رواد الفن السعودي الحديث يتألقون في مزاد لندني

«سوذبيز» تعرض مجموعة شذى الطاسان للبيع ضمن مزادها لفن الشرق الأوسط الحديث والمعاصر

«المخرج الأخضر» للفنان محمد السليم (سوذبيز)
«المخرج الأخضر» للفنان محمد السليم (سوذبيز)
TT

رواد الفن السعودي الحديث يتألقون في مزاد لندني

«المخرج الأخضر» للفنان محمد السليم (سوذبيز)
«المخرج الأخضر» للفنان محمد السليم (سوذبيز)

يبدأ الشغف منذ الطفولة دائماً، ويتنقل مع الإنسان عبر سنوات عمره يشده، ويحدد مسارات حياته، تحكي الفنانة التشكيلية شذى إبراهيم الطاسان عن شغفها بالأعمال الفنية الذي بدأ منذ صغرها، وورثته من والدها إبراهيم الطاسان وحبه للتصوير، وترسم صورة لطفولة محاطة بالفن والإبداع، حيث كانت تتجول في منزل والدها تختار، وتنتقي من الأعمال الفنية التي علقها والدها على الحوائط. ذلك الشغف أخذ شذى الطاسان لتبتاع أول لوحة فنية في عام 1997، وكانت للفنان السوري فاروق قندقجي الذي أصبح بعد ذلك صديقاً ومشجعاً لها لتفتتح غاليري «حوار» في الرياض. جمعت الطاسان مجموعة متميزة من الأعمال الفنية لرواد الفن السعودي، ومنهم الفنان عبد الحليم رضوي الفنانة منيرة موصلي وطه صبان، كما جمعت أعمالاً لفنانين مصريين مثل آدم حنين وعبد الهادي الجزار وغيرهما. ولكن الوقت حان لتذهب تلك اللوحات لمقتنين آخرين، وهو ما سيحدث عبر مزاد دار «سوذبيز» للفن الحديث والمعاصر من الشرق الأوسط في يوم 24 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي بمقر الدار بلندن.

عمل للفنان عبد الحليم رضوي (سوذبيز)

تستعرض ألكساندرا روي، الخبيرة في «سوذبيز»، بعض الأعمال في مجموعة الطاسان، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، تقول إن المجموعة تضم 30 قطعة فنية «نصفها تقريباً من السعودية والنصف الآخر من المنطقة العربية»، تقتبس من دكتورة إيمان الجبرين الباحثة والمستشارة الفنية والأستاذة الجامعية في مجال الفنون قولها إننا لا نستطيع إخراج الفنان السعودي من إطار الفن العربي. وتضيف روي أن الحركة الفنية السعودية لم تكن منفصلة عن محيطها العربي بل هي جزء من تيار. وبالفعل يمكننا رؤية تأثير الحركات العالمية والعربية على الأعمال المعروضة للبيع، فلا تخطئ العين تأثير المدرسة التجريدية أو السوريالية على أعمال الفنانين أمثال منيرة وموصلي وعبد الجبار اليحيى وطه الصبان.

لوحة للفنان محمد السليم (سوذبيز)

محمد السليم وآفاق الصحراء

من الأعمال المعروضة عمل للفنان الرائد محمد السليم المعروف بتطويره مذهب «الآفاقية» في الفن السعودي الذي تميز بخطوطه السائرة من اليمين لليسار وبالتدرجات اللونية لأفق الصحراء، في لوحات السليم (ولوحته هنا مثال) تلعب الصحراء الدور الأساسي فهي الخلفية والموضوع وهي التأثير. تشير روي إلى أن لوحة السليم من اللوحات المفضلة عندها، تتحدث عن تصوير الفنان لخط الأفق وتأثره بالصحراء وتخلصه من الشكل وأيضاً طريقة تحريره للحروف عبر التجريد والتفكيك، مضيفة: «أراه عملاً مدهشاً!». يبرز في عمل السليم تأثير التراث والبيئة المحلية بقوة، وهو ما يظهر في أعمال الفنانين الآخرين هنا، يشير بيان الدار إلى أن السليم نجح في المزج بين الحديث والتقليدي. تعرض لوحة السليم التي رسمها في عام 1988 بمبلغ تقديري بين 80 ألفاً و129 ألف جنيه إسترليني.

السوريالية في عمل الفنان عبد الجبار اليحيى (سوذبيز)

عبد الجبار اليحيى و«الدالية»

التأثير العالمي واضح أيضاً من خلال عمل للفنان عبد الجبار اليحيى، وهو ما تطلق عليه روي اسم «الدالية» نسبة إلى الفنان سلفادور دالي، حيث ينساب جسد الفنان على حامل اللوحة الخشبي، وكأنه قطعة من القماش المنسدل «الفنان في حالة ذوبان» تعلق روي، يلفتني في اللوحة شخصان جالسان على الأرض، كانا مجردين من الملامح، وكأنهما تمثالان صحراويان. العمل يحمل اسم «الفنان 2» رسمه اليحيى في عام 1985، ويقدر سعره بمبلغ يتراوح بين 250 ألفاً و300 ألف جنيه إسترليني.

عمل الفنانة منيرة موصلي (سوذبيز)

منيرة موصلي رائدة سعودية

الفنانة منيرة موصلي من رواد الفن السعودي، مزجت في أعمالها بين الثيمات التقليدية والحرف التراثية، درست في مصر والولايات المتحدة الأميركية، وقدمت عرضاً ثنائياً مع الرائدة صفية بن زقر في عام 1968 ثم قدمت معرضها الفردي الأول في عام 1973 في الرياض. في لوحة موصلي المعروضة في المزاد تبرز العناصر التراثية واضحة في الخامة المستخدمة والألوان المعبرة عن البيئة. اللوحة تمثّل ما يمكن أن يكون نافذة تقليدية رسمت على قطعة من السجاد، المعروف أن الفنانة كانت تصنع ألوانها بنفسها كما استخدمت مواد مثل النحاس وورق البردي. اللوحة أمامنا نفذتها موصلي في عام 2001 (60 ألفاً إلى 80 ألف جنيه إسترليني)، واستخدمت فيها تقاليد نسج السجاد، وهي حرفة نسائية غالباً.

عمل للفنان السعودي طه الصبان (سوذبيز)

طه الصبان وعشق الألوان

للفنان طه الصبان ثلاثة أعمال في المزاد تمزج بين الأساليب الفنية الغربية والثقافة المحلية، في تصوير بديع تبرز فيه الألوان إلى حد بعيد، نرى النساء في لوحاته شامخات طويلات القامة، ونرى البيوت البسيطة، وبها مزيج بين العناصر التراثية التقليدية. الألوان تستوقفني في لوحات الصبان هنا، في لوحة «بلا عنوان» رسمها في عام 1994 (سعر تقديري 25 ألفاً إلى 35 ألف جنيه إسترليني) هل نرى أمامنا سيدتان تحملان سلالاً بها مشتريات وأغراض منزلية، إحداهما تحمل في يدها مروحة بدائية مصنوعة من الخصف، وفي يدها الأخرى ما يشبه المكانس. من اللون الأزرق المسيطر على اللوحات والدوائر التي تحل محل المشتريات في سلة كل من السيدتين وحولهما قد يتهيأ لنا أننا أمام مشهد يقع في قاع البحر، الألوان والدوائر اللونية في أعلى اللوحة تشير إلى البحر، وتأثر الفنان بالعيش في مدينة جدة. تشع اللوحة بطاقة وحركة تنبع من مشهد بسيط نابع من الحياة اليومية.

مشهد من الصعيد للمصري حسين بيكار (سوذبيز)

تضم المجموعة المعروضة أيضاً عدداً من الأعمال الأخرى؛ منها عمل للفنان الرائد عبد الرحمن السليمان وعمل للنحات المصري آدم حنين من البرونز يمثل فلاحة مصرية، ويحمل عنوان «فتاة في الحقل» وعمل للفنان المصري حسين بيكار لمشهد في صعيد مصر، إضافةً إلى أعمال لعبد الهادي الجزار ويوسف أحمد وضيا عزاوي.


مقالات ذات صلة

للبيع... تذكرة لدخول مسرح بريستول تعود إلى عام 1766

يوميات الشرق نادرة جداً (مواقع التواصل)

للبيع... تذكرة لدخول مسرح بريستول تعود إلى عام 1766

من المتوقَّع أن تُحقّق ما وُصفَت بأنها «قطعة حقيقية من تاريخ بريستول» آلاف الجنيهات منذ عرضها للبيع في مزاد ببريطانيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
ثقافة وفنون رجل يشير إلى التكوين الفني «الكوميدي» في مزاد في ميامي بيتش الأميركية (رويترز) play-circle 01:27

موزة مثبتة بشريط لاصق تباع بـ 6.2 مليون دولار في مزاد فني

بيعت لوحة تنتمي للفن التصوري تتكون من ثمرة موز مثبتة بشريط لاصق على الجدار، بنحو 6.2 مليون دولار في مزاد في نيويورك.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الموزة الصفراء المثبتة على الحائط الأبيض بشريط لاصق فضي هي عمل بعنوان «كوميدي» للفنان الإيطالي ماوريتسيو كاتيلان (أ.ب)

كيف بلغت قيمة موزة مثبتة على الحائط مليون دولار؟

يمكنك شراء موزة بأقل من دولار واحد في أي سوبر ماركت، ولكن ماذا عن الموزة المثبتة بشريط لاصق على الحائط في معرض فني؟ قد تباع هذه الموزة بأكثر من مليون دولار!

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق صورة لتشرشل بالأبيض والأسود التُقطت عام 1941 (دار سوذبيز)

محامٍ إيطالي يشتري صورة تشرشل الشهيرة مقابل 4200 جنيه إسترليني

اشترى محامٍ صورة للسير وينستون تشرشل مقابل 4200 جنيه إسترليني معتقداً أنها نسخة رخيصة، ليجد نفسه أمام فضيحة بعد أن اكتشف أن الصورة كانت النسخة الأصلية المسروقة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق ساعة الجيب المصنوعة من الذهب عيار 18 قيراطاً قُدّمت إلى الكابتن روسترون من قبل 3 أرامل لرجال أعمال بارزين وأثرياء فقدوا حياتهم عندما غرقت السفينة تيتانيك (ب.أ)

بيع ساعة ذهبية تم تقديمها لقبطان قارب أنقذ ركاباً من «تيتانيك» مقابل مليوني دولار

بِيعت ساعة «جيب» ذهبية تم تقديمها لقبطان قارب، أنقذ أكثر من 700 راكب من سفينة تيتانيك، مقابل مبلغ قياسي يقدر بـ1.56 مليون جنيه إسترليني (مليونا دولار).

«الشرق الأوسط» (لندن)

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
TT

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)

وجدت دراسة جديدة، أجراها فريق من الباحثين في كلية الطب بجامعة نورث وسترن الأميركية، أن الأجزاء الأكثر تطوراً وتقدماً في الدماغ البشري الداعمة للتفاعلات الاجتماعية -تسمى بالشبكة المعرفية الاجتماعية- متصلة بجزء قديم من الدماغ يسمى اللوزة، وهي على اتصال باستمرار مع تلك الشبكة.

يشار إلى اللوزة تُعرف أيضاً باسم «دماغ السحلية»، ومن الأمثلة الكلاسيكية لنشاطها الاستجابة الفسيولوجية والعاطفية لشخص يرى أفعى؛ حيث يصاب بالذعر، ويشعر بتسارع ضربات القلب، وتعرّق راحة اليد.

لكن الباحثين قالوا إن اللوزة تفعل أشياء أخرى أكثر تأثيراً في حياتنا.

ومن ذلك ما نمر به أحياناً عند لقاء بعض الأصدقاء، فبعد لحظات من مغادرة لقاء مع الأصدقاء، يمتلئ دماغك فجأة بأفكار تتداخل معاً حول ما كان يُفكر فيه الآخرون عنك: «هل يعتقدون أنني تحدثت كثيراً؟»، «هل أزعجتهم نكاتي؟»، «هل كانوا يقضون وقتاً ممتعاً من غيري؟»، إنها مشاعر القلق والمخاوف نفسها، ولكن في إطار اجتماعي.

وهو ما علّق عليه رودريغو براغا، الأستاذ المساعد في علم الأعصاب بكلية فاينبرغ للطب، جامعة نورث وسترن، قائلاً: «نقضي كثيراً من الوقت في التساؤل، ما الذي يشعر به هذا الشخص، أو يفكر فيه؟ هل قلت شيئاً أزعجه؟».

وأوضح في بيان صحافي صادر الجمعة: «أن الأجزاء التي تسمح لنا بالقيام بذلك توجد في مناطق الدماغ البشري، التي توسعت مؤخراً عبر مسيرة تطورنا البشري. في الأساس، أنت تضع نفسك في عقل شخص آخر، وتستنتج ما يفكر فيه، في حين لا يمكنك معرفة ذلك حقّاً».

ووفق نتائج الدراسة الجديدة، التي نُشرت الجمعة في مجلة «ساينس أدفانسز»، فإن اللوزة الدماغية، بداخلها جزء محدد يُسمى النواة الوسطى، وهو مهم جدّاً للسلوكيات الاجتماعية.

كانت هذه الدراسة هي الأولى التي أظهرت أن النواة الوسطى للوزة الدماغية متصلة بمناطق الشبكة المعرفية الاجتماعية التي تشارك في التفكير في الآخرين.

لم يكن هذا ممكناً إلا بفضل التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، وهي تقنية تصوير دماغ غير جراحية، تقيس نشاط الدماغ من خلال اكتشاف التغيرات في مستويات الأكسجين في الدم.

وقد مكّنت هذه المسوحات عالية الدقة العلماء من رؤية تفاصيل الشبكة المعرفية الاجتماعية التي لم يتم اكتشافها مطلقاً في مسوحات الدماغ ذات الدقة المنخفضة.

ويساعد هذا الارتباط باللوزة الدماغية في تشكيل وظيفة الشبكة المعرفية الاجتماعية من خلال منحها إمكانية الوصول إلى دور اللوزة الدماغية في معالجة مشاعرنا ومخاوفنا عاطفياً.

قالت دونيسا إدموندز، مرشح الدكتوراه في علم الأعصاب بمختبر «براغا» في نورث وسترن: «من أكثر الأشياء إثارة هو أننا تمكنا من تحديد مناطق الشبكة التي لم نتمكن من رؤيتها من قبل».

وأضافت أن «القلق والاكتئاب ينطويان على فرط نشاط اللوزة الدماغية، الذي يمكن أن يسهم في الاستجابات العاطفية المفرطة وضعف التنظيم العاطفي».

وأوضحت: «من خلال معرفتنا بأن اللوزة الدماغية متصلة بمناطق أخرى من الدماغ، ربما بعضها أقرب إلى الجمجمة، ما يسهل معه استهدافها، يمكن لتقنيات التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة استهداف اللوزة الدماغية، ومن ثم الحد من هذا النشاط وإحداث تأثير إيجابي فيما يتعلق بالاستجابات المفرطة لمشاعر الخوف والقلق».