القائمون على أوبرا هاكا في تايوان يكافحون لاستمرار فن يعود إلى قرون

تايبيه التايوانية (إ.ب.أ)
تايبيه التايوانية (إ.ب.أ)
TT

القائمون على أوبرا هاكا في تايوان يكافحون لاستمرار فن يعود إلى قرون

تايبيه التايوانية (إ.ب.أ)
تايبيه التايوانية (إ.ب.أ)

رغم الجمهور المحدود الذي لا يتعدى 100 شخص في الحفلات، معظمهم من كبار السنّ، تصرّ جين تشيه لي البالغة 34 عاماً على مواصلة كفاحها من أجل استمرار أوبرا هاكا في تايوان.

وقد نشأ هذا النوع من الأوبرا من تقليد كان سائداً في فترة حكم سلالة تشينغ بين عامي 1644 و1911، وقد تولّى مهاجرون آتون من البر الرئيسي للصين إدخال هذا النوع من العروض الذي يُعدّ أحد أعظم فروع الأوبرا الصينية، إلى الجزيرة.

لكنّ نجم أوبرا هاكا خفت مع انخفاض استخدام لغة الهاكا لدى هذه الأقلية التي تمثل نحو 20 في المائة من سكان تايوان، البالغ عددهم 23 مليون نسمة، بينما الماندرين هي اللغة السائدة.

ولا تبدو جين تشيه لي مستعدة للاستسلام، وهي كانت تؤدي في إحدى الأمسيات «أسطورة الثعبان الأبيض»، إحدى كلاسيكيات الفرقة، على مسرح أقيم أمام معبد في منطقة تاويوان في شمال الجزيرة.

وتؤكد الشابة: «يمكنني العثور على وظيفة عادية، لكنّ ذلك سيكون مضيعة للوقت والجهد اللذين خصصتهما لتعلّم أوبرا هاكا وأدائها».

وتدرك تشيانغ يو لينغ، التي أسست قبل 19 عاماً مع زوجها أوبرا جينغ شينغ، حيث تؤدي جين تشيه لي، الطابع الهامشي المتزايد لهذا الفن الذي لم تعد تمارسه في تايوان سوى 8 فرق محترفة مستمرة بفضل جهات راعية ومساعدات رسمية.

وتقول متنهدة: «إنه فن متخصص لأنّ عدداً كبيراً من الأشخاص لا يفهمون اللغة المُستخدمة فيه».

ويبدي لويس لو (30 عاماً) الذي حضر برفقة أفراد مسنين من عائلته، أسفه لهذا الواقع. ويقول إنّ «جيل والدي كان يتحدث بشكل أساسي بلغة الماندرين، وأنا لا أتحدث بلغة الهاكا سوى بشكل محدود».

ويؤكد لويس لو أن هذا النوع من الأوبرا المشابه لأوبرا بكين الشهيرة التي أدرجتها «اليونيسكو» ضمن لائحة التراث البشري عام 2010، «لا يتوجّه إلى الشباب بسبب حاجز اللغة».

وفي محاولة لاستقطاب جمهور جديد، تسعى الفرقة جاهدة إلى دمج مزيد من العناصر المعاصرة في بعض عروضها، بدءاً من الشخصيات البهلوانية وصولاً إلى رقص الشوارع (ستريت دانس)، ومروراً بالألعاب النارية.

وتقول جين تشيه لي: «نحاول أن نجعل الناس تتعرف على أوبرا هاكا من خلال عروض مبتكرة، على أمل أن يؤدي ذلك أيضاً إلى إثارة الاهتمام بالفنّ التقليدي».

وتتبنّى هذه المقاربة شيانغ يو لينغ، وتقول لوكالة الصحافة الفرنسية: «زوجي وأنا في الخمسينات من عمرنا وبدأنا نفتقر إلى الأفكار الجديدة. نأمل أن يزداد عدد الشباب المنضمين إلينا لابتكار أوبرا هاكا مختلفة».

وتبدي شيه يو تسين (31 عاماً)، وهي عضو أخرى في الفرقة، قناعتها بأن هذا الفن «لن يختفي مطلقاً».

وتقول: «قد ينخفض عدد فرق أوبرا هاكا، لكنّ الناس يميلون إلى الحنين للماضي وسيتذكرونه ويرغبون فجأة في حضور عرض لهذا النوع من الأوبرا».

وترى شيانغ يو لينغ أنّ التكلفة المنخفضة للعروض (200 دولار تايواني، أي 6.26 دولار أميركي)، تلعب أيضاً دوراً في عدم زوال هذا الفن الذي يعود إلى قرون. وتضيف: «كثيراً ما يُقال إن المساعدة في بقاء هذا الفن التقليدي لا تكلف أكثر من سعر فنجان قهوة في أحد المتاجر الأميركية».


مقالات ذات صلة

لندن... المحطة الرابعة لحفل روائع الأوركسترا السعودية

يوميات الشرق الأوركسترا السعودية تزور لندن الشهر القادم (هيئة الموسيقى)

لندن... المحطة الرابعة لحفل روائع الأوركسترا السعودية

تستعد هيئة الموسيقى لتنظيم حفل «روائع الأوركسترا السعودية» يوم السبت الموافق 28 سبتمبر (أيلول)، في مسرح سنترال هول وستمنستر في قلب العاصمة البريطانية لندن.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق حلمه الغناء عالي المستوى في لبنان والمنطقة العربية (صور روي حاج)

التينور اللبناني - الأميركي روي حاج: حلمي الغناء في المنطقة

يتحدّث التينور اللبناني، روي حاج، عن «اتصال الروح مع العالم لسرد القصص» لدى الصعود إلى مسرح. يرى الغناء الأوبرالي داخلياً يمتد إلى جذور المغنّي وأصوله.

فاطمة عبد الله (بيروت)
رياضة عالمية لقطة من أوبرا كرة القدم التي تعرض الآن في هامبورغ (رويترز)

حمى كرة القدم مصدر إلهام لدار الأوبرا الألمانية

لا يمكن الشعور بحمى كرة القدم في بطولة أوروبا 2024 في ألمانيا داخل الملاعب المزدحمة والحانات الصاخبة وساحات المدن فحسب، بل أيضاً في دار الأوبرا.

«الشرق الأوسط» (هامبورغ)
لمسات الموضة علاقة «ديور» بالباليه تعود إلى عهد المؤسس كريستيان ديور مما جعل لها باعاً في هذا المجال (صوفي كار)

«ديور» ترقص في دار الأوبرا بدبي على موسيقى فيليب غلاس

التقطت المصممة ماريا غراتزيا تشيوري الخيط من كريستيان ديور، واستعملت الرقص تيمات لبعض عروضها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مغنية الميزو سوبرانو الشهيرة سارة كونولي تلعب دور «زرقاء اليمامة» (هيئة المسرح والفنون الأدائية السعودية)

«تايمز»: «زرقاء اليمامة» تمهد لنهضة فنية وثقافية كبرى في السعودية

تُغنى عروض أوبرا «زرقاء اليمامة» باللغة العربية، وظهر العرض لأول مرة في الرياض الثلاثاء الماضي، ليكون أول عرض أوبرالي سعودي في تاريخ المملكة والأضخم عربيا

«الشرق الأوسط» (لندن)

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)
حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)
TT

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)
حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)

اختتم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فعاليات دورته التاسعة، مساء الأربعاء، بعيداً عن صخب المشاهير الذين اختفوا عن حفل الختام الذي أقيم في قصر ثقافة مدينة شرم الشيخ بمحافظة جنوب سيناء.

ووفق نقاد، فإن التضارب الذي يحدث بين مواعيد انعقاد مهرجانات مصرية على غرار «شرم الشيخ المسرحي» و«القاهرة السينمائي» هو السبب وراء اختفاء نجوم الشاشات والمسرح عن حضور فعاليات المهرجان.

ورغم استمرار انعقاد مهرجان القاهرة السينمائي المعروف بكثافة فعالياته، جرى تكريم بعض نجوم الفن والسينما، عبر حفل «غولدن غلوب» ومجلة «Enigma»، بأحد الفنادق الكبرى على النيل، كان من بينهم الفنان حسين فهمي، رئيس مهرجان القاهرة السينمائي، والفنانة يسرا، اللذان تم منحهما جائزة «عمر الشريف».

وشهد حفل ختام «شرم الشيخ المسرحي» حضور عدد قليل من الفنانين والمسرحيين، من بينهم الفنان سيد خاطر، وكيل وزارة الثقافة المصرية الأسبق، وأحمد بو رحيمة، مدير إدارة المسرح بدائرة الثقافة بالشارقة، والفنان علاء مرسي، والفنان والبروفيسور الروسي ميخائيل جوريفوري، والمخرج الروماني قسطنطين كرياك، رئيس مهرجان سيبيو الدولي، والفنانة حلا عمران، والفنانة اللبنانية مروة قرعوني، والفنان أحمد وفيق، والمخرج السوري ممدوح الأطرش، والكاتبة فاطمة المعدول، والدكتور سعيد السيابي من سلطنة عمان، والمخرج عصام السيد، والفنانتان المصريتان عزة لبيب، ومنال سلامة.

حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي (شرم الشيخ المسرحي)

وسيطرت مصر على جوائز حفل الختام؛ إذ حصل شباب مسرحها على جائزة أفضل عرض متكامل بمسرحية «هجرة الماء» وشهادتي تقدير لجودة العمل في مسابقة مسرح الطفل والنشء، كما حصل المصري أحمد بيلا على جائزة لجنة التحكيم في مسابقة الشارع، عن عرض «خلف النافذة»، أما عن أبرز الجوائز العربية فحصل العرض الإماراتي «حكايات صامتة» على جائزة أفضل أداء جماعي في مسابقة مسرح الطفل والنشء، وحصل العرض العماني «فضيلة عبيد» على جائزة لجنة التحكيم في مسابقة الشارع.

وأعلن المخرج مازن الغرباوي، مؤسس ورئيس المهرجان، أن دولة كوريا الجنوبية ستكون ضيف شرف المهرجان في الدورة المقبلة التي ستحمل اسم الفنانة المصرية القديرة إلهام شاهين، لمسيرتها المهمة في المسرح المصري والعربي.

وأعرب المخرج السوري ممدوح الأطرش عن سعادته البالغة لتكريمه في مصر، موضحاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «أتابع المهرجان منذ انطلاقه قبل 9 سنوات، وأراه يتطور سنة تلو الأخرى».

ممدوح الأطرش خلال حفل الختام (شرم الشيخ المسرحي)

وعن أعماله الفنية التي يحضر لها خلال الفترة المقبلة، قال الأطرش: «أجهز لفيلم سينمائي عن حياة الفنانة الراحلة أسمهان، نجري حالياً تشاورات ونقاشات عدة حوله، حتى يخرج بالصورة الرائعة التي تُمثل قيمة أسمهان بصفتها فنانة عالمية، مع سرد سريع لقصة عائلة الأطرش».

يُذكر أن الدورة التاسعة من المهرجان كانت تحمل اسم المخرج الكبير الراحل جلال الشرقاوي، وشهدت مشاركة 36 دولة، ومنح الفنانة السورية حلا عمران درع «سميحة أيوب»، بجانب تكريم الفنان علاء مرسي، والفنان الروسي ميخائيل جوريفوي، والمخرج السوري ممدوح الأطرش.