عمرو جمال: أتوقع عرض «المرهقون» في اليمن بعد شهرين

قال لـ«الشرق الأوسط» إن حصول فيلمه على 7 جوائز عالمية إنجاز كبير

لقطة من فيلم «المرهقون» (الشرق الأوسط)
لقطة من فيلم «المرهقون» (الشرق الأوسط)
TT

عمرو جمال: أتوقع عرض «المرهقون» في اليمن بعد شهرين

لقطة من فيلم «المرهقون» (الشرق الأوسط)
لقطة من فيلم «المرهقون» (الشرق الأوسط)

أكد المخرج اليمني عمرو جمال أنه لم يتوقّع فوز فيلمه «المرهقون» بجائزة «هوغو الذهبية» في مهرجان «شيكاغو السينمائي» ضمن مسابقة صناع الأفلام الجدد، وكان قد حرص على حضوره، وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لم نتوقع أبداً أن نحصل على هذه الجائزة في مهرجان كبير يُعدّ واحداً من أقدم المهرجانات في الولايات المتحدة، إن لم يكن أقدمها على الإطلاق، ويضمّ أفلاماً متميزة بمختلف أقسامه من جميع أنحاء العالم، تلك التي شاركت في أهم المهرجانات العام الحالي، وكنا مكتفين بالمشاركة ومستبعدين الفوز، لكن لجنة التحكيم صوتت بالإجماع للفيلم وأشادت به بشكل مذهل».

جمال خلال تسلمه جائزة مهرجان «شيكاغو» (الشرق الأوسط)

وجاء فوز الفيلم في مهرجان «شيكاغو» بدورته الـ59 ليرفع جوائزه الدُّولية إلى سبع جوائز منذ عرضه العالمي الأول في مهرجان «برلين» السينمائي خلال دورته الماضية، أول فيلم يمني يُشارك به، وفاز بجائزة «منظمة العفو الدّولية» التي تُمنح للفيلم الأكثر تأثيراً إنسانياً في جميع أقسام المهرجان، كما حصل على جائزة الجمهور كثاني أفضل فيلم روائي بقسم البانوراما، حسبما يؤكد جمال.

وحاز الفيلم جائزتي أفضل إخراج وأفضل سيناريو من مهرجان «فالنسيا السينمائي» في إسبانيا، وجائزة لجنة التحكيم في مهرجان «تايبيه السينمائي» الدّولي بتايوان، وجائزة أفضل نص في مهرجان دربان السينمائي بجنوب أفريقيا، واختير ليمثل دولته في مسابقة «الأوسكار» لأول مرة.

هذه الجوائز التي حصل عليها فيلم «المرهقون»، يراها مخرج العمل أنها مؤشر على تمكنه من الوصول إلى أجناس مختلفة، مبرراً ذلك بأنّ السينما لغة عالمية، وأن مشاكلنا وإن بدت في أحيان شديدة الخصوصية، لكن معاناة الإنسان واحدة، متمنياً أن يكون هذا الأمر حافزاً للشباب من صناع الأفلام في اليمن وفي كل الدول لأن يبدأوا تصوير أفلامهم، لأن كل سينمائي يستطيع أن يحقق نجاحاً مماثلاً.

ويدلّل المخرج اليمني الشاب على ذلك بأن ردود فعل الجمهور في تلك المهرجانات تجاه الفيلم لم تختلف بل تشابهت، وأن الجميع تفاعلوا معه وكانوا شديدي التأثر بأحداثه، وتابع: «كنا نتجاوز الفترة المسموحة لنا عقب العروض، ونكمل نقاشاتنا خارج السينما، وهذا شيء رائع بالنسبة لي».

المخرج عمرو جمال خلال مناقشة الفيلم في مهرجان «شيكاغو» (الشرق الأوسط)

وكان من المقرر مشاركة الفيلم في مهرجاني «قرطاج» و«القاهرة» قبل تأجيلهما بسبب حرب غزة، ويقول جمال: «نعيد حساباتنا لمعرفة متى وكيف يعرض عربياً».

وبالنسبة لعرضه في اليمن، كشف المخرج أنه وشركاء الفيلم توجهوا بطلب لمنظمة الـ«يونيسكو» والسلطات في اليمن بأن يرمموا إحدى دور العرض القديمة في عدن، التي تهدمت خلال التسعينات، حتى يتمكنوا من عرض «المرهقون» للجمهور اليمني، لافتاً إلى أنه تمت الاستجابة لطلبهم، متوقعاً عرض فيلمه باليمن بعد شهرين.

وأشار إلى أنه «عرض فيلمه الأول (عشرة أيام قبل الزفة) في قاعة أعراس تم تجهيزها بشاشات من الخشب، وشهد الفيلم حضوراً كبيراً حيث تم بيع 70 ألف تذكرة لمشاهدته»، مؤكداً أن قاعات السينما اختفت من اليمن منذ سنوات طويلة.

أحد مشاهد فيلم «المرهقون» (الشرق الأوسط)

ويُعد عمرو جمال لفيلم جديد، ويعمل على الاختيار بين أكثر من فكرة تُلحّ عليه، من منطلق إيمانه بمسؤوليته مخرجاً مثلما يقول: «أكثر ما يشغلني دائماً أنّ السينما مسؤولية، وليس بيدي تقديم أفلام خفيفة الظل تمتّع الجمهور، لأن الفرص نادرة ولا بدّ من استغلالها في توثيق المكان والزمان والأحداث، فالسينما هي ذاكرة الأمة، لذا يشغلني كثيراً اختيار قصص تتناسب مع فكرة التوثيق، وهو ما يلاحظه الجميع في أفلامي».

وكان فيلم «المرهقون» قد حظي بدعم مهرجان البحر الأحمر السينمائي ضمن عروض قيد الإنجاز خلال دورته الثانية، حيث تلقى دعماً بقيمة 12 ألف دولار، كما حصل على منحة تطوير ما بعد الإنتاج من مهرجان «كارلو في فاري السينمائي».

يُعدّ الفيلم إنتاجاً مشتركاً بين اليمن والسعودية والسودان، وشارك في إنتاجه محسن الخليفي، والمخرج السوداني أمجد أبو العلاء، ومحمد العمدة، وهو من بطولة خالد حمدان، وعبير محمد، وسماح العمراني، وإسلام سليم، ورؤى الهمشري، وكتبه عمرو جمال بالاشتراك مع مازن رفعت، وقد حرص مخرجه على تصويره في مدينته عدن حيث قدم لقطات بانورامية تظهر معالم المدينة التي يخشي أن تزول خلال الأعوام المقبلة في ظل الحرب في بلاده المستمرة منذ 8 سنوات.

يتتبع الفيلم الذي يستند لواقعة حقيقية حدثت في عدن باليمن عام 2019 حياة زوجين يمنيين يعانيان جراء الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في بلادهم في ظل وجود ثلاثة أطفال لهما، وتُفاجأ الزوجة بحملها في طفل رابع، وتسعى وزوجها لإيجاد وسيلة للإجهاض، رغم موقف مجتمعهما المحافظ تجاه ذلك، مما يدفعهما لاتخاذ قرار صعب للخروج من هذا المأزق.


مقالات ذات صلة

حكيم جمعة لـ«الشرق الأوسط»: مسلسل «طراد» يثير تساؤلات عميقة

يوميات الشرق المخرج حكيم جمعة أثناء تصوير مسلسل طراد (الشرق الأوسط)

حكيم جمعة لـ«الشرق الأوسط»: مسلسل «طراد» يثير تساؤلات عميقة

هل هناك لصوص أبطال؟ سؤال عميق يطرحه المسلسل السعودي «طراد» المقتبس عن قصة الأسطورة الإنجليزية «روبن هود» الذي أخذ على عاتقه سرقة أموال الأغنياء وتقديمها للفقراء

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق شكري سرحان في أحد مشاهد فيلم «ابن النيل» (أرشيفية)

كتاب مصري جديد يحتفي بشكري سرحان في مئوية ميلاده

في ظل الجدل الذي أثير أخيراً حول «موهبته» احتفى مهرجان الأقصر السينمائي في دورته الـ14 بذكرى مئوية ميلاد الفنان المصري الكبير شكري سرحان.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق الممثل الأميركي براد بيت (رويترز)

باستخدام الذكاء الاصطناعي... محتال يوهم سيدة بأنه «براد بيت» ويسرق أموالها

تعرضت امرأة فرنسية للاحتيال من قبل رجل أوهمها بأنه الممثل الأميركي الشهير براد بيت، باستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي، وحصل منها على مبلغ 830 ألف يورو.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق مريم شريف ونهال المهدي شقيقتها بالفيلم (الشركة المنتجة)

«سنووايت» يستهل عروضه التجارية ويعوّل على حبكته الإنسانية

تنطلق، الأربعاء، العروض التجارية للفيلم المصري «سنووايت» الذي شهد عرضه العالمي الأول في الدورة الرابعة بمهرجان البحر الأحمر السينمائي.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق الفنان شكري سرحان قدم أدواراً مهمة في السينما المصرية (أرشيفية)

تصاعد الجدل حول انتقاد رموز الفن المصري بعد أزمة «شكري سرحان»

تصاعد الجدل خلال الأيام القليلة الماضية حول أزمة انتقاد رموز الفن المصري على خلفية انتقاد موهبة الفنان الراحل شكري سرحان بعد مرور 27 عاماً على رحيله.

داليا ماهر (القاهرة )

كتاب مصري جديد يحتفي بشكري سرحان في مئوية ميلاده

شكري سرحان في أحد مشاهد فيلم «ابن النيل» (أرشيفية)
شكري سرحان في أحد مشاهد فيلم «ابن النيل» (أرشيفية)
TT

كتاب مصري جديد يحتفي بشكري سرحان في مئوية ميلاده

شكري سرحان في أحد مشاهد فيلم «ابن النيل» (أرشيفية)
شكري سرحان في أحد مشاهد فيلم «ابن النيل» (أرشيفية)

في ظل الجدل الذي أثير مؤخراً حول «موهبته»، احتفى مهرجان الأقصر السينمائي في دورته الـ14 بذكرى مئوية ميلاد الفنان المصري الكبير شكري سرحان (13 مارس «آذار» 1925 - 19 مارس 1997)، وأصدر المهرجان بمناسبة ذلك كتاب «شكري سرحان... ابن النيل» للناقد المصري سامح فتحي، ويضم الكتاب فصولاً عدة تستعرض مسيرة الفنان منذ مولده وحتى أصبح نجماً من كبار نجوم السينما المصرية، متوقفاً عند أهم أفلامه التي وصلت إلى 161 فيلماً، بدءاً من أول أفلامه «نادية» 1949 للمخرج فطين عبد الوهاب، وحتى آخرها «الجبلاوي» 1991 للمخرج عادل الأعصر.

وكان قد أثير جدل حول انتقادات وجهها الممثل الشاب عمر متولي، نجل شقيقة عادل إمام، في برنامج يبثه عبر «يوتيوب» استضاف خلاله الممثل أحمد فتحي، تناولا خلاله سيرة الفنان الراحل شكري سرحان، حيث اتفقا على أنه «حقق نجومية أكبر من موهبته الحقيقية»؛ ما دفع أسرة الفنان الراحل لتقديم شكوى لنقابة الممثلين، حيث قدم نقيب الممثلين الفنان أشرف زكي اعتذاراً لأسرة الفنان الراحل، مهدداً كل من يتجاوز في حق الرموز الفنية بالشطب من النقابة. وفي المقابل اعتبر نقاد وفنانون الهجوم على فتحي ومتولي بمنزلة «تضييق على حرية إبداء الرأي على الأعمال الفنية ونجومها».

شكري سرحان في أحد أدواره (أرشيفية)

أعمال هادفة

ووصف المؤلف مسيرة شكري سرحان الفنية التي امتدت على مدى نصف قرن بأنها تميزت بـ«اختيار الأعمال الهادفة والجادة، وعدم الابتذال أو السقوط في حب الظهور وشهوة المال»، حيث شارك في «مئات الأدوار بالمسرح والسينما، وأمتع الملايين، وأثرى الحياة الفنية بكل ما هو مفيد وهادف».

فيما عَدّه الناقد سعد القرش في مقدمة كتاب «ابن النيل» بأنه الأكثر حظاً، وأنه من بين نجوم السينما المصرية الذي «كان الأقرب إلى الملامح النفسية والجسدية لعموم المصريين في جيله، رغم أنه لم يكن في وسامة محمود مرسي أو كمال الشناوي وعمر الشريف ورشدي أباظة، ولا يتمتع ببنية جسدية تنقله إلى الفتوات مثل فريد شوقي، حيث كان للنجوم صورة ذهنية لدى المشاهدين يشبهون أو يتشبهون بنجوم هوليوود من حيث تسريحة الشعر ولمعانه والشارب».

الناقد المصري سامح فتحي (الشرق الأوسط)

يستعرض سامح فتحي بدايات سرحان، الذي وُلد بالإسكندرية لكنه ينتمي لقرية «الغار» بمحافظة الشرقية، وكان الأوسط بين شقيقيه صلاح وسامي، وقد أثرت فيه حياة القرية، كما ذكر هو بنفسه، فقد أكد أن النشأة الدينية كانت إحدى سمات حياته منذ طفولته، فقد اعتاد على ارتياد المساجد وحفظ القرآن الكريم، وكان والده يعمل أستاذاً للغة العربية، ويحرص على أن تمضي الأسرة شهور الدراسة بالمدينة ثم تنتقل للقرية في الإجازة.

وبدأت علاقة سرحان بالفن من خلال شقيقه الأكبر صلاح، فحينما افتتحت دار سينما بالقرب من منزلهما، كان وشقيقه، حسبما روى، يتوقفان بجوارها ليستمعا لأصوات الممثلين، ويؤديان بعض الأدوار في حجرتهما حتى لا يشعر بهما والدهما، والتحق مثل شقيقه بفريق التمثيل بمدرسة الإبراهيمية، ثم التحق كلاهما بمعهد الفنون المسرحية في أول دفعة به، وكان من زملائه بالمعهد فريد شوقي وصلاح نظمي.

عثرات ونجاحات

واجه شكري سرحان عثرات في بداية طريقه الفني، حين اختاره منتج فيلم «هارب من السجن» لدور البطولة، حيث كاد يطير من الفرحة ثم قرر المخرج استبداله بالفنان فاخر فاخر، فحزن حزناً كثيراً خصوصاً بعد أن طالع خبراً بإحدى المجلات الفنية بأن الممثل الشاب شكري سرحان أثبت فشله في السينما، ما أصابه باكتئاب لفترة طويلة، لم ينقذه منه إلا خبر آخر كتبه الصحافي صلاح ذهني بمجلة «آخر ساعة»، حيث نشر صورة له وكتب أسفلها «فتى أول ينقصه مخرج»، فاتصل به المخرج حسين فوزي، ومنحه دوراً في فيلم «لهاليبو» مع نعيمة عاكف، ثم شارك في أدوار صغيرة بأفلام عدة من بينها «أفراح» و«بابا عريس».

مع سعاد حسني في أحد الأعمال (أرشيفية)

لكن الفرصة الكبرى والأهم جاءت حين اختاره المخرج يوسف شاهين لبطولة فيلمه «ابن النيل» ليكون هذا الفيلم البداية الحقيقية لشكري سرحان في السينما، وقال الفنان عن ذلك: «منحني الله هذا الشرف العظيم بأن أُمثل (ابن النيل) في هذه القصة، وفي وجود فريق قوي من الممثلين مثل يحيى شاهين ومحمود المليجي وفاتن حمامة».

وأشاد به يوسف شاهين بعد أحد المشاهد التي أداها، قائلاً له: «أنت برعت في أداء هذا المشهد مثل أعظم نجوم هوليوود، وأنا أمنحك أوسكار على ذلك».

انطلاقة كبرى

ويرى سامح فتحي مؤلف الكتاب أن فيلم «شباب امرأة» 1951 قد مثَل انطلاقة كبرى في مسيرة شكري سرحان، وكانت قد رشحته الفنانة تحية كاريوكا للمخرج صلاح أبو سيف لأداء دور «القروي الساذج إمام بلتاجي حسنين»، وقد ساعده على أداء الشخصية جذوره الريفية ليصبح الفيلم المأخوذ عن رواية الأديب أمين يوسف غراب في مقدمة الأفلام الواقعية المهمة في تاريخ السينما المصرية.

شكري سرحان في أحد مشاهد فيلم «ابن النيل» (أرشيفية)

وتعد شخصية «سعيد مهران» بطل رواية نجيب محفوظ «اللص والكلاب» من أبرز الشخصيات التي أداها شكري سرحان، حيث كتب في مذكراته أنه حينما قرأ الرواية جذبته عبارة «خرج من السجن وفي جوفه نار»، ما يوحي بسخونة أحداثها وأنه أطلق لخياله العنان لتجسيد أحداثها التراجيدية، ومَثّل الفيلم الذي أخرجه كمال الشيخ السينما المصرية في مهرجان برلين 1964، وأشاد به النقاد الألمان الذين رأوه «فيلماً مصرياً متكاملاً يرقى إلى مستوى العالمية».

ويشير الكتاب الجديد إلى تقديم الفنان الكبير لتجارب مهمة في السينما العالمية، من بينها فيلم «ابن كليوباترا»، وسلسلة أفلام «قصة الحضارة بين العصور» للمخرج العالمي روسليني، وفيلم «أسود سيناء» مع المخرج الإيراني فريد فتح الله، كما يتوقف عند أعماله المسرحية التي برزت بشكل أكبر بعد نكسة 1967.

غلاف الكتاب الجديد (الشرق الأوسط)

وحاز شكري سرحان جوائز عدة خلال مسيرته، فقد حصل على جائزة أفضل ممثل عن أدواره في أفلام «اللص والكلاب»، و«الزوجة الثانية»، و«رد قلبي»، و«شباب امرأة»، و«ليلة القبض على فاطمة»، كما تم اختياره «أفضل ممثل في القرن العشرين» بعد تصدره قائمة «أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية» بعدد 15 فيلماً في استفتاء مهرجان القاهرة السينمائي 1996، الذي كرمه قبل عام من رحيله.