رحيل الروائية اللبنانية ليلى بعلبكي أستاذة الأديبات المتمردات

بعد محاكمتها توقفت عن الكتابة لكن شهرتها لم تخبُ

عمر مشوار ليلى بعلبكي الأدبي قصير جداً قد لا يتجاوز السنوات العشر (منصة «إكس»)
عمر مشوار ليلى بعلبكي الأدبي قصير جداً قد لا يتجاوز السنوات العشر (منصة «إكس»)
TT

رحيل الروائية اللبنانية ليلى بعلبكي أستاذة الأديبات المتمردات

عمر مشوار ليلى بعلبكي الأدبي قصير جداً قد لا يتجاوز السنوات العشر (منصة «إكس»)
عمر مشوار ليلى بعلبكي الأدبي قصير جداً قد لا يتجاوز السنوات العشر (منصة «إكس»)

عملياً عاشت ليلى بعلبكي، الروائية اللبنانية الرائدة التي غادرتنا يوم الجمعة الماضي، في مغتربها اللندني عن 89 عاماً، عمراً أدبياً قصيراً جداً قد لا يتجاوز السنوات العشر، ومن ثمّ غابت عن المشهد ما يقارب 50 سنة، لم تظهر خلالها إلّا لماماً وعلى استحياء، إلى أن قرأنا خبر نعيها.

ومع ذلك، بقيت ليلى بعلبكي، طوال هذه السنين، نجمة في دنيا الأدب، لم ينسَ القرّاء ولا النقاد يوماً اسمها، وبقيت حكايتها تطاردها، والأجيال المتعاقبة تبحث عن كتبها، وتحاول العثور على نصوصها بأي ثمن. وبذلك فإن ليلى بعلبكي، كُتب عنها بالعربية والأجنبية، أضعاف ما كتبت هي نفسها، وأسالت من الحبر دون أن تقصد، ما تحسدها عليه كاتبات كثيرات. إذ لا يمكن التأريخ للرواية النسائية العربية، من دون التوقف عند ليلى بعلبكي وما كتبته، ومدى تأثيره فيمن جاء بعدها. وبذلك هي بالفعل ظاهرة تستحق أن تدرس، وسيرة، كان لا بدّ أن تُكتب، ويخشى أن تكون ليلى بعلبكي، وهذا هو المرجح، قد رحلت، من دون أن تترك لنا مخطوطة وراءها، أو قصّاصات سجلت فيها خواطرها.

منذ ما يقارب نصف قرن، غابت الروائية اللبنانية ليلى بعلبكي عن المشهد الثقافي، بقرار خالص منها. انسحبت وعاشت حياة عائلية خارج لبنان، وحين كانت تعود في زياراتها القليلة، تبدو وكأنها ليست هي المرأة التي أقامت الدنيا ولم تقعدها بكتاباتها، بل بقيت صامتة، خصوصاً عن أي موضوع يمكن أن يزيد أو ينقص عمّا عرفناه عنها في الكتب. رفضت مشاريع كثيرة، أدارت ظهرها لأي مقابلة صحافية، أو حتى حوار شخصي يعيدها إلى أي تفصيل أدبي. قالت إنها هجرت حتى الكتابة الصحافية لأنّها كانت تتعرّض لمضايقات جمّة، ولم تشعر أن بمقدورها أن تكتب ما تريد أو تحكي عمّا تشاء.

الروائية اللبنانية ليلى بعلبكي

هي ابنة الجنوب اللبناني، من قرية حومين التحتا في منطقة النبطية، تعلّمت في بيروت، وبدأت دراستها في جامعة القديس يوسف ولم تكملها. عملت موظفة في المجلس النيابي اللبناني لسنوات قليلة، وكتبت في عدد من الصحف والمجلات منها «الحوادث»، و«النهار»، و«الأسبوع العربي».

دخولها عالم الرواية

صدرت رواية ليلى بعلبكي الأولى «أنا أحيا» عام 1958 عن «منشورات مجلة شعر»، وهو ربما ما روّج لها وساعد في انتشارها، ومن ثمّ ذيوع صيتها. بطبيعة الحال هذا وحده لا يكفي، ليجعل «أنا أحيا» إلى اليوم، واحدة من أشهر الروايات العربية على الإطلاق، وبها يؤرخ النقاد لولادة أول رواية عربية نسائية حرّة وجريئة؛ فهي مكتوبة بتلقائية، وبأسلوب بسيط، لكنه حيوي وجذاب، وبطلتها لينا فياض، لديها من الجرأة أن تفكّر بما لا تجرؤ عليه الأخريات، وتقول وتفعل، ما بدا مستهجناً لكثيرات في حينه. فهي التي تقول: «هكذا أنا عالم مستقل لا يمكن أن يتأثر مجرى الحياة فيه بأي حدث خارجي لا ينطلق من ذاتي». ومن هنا كان لها أن تكتب نفسها وما يدور في خاطرها.

الطبعات الأولى لكتبها

ورغم أن قراءة هذه الرواية اليوم، قد تبدو غير مستساغة لأن الزمن قد تغير، والكتابة الروائية اتخذت أشكالاً أخرى، إلا أنّ أجيالاً من الفتيات تتلمذن على «أنا أحيا»، و«الآلهة الممسوخة» التي بقيت أقل شهرة. أمّا الكتاب الثالث للروائية فهو «سفينة حنان إلى القمر»، وهو عبارة عن مجموعة قصصية صدرت عام 1963. ورغم أن الرواية التي تحمل اسم المجموعة كانت قد نشرت منفردة، في مجلة «حوار»، وكذلك القصص الأخرى من المجموعة نشرت متفرقة، من دون أن تلفت نظراً أو تثير غباراً بل نالت مديحاً، فإنه بعد ثمانية أشهر نشرت صحافية مصرية مقالة في مجلة «صباح الخير»، هاجمت فيها كاتبة المجموعة واتهمتها بالإباحية وهي تعيد بعض الألفاظ النابية الواردة في الكتاب ومعلقة في النهاية: «ملعون هذا الأدب يا شيخة!».

«يحكي كتابي (أنا أحيا) عن البشر، وعن الناس، وعن الأشخاص، في هذا البلد. يصوّر الواقع بطريقة أدبية فنية. وإذا كانت تجب مصادرته فالأصح أن تصادر البشر هنا، لأنهم مادته...»

ليلى بعلبكي، الروائية اللبنانية الرائدة

المحاكمة

على الأثر، ورغم أن الكتاب كان حائزاً على رخصة النشر بشكل قانوني، قامت السلطات اللبنانية بمصادرته من دار النشر، ومن المكتبات الموجود فيها، واحتجزت شرطة الآداب الكاتبة لمدة ثلاث ساعات، واستجوبت وأُحيلت إلى المحكمة.

كتبت ليلى بعلبكي عن استجواب رجل الشرطة لها وهي تقول: «لم أتمكن من إخفاء استغرابي وهو يسألني: لماذا تكتبين بهذه الطريقة؟ وسألت نفسي هل يحقّ لأحد أن يسأل فناناً لماذا يكتب هكذا؟ بصوت مرتفع أجبت: لأنني أعتبر نفسي أتمتع بحرية الرأي، والفكر، والعمل، الممنوحة لكل شخص في لبنان». قالت إن كتابها يحكي «عن البشر، وعن الناس، وعن الأشخاص، في هذا البلد. يصوّر الواقع بطريقة أدبية فنية. وإذا كانت تجب مصادرته فالأصح أن تصادر البشر هنا، لأنهم مادته...».

محاكمة ليلى بعلبكي بسبب روايتها «أنا أحيا» (منصة «إكس»)

لكن هذا كله لم يكن كافياً. أُحيلت إلى المحكمة، وطالبت النيابة العامة بحبس المؤلفة من شهر إلى ستة أشهر وبتغريمها من 10 ليرات إلى 100. تولّى الدفاع في هذه المحاكمة الشهيرة عن ليلى المحامي محسن سليم، والد الروائية والناشرة رشا الأمير، والمغدور به لقمان سليم. وكانت المحاكمة الأولى من نوعها في لبنان التي يحاكم فيها أديب على هذا النحو.

 

أثناء المحاكمة وتظهر في الصورة ليلى بعلبكي

اختلفت ردود الفعل على ما تعرضت له ليلى بعلبكي، ساندها أدباء ومفكرون عرب ولبنانيون، ودافعوا عنها دفاعاً عالي النبرة، خصوصاً جماعة مجلة «شعر»، لكن هيئات نسائية اعترضت على الكتاب ومستواه الأخلاقي الهابط. ووصل الصدى إلى أوروبا تحديداً فرنسا، وانشغلت المجلات والصحف هناك، بقضية الكاتبة اللبنانية كونها تخوض معركة حرية.

وانتهت هذه المنازلات الحادة، التي استنزفت الكاتبة ووضعتها في حالة نفسية صعبة للغاية، بالحكم «بوقف التعقبات الجارية بحق المدعى عليهما ليلى بعلبكي وجورج غريب وبعدم إيجاب الرسوم ورفع قرار المصادرة وإعادة الكتب المضبوطة لأصحابها».

ليلى بعلبكي بهذا كانت أول لبنانية تحاكم بتهمة خدش الحياء العام، وصدر الحكم في شهر 23 يوليو (تموز) عام 1964.

في الجرأة كانت سبّاقة

وليلى بعلبكي بهذا النبض والنصوص المتمردة، والرغبة العارمة في إطلاق ما في داخلها والتعبير عنه، قد تكون سبقت غيرها. وهي حقيقة رفعت السقف عالياً، في مجتمع كان لا يزال التقليديون فيه كثرة، ولم توفّر الجوانب الدينية، وكأنما تركت لنفسها تقول ما تتمنى. لكننا نتحدث عن نهاية الخمسينات من القرن الماضي، وبداية الستينات، وفورة العصر الذهبي الثقافي اللبناني، وغليان التيارات الفكرية، وصعود الوجودية، وازدهار الحركة المسرحية والتشكيلية وولادة المهرجانات الفنية، ومعرض الكتاب. هي حيوية مجتمعية ثقافية جامعة، جاءت ليلى بعلبكي لتتّبعها موجة من الكاتبات مثل حنان الشيخ وغادة السمان، وغيرهن.

كل ما تعرضت له ليلى بعلبكي، يبدو أنه أصابها بالإحباط، فتوقفت عن الكتابة، وتزامن ذلك مع زمن النكسة، ولم يطل الوقت قبل أن تنشب الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975، فتركت لبنان إلى لندن، وغابت ليلى، باستثناء زيارات متقطعة، ونفدت طبعات كتبها، وأصبح قُرّاؤها، يبحثون عن النسخة من «أنا أحيا» فلا يجدونها.

العودة إلى المكتبات

وتمكنت «دار الآداب» من إقناع ليلى بعلبكي، بإعادة طباعة كتبها، وهكذا كان، وأصبحت موجودة لمرّة جديدة في الأسواق. وحضرت بعلبكي بعد احتجابٍ لتلتقي بجمهور معرض بيروت للكتاب عام 2009 وتوقّع كتبها، وبهذه المناسبة أعادت ربط بعض ما انقطع لبعض الوقت، قبل أن تغيب كلياً، وجاء الوباء والانهيار، فلم نعد نعرف ما حلّ بليلى، إلى أن وافتها المنية في مغتربها، وجنوبها، جنوب لبنان، يعيش أياماً صعبة وقاسية، وأهله في قلق على غَدِهم.

كتب أنيس صايغ في العدد الخامس من مجلة «الآداب» الصادر في 1 مايو (أيار) 1958 في مقالة نقدية: «(أنا أحيا) لا تعني (أنا حبلى) فحسب، إنها قد تعني أيضاً، أنا أنتج فكراً، أنا أُكافح عدواً، أنا أنصر ضعيفاً، أنا أُربّي يتيماً،...». خاتماً مقالته: «ليلى بعلبكي إمكانية كبرى، لن نسميها فرنسواز ساغان العرب، ولا نريدها أن تكون فرنسواز ساغان العرب، نريدها ليلى بعلبكي وحسب».

 


مقالات ذات صلة

أي دور للكتاب والمبدعين في زمن الحرب؟

ثقافة وفنون سانت إكزوبيري

أي دور للكتاب والمبدعين في زمن الحرب؟

لم يكف البشر منذ وجودهم على هذه الأرض عن التقاتل والتذابح، وفرض سيطرة بعضهم على البعض الآخر، عبر أكثر الوسائل دمويةً وفتكاً.

شوقي بزيع
ثقافة وفنون نصبان جنائزيان من مقبرة الشاخورة

نصبان جنائزيان من مقبرة الشاخورة

يحتل الفن الجنائزي حيزاً واسعاً من ميراث أقاليم شبه الجزيرة العربية، وتتميّز جزيرة البحرين في هذا الميدان بنتاج نحتي تصويري يعود إلى القرون الميلادية الأولى

محمود الزيباوي
ثقافة وفنون كمال داود يقلّب مواجع العشرية السوداء

كمال داود يقلّب مواجع العشرية السوداء

تتويج كمال داود بجائزة «الغونكور»، وهي أبرز تكريم أدبي فرانكفوني على الإطلاق، لم يكن مفاجأة، فمنذ أشهر توقّعت عدة تقارير فوز الكاتب الجزائري بالجائزة المرموقة

أنيسة مخالدي (باريس)
ثقافة وفنون «اخترعت الشعر»... مختارات لأفضال أحمد سيد

«اخترعت الشعر»... مختارات لأفضال أحمد سيد

«اخترعت الشعر» عنوان لافت لمختارات نقلها عن الأردية المترجم هاني السعيد للشاعر الباكستاني أفضال أحمد سيد الذي يُعد أحد رواد قصيدة النثر في باكستان.

رشا أحمد (القاهرة)
ثقافة وفنون مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

صدر حديثاً عن دائرة الثقافة في الشارقة العدد 62 لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من مجلة «المسرح»، وضمَّ مجموعة من المقالات والحوارات والمتابعات حول الشأن المسرح

«الشرق الأوسط» (الشارقة)

مصر: مطالب بتشديد الرقابة على المواقع الأثرية لتفادي التخريب

جانب من العمل التخريبي (فيسبوك)
جانب من العمل التخريبي (فيسبوك)
TT

مصر: مطالب بتشديد الرقابة على المواقع الأثرية لتفادي التخريب

جانب من العمل التخريبي (فيسبوك)
جانب من العمل التخريبي (فيسبوك)

أثار تشويه بعض نقوش مقبرة ميروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) غضباً في مصر، وارتباكاً في أروقة وزارة السياحة والآثار التي أصدرت بياناً مساء الاثنين، أكدت فيه ترميم الجدار بعد محاولة تخريبه.

ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر في المجلس الأعلى للآثار خبر نقل 7 مفتشي آثار ومسؤولي أمن من المنطقة الأثرية في سقارة إلى مكان آخر في نوع من العقاب لهم جراء تقصيرهم في حماية المقبرة.

وطالب أثريون ونشطاء بتشديد الرقابة على المواقع الأثرية لتفادي التخريب، من خلال زياد أعداد الحراس والاستعانة بتقنيات المراقبة الحديثة.

مقبرة ميروكا تتمتع بنقوشها الفريدة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وبعد مرور ساعات على نشر صور الأعمال التخريبية للمقبرة عبر مواقع التواصل، قالت وزارة السياحة والآثار المصرية، إنه في أثناء قيام مفتشي آثار المنطقة بالمرور الدوري اليومي على المقابر المفتوحة للزيارة بالمنطقة تبين وجود خطوط بيضاء على أحد الجدران الداخلية لمقبرة ميروكا.

وقد قام مديرو المنطقة باتخاذ الإجراءات الإدارية والقانونية اللازمة كافة وتحرير محضر بالواقعة، حيث أثبتت التحريات قيام أحد زائري المنطقة بالكتابة على الجدار في أثناء زيارته المقبرة، مما نتج عنه وجود هذه الخطوط البيضاء.

وقد قام المجلس الأعلى للآثار بترميم الجدار وإزالة هذه الخطوط وإعادة الجدار كما هو في حالة جيدة من الحفظ.

لكنَّ الصور التي أرفقتها الوزارة بالبيان أظهرت وجود بقايا خط أفقي غائر في نقوش ورسومات المقبرة مما يدل على أن التشويه كان بآلة حادة وليس مجرد خطه بلون أبيض، وفق متابعين.

صورة نشرتها وزارة السياحة والآثار بعد معالجة العمل التخريبي (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وتقوم الجهات المعنية بالتحقيقات اللازمة لمعرفة الجاني ومعاقبته وفقاً لقانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، والذي تنص المادة 45 منه على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

ووفق خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية، فإن «المقابر الفرعونية تحتاج إلى توثيق ونشر علمي لكل محتوياتها، إلى جانب رقمنة هذا التوثيق وإتاحته على مواقع معروفة متاحة للباحثين والإعلاميين».

المقبرة تعد واحدة من كبرى مقابر عصر الملك «تتي»... (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أنه جرى «تسجيل المتحف المفتوح بالكرنك بواسطة المركز المصري الفرنسي ووضع محتوياته على قاعدة بيانات دولية، وإذا تمت سرقتها أو تشويه أحد معالمها سيُكشف كل ذلك».

وقال الباحث الأثري أحمد عامر إن معظم المقابر الأثرية غير مراقَبة بالكاميرات، إذ يتم الاكتفاء في أغلب الأحيان بوجود حارس على كل مقبرة مفتوحة للزيارة مع وجود مفتش آثار».

وتوقع أن يكون قد تم تشويه مقبرة ميروكا خلال وجود أحد الزائرين داخل المقبرة عندما كان بعيداً عن أعين الحراس، وبالإضافة إلى توقيع جزاء إداري ضد مسؤولي حراسة المقبرة، يتوقع عامر تحويل القضية إلى النيابة الإدارية لإصدار حكم في الواقعة حيث تتوافر عناصر الإهمال، وفق تعبيره.

جدران المقبرة تتضمن كثيراً من المناظر التي تعرض الحياة اليومية خلال الدولة القديمة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وتعد سقارة من أبرز المناطق الأثرية في مصر، حيث تلقَّب بـ«أقصر الشمال»، فهي تعد الجبانة الشمالية الموازية لجبانة طيبة (الأقصر) في جنوب البلاد، ولا تزال مليئة بالأسرار، بوصفها مكان الدفن الأساسي لجبانة «منف» عاصمة مصر لعصور طويلة.

وترجع تسمية منطقة سقارة إلى إله الجبانة «سوكر»، وهي إحدى المناطق الموجودة على قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونيسكو منذ عام 1979، ومن أشهر آثارها هرم زوسر المدرج، أول بناء حجري في التاريخ.

وإلى جانب كون ميروكا وزيراً في عهد الملك تتي (2345 - 2323 ق.م)، فإنه كان كذلك زوج ابنة الملك وكان يتمتع بنفوذ كبير، وهي الفترة التي بدأ فيها زيادة نفوذ طبقة كبار رجال الدولة خلال نهاية الأسرة السادسة.

يُذكر أن ميروكا قد دفن في مقبرة على شكل مصطبة شمالي هرم تتي بسقارة، وتعد واحدة من كبرى مقابر عصر الملك «تتي» كما أنها الأروع من حيث المناظر والزخارف التي تزينها من بين مقابر الدولة القديمة، وتضم أكثر من ثلاثين حجرة تتضمن ست حجرات لزوجته وخمساً لابنه «مري تتي»، وفق موقع وزارة السياحة والآثار المصرية.

وتتضمن جدران المقبرة كثيراً من المناظر التي تعرض الحياة اليومية في الدولة القديمة، مثل مناظر رعي الماشية، وصيد فرس النهر، ومناظر صيد الطيور.