«سرّ لبنان بعيون كويتية»... 70 عاماً من الوفاء

أحمد الصراف لـ«الشرق الأوسط»: وحدها فيروز تُعيد ذاكرتي إنْ فقدتُها

رسم لدير مار سركيس وباخوس بعدسة يوسف شهيد الدويهي (لقطة لغلاف الكتاب)
رسم لدير مار سركيس وباخوس بعدسة يوسف شهيد الدويهي (لقطة لغلاف الكتاب)
TT

«سرّ لبنان بعيون كويتية»... 70 عاماً من الوفاء

رسم لدير مار سركيس وباخوس بعدسة يوسف شهيد الدويهي (لقطة لغلاف الكتاب)
رسم لدير مار سركيس وباخوس بعدسة يوسف شهيد الدويهي (لقطة لغلاف الكتاب)

يجمع الكاتب الكويتي أحمد الصراف 70 عاماً من عشق لبنان، في كتاب «سرّ لبنان بعيون كويتية» الصادر عن دار «سائر المشرق». المولود الجديد سبقه إلى القراء كتاب «70 نصاً في 11 عاماً عن 70 عاماً من الولع»، نُشر في الكويت، وتعذّر وقوعه بين يدي القارئ اللبناني. غيَّر مقدّمته، أضاف، واختار عنواناً آخر؛ فكانت هذه المحبّة الخالصة. يُزيَّن الغلاف برسم لدير مار سركيس وباخوس بعدسة يوسف شهيد الدويهي، ويضمّنه مقالات كتبها عن لبنان بعبق شخصي ورؤية عامة، نشرتها جريدة «القبس» التي يقيم بين أعمدة كتّابها منذ 30 عاماً.

«يُبرّئ» الكتاب من الانضواء في جنس، ليُحمّله أجناساً مجتمعة، فهو «ليس سيرة ذاتية، ولا خواطر شخصية، ولا سرد لأحداث عائلية، ولا وصف لعلاقة لبنانية أبدية، بل شيء من ذلك كله». يُشرِّع الصراف «المُتعمِّد» بمصاهرة عاطفية، بزواجه من لبنانية، لبنانَ «اللغز ومصدر الإلهام والفضول»، على أسئلة الهوية والتحوّلات وتخبّط المكوّنات. يقرأه بالقلب، وأيضاً بالعقل. يجادل في إشكالياته ويُشهر الافتتان بمزاياه.

يدرك جوهر التركيبة اللبنانية، ورغم إطلاقه نداءات التعدُّد، يُقدِّم المسيحيين، وتحديداً الموارنة، على الآخرين في حَمْل الإرث وريادة الإبداع. يتحدّث عن «جمال لبنان الأبدي»، وأمام مآلاته المؤلمة في السنوات الأخيرة، يعدل عن المجاهرة بالحب المطلق. يلفحه تغيُّر أحواله، وما هجَّر كثيرين وحطَّم الآمال بوطن.

يُخبر «الشرق الأوسط» أنّ علاقته بلبنان كانت دائماً «كعلاقة عاشقين من طبعين حادين، تخلّلت حياتهما خلافات صغيرة وكبيرة، وفراق ولقاء. فلا هما قادران على التعايش، ولا على الطلاق. يفرّقهما الدمع والألم، ويجمعهما الشوق للقُبل».

غلاف كتاب «سرّ لبنان بعيون كويتية» الصادر عن دار «سائر المشرق»

وإذ تتقلّب المشاعر المؤجَّجة في الكتاب، فذلك لأنه «ليس وحدة، بل كُتبت مقالاته على مدى 15 عاماً تقريباً، مرَّ خلالها لبنان بظروف قاسية، فاعترته الفوضى، وأنواء العزلة والغربة. قُتل كثيرون وتشرّد أكثر، وتفرّق الأحبّة». تستوقفه «ذروة المأساة» بوقوع انفجار المرفأ، عصر الرابع من أغسطس (آب) 2020، «وما سبق ذلك ولحقه من انهيار للقوة الاقتصادية. المقالات صدى بعض أحداث تلك الفترة».هل كان الحب ليتّقد بهذه الغزارة، ويلامس النُّبل، لو أنّ الصراف لبناني؟ «ربما لو كنتُ لبنانياً، وسُحقتُ تحت الأهوال، لما أحببتُه كما فعلت. إنني أتمتّع برفاهية البُعد عنه، وممارسة حرّيتي، وفي اختيار عواطفي ومواقفي من تعدّداته العرقية، والدينية، واللغوية، والثقافية على أرضه».

الكاتب ونتاجه طافحان بالحب تجاه وطن يلومه بعض أبنائه، ويغادره آخرون مُحمَّلين بالزعل. يقول: «يكفيني ثراء كسبته، نفسياً ومعنوياً وعاطفياً، على مدى 70 عاماً. لا يزال لبنان يثريني، ولم يتغيّر شيء. لستُ أعاني آلام اللبناني العادي، ولم أتأثر بالمواجع. كان بمقدوري تحمُّل فقدان أموالي في مصارفه بصفتي رجل أعمال، فخسارتي نتاج إصغائي لصوت الربح العالي، وليس لمخاطر قد تُتبع. خسرتُ لأنني لم أضع جميع الاحتمالات في الحسبان. لكن ذلك لم يمسَّ حبي للبنان وتعلّقي بناسه وأرضه. لم أره يوماً حساباً مصرفياً ولا فنادق فخمة، ولا حتى مقاهي ومطاعم وكتب و(حرية وحشية)، كما تغنّي فيروز. لبنان عندي جبل شامخ، وابتسامة رائعة، ومعاملة، وشوق، وصنوبرة... وكلها بقيت كما هي».

النجاة بالمعرفة الأقلّ

يلفت القارئ إعلان أحمد الصراف «الندم» لمعرفته بلبنان أكثر مما ينبغي، ورغبته المتأخرة في البقاء على مسافة. الحب والحسرات، قدرا الصادقين؛ أي أصداء لعراكهما الداخلي، وأي تداعيات غير مُعلنة، تنضمّ إلى الندم؟ يجيب: «الأهم هم ناس لبنان. ولكن في الفترات العصبية، علمتُ أنّ لبنانياً يقتل غيره بذريعة الدفاع عن وجوده ووطنه، وربما يقصد طائفته. حزنت أكثر يوم عرفت أنّ آخر على الجهة المقابِلة من خط النار، ينتظر مَن يلقّمه رصاصة تودي بحياته، بالذريعة عينها! هذه المعرفة أتعبتني. هي من صنف المعارف غير المجدية. فما يفيدني لو عرفتُ الجانب المظلم من سيرة فنان كبير، إن كنتُ مستمتعاً بمشاهدته يعزف عذوبة الأنغام، أو يرسم بديع اللوحات، أو يؤدّي على المسرح أروع دور؟ كلما عرفنا الأقل عمَّن نحب، قلَّ الشكّ والقلق».

يكتب عن فيروز، وقد تعلّم حبها من أبيه؛ فهي السكينة خارج الخراب. ثم يقول في مقال «أنا ولبنان وطوائفه» إنها «أصبحت لا تعني الكثير». يبدو أنّ صراع الواقع والخيبات اندلع فيه فجعله يُغلِّب العتب. يردُّ أنّ للمقال سياقاً لم يعد يذكره. ويُنزّه فيروز عن الصغائر: «هي الأيقونة وحب الطفولة، وأول لقمة حقيقية تناولتها في محراب الفن بعد فطامي من حليب أمي. طعم صوتها وكلمات أغنياتها في داخلي ما حييت. وإن فقدتُ ذاكرتي يوماً، فلن يعيدني إلى الحياة إلا هذا الصوت. إنه أيام صباي وروائع أيامي اللبنانية. سيدة شامخة تقف على قمة جبل، تفتح ذراعيها، وتغنّي للسحاب تحت قدميها وللسماء فوق هامتها المرفوعة».

الكاتب الكويتي أحمد الصراف يوقّع كتابه في معرض بيروت للكتاب (فيسبوك)

وجود «لا مثيل له»

لِنَعُدْ إلى السياسة. تبلغ اللذاعة أقصاها بأسلوب الكوميديا السوداء في مقال «اخرجوا أيها المسيحيون من أوطاننا». إنه بمثابة نعي لبنان إن فُرِّغ من مسيحييه، وإعلان زواله عن الخريطة. مواقف أحمد الصراف ليبرالية، وإيمانه عميق بقيم التسامح وحقوق الإنسان. يرى هجرة المسيحيين أو تضاؤل تأثير ما يتبقّى منهم، انتهاكاً للجوهر؛ «حينها سيصبح لبنان بنظري شيئاً آخر، غيره الذي عشقته طوال حياتي. فالوجود المسيحي فيه لم يكن زخرفاً، بل وجود لا مثيل له. أقول ذلك مع كامل محبتي واعتزازي بصداقة بقية اللبنانيين. لكنّ البلد ارتبط في ذاكرتي ووجداني بأتباع كنائسه، فقد كانوا طوال نحو 7 عقود الأكثر تسامحاً معي والأسهل معشراً، والأكثر إقبالاً على الحياة من دون عقد، مع كمٍّ أقل من الرياء والازدواجية في حياتهم اليومية وعلاقتهم مع الآخرين».

اليوم، وأمام تربُّص المصير الجحيمي، بأي صورة تراه عيناه؟ يجيب: «مصير لبنان مظلم في عين كل مَن يعرف حقيقة ما تخبئه الأيام. لبنان فقد كل شيء تقريباً، ولا يزال يمتلك كل شيء حتماً! بشره لا يزالون على سابق عنفوانهم، والملايين الذين هجروه بانتظار إشارة العودة. قيمه وأصوله لا تزال كما هي، والمسألة تتطلّب خروج مارد من تحت الركام، فيمسك بالدفة ويقود القاطرة الكهلة التي اهترأت من آثار الدخان الأسود، ليدفعها نحو غابة الصنوبر ويزيل بهوائها العليل سموماً أصابتها، ثم يصل بها إلى ثلوج جزين لغسل أحزان الماضي، ورفع الأمل في غدٍ أفضل نحو قمم صنين. أوقن أنني سأرى ذلك اليوم قبل وداع الحياة».


مقالات ذات صلة

جدة تستقبل معرضها للكتاب الخميس ببرنامج ثقافي حافل

يوميات الشرق جانب من الإقبال الكبير الذي شهده «معرض جدة للكتاب» الموسم الماضي (هيئة الأدب والنشر والترجمة)

جدة تستقبل معرضها للكتاب الخميس ببرنامج ثقافي حافل

تشهد جدة، الخميس، انطلاق فعاليات «معرض الكتاب»، الذي يمنح الزائر مزيجاً غنياً من المعرفة والإبداع يستكشف فيه أحدث الإصدارات الأدبية.

«الشرق الأوسط» (جدة)
ثقافة وفنون جين اوستن

«عزيزتي كاسندرا»... نافذة على الحياة الخاصة لجين أوستن

بمناسبة مرور 250 عاماً على ميلاد الكاتبة البريطانية جين أوستن، أصدرت دار نشر «فينيتيود» الفرنسية كتاباً جديداً بعنوان: «عزيزتي كاسندرا».

أنيسة مخالدي (باريس)
ثقافة وفنون «الأوسلاندر»... بُعدٌ آخر للمنفى

«الأوسلاندر»... بُعدٌ آخر للمنفى

يقدّم خالد إبراهيم في الجزء الأوّل من ثلاثيته الروائية «الأوسلاندر- تشريع الغربة اختبار الفقد»، نصاً يؤسّس لمرحلة تكوّن إنسان يدفعه وطنه إلى التخلي عنه.

إبراهيم اليوسف
ثقافة وفنون أسئلة شائكة مطروحة على عصرنا

أسئلة شائكة مطروحة على عصرنا

عن دار «خطوط وظلال» بعمان، صدر لفاضل السلطاني كتاب «البربرية الثقافية... وقائع الانهيار». وضم مقالات في الفكر والثقافة والأدب واللغة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
ثقافة وفنون المؤرخة أود دو كيروس

الفن المعاصر من الجمالية إلى صناعة القيمة

لعل من أهم سمات الكتابات النقدية المواكبة لتحولات الفن المعاصر عبر العالم، تلك التي تقرنه دوماً بمسعى الانزياح الجذري بدلالات كلمة «فن».

شرف الدين ماجدولين

العالم يودّع «حارس الأفيال» وأشرس مُحاربي تجارة العاج

«ضمير الأفيال» يرحل (إنستغرام)
«ضمير الأفيال» يرحل (إنستغرام)
TT

العالم يودّع «حارس الأفيال» وأشرس مُحاربي تجارة العاج

«ضمير الأفيال» يرحل (إنستغرام)
«ضمير الأفيال» يرحل (إنستغرام)

نعى أمير ويلز، وأثنى على إيان دوغلاس هاميلتون، الناشط البيئي الرائد في مجال حماية الأفيال، الذي تُوفي في منزله في نيروبي عن 83 عاماً. وذكرت «بي بي سي» أنّ إيان قضى حياته في الدراسة وبذل الجهود من أجل حماية الأفيال الأفريقية، وأصبح خبيراً عالمياً في سلوكها في البرّية. وكشف بحثه المبتكر الرائد عن الآثار المدمِّرة للصيد الجائر، وهو ما كان يشكّل خطراً كبيراً على سلامته، كما كان ذلك البحث أساسياً في حظر تجارة العاج دولياً.

وأثنى الأمير ويليام على عالِم الحيوانات بقوله إنه «كرّس حياته للحفاظ على البيئة، وترك عملُه طوال حياته أثراً دائماً على تقديرنا وفهمنا للأفيال». وتابع ويليام، وهو راعٍ ملكي لجمعية الحفاظ على الحياة البرّية الأفريقية «تاسك»، التي كان هاميلتون سفيراً لها: «ستظلّ ذكرى الأيام التي قضيتها في أفريقيا معه داخلي إلى الأبد»، في حين قال مؤسِّس الجمعية الخيرية، تشارلز مايهيو، في بيان: «فقد العالم أسطورة حقيقية في مجال الحفاظ على البيئة، لكن إرثه الاستثنائي سيظلّ موجوداً».

وُلد إيان عام 1942 لأسرة بريطانية أرستقراطية في مقاطعة دورست بإنجلترا. ودرس علم الأحياء وعلم الحيوان في اسكوتلندا وأكسفورد قبل الانتقال إلى تنزانيا للبحث في السلوك الاجتماعي للأفيال. وهناك، في متنزه بحيرة مانيارا الوطني، بدأ توثيق كلّ فيل قابله، وأصبح في نهاية المطاف يعرف كلّ القطعان التي بات قادراً على التعرُّف إليها من خلال الأشكال الفريدة لآذانها والتجاعيد الموجودة على جلودها.

صوت البرّية الذي غيَّر مصير الحيوانات المهدَّدة (إنستغرام)

وقال في فيلم وثائقي عن عمله بعنوان «حياة بين الأفيال» عام 2024: «أهمّ ما يميز الأفيال أنها تملك كثيراً من الأمور المشتركة مع البشر». وظهرت جين غودال، صديقته وزميلته في هذا المجال التي تُوفيت في أكتوبر (تشرين الأول)، في الوثائقي، وقالت إنه قد أظهر للعالم أن الأفيال قادرة على الشعور مثل البشر. وتابعت: «أعتقد أن إرثه سيكون إرث رجل فعل كثيراً لمساعدة الناس في فهم مدى روعة الأفيال، ومعرفة مزيد عن طريقة معيشتها».

مع ذلك، لم يكن عمله سهلاً دائماً، إذ كان يتعرّض لهجمات الأفيال، وكاد يموت بسبب سرب نحل وطلقة نارية من صيادين يمارسون الصيد الجائر. وعام 2010 دمَّر فيضان منشأته البحثية في كينيا، وضاع مجهود سنوات من العمل جرّاء ذلك. ورغم الصعوبات، ظلَّ دوغلاس متمسّكاً برسالته المُتمثّلة في رفع الوعي بمعاناة الأفيال الأفريقية، مما جعله أحد أهمّ الأصوات التي نبَّهت العالم إلى أزمة الصيد من أجل العاج، التي وصفها بـ«محرقة الأفيال». وقد نظَّم حملات لحظر تجارة العاج دولياً، وفي عام 1989 جرى توقيع اتفاقية الاتجار الدولي بالأنواع المهددة بالانقراض، وهي اتفاق دولي بين الحكومات.

وبعد فشل الاتفاقية في القضاء على تلك التجارة تماماً، حوَّل دوغلاس اهتمامه إلى الصين والولايات المتحدة الأميركية، السوقين الرئيسيتَيْن للعاج. ووافق الرئيس الصيني شي جينبينغ، وباراك أوباما الرئيس الأميركي آنذاك، على حظر شبه كلي لواردات وصادرات العاج عام 2015. وأسَّس دوغلاس عام 1993 جمعية خيرية تحت اسم «أنقذوا الأفيال»، تستهدف حماية تلك الحيوانات وتعميق فَهْم البشر لسلوكها. وقال الرئيس التنفيذي للمؤسّسة، فرنك بوب، وهو صهر دوغلاس أيضاً: «لقد غيَّر إيان مستقبل الأفيال، وكذلك مستقبل أعداد كبيرة من البشر حول العالم. ألهمت شجاعته وإصراره وصرامته جميع مَن قابلهم». وعبَّر دوغلاس عن تفاؤله بمستقبل عمل حياته، قائلاً: «أعتقد أنّ أكبر أمل لي في المستقبل هو ترسيخ قيم التعايش بين البشر والأفيال». ولا تزال زوجة دوغلاس، أوريا، وابنتاه سابا ودودو، و6 أحفاد، على قيد الحياة.


ثقب أسود يُطلق «عاصفة كونية» بسرعة 20 % من الضوء

ثقب أسود يُطلق أسرع رياح رُصدت في الكون (وكالة الفضاء الأوروبية)
ثقب أسود يُطلق أسرع رياح رُصدت في الكون (وكالة الفضاء الأوروبية)
TT

ثقب أسود يُطلق «عاصفة كونية» بسرعة 20 % من الضوء

ثقب أسود يُطلق أسرع رياح رُصدت في الكون (وكالة الفضاء الأوروبية)
ثقب أسود يُطلق أسرع رياح رُصدت في الكون (وكالة الفضاء الأوروبية)

يلتهم ثقب أسود داخل مجرّة حلزونية بعيدة مواد من العالم حوله، ويُحدث رياحاً بسرعات لم يشهدها علماء الفلك من قبل. وذكرت وكالة الفضاء الأوروبية أنّ كتلة الثقب الأسود داخل مجرّة «NGC 378» تبلغ كتلة 30 مليون شمس. ويلتهم الثقب الأسود مواد قريبة لتزويد النواة النشطة الموجودة في قلب المجرّة بالطاقة. والنواة «منطقة متوهّجة ونشطة بشدّة» ترسل رياحاً مجرّية قوية، وفق الوكالة.

وأوضحت عملية القياس أنّ سرعة إحدى تلك الرياح تبلغ 60 ألف كيلومتر في الثانية أو 130 ميلاً في الساعة، أي نحو 20 في المائة من سرعة الضوء. وفي هذا السياق، نقلت «سي بي إس نيوز» عن ليي غو، من المعهد الهولندي لبحوث الفضاء، قوله: «لم نشاهد ثقباً أسود يُحدث رياحاً سريعة من قبل». وقاد غو فريق البحث الدولي، وأضاف: «للمرة الأولى نشاهد كيف يُحدث تدفّق سريع لضوء أشعة إكس من ثقب أسود رياحاً فائقة السرعة، حيث تتشكّل تلك الرياح في يوم واحد فقط».

من جهته، قال الباحث ماتيو غوينازي إنّ الرياح المحيطة بالثقب الأسود تكوَّنت مع انحلال المجال المغناطيسي المتشابك للنواة بشكل مفاجئ، مما أحدث شيئاً مشابهاً للانبعاثات الكتلية الإكليلية التي تتدفَّق من الشمس، «لكن على نطاق أكبر كثيراً مما يمكن للمرء تصوّره».

ويجعل التشابه بين الثقوب السوداء والشمس «تلك الأشياء الغامضة تبدو أقل غرابة»، وفق وكالة الفضاء الأوروبية. وقال العالِم إيريك كولكيرز إنّ الاكتشاف «يشير إلى أنّ الفيزياء الشمسية وفيزياء الطاقة العالية ربما تعمل بطرق مألوفة على نحو غير متوقَّع في أنحاء الكون».

وتلعب الرياح المُنبعثة من النواة المجرّية دوراً في تشكيل المجرّات الآخذة في التشكل، وفق كاميل دييز، زميلة باحثة في وكالة الفضاء الأوروبية. وتوضح دييز أنّ معرفة مزيد عن النوى وكيفية تصرّفها سيؤدّي إلى فَهْم أفضل للفضاء. وقالت: «نظراً إلى أنها مؤثرة جداً، تُعدّ معرفة مزيد عن مغناطيسية النوى المجرّية النشطة وكيفية إحداثها رياحاً مثل تلك أمراً أساسياً لفَهْم تاريخ المجرّات في الكون».


الكشري المصري يدخل القائمة التمثيلية للتراث غير المادي لـ«اليونيسكو»

صورة لملصق دعائي لطبق الكشري كما أعلنت عنه وزارة الثقافة المصرية
صورة لملصق دعائي لطبق الكشري كما أعلنت عنه وزارة الثقافة المصرية
TT

الكشري المصري يدخل القائمة التمثيلية للتراث غير المادي لـ«اليونيسكو»

صورة لملصق دعائي لطبق الكشري كما أعلنت عنه وزارة الثقافة المصرية
صورة لملصق دعائي لطبق الكشري كما أعلنت عنه وزارة الثقافة المصرية

أعلنت وزارة الثقافة المصرية اليوم (الأربعاء)، أنها نجحت في إدراج أكلة الكشري في القائمة التمثيلية للتراث غير المادي للإنسانية لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو).

وأضافت الوزارة في بيان، أن الكشري أصبح «العنصر الحادي عشر المسجل باسم مصر على قوائم التراث غير المادي» بعد اعتماده من اللجنة الحكومية للتراث المادي التي تعقد اجتماعاتها حالياً في الهند.

والكشري أكلة شعبية مصرية شهيرة تتكون من المعكرونة والأرز والعدس والبصل المقليّ والحمص، وتضاف إليها الصلصة. وهناك محال متخصصة وعربات طعام في الشوارع تبيعها بأسعار رخيصة.

الوفد المصري أمام اللجنة الحكومية للتراث غير المادي التابع لـ«اليونيسكو» (صفحة وزارة الثقافة المصرية الرسمية على «فيسبوك»)

ويحظى الكشري بشعبية واسعة لا تقتصر على المصريين، إذ يحرص مسؤولون أجانب ووزراء خارجية خلال زياراتهم لمصر على تذوقه في المطاعم الشهيرة، بوصفه جزءاً أصيلاً من الثقافة المحلية.

وقال وزير الثقافة أحمد فؤاد هنو إن «الكشري أول أكلة مصرية يتم تسجيلها»، مضيفاً أن السنوات القادمة ستشهد تسجيل «مزيد من العناصر المرتبطة بممارسات اجتماعية وثقافية تتوارثها الأجيال وتعبر عن روح المشاركة والتنوع داخل المجتمع المصري»، وفق ما أفادت به وكالة «رويترز»، اليوم.

وسبق لمصر إدراج عناصر في قائمة التراث غير المادي لـ«اليونيسكو» من بينها التحطيب «لعبة العصا»، والأراجوز، والنسيج اليدوي إضافةً إلى عناصر مشتركة مع دول أخرى منها السمسمية والخط العربي.