المتحف «اليوناني الروماني» بالإسكندرية في حُلة جديدة

يضم 10 آلاف قطعة أثرية ويعود تاريخ إنشائه إلى نهايات القرن الـ19

أعمدة أثرية فريدة داخل المتحف (وزارة السياحة والآثار المصرية)
أعمدة أثرية فريدة داخل المتحف (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

المتحف «اليوناني الروماني» بالإسكندرية في حُلة جديدة

أعمدة أثرية فريدة داخل المتحف (وزارة السياحة والآثار المصرية)
أعمدة أثرية فريدة داخل المتحف (وزارة السياحة والآثار المصرية)

أعادت مصر افتتاح المتحف اليوناني الروماني، الأربعاء، بعد ترميمه وتطويره، وسط احتفاء لافت من الآثاريين والإعلاميين ورجال الدولة في مصر، نظراً لأهميته الأثرية والتاريخية، بجانب طول فترة إغلاقه خلال السنوات الماضية.

المتحف سيجذب كثيرا من السائحين (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وقال مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء المصري الذي شهد الافتتاح: «يُعدّ المتحف صرحاً جديداً يضاف إلى خريطة السياحة المصرية، وإنجازاً ضمن خطة الدولة لإعادة إحياء المناطق والمقار الأثرية لجعلها مقاصد سياحية جاذبة».

وخضع المتحف الذي انتهى إنشاؤه عام 1895، لخطة ترميم وتطوير متكاملة، بدأت فعلياً عام 2018، حسب مدبولي، الذي أكد أنها «جاءت بهدف تعزيز الرسالة العلمية والثقافية التنويرية لهذا الصرح الأثري، الذي يُعد واحداً من أهم وأعظم متاحف حوض البحر المتوسط بأسرها».

جانب من المتحف بعد التحديث (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وأُغلق المتحف في عام 2005 بهدف البدء بمشروع ترميمه، الذي انطلق عام 2009 إلا أن مشروع الترميم توقف في عام 2011 لعدم توفّر الاعتمادات المالية في ذلك الوقت، واستؤنف العمل به عام 2018 حتى أُنجز بالكامل وافتُتح الأربعاء.

وارتكزت الرؤية العامة لمشروع ترميم المتحف، الذي يُعد ثاني أقدم متحف في مصر، على تنوع موضوعات العرض داخل قاعاته، عبر تغطية مساحات تاريخية من تاريخ مصر القديمة بوجه عام والإسكندرية بوجه خاص، مع طرح أقسام جديدة فيه لخدمة الفكر المتحفي الحديث بما يجذب زواره من داخل مصر وخارجها؛ لإبراز المزج الفكري والفني بين الحضارات المصرية القديمة واليونانية والرومانية والقبطية والبيزنطية، حسب الدكتور مصطفى وزيري، أمين عام المجلس الأعلى للآثار المصري.

مومياء من ضمن معروضات المتحف (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وزُوّد المتحف بقاعة المؤتمرات والمكتبة الخاصة بالمتحف اليوناني الروماني، التي تضمّ العديد من الكتب النادرة في العالم، وقاعة للتربية المتحفية لجذب الأطفال إليه، من خلال الورشات والأنشطة المختلفة التي تهتم برفع الوعي الأثري لدى الأطفال، وكذا قاعة المستنسخات الجبسية، التي تشبه نماذج فنية بمتاحف عالمية، وقاعة للدراسة والدارسين.

العرض المتحفي يشهد تنوعاً ثرياً (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ويضمّ المتحف بعد تحديثه 10 آلاف قطعة أثرية، ويتكون من مبنى المتحف، ويتضمن الحديقة المتحفية «الباثيو»، بمساحة 724 متراً مربعاً، ومن ثمّ الطابق الأرضي، وبه 27 قاعة عرض، تُعرض القطع الأثرية فيها بالترتيب التاريخي، بداية من عصر ما قبل الإسكندر في القرن الخامس قبل الميلاد، حتى العصر البيزنطي بالقرن السادس الميلادي، كما يشتمل الطابق الأرضي على مخازن الآثار ومعامل الترميم.

ومن بين أهم قاعات عرض المتحف قاعة الإسكندر الأكبر، وقاعة كليوباترا ومارك أنطونيوس، وقاعة أباطرة القرن الذهبي، وقاعة الفلاسفة، وقاعة النشاط الصناعي والتجاري في العصر الروماني، وفاترينات العُملات وتماثيل الفن السكندري، والتوابيت الرخامية.

رؤوس تماثيل لشخصيات عدة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ووصف الدكتور حسين عبد البصير مدير متحف مكتبة الإسكندرية، افتتاح المتحف بـ«الحدث العظيم الذي ينتظره العالم منذ ما يقرب من 20 عاماً».

وقال عبد البصير لـ«الشرق الأوسط»: «يُعدّ درة المتاحف في العالم، وأقدم من نظيره المصري في التحرير»، منوهاً إلى أنه «يتميز عن كثير من المتاحف المصرية الأخرى في بنائه منذ البداية ليكون متحفاً».

وثمّن عبد البصير «تخصيص مساحة خلاء واسعة أمامه أتاحت له متنفساً جديداً».

تحديث برنامج العرض المتحفي (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ويؤكد عبد البصير أن «هذا المتحف ليس له مثيل في العالم، إذ يعبر بوضوح عن الحضارة الهلنستية (التقاء الشرق بالغرب)».

وتبلورت فكرة إنشائه في عام 1891 حفاظاً على الإرث الثقافي لمدينة الإسكندرية، خصوصاً مع تحقيق العديد من الاكتشافات الأثرية بها منذ عام 1878، لذا اختير موقعه الحالي، وبنى المهندسان الألماني ديتريش، والهولندي ليون ستينون مبنى المتحف على طراز المباني اليونانية، ليُفتتح في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني في عام 1895، وسُجّل في عام 1983 ضمن الآثار الإسلامية والقبطية.

جانب من قاعات عرض المتحف (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ومن أهم معروضات المتحف اليوناني الروماني رأس الإسكندر الأكبر، وهو واحد من مجموعة رؤوسه المعروضة داخل المتحف والمصنوعة من الرخام، والتي تحمل الملامح التقليدية لصور الإسكندر الأكبر.


مقالات ذات صلة

المتحف المصري يختار «المومياء الصارخة» قطعة الشهر

يوميات الشرق قطعة الشهر في المتحف المصري (صفحة المتحف على فيسبوك)

المتحف المصري يختار «المومياء الصارخة» قطعة الشهر

اختار المتحف المصري بالتحرير قطعة «المومياء الصارخة» للعرض عند مدخل الزيارة بوصفها قطعة مميزة طوال شهر، بمناسبة الاحتفاء بالذكرى الـ90 للصداقة بين مصر وسويسرا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق مشاهد الحب زيّنت المقابر المصرية (وزارة السياحة والآثار)

أيقونة «عيد الحب» تزيّن المتحف القبطي في مصر

احتفل عدد من المتاحف المصرية بـ«عيد الحب»، الجمعة، عبر إبراز قطع أثرية تعبّر عن هذه المناسبة، اختارتها «قطعة الشهر»، من بينها تمثال أفروديت.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق جانب من الآثار المصرية المضبوطة في فرنسا (وزارة الخارجية المصرية)

مصر تسترد عشرات القطع الأثرية «المسروقة» خلال أسبوع

نجحت مصر خلال أسبوع في استرداد عشرات القطع الأثرية المسروقة والمهربة إلى الخارج، بعد جهود دبلوماسية.

محمد الكفراوي (القاهرة )
العالم العربي جامع النوري الكبير في الموصل المعروف بمئذنته المائلة (رويترز)

ترميم مئذنة الموصل الشهيرة بعد تدميرها على يد تنظيم «داعش»

تم تجديد جامع النوري الكبير في الموصل المعروف بمئذنته المائلة التي يعود تاريخها إلى ثمانية قرون بعدما دمرها مسلحو تنظيم داعش في عام 2017.

«الشرق الأوسط» (الموصل)
يوميات الشرق مستر بيست خلال تصوير الفيديو (وزارة السياحة والآثار المصرية)

هل ينجح المؤثرون الأجانب في الترويج للمقاصد السياحية بمصر؟

النجاح الذي حققه الفيديو الذي نشره اليوتيوبر الأميركي «مستر بيست» عن أسرار الأهرامات، جعله يحظى بنحو 60 مليون مشاهدة خلال ساعاته الأولى.

محمد الكفراوي (القاهرة )

«خلّصتوا فلوسي»... كيف تحوّلت العبارة الدرامية إلى «تريند» كوميدي؟

هند محمد في شخصية جواهر بمسلسل خريف القلب (الشرق الأوسط)
هند محمد في شخصية جواهر بمسلسل خريف القلب (الشرق الأوسط)
TT

«خلّصتوا فلوسي»... كيف تحوّلت العبارة الدرامية إلى «تريند» كوميدي؟

هند محمد في شخصية جواهر بمسلسل خريف القلب (الشرق الأوسط)
هند محمد في شخصية جواهر بمسلسل خريف القلب (الشرق الأوسط)

لطالما علقت العبارات التي تُقال في سياقات درامية أو كوميدية في أذهان الجمهور، لتصبح جزءاً من أحاديثهم اليومية، وهو أمر لا يحدث كثيراً في الدراما السعودية، بيد أن مسلسل «خريف القلب»، تمكن من كسر حدة الصراع الدرامي بشخصية كوميدية حملت الكثير من خفة الظل، وهي جواهر (هند محمد) التي أصبحت تردد في الدور الذي تلعبه جملة «خلصتوا فلوسي»، كلما شعرت باستغلال من حولها لها.

ولم تكن هذه الجملة مجرد لزمة عابرة، بل تحولت بسرعة إلى أيقونة كوميدية، تُرددها الألسن، وتُستعاد في الميمز والفيديوهات الطريفة على شبكات التواصل الاجتماعي، في محاكاة للحالة التي تجسدها جواهر، المرأة المنانة والمهووسة بجمع المال، والتي تتهم كل من حولها بأنهم تسببوا بإضعاف وضعها المادي، مما يجعلها تبرر لنفسها السرقة، والرغبة بالانتقام، وحبك المكائد.

جشع جواهر يدفعها للسرقة لتجد نفسها حبيسة القضبان (الشرق الأوسط)

بين الجشع والفكاهة

قدمت الممثلة السعودية هند محمد شخصية «جواهر» بمزيج ذكي ما بين الجشع والفكاهة، وتتحدث لـ«الشرق الأوسط» عن ذلك قائلة: «جواهر كانت تجربة ممتعة وتحدياً مختلفاً بالنسبة لي، فهي تحمل بُعداً كوميدياً لكن بروح واقعية، وهذا ما جعل الدور مميزاً... أنا دائماً أبحث عن شخصيات تضيف لي بصفتي ممثلة وتتيح لي استكشاف مناطق جديدة في الأداء، وجواهر كانت فرصة رائعة للخروج من الأدوار والشخصيات التي قدمتها سابقاً... أؤمن بأن التنوع هو سر الاستمرارية، وأحب أن أترك بصمة مختلفة مع كل شخصية أقدمها».

جملة ترددها الألسن

اللزمة الكوميدية «خلصتوا فلوسي»، التي أصبحت علامة فارقة في المسلسل، لم تكن مجرد عبارة في النص، بل تحولت إلى ظاهرة اجتماعية يستخدمها الجمهور في حياتهم اليومية. تعلّق هند على ذلك قائلة: «سعيدة جداً بأن جملة (خلصتوا فلوسي) وصلت إلى الجمهور وأصبحت متداولة، وهذا دليل على مدى تفاعل المشاهدين مع الشخصية. في رأيي أن نجاح أي لزمة يعتمد على بساطتها وقربها من الناس، وجواهر كانت شخصية عفوية وتعبر عن مواقف نعيشها جميعاً».

وتتابع: «التمثيل هو محاكاة للحياة، وعندما يجد الجمهور نفسه في جملة أو مشهد، فهذا يعني أن العمل نجح في لمس واقعهم بطريقة خفيفة ومحببة». وعن أصداء (خريف القلب) الذي ما زال يتصدر قائمة الأعمال الأعلى مشاهدة في السعودية على منصة (شاهد)، تقول: «هذا النجاح يعكس مدى ارتباط الجمهور بالقصة والشخصيات، وهو شيء نفتخر به جميعاً... الأعمال الفنية تقاس بمدى تأثيرها في الجمهور، والحفاظ على المركز الأول هو مسؤولية كبيرة».

ما زال حضور الممثلة السعودية في الأدوار الكوميدية محدوداً في حين تراهن هند محمد على ذلك (الشرق الأوسط)

الممثلة السعودية والكوميديا

هند التي أثبتت أن الكوميديا لا تحتاج إلى تعقيد، بل إلى بساطة تمس الواقع، وعبارة عفوية مثل «خلصتوا فلوسي» كفيلة بأن تصبح جزءاً من الأحاديث الساخرة المتداولة في كل بيت؛ لديها رؤية مختلفة حول حضور الممثلة السعودية في الكوميديا، حيث ترى أن هذا الحضور في مرحلة تطور طبيعي مع ازدهار صناعة الترفيه في المملكة، مضيفة: «الكوميديا فن حساس يتطلب حساً عالياً وتفاصيل دقيقة، وأنا أؤمن بأن الأهم ليس تكريس وجودي في نوع معين، بل تقديم شخصيات تعلق في أذهان الجمهور، سواء كانت كوميدية أو درامية. في النهاية، ما يهمني هو أن أترك أثراً، وأن أقدم أدواراً تلامس الناس، وتعكس تطور المشهد الفني في السعودية».

الهوس بجمع المال يدفع جواهر للوقوع بعدد كبير من المتاعب (الشرق الأوسط)

ما القادم؟

وبسؤالها عن مشاريعها الجديدة، كشفت أنها ستغيب عن شاشة رمضان لهذا العام، وأردفت: «رمضان موسم مميز يحمل أعمالاً رائعة دائماً، وأنا أحرص على اختيار أدواري بعناية بما يضيف لمسيرتي ويقدم شيئاً جديداً للجمهور. هذا العام، ليس لدي مشاركة رمضانية، لكن هناك مشاريع قادمة أعمل عليها وسأكشف عنها في الوقت المناسب... الأهم بالنسبة لي هو الوجود في أعمال تستحق الانتظار وتقدم شيئاً مختلفاً للمشاهد».

جدير بالذكر أن مسلسل «خريف القلب» الذي يُعرض حالياً على قناة MBC1، مستلهم من قصة العمل التركي Autumn in my heart، وكتب السيناريو والحوار علاء حمزة، وتدور النسخة السعودية من العمل في قلب مدينة الرياض، حيث يتضح التباين ما بين العائلتين، الثرية ومحدودة الدخل، وهو مسلسل يشارك في بطولته كلٌ من عبد المحسن النمر، وإلهام علي، وفيصل الدوخي، وجود السفياني، ولبنى عبد العزيز، وإبراهيم الحربي، وهند محمد، بالإضافة لنجوم آخرين.