الشارع الذي كان في الماضي وجهة تقليدية لألعاب الأطفال في مدينة الرياض، انتعش مجدداً، وعادت أصوات الأطفال وعائلاتهم تملأ فضاءه وأزقته بالفرح والمرح واللعب، وذلك من خلال مبادرة أطلقتها وزارة الثقافة في السعودية لإحياء القيمة الثقافية للشارع، واستعادة شريط طويل من ذكريات طفولة ترعرعت فيه ونشأت بين جدرانه. ونظمت وزارة الثقافة النسخة الثانية من مهرجان «شارع السويلم الثقافي» في العاصمة السعودية، الذي أعادت من خلاله إحياء القيمة الثقافية، وإعادة الحركة والحياة إليه، وصُمم المهرجان بطريقةٍ إبداعية تعكس الحقب الزمنية التي عاصرت الشارع، مستوحيةً شكله من الخط الزمني للأجيال بدايةً من الخمسينات وحتى الألفية. في هذا الشارع يشاهد الأطفال وهم يستمتعون بالفعاليات المتنوعة التي أضفت طابعاً حيوياً وثقافياً على المكان، في حين لا يزال نفس المكان زاخراً بالذكريات. أجيال كثيرة كانت تذرعه بحثاً عن ألعاب جديدة والتقاط فرص للمتعة، اصطحبت خلال هذه المبادرة أطفالها لمشاركة لحظات من المتعة بتفاصيل المكان الذي استعاد رونقه وروحه بالألوان والألعاب والفعاليات.
شاهد على حقب ترفيهية ممتدّة
كان الشارع شاهداً تاريخياً على حقب من الترفيه عرفتها أجيال متعددة في مدينة الرياض، وعكس المهرجان تمثيل تلك الحقب عبر خط زمني انعكس على ألوانه وتصاميمه، ويبدأ هذا الخط من مدخل المهرجان المصمم على شكل فيلم تصوير ملون، ليعكس تجربة مفعمة بالحياة تُجدّد الذكريات، ثم يمر بجميع أقسام المهرجان بحسب تسلسل الحقب الزمنية، وينتهي الخط بمسرح الأطفال الذي يستضيف أهم وأشهر العروض المسرحية.
تبدأ الرحلة من قسم «الخمسينات» الذي يعيش فيه الزوّار تجربة استثنائية تحمل رسالة عاطفية تربط الأطفال مع أهاليهم من خلال بوابة الزمن التي تضم ألعاباً من الزمن الماضي، وهو يقدم تجربة لفيلم كرتوني، وفيه منطقة المتاجر التي تضم متاجر تباع فيها منتجات بطابع الخمسينات مثل الأكواب والملابس وخلافها، ومنطقة القهوة التي تأتي كمساحة تناسب الآباء بأغانٍ قديمة لفناني تلك الحقبة، وبعده قسم «الستينات» الذي يجسد مدخله أشهر ألعاب تلك الفترة «الدنانة».
رحلة ألعاب عريقة في #شارع_السويلم_الثقافيغمرها حضوركم بالبهجة والسرور✨نلقاكم في فعاليات قادمة #الفعاليات_الثقافية pic.twitter.com/Yz4QfkRzna
— الفعاليات الثقافية (@MoC_Engage) November 25, 2023
المهرجان شهد ظهور شخصيات مُكبَّرة من العروض الكرتونية، في أماكن الجلوس ومساحات الفعاليات والتجارب، ورسومات صُنعت بطريقة إبداعية في مرافق المهرجان، ينتقل من خلالها الزائر إلى قسم «السبعينات» الذي صُمم مدخله على شكل لعبة «طاق طاق طاقية» من خلال نموذج مكبر من الطاقية التقليدية (طاقية زري) كُتبت عليها الجملة التي كان يرددها الأطفال: «رن رن يا جرس».
وعلى امتداد الشارع استوحيت اللوحات الإرشادية بطريقة جميلة من الشخصيات الكرتونية، ومنه يصل الزائر إلى قسم «الثمانينات» الذي يضم مدخله تصميماً مكبّراً من لعبة هاتف الثرثرة (Chatter Telephone)، وزُيّنت أرصفة وأرضية الشارع برسومات أشهر المسلسلات الكرتونية من تلك الفترة، كما يضم القسم حافلة الكتب المصورة التي تحتوي على مجلات نادرة لأشهر القصص المصورة في تلك الحقبة، إضافة إلى عرض كتب مصورة تتم كتابتها ورسمها من قبل كتاب ورسامين سعوديين لقصص مثرية من الثقافة السعودية. أما حقبة «التسعينات» فأعيد فيها تصميم أشهر ألعاب جيل تلك الفترة، حيث يشاهد الأتاري المحمول، وذراع كمبيوتر العائلة، ولوح لعبة الحظ، ونماذج كروية قابلة للنفخ على شكل مصاقيل بين المباني أو لإغلاق الشوارع الفرعية، وتُوزع على امتداد الشارع مجسمات لأبرز المسلسلات الكرتونية، في حين يضم القسم منطقة للمطاعم والتسالي، والألعاب الحركية والتكنولوجية التي اشتهرت في تلك الحقبة.
ويختتم الخط الزمني للشارع الثقافي، عند قسم «الألفية» الذي يُحاكي التطور المتسارع في التكنولوجيا والألعاب، حيث جرى تصميم المدخل بشكل تقني يستعرض الشخصيات الكرتونية منذ بداية الألفية حتى الآن، وزُيّنت مخارج الشوارع الفرعية بجدران من الجبس قابلة للإزالة، وفي نهايته يجد الزائر منطقة الألعاب التي تجمع بين جميع الألعاب الواقعية والافتراضية. ويضم المهرجان منطقة «تحدي الأجيال» التي تطلق تحديات بين جيل الآباء والأبناء عبر أشهر أجهزة اللعب بوجود جلسات مريحة ترسم عليها شخصيات كرتونية متنوعة من كل جيل، ليعيش الطفل عبر تقنية الواقع الافتراضي القوى الخارقة لأولئك الأبطال بشكل عميق، لتشبع لديه حس المغامرة؛ إذ تعرض التجربة القدرة على التقلص، والقدرة على الطيران وحمل الأشياء الثقيلة، والقدرة على السرعة الهائلة وإيجاد شحنات البرق.