)

النقل التلفزيوني المباشر: في معرض «إكسبو نيويورك العالمي 1939»، أصبح فرانكلين روزفلت، أول رئيس أميركي يطلّ ببث تلفزيوني على الهواء مباشرة في 30 أبريل (نيسان) 1939. وقد صوّرت شبكة «إن بي سي» الأميركية هذا الحدث الذي أعلن فيه الرئيس روزفلت افتتاح «إكسبو».

كان الجمهور الأميركي الذي يشاهد ذلك البث المباشر في المنزل محدوداً، إذ لم يكن هناك سوى 100 جهاز تلفزيون أو نحو ذلك في مدينة نيويورك في ذلك الوقت، ولكن كان بإمكان زوار معرض «إكسبو» أيضاً مشاهدة خطاب روزفلت على أجهزة التلفزيون المنتشرة عبر موقع مخصص في حي كوينز بمدينة نيويورك.

طابع بريدي يحمل اسم «معرض نيويورك العالمي لعام 1939» (أرشيف بلدية مدينة نيويورك)

عُدّ هذا البث المباشر لإطلالة روزفلت، ولادة حقبة جديدة من وسائل الاتصال بالجماهير.

وأدى اندلاع الحرب العالمية الثانية إلى توقّف تطوير التلفزيون مؤقتاً، ومضى أكثر من عقد من الزمن على أوّل بث مباشر عام 1939، قبل أن تصبح الوسيلة الإعلامية الجديدة شائعة بين الناس.

صورة من «إكسبو أوساكا» في اليابان عام 1970 تُظهر أشخاصاً يجرّبون الهاتف اللاسلكي في الجناح الخاص له في المعرض (متداولة)

الهاتف اللاسلكي: أحد أكثر الاختراعات استخداماً في عصرنا، هو الهاتف اللاسلكي الذي عرضت «الشركة اليابانية للتلغراف والهاتف» نموذجاً له في معرض «إكسبو 70» في مدينة أوساكا اليابانية سنة 1970. هذه القطعة من التكنولوجيا ستحدث لاحقاً، ثورة تكنولوجية في المجتمع، وتُدخل العالم في عصر جديد من الاتصالات.

ففي معرض أوساكا، خُصص للزوار جناح خاص بالاتصالات الإلكترونية، حيث تمكّن الزوار من الجلوس في حجرات بلاستيكية وإجراء مكالمات إلى مناطق اليابان عبر هاتف لاسلكي كبير.

مولدُ معالم سياحية عالمية

أبنية عديدة شُيّدت خصيصاً لمعارض «إكسبو» الدولية، أو استفاد أصحاب المشاريع من الطابع العالمي للمعرض لإظهار إنجازهم الهندسي والتعريف به. برج إيفل وتمثال الحرية بناءان ظهرا للعلن في معارض «إكسبو»، وتحوّلا إلى معلمين وطنيين وعالميين.

تمثال الحرية: هو عبارة عن هيكل ضخم على جزيرة الحرية بميناء نيويورك، يقف رمزاً عالمياً للحرية منذ عام 1886.

التمثال النحاسي هدية من الشعب الفرنسي إلى الشعب الأميركي، لتخليد العلاقات التاريخية بين البلدين. وقد صممه النحات الفرنسي فريديريك أوغست بارتولدي الذي عرض جزءاً من هيكله في «إكسبو باريس» عام 1878.

تمثال الحرية في خليج مدينة نيويورك... يظهر وراءه جزء من المدينة (متداولة)

يُعد تمثال الحرية أحد أعظم الإنجازات التقنية في القرن التاسع عشر، ويُنظر إليه على أنه جسرٌ بين الفن والهندسة.

يمثل التمثال امرأة تحمل شعلة في يدها اليمنى المرفوعة، وفي يدها اليسرى لوحة تحمل تاريخ إعلان استقلال الولايات المتحدة (4 يوليو/تموز 1776).

هذا التمثال الشهير الذي أُعلن سنة 1924 نُصُباً تذكارياً وطنياً أميركياً، زاره 3.14 مليون شخص في عام 2022، وفق موقع «ستاتيستا» المتخصص بالإحصاءات.

برج إيفل: هو النصب التذكاري الباريسي الشهير. تم بناؤه خصّيصاً لمعرض «إكسبو باريس» سنة 1889.

فكرة رجل الأعمال غوستاف إيفل وفريقه من المهندسين، لقي بناء برج إيفل في البداية معارضة من قبل فنانين ومثقفين فرنسيين عدّوا بناءه «حماقة مذهلة». ومع ذلك، فقد اجتذب البرج أكثر من مليوني شخص أتوا لرؤيته خلال معرض «إكسبو» لعام 1889.

استغرق بناء هذا المعلم أكثر من عامين، ولم يكن المقصود منه قط أن يكون هيكلاً دائماً. كان من المفترض أن يبقى لمدة 20 عاماً فقط، لكن استخدام البرج مختبراً للقياسات والتجارب العلمية، ضمن بقاءه.

منظر لبرج إيفل في العاصمة الفرنسية باريس 28 نوفمبر 2015 (رويترز)

فمنذ 1889، تم تركيب عدد كبير من الأجهزة العلمية من مقاييس الضغط الجوي، ومقاييس شدة الريح، ومانعات الصواعق، وغيرها. كما خصص غوستاف إيفل لنفسه مكتباً في الطابق الثالث من البرج لإجراء ملاحظات فلكية وفزيولوجية، بحسب الموقع الرسمي لبرج إيفل.

تحوّل البرج إلى رمز لفرنسا، وزاره منذ إنشائه مئات الملايين من الزوار من جميع أنحاء العالم، وله إسهام كبير في جعل فرنسا إحدى أبرز الوجهات السياحية في العالم.


مقالات ذات صلة

السعودية ضمن أسرع أسواق المعارض والمؤتمرات نموّاً في «مجموعة العشرين»

خاص رئيس مجلس إدارة الهيئة فهد الرشيد متحدثاً في «القمة الدولية لصناعة المعارض والمؤتمرات» (الشرق الأوسط)

السعودية ضمن أسرع أسواق المعارض والمؤتمرات نموّاً في «مجموعة العشرين»

تستعد السعودية لمرحلة توصف بأنها «العقد الذهبي لفعاليات الأعمال»، مدفوعة بنمو غير مسبوق في قطاع المعارض والمؤتمرات.

عبير حمدي (الرياض )
المشرق العربي السفير السعودي وليد بخاري يسلّم وزير الخارجية اللبناني يوسف رجّي الدعوة للمشاركة في «إكسبو 2030 الرياض» (السفارة السعودية)

السعودية تدعو لبنان للمشاركة في «إكسبو 2030 الرياض»

قدم السفير السعودي وليد بخاري إلى وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي، دعوة لمشاركة لبنان في «إكسبو 2030 الرياض».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق عروض فنية وثقافية متنوعة حضرها أمام 15 ألف شخص في ساحة «أرينا ماتسوري» (إكسبو 2030 الرياض)

«من أوساكا إلى الرياض»... فعالية تُجسِّد انتقال «إكسبو» بين المدينتين

مع قرب انتهاء «إكسبو 2025 أوساكا»، جسَّدت فعالية استثنائية شهدتها ساحة «إكسبو أرينا ماتسوري» انتقال المعرض الدولي بين المدينة اليابانية والعاصمة السعودية.

«الشرق الأوسط» (أوساكا)
الاقتصاد أحمد الخطيب يتحدث لقادة القطاع السياحي الياباني (وزارة السياحة السعودية)

الخطيب: التحول السياحي السعودي مصدر فخر عربي ونموذج عالمي ملهم

أكد وزير السياحة السعودي أحمد الخطيب أن بلاده تعدّ الوجهة السياحية الأسرع نمواً عالمياً، معتبراً تحوُّلها في القطاع مصدر فخر للعرب ونموذجاً ملهماً للعالم.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق سلَّطت الأمسية الضوء على جاهزية السعودية لتنظيم نسخة استثنائية من المعرض العالمي (إكسبو 2030 الرياض)

حفل في أوساكا يُبرز جاهزية الرياض لـ«إكسبو 2030»

نظّمت شركة «إكسبو 2030 الرياض»، الخميس، حفل استقبال بمدينة أوساكا، شهد حضور نحو 200 من كبار الشخصيات، بينهم سفراء ومفوضون عامون وشخصيات بارزة من أنحاء العالم.

«الشرق الأوسط» (أوساكا (اليابان))

«البحر الأحمر» يُعيد للسينما سحرها... افتتاح مدهش يُكرّم مايكل كين ويحتفي بالبدايات الجديدة

‎لحظة تاريخية لتكريم النجم الأميركي مايكل كين في حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)
‎لحظة تاريخية لتكريم النجم الأميركي مايكل كين في حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)
TT

«البحر الأحمر» يُعيد للسينما سحرها... افتتاح مدهش يُكرّم مايكل كين ويحتفي بالبدايات الجديدة

‎لحظة تاريخية لتكريم النجم الأميركي مايكل كين في حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)
‎لحظة تاريخية لتكريم النجم الأميركي مايكل كين في حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)

في لحظة يصعب نسيانها، ظهر النجم الأميركي فين ديزل، وهو يدفع الأسطورة البريطانية مايكل كين على كرسيه المتحرّك فوق خشبة مسرح حفل افتتاح مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي»، مساء الخميس، في مشهد بدا كأنه يُلخّص روح دورة خامسة تجمع بين شغف السينما وامتنانها لرموزها، وبين حضور دولي يُرسّخ جدة منصةً تلتقي فيها قصص نجوم «هوليوود» و«بوليوود» والعالم العربي.

وقف ديزل على المسرح لتقديم الجائزة التكريمية، قائلاً: «هذه الليلة مميّزة بالنسبة إليّ، لأنني أقدّم جائزة لشخص تعرفونه جميعاً بأنه من أفضل الممثلين الذين عاشوا على الإطلاق... مايكل كين يملك من الكاريزما ما يفوق ما لدى معظم نجوم هوليوود». أمّا كين، الذي بلغ التسعين من عمره، فصعد إلى المسرح بدعم 3 من أحفاده، وقال مازحاً: «أتيتُ لأتسلم جائزة، ولا يفاجئني ذلك... فقد فزت بأوسكارين».

مايكل كين متأثّراً خلال كلمته على المسرح (إدارة المهرجان)

كان ذلك المشهد الشرارة التي أعطت مساء الافتتاح طابعاً مختلفاً؛ إذ لم تكن الدورة الخامسة مجرّد احتفاء بفنّ السينما، وإنما إعلان عن نقلة نوعية في موقع السعودية داخل الخريطة العالمية، حيث تتقاطع الأضواء مع الطموح السينمائي، ويتحوَّل الافتتاح من استقطاب للنجوم وعروض الأفلام، إلى قراءة لصناعة تتشكَّل أمام العالم.

وانضم إلى مايكل كين في قائمة النجوم المكرّمين لهذا العام: سيغورني ويفر، وجولييت بينوش، ورشيد بوشارب، وستانلي تونغ، فيما استمرَّت أسماء عالمية في التوافد إلى جدة في اليومين الماضيين، من بينهم جيسيكا ألبا، وأدريان برودي، ودارين أرونوفسكي، والمخرجة كوثر بن هنية.

وينسجم ذلك مع كلمة وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، خلال الحفل، بأنّ المهرجان أصبح منصةً تعكس التحوّل الكبير الذي يشهده القطاع الثقافي في المملكة، ويُظهر دور الشباب في تشكيل مشهد سينمائي ينسجم مع طموحات «رؤية 2030»، مشيراً إلى أنّ الثقافة تُعد إحدى أقوى أدوات التأثير عالمياً.

حشد سينمائي عالمي كبير في الحفل (إدارة المهرجان)

السعودية... بدايات هوليوود

ومثل عادة المهرجانات، اتّجهت الأنظار نحو السجادة الحمراء، فامتلأت «الريد كاربت» الواقعة في منطقة البلد التاريخية بطيف نادر من نجوم السينما العالمية؛ من داكوتا جونسون، وآنا دي أرماس، ورئيس لجنة التحكيم شون بيكر وأعضاء اللجنة رض أحمد، وناعومي هاريس، ونادين لبكي، وأولغا كوريلنكو، إضافة إلى كوين لطيفة، ونينا دوبريف؛ اللتين شاركتا في جلسات حوارية مُعمَّقة قبل الافتتاح.

وخلال الحفل، أكد رئيس لجنة التحكيم شون بيكر، أنه متحمّس جداً للحضور في السعودية، التي شبَّهها بـ«هوليوود في أيامها الأولى»، مضيفاً: «بينما نُقاتل للحفاظ على دور العرض في الولايات المتحدة، افتُتِحت هنا مئات الصالات خلال 5 سنوات، لتصبح السعودية أسرع أسواق شباك التذاكر نمواً في العالم. ما يحدث هنا مُلهم ودافئ للقلب».

رئيسة مجلس أمناء مؤسّسة «البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد (إدارة المهرجان)

من جهتها، تحدَّثت رئيسة مجلس أمناء مؤسّسة «البحر الأحمر السينمائي»، جمانا الراشد، عن أثر المؤسّسة خلال السنوات الخمس الماضية، قائلة: «لقد بنينا بهدوء ما كان كثيرون يرونه مستحيلاً: منظومة تمنح صنّاع الأفلام من آسيا وأفريقيا والعالم العربي القدرة على القيادة». وأشارت إلى أنّ 7 أفلام دعمها «صندوق البحر الأحمر» اختارتها بلدانها لتمثيلها في «الأوسكار»، وهو دليل على أثر الصندوق الذي دعم أكثر من 130 مشروعاً خلال 5 سنوات فقط. وأوضحت أنّ الدورة الخامسة تضم هذا العام 111 فيلماً من أكثر من 70 دولة، وتسلّط الضوء على 38 مُخرجة، مؤكدة أنّ حضور المرأة في هذه الدورة يُسهم في إعادة تعريف حدود السرد السينمائي، ويشكّل جزءاً أساسياً من روح المهرجان.

«العملاق»... فيلم الافتتاح

وفي نهاية الحفل، بدأ عرض فيلم الافتتاح «العملاق» للمخرج البريطاني - الهندي روان أثالي، وهو عمل يستعيد سيرة الملاكم البريطاني - اليمني الأصل نسيم حمد «برنس ناز»، والفيلم من إنتاج سيلفستر ستالون، ويقدّم فيه الممثل المصري - البريطاني أمير المصري أهم أدواره حتى الآن، بينما يلعب بيرس بروسنان دور المدرّب الذي شكّل مسيرة ناز.

ورغم أنّ السِّير الرياضية مألوفة في السينما العالمية، فإنّ اختيار هذا الفيلم تحديداً يحمل دلالة ضمنية؛ فهو عن شاب صنع مساراً لم يكن موجوداً، وعَبَر حدود التصوّرات الطبقية والثقافية ليصنع له مكاناً يُشبهه. بما يُشبه إلى حد كبير قصة الصناعة السينمائية المحلّية التي تُحاول إعادة تعريف صورتها أمام العالم، وتبني حضورها من نقطة البدايات، بمزيج من الحلم والهوية والإصرار، لتصل اليوم إلى مرحلة النضج في دورة تحتفي بشعار «في حبّ السينما»، وتحمل معها 10 أيام من عروض وتجارب تُعيد إلى الفنّ السابع قدرته الأولى على الدهشة.


ابتلعها بهدف سرقتها... استعادة قلادة مستوحاة من أفلام جيمس بوند من أحشاء رجل نيوزيلندي

شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)
شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)
TT

ابتلعها بهدف سرقتها... استعادة قلادة مستوحاة من أفلام جيمس بوند من أحشاء رجل نيوزيلندي

شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)
شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)

كشفت شرطة نيوزيلندا، التي أمضت 6 أيام في مراقبة كل حركة أمعاء لرجل متهم بابتلاع قلادة مستوحاة من أحد أفلام جيمس بوند من متجر مجوهرات، اليوم (الجمعة)، أنها استعادت القلادة المزعومة.

وقال متحدث باسم الشرطة إن القلادة البالغة قيمتها 33 ألف دولار نيوزيلندي ( 19 ألف دولار أميركي)، تم استردادها من الجهاز الهضمي للرجل مساء الخميس، بطرق طبيعية، ولم تكن هناك حاجة لتدخل طبي.

يشار إلى أن الرجل، البالغ من العمر 32 عاماً، والذي لم يكشف عن هويته، محتجز لدى الشرطة منذ أن زعم أنه ابتلع قلادة الأخطبوط المرصعة بالجواهر في متجر بارتريدج للمجوهرات بمدينة أوكلاند في 28 نوفمبر (تشرين الثاني)، وتم القبض عليه داخل المتجر بعد دقائق من السرقة المزعومة.

وكانت المسروقات عبارة عن قلادة على شكل بيضة فابرجيه محدودة الإصدار ومستوحاة من فيلم جيمس بوند لعام 1983 «أوكتوبوسي». ويدور جزء أساسي من حبكة الفيلم حول عملية تهريب مجوهرات تتضمن بيضة فابرجيه مزيفة.

وأظهرت صورة أقل بريقاً قدمتها شرطة نيوزيلندا يوم الجمعة، يداً مرتدية قفازاً وهي تحمل القلادة المستعادة، التي كانت لا تزال متصلة بسلسلة ذهبية طويلة مع بطاقة سعر سليمة. وقال متحدث إن القلادة والرجل سيبقيان في حوزة الشرطة.

ومن المقرر أن يمثل الرجل أمام محكمة مقاطعة أوكلاند في 8 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وقد مثل أمام المحكمة لأول مرة في 29 نوفمبر.

ومنذ ذلك الحين، تمركز الضباط على مدار الساعة مع الرجل لانتظار ظهور الدليل.


إزالة غامضة لـ«جدار الأمل» من وسط بيروت... ذاكرة المدينة مُهدَّدة بالمحو!

كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)
كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)
TT

إزالة غامضة لـ«جدار الأمل» من وسط بيروت... ذاكرة المدينة مُهدَّدة بالمحو!

كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)
كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)

اختفت من وسط بيروت منحوتة «جدار الأمل» للفنان هادي سي، أحد أبرز أعمال الفضاء العام التي وُلدت من انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول). العمل الذي استقرّ منذ عام 2019 أمام فندق «لوغراي»، وتحوَّل إلى علامة بصرية على التحوّلات السياسية والاجتماعية، أُزيل من دون إعلان رسمي أو توضيح. هذا الغياب الفجائي لعمل يزن أكثر من 11 طناً يفتح الباب أمام أسئلة تتجاوز الشقّ اللوجستي لتطول معنى اختفاء رمز من رموز المدينة وواقع حماية الأعمال الفنّية في فضاء بيروت العام. وبين محاولات تتبُّع مصيره، التي يقودها مؤسِّس مجموعة «دلول للفنون» باسل دلول، يبقى الحدث، بما يحيطه من غموض، مُشرَّعاً على استفهام جوهري: بأيّ معنى يمكن لعمل بهذا الوزن المادي والرمزي أن يُزال من عمق العاصمة من دون تفسير، ولمصلحة أيّ سردية يُترك هذا الفراغ في المكان؟

من هنا عَبَر الأمل (صور هادي سي)

ليست «جدار الأمل» منحوتة جيء بها لتزيين وسط بيروت. فمنذ ولادتها خلال انتفاضة 17 أكتوبر، تحوَّلت إلى نقطة التقاء بين الذاكرة الجماعية والفضاء العام، وعلامة على رغبة اللبنانيين في استعادة مدينتهم ومخيّلتهم السياسية. بدت كأنها تجسيد لما كان يتشكّل في الساحات. للحركة، وللاهتزاز، وللممرّ البصري نحو مستقبل أراده اللبنانيون أقل التباساً. ومع السنوات، باتت المنحوتة شاهدة على الانفجار الكبير في المرفأ وما تبعه من تغيّرات في المزاج العام، وعلى التحوّلات التي أصابت الوسط التجاري نفسه. لذلك، فإنّ إزالتها اليوم تطرح مسألة حماية الأعمال الفنّية، وتُحيي النقاش حول القدرة على الاحتفاظ بالرموز التي صنعتها لحظة شعبية نادرة، وما إذا كانت المدينة تواصل فقدان معالمها التي حملت معنى، واحداً تلو الآخر.

في هذا الركن... مرَّ العابرون من ضيقهم إلى فسحة الضوء (صور هادي سي)

ويأتي اختفاء «جدار الأمل» ليعيد الضوء على مسار التشكيلي الفرنسي - اللبناني - السنغالي هادي سي، الذي حملت أعماله دائماً حواراً بين الذاكرة الفردية والفضاء المشترك. هاجس العبور والحركة وإعادة تركيب المدينة من شظاياها، شكّلت أساسات عالمه. لذلك، حين وضع عمله في قلب بيروت عام 2019، لم يكن يضيف قطعة إلى المشهد بقدر ما كان يُعيد صياغة علاقة الناس بالمدينة. سي ينتمي إلى جيل يرى أنّ الفنّ في الفضاء العام مساحة نقاش واحتكاك، ولهذا يصعب عليه أن يقرأ ما جرى على أنه حادثة تقنية، وإنما حدث يُصيب صميم الفكرة التي يقوم عليها مشروعه.

يروي باسل دلول ما جرى: «حين أُعيد افتتاح (لوغراي) في وسط بيروت، فضّل القائمون عليه إزالة المنحوتة». يُقدّم تفسيراً أولياً للخطوة، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «قبل 2019، كانت المنحوتة تستمدّ الكهرباء اللازمة لإضاءتها من الفندق وبموافقته. ثم تعاقبت الأحداث الصعبة فأرغمته على الإغلاق. ومع إعادة افتتاحه مؤخراً، طلب من محافظ بيروت نقل المنحوتة إلى مكان آخر». يصف دلول اللحظة قائلاً إنّ العملية تمّت «بشكل غامض بعد نزول الليل، إذ جِيء برافعة لإزالة العمل بلا إذن من أحد». أما اليوم، فـ«المنحوتة موجودة في ثكنة مُغلقة بمنطقة الكارنتينا».

كأنّ المدينة فقدت أحد أنفاسها (صور هادي سي)

دلول الذي يتابع مسارات فنانين، من بينهم هادي سي، لا يتردَّد في الإجابة بـ«نعم» حين نسأله إن كان يرى الحادثة «محاولة محو للذاكرة». يخشى أن تصبح الأعمال الفنّية في بيروت مهدَّدة كلّما حملت رمزية جماعية أو امتداداً لذاكرة سياسية لا ترغب المدينة في مواجهتها. يرفض أن يتحوَّل الفضاء العام إلى مساحة بلا سردية، ويُحزنه، كما يقول، صدور هذا الارتكاب عن فندق «يُطلق على نفسه أوتيل الفنّ»، حيث تتوزَّع اللوحات في أروقته ويتميَّز تصميمه الداخلي بحسّ فنّي واضح. ومع ذلك، يُبدي شيئاً من التفاؤل الحَذِر حيال مصير المنحوتة: «نُحاول التوصّل إلى اتفاق لإيجاد مكان لائق بها، ونأمل إعادتها إلى موقعها».

أما هادي سي، فلا يُخفي صدمته لحظة تلقّي الخبر: «شعرتُ كأنّ ولداً من أولادي خُطف منّي». نسأله: هل يبقى العمل الفنّي امتداداً لجسد الفنان، أم يبدأ حياته الحقيقية حين يخرج إلى العلن؟ فيُجيب: «بعرضه، يصبح للجميع. أردته رسالة ضدّ الانغلاق وكلّ ما يُفرّق. في المنحوتة صرخة تقول إنّ الجدار لا يحمينا، وإن شَقَّه هو قدرُنا نحو العبور».

كان الجدار مفتوحاً على الناس قبل أن تُغلق عليه ليلة بيروت (صور هادي سي)

ما آلَمَه أكثر هو غياب أيّ إشعار مُسبَق. فـ«منحوتة ضخمة تُزال بهذه الطريقة» جعلته يشعر بأنّ «الفنان في لبنان غير مُحتَرم ومُهدَّد». يؤكد أنّ «الفعل مقصود»، لكنه يمتنع عن تحديد أيّ جهة «لغياب الأدلّة».

يؤمن سي بأنّ الفنّ أقرب الطرق إلى الإنسان، والذاكرة، وإنْ مُحيَت من المكان، لا تُنتزع من أصحابها. كثيرون تواصلوا معه تعاطفاً، وقالوا إنهم لم يتعاملوا مع المنحوتة على أنها عمل للمُشاهدة فقط، وإنما مرّوا في داخلها كأنهم يخرجون من «رحم أُم نحو ولادة أخرى». لذلك يأمل أن تجد مكاناً يسمح بقراءتها من جديد على مستوى المعنى والأمل: «إنها تشبه بيروت. شاهدة على المآسي والنهوض، ولم تَسْلم من المصير المشترك».

من جهتها، تُشدّد مديرة المبيعات والتسويق في «لوغراي»، دارين مدوّر، على أنّ الفندق «مساحة لاحتضان الفنّ واستضافة المعارض ومواكبة الحركة الثقافية البيروتية». وتنفي لـ«الشرق الأوسط» أيّ علاقة للفندق بقرار إزالة المنحوتة: «الرصيف الذي وُضعت عليه لا يعود عقارياً لنا، ولا نملك سُلطة بتّ مصيرها. بُلِّغنا، كما الجميع، بتغيير موقعها، لا أكثر ولا أقل».