تُعدّ ميكانيكا الرائحة لغزاً غامضاً، ولا تزال على هذا النحو من عدة أوجه. أوضح دوغلاس ستوريس، الأستاذ المساعد في العلوم العصبية بجامعة ولاية فلوريدا: «على عكس الصوت أو الرؤية، حيث يجري تمثيل الطول الموجي وسَعة الموجة بوضوح بصفات إدراكية، مثل تردد نغمة أو لون أو كثافة، لا يجري فهم العلاقة بين تكوين وبنية المادة الكيميائية والإدراك الضمني الكامن في حاسة الشمّ»، وفق صحيفة «الغارديان» البريطانية.
ويقول أليكس ويلتسكو، الرئيس التنفيذي للمشروع الناشئ الخاص بالذكاء الاصطناعي وحاسة الشمّ «أوزمو»: «أول أمر يجري تذكره هو الاهتمام الضئيل والقدر القليل من العمل فيما يتعلق بحاسة الشمّ مقابل المجالات الأخرى»، بينما يتذكر الكتاب الدراسي الضخم الخاص بالعلوم العصبية الذي جرى منحه إياه بصفته باحث دكتوراه. وأضاف قائلاً: «أخذت فرجاراً وقمت بقياس عرض الورقة المستخدمة لتدريس البصر والسمع، إنها نحو ثلاثة أرباع بوصة في حالة حاسة البصر، ونحو نصف بوصة في حالة حاسة السمع. وربما تكون 30 صفحة؛ أي بضعة ملليمترات في حالة الشمّ».
ويذكر أن الغرض المعلَن لمشروع «أوزمو» هو «منح أجهزة الكومبيوتر حاسة الشمّ»؛ لأنه في الوقت الذي تعلّمنا فيه تشفير المشاهدات والأصوات رقمياً، لم نعثر على طريقة لفعل ذلك بالنسبة للروائح. ويحاول ويلتسكو وآخرون تغيير ذلك، وبدء حقبة جديدة من علوم حاسة الشمّ، من خلال وضع خرائط لكيفية إدراكنا الروائح.
وعلى الجانب الآخر، يطوّر باحثون أنوفاً إلكترونية؛ لمساعدتنا في رصد مكونات محددة منذ الثمانينات، لكن في الوقت الذي يجري فيه استخدام بعضها في الصناعة اليوم، كثيراً ما تكون تطبيقاتها محدودة. ويقول جاكوب روزينستاين، أستاذ مساعد للهندسة في جامعة براون، شارك عام 2018 في تطوير أنف إلكترونية منخفضة التكلفة تسمى «ترافلبوت»: «لديّ العروض التوضيحية حتى هذه اللحظة، إما أدوات تحليلية كبيرة جداً، وإما مستهدفة بشكل محدود جداً، وإما تتمتع بدرجة منخفضة نسبياً من الانتقائية».
ووفق البعض، ما تحتاج إليه التكنولوجيا المتعلقة بحاسة الشمّ هو طريقة لوضع خرائط تربط بين التركيبات البنيوية للجزيئات والروائح المدرَكة. ويقول جويل مينلاند، أستاذ في «مركز مونيل للحواس الكيميائية» في فيلادلفيا: «تبدو بعض الجزيئات متشابهة كثيراً من الناحية البنيوية، لكن لها روائح مختلفة متباينة، في حين تبدو بعض الجزيئات مختلفة بدرجة كبيرة، لكن تكون روائحها متقاربة جداً». وأضاف: «يحاول المرء باستمرار إنشاء نموذج لإصلاح تلك المشكلة».