نجوى بركات لـ«الشرق الأوسط»: ملَّ الناس المعلومة المقدَّمة على عجل

برنامجها «مطالعات» يتجاوز «أدب الجوائز»

نجوى بركات تؤكد الملل من المعلومة المقدَّمة في 30 ثانية ومن الاختصار (حسابها في «فيسبوك»)
نجوى بركات تؤكد الملل من المعلومة المقدَّمة في 30 ثانية ومن الاختصار (حسابها في «فيسبوك»)
TT

نجوى بركات لـ«الشرق الأوسط»: ملَّ الناس المعلومة المقدَّمة على عجل

نجوى بركات تؤكد الملل من المعلومة المقدَّمة في 30 ثانية ومن الاختصار (حسابها في «فيسبوك»)
نجوى بركات تؤكد الملل من المعلومة المقدَّمة في 30 ثانية ومن الاختصار (حسابها في «فيسبوك»)

تُعِدّ الروائية اللبنانية نجوى بركات وتقدّم برنامج «مطالعات» (العربي 2) المعني بالأدب وأحواله. مثل منارة في الليالي الموحشة، يردّ الاعتبار لجدوى الثقافة الآخذة في التردّي.

تستضيف روائيين، بعضهم مكرّس والآخر من الدماء الفوّارة المتجدِّدة، وتتناول آخر الإصدارات للإسهام في توجيه القارئ. حين طرحت الفكرة، رحَّبت المحطة. أرادت الاكتفاء بالإعداد، فشجّعتها على خوض المغامرة كاملة.

تُخبر بركات «الشرق الأوسط» أنّ الفكرة ليست فريدة من نوعها، ولعلها تلوح في بال مهتمّين يكترثون للثقافة ومصيرها. تقول: «وسط كمّ الإنتاجات الهائل، لا بدّ من وقفة مع الكتاب.

الثقافة أمام معضلة التراجع العام، والقارئ لا يدري تماماً أي إصدار قد يُشبع نهمه. دليله الوحيد هو الجوائز. أحياناً، قد لا تكون منصفة، وتحجب بطريقها الضوء عن أصناف أخرى جديرة بفرصة. نصبح قراء أدب الجوائز، وهذا برأيي ينطوي على خطورة. إنها خطورة تحجيم الرغبة».

يكترث البرنامج لجيل يهتم بالشأن الثقافي ويترقّب آخر الإصدارات، من دون أن تفوته اتجاهات الأدب العالمي ومسارات الترجمة. برأي نجوى بركات: «الضرورة قائمة، ولا بدّ من مُبادِر. على الطريق أن تبدأ بخطوة».

جمع نقاشُ الهجرة والأدب وشجون الكتابة، الروائي التونسي حبيب السالمي والشاعر العراقي سنان أنطون في الحلقة الأولى. بركات مُلمَّة، توجّه أسئلة تدرك خلفياتها. لا تقرأ المكتوب على الورق، بل «تتورّط» بالموضوع وتشعر بأنها معنيّة. من بيروت، أطلّت الممثلة أنجو ريحان للحديث عن شخصيات ثلاث تؤدّيها في مسرحية «مجدرة حمرا» المستمرّ عرضها منذ خمس سنوات. تُخبر مُحاوِرتها أنّ روح هذه النساء الثلاث تقيم فيها حدّ تشرُّب الدور وتحوّله بعضها.

نجوى بركات بين الروائي التونسي حبيب السالمي والشاعر العراقي سنان أنطون (فيسبوك)

في الحلقة الثانية، حضر نقاش الحرب والجائحة في الأدب. تكلّم الروائي اللبناني حسن داود عن الحب المتجلّي في العزلة، وأخبر مُحاوِرته عما أراده من روايته «فرصة لغرام أخير» المستمدَّة أحداثها من الوباء. الروائي والصحافي السوري سومر شحادة ألمَّ بالمسألة من واقعها المتعلّق بأسى بلاده. بركات بين الاثنين، توجّه أسئلتها وتبحث عن مغزى الحوار. تريده من أثر.

تعلم أنّ الكتاب قد يُخيف لظنٍّ أنه يشكّل العبء، وأنّ التلفزيون في النهاية مساحة ترفيه، غايته القصوى الاستمالة العريضة. مع ذلك، تؤكد: «ملَّ الناس المعلومة المقدَّمة في 30 ثانية. الاختصار ليس الحل وثمة تململ من التجزئة. يعود عصر البودكاست الممتدّ لنحو الساعتين ويجد مَن يصغي وينتظر. التلفزيون هدفه مراكمة الجمهور، هذا صحيح. لكنّ الثقافة أيضاً مطلوبة. علينا المحاولة قبل إطلاق الأحكام. ألمسُ التعطّش إلى مواضيع تبحث في العمق، عوض الاكتفاء بالتفكيك. أنادي بالمعرفة العمودية بديلاً عن اتخاذ جميع المواضيع مسارها الأفقي».

تنشد التنويع، فلا يقتصر النقاش على الأدب. يحضر الاجتماع وأدب الرحلة والسيرة في الحلقات المقبلة، وفق قاعدة «عدم الإتاحة للمعلومة بأن تُسلق». يسكنها مصير الكاتب حين لا يُسلّط ضوء عليه. كتّاب أُصيبوا بالإجحاف لأنّ أحداً لم يلحظ نتاجهم. برنامجها يعيد للكتاب الجيّد مكانته: «نساعد قراءنا لاكتشاف أدباء ليسوا بالضرورة على قدر من الشهرة. ذلك لا يعني إهمال حضور الكاتب المُكرَّس. الشباب مهمّون أيضاً».

توجّه الحلقات تحيّة لكتّاب منسيين وآخرين غادروا العالم الأرضي، وبقي نتاجهم مشعاً. تقول: «لم نبدأ من الصفر. ثمة مَن علينا تذكُّر جهودهم في مسار الإنسانية». منذ إقامتها محترفاً لتعليم كتابة الرواية، ونجوى بركات تُسأل: «ماذا نقرأ؟ بمَ تنصحين؟». طلاب ومهتمّون بالأدب يوضعون فقط أمام الكتاب الفائز. تُعلّق: «الجوائز تخدم القراءة باتجاه واحد. حصْرُ الأدب بجائزة يحدّ مفهومه. وعوض الاتّساع والشمول، يغدو محدوداً ويتضاءل».

برنامج نجوى بركات يردّ الاعتبار لجدوى الثقافة الآخذة في التردّي (حسابها في «فيسبوك»)

لا بدّ من سؤال عن «هالة الكاتب». هل وجدت في التقديم والتعرُّض لغزارة الضوء ما يمسّها؟ تجيب بأنّ مسألة الهالة لا تعنيها. وليست من الصنف الممجِّد للهالات، بل تراها نمطية وأقرب إلى السذاجة: «لا أجدني محوطة بهالة، ولا أكترث لذلك. الكاتب ليس العابس طوال الوقت والمقيم في الأبراج العالية بذريعة الهالة. حين طرحتُ على المحطة فكرة البرنامج، دخلتُ من باب الإعداد فقط. خلال النقاش، طُرح سؤال عمَن سيتولّى التقديم. أرادتني الإدارة أن أفعل، وبعد تردُّد وجدتُني أمام الكاميرا، فأتناسها حلقة تلو أخرى، كأنني في بيتي، أستضيف أدباء ونناقش القضايا».

كثيرون هم أصدقاؤها الروائيون، تدعوهم فيلبّون لاطمئنانهم إلى تمكّنها ورصانة المحتوى. ورغم علمهم أنّ التلفزيون يتكلّم طوال الوقت من دون أن يُحقق الكلام دائماً فائدة منشودة، ثمة تطلُّع إلى «استعادة الأصل»، فلا يطغى الترفيه وحده، بل ترافقه مداراة الذوق والعقل والوعي الإنساني. تقول: «قد لا تُحدِث ساعة أسبوعية أعجوبة، لكنها محاولة. لا أدّعي إنقاذ العالم. أريد من برنامجي صناعة قارئ يجيد العثور على كتاب قيِّم. القراء أيضاً يُصنَعون. أعترض على مقولة أنّ الجمهور يفرض المحتوى. الجمهور يُوجَّه».

تحاكي نجوى بركات قارئاً تخذله ظروفه، فلا تساعد المدرسة في بنائه ولا يأخذ مجتمعه الصغير بيده: «يصبح الكتاب ترفاً، فالأسعار ترتفع. التلفزيون مجاني ويدخل كل بيت».


مقالات ذات صلة

زافين قيومجيان في برنامج «شو قولك» ينقل رؤية جيل الغد

يوميات الشرق برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)

زافين قيومجيان في برنامج «شو قولك» ينقل رؤية جيل الغد

«يهدف البرنامج إلى خلق مساحة حوار مريحة للشباب. ومهمتي أن أدير هذا الحوار بعيداً عن التوتر. فلا نلهث وراء الـ(تريند)».

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق «البلوغر» والمذيعة المصرية داليا فؤاد بقبضة الشرطة (صفحتها في «فيسبوك»)

توقيف «بلوغر» مصرية لحيازتها مخدرات يجدّد أزمات صانعات المحتوى

جدَّدت واقعة توقيف «بلوغر» أزمات صانعات المحتوى في مصر، وتصدَّرت أنباء القبض على داليا فؤاد «التريند» عبر «غوغل» و«إكس».

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق الممثل كيليان مورفي يعود إلى شخصية تومي شلبي في فيلم «The Immortal Man» (نتفليكس)

عصابة آل شلبي عائدة... من باب السينما هذه المرة

يعود المسلسل المحبوب «Peaky Blinders» بعد 6 مواسم ناجحة، إنما هذه المرة على هيئة فيلم من بطولة كيليان مورفي المعروف بشخصية تومي شلبي.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق جود السفياني (الشرق الأوسط)

جود السفياني... نجمة سعودية صاعدة تثبّت خطواتها في «خريف القلب»

على الرغم من أن الممثلة جود السفياني ما زالت في بداية العقد الثاني من عمرها، فإنها استطاعت أن تلفت الأنظار إليها من خلال مسلسلات محليّة حققت نسب مشاهدة عالية.

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق تضم المنطقة المتكاملة 7 مباني استوديوهات على مساحة 10.500 متر مربع (تصوير: تركي العقيلي)

الرياض تحتضن أكبر وأحدث استوديوهات الإنتاج في الشرق الأوسط

بحضور نخبة من فناني ومنتجي العالم العربي، افتتحت الاستوديوهات التي بنيت في فترة قياسية قصيرة تقدر بـ120 يوماً، كواحدة من أكبر وأحدث الاستوديوهات للإنتاج.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«إثراء» تكرّس مؤتمر الفن الإسلامي بالظهران «في مديح الفنان الحِرفي»

الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية والأمير سلطان بن سلمان في افتتاح مؤتمر الفن الإسلامي بمركز «إثراء» بالظهران (الشرق الأوسط)
الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية والأمير سلطان بن سلمان في افتتاح مؤتمر الفن الإسلامي بمركز «إثراء» بالظهران (الشرق الأوسط)
TT

«إثراء» تكرّس مؤتمر الفن الإسلامي بالظهران «في مديح الفنان الحِرفي»

الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية والأمير سلطان بن سلمان في افتتاح مؤتمر الفن الإسلامي بمركز «إثراء» بالظهران (الشرق الأوسط)
الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية والأمير سلطان بن سلمان في افتتاح مؤتمر الفن الإسلامي بمركز «إثراء» بالظهران (الشرق الأوسط)

افتتح الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز، أمير المنطقة الشرقية، اليوم الأحد، أعمال مؤتمر الفن الإسلامي بنسخته الثانية، بحضور الأمير سلطان بن سلمان، المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين، رئيس مجلس الأمناء لجائزة عبد اللطيف الفوزان لعمارة المساجد.

وينظم المؤتمر مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي «إثراء» بالظهران، بالتعاون مع جائزة عبد اللطيف الفوزان لعمارة المساجد، ويستمر حتى 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، تحت شعار «في مديح الفنان الحِرفي».

ويحضر المؤتمر باحثون في الفن والتاريخ الإسلامي، ومثقفون وضيوف من مختلف دول العالم،

ويهدف إلى دعم وإحياء التقاليد الفنية الإسلامية بتسليط الضوء على أعمال الحِرفيين المعاصرين الذين يُبقون هذه التقاليد الفنية والحِرفية على قيد الحياة.

الحرف رحلة تعلّم

وفي كلمته، ثمن المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين ورئيس مجلس أمناء جائزة عبد اللطيف الفوزان لعمارة المساجد الأمير سلطان بن سلمان آل سعود، جهود «أرامكو» في مجال الإرث والحضارة ودعم المشاريع التراثية في المنطقة الشرقية، مستعرضاً الأهمية التاريخية للحِرف بوصفها مليئة بالتراث الحضاري للمناطق، وذلك عطفاً على إنجازات المملكة في المحافل الدولية والعالمية بمشاركات متنوعة، سواء من مؤسسات ومعارض ومؤتمرات ذات بُعد تاريخي واجتماعي تصبّ في المنفعة المجتمعية.

وأكد «الأهمية التاريخية للحرف على أنها رحلة تعلم وليست إنجازات»، لافتاً، في الوقت نفسه، إلى «دور المتاحف في تعزيز التاريخ بوصفها وجهة رئيسية لكل دولة». وأشار إلى جهود المملكة في تسجيل واحة الأحساء بصفتها موقعاً تراثياً عالمياً في منظمة اليونسكو.

الحرفي شاعر صامت

وفي كلمته ذكر مدير مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي «إثراء» عبد الله الراشد أن مدرسة الفنون الإسلامية يكاد يغيب عنها الصانع، قائلاً: «القطع الإسلامية لا تعرف من صنعها، أما القطع المعاصرة فيُحتفى بالصانع، وكأن الحرفي في الفنون الإسلامية يود أن يبقى في الظل والخفاء»، مشيراً إلى أن «الحرفي شاعر صامت»، فمن هذا المنطلق حرص «إثراء» على إقامة هذا المؤتمر «في مديح الفنان الحرفي»، والذي «يحوي أوراقاً بحثية وجلسات حوارية ومعارض مصاحبة من أنحاء العالم؛ لنستكشف جمال الحرف الإسلامية وتأثيرها العميق على الثقافة الإنسانية، ولنعبر بتقدير عالٍ لمن يبدعون بأيديهم تراثنا وهويتنا ويصنعونها في زمن جل ما يلمس ويستخدم يصنع بالآلة، لذا أتينا بهذه المعارض لنحتفي باليد البشرية».

ولفت الراشد إلى إطلاق ثلاثة معارض متزامنة مع أعمال المؤتمر في القطع الأثرية والفنون الإسلامية والأزياء التراثية من حول العالم، في حين يتزامن إطلاق المؤتمر مع تسمية عام 2025 عام الحرف اليدوية الذي أطلقته وزارة الثقافة، مما يضيف بعداً خاصاً لهذه المناسبة.

وأضاف: «جهودنا في (إثراء) للعام المقبل تتضمن تقديم عشرات البرامج الكبرى والمعارض والورش؛ كلها حول الحرف اليدوية نستهدف فيها آلاف الزوار».

كود المساجد

بدوره، أعلن رئيس مجلس أمناء الفوزان لخدمة المجتمع عبد الله بن عبد اللطيف الفوزان، اعتماد كود المساجد في المملكة، والذي عملت عليه الجائزة بالشراكة مع وزارة الشؤون الإسلامية واللجنة الوطنية لكود البناء، مشيراً إلى أنه سيجري تدشينه في شهر يناير (كانون الثاني) المقبل.

وأشار إلى أن المؤتمر ملهم لإحياء الإرث الحضاري والتاريخي للأجيال القادمة، منوهاً، في الوقت نفسه، بالمكانة التي يتمتع بها الفنان الحرفي عبر العصور، لذا جاءت الجائزة بوصفها مرجعاً ثقافياً وفكرياً ومظلة حاضنة للمبادرات، والتي تحافظ على الموروث بوصفه رؤية مستقبلية.