مهى فتوني... غناءٌ بعد صمت وشهرةٌ بعد خجل

ديو مفاجأة مع أحمد سعد و«الصبر جميل» صارت «ترند»

حاربت الشابة اللبنانية الخجل لتطلق صوتها على الملأ (صور فتوني)
حاربت الشابة اللبنانية الخجل لتطلق صوتها على الملأ (صور فتوني)
TT

مهى فتوني... غناءٌ بعد صمت وشهرةٌ بعد خجل

حاربت الشابة اللبنانية الخجل لتطلق صوتها على الملأ (صور فتوني)
حاربت الشابة اللبنانية الخجل لتطلق صوتها على الملأ (صور فتوني)

في غرفةٍ مزدحمة بالخرائط والمساطر والحواسيب وسائر أدوات الهندسة، كانت تجلس مهى فتوني عندما انتصرت جرأتُها على مخاوفَ عمرها 22 سنة. حدث ذلك خلال جائحة كورونا والحجر المنزليّ. قررت أن تُخرج صوتها من القمقم وتشاركه مع الناس، أصدقاءَ كانوا أم غرباء، عبر منصة «تيك توك».

كل ما حصل بعد ذلك لم يُشبه ما سبقه في حياة الشابة اللبنانية. أحدثُ تلك التحوّلات تقديمُها استقالتها من وظيفتها كمهندسة داخليّة في الكويت، وإصدارها منذ أسابيع ديو مع الفنان المصري أحمد سعد كان بمثابة مفاجأة لمتابعيها.

«لم يخطّط أحد للأغنية»، تؤمن فتوني بأنّ الصُدفة غالباً ما تأتي بأفضل النتائج. في حديثها مع «الشرق الأوسط»، تكشف كواليس التسجيل. كان سعد في زيارة إلى ستوديو في القاهرة حيث كانت تسجّل إحدى أغانيها. هو على معرفة سابقة بصوتها ويتابعها على «تيك توك». تقول: «سجّلنا على سبيل التسلية. حتى فيديو الأغنية هو تصوير عفويّ ومن دون تعديلات». أثمرت هذه العفويّة مئات آلاف المشاهَدات، كما أنها جمعت فتوني بفنانٍ لطالما ردّدت أغانيه وأعادت تسجيلها بصوتها.

المغنية اللبنانية مهى فتوني والفنان المصري أحمد سعد (صور فتوني)

تمرين عبر التلفزيون

كانت فتوني مُقدّرةً للدرس، وللدرس فحسب. هي الآتية من عائلة تؤمن بالعلم ومن أبوين مدرّسَين، لم يكن الفنّ احتمالاً وارداً بالنسبة إليها. ومع أنهما ربّياها على الطرب وصوت فيروز، هي لم تسمع يوماً أحداً يقول لها: «صوتك حلو». لم تقف على خشبة مسرح المدرسة لتغنّي في حفلة نهاية السنة؛ «خانتني الجرأة، وخجلي كان أقوى». احتفظت بصوتها لنفسها، لكنها صقلته سراً، على طريقتها؛ «كنت أتابع برنامج ستار أكاديمي وأتدرّب عبر شاشة التلفزيون برفقة الأستاذة التي كانت تعلّم الطلّاب».

الفتاة التي لم يؤمن أحد بموهبتها كبرت اليوم لتتشارك المسارح مع «نجوم الصف الأول»، ولتحصد أغانيها ملايين الاستماعات. لكنّ ذلك لم يكن ليتحقق، لولا لحظة الجرأة تلك التي قلبت حياتها رأساً على عقب عام 2020. جمعت كل ما في حنجرتها من شغف بالموسيقى، وجلست أمام عدسة «تيك توك» مغنّيةً «ذكريات كدّابة» للفنان المصري تامر عاشور. خلال أيام، كان الفيديو قد جمع أكثر من 50 ألف مشاهَدة.

حاربت الشابة اللبنانية الخجل لتطلق صوتها على الملأ (صور فتوني)

«الصبر جميل»

الأغنية جرّت وراءها أغنيات، والمئات صارت ملايين. أدركت فتوني حينها أنّ جدران الغرفة الصغيرة التي سجنت صوتها بينها، تحطّمت إلى الأبد. والفتاة الصارمة والجادّة التي لم يتوقّع لها أحدٌ بأن تطأ مجال الفن، انتشر صوتها بسرعة في العالم العربيّ.

تفسّر ثورتها الصغيرة تلك بالقول إنها لطالما وُضعت في مقارنة مع أشقّائها، بينما لم تكن ميّالةً إلى الدرس مثلهم؛ «أردت أن يكون لديّ ما يميّزني عن محيطي. في البداية لم يأخذني أهلي على محمل الجدّ، لكنهم اليوم في طليعة الداعمين».

تسجّل مهى فتوني حالياً مجموعة من الأغاني الخاصة، كما تستعدّ لإحياء حفل في جدّة بعد أيام. إلا أنها حتى الآن، لا تحب أن يُطلق عليها لقب «فنانة». تفسّر هذا التمنّع بالقول: «صحيح أن أغنيتي (الصبر جميل) حقّقت 100 مليون استماع على (يوتيوب) وتحوّلت إلى ترند، صحيح كذلك أنني غنّيت أمام 10 آلاف شخص في جدّة إلى جانب النجمَين رامي صبري ورامي جمال، لكن بالنسبة لي فأنا أبدأ للتوّ. قد ينجح الأمر وقد لا ينجح».

بكثير من العقلانيّة، تتعامل فتوني مع الشهرة المستجدّة والأرقام الخياليّة. تعلّق: «هذا زمن فيه فنانو (سوشيال ميديا) وفنانو صف أول. الشاطر هو الذي سيستطيع أن يخرج من (السوشيال ميديا) ويسلك الطريق الذي يؤدّي به إلى الصف الأول».

حفل فتوني الأول في مسيرتها كان في جدّة أمام 10 آلاف متفرّج (إنستغرام)

لا تنكر أن منصّة «تيك توك» سرّعت في انتشارها ومنحتها الأرضيّة للانطلاقة، لكنها لن ترضى أبداً بلقب «فنانة تيك توك». تقول إنّ انتقالها من عالم «السوشيال ميديا» إلى العالم الواقعيّ بدأ للتوّ، وهو يتكرّس بتفاعل الناس مع أغانيها الخاصة وبخروجها من شرنقة إعادة الأغاني المعروفة. وقد يكون الأهمّ من ذلك كله، الخروج من الشاشة الافتراضيّة إلى فضاء المسرح الحقيقيّ.

مصريّة الهوى

في رصيد مهى فتوني بعض الأغاني الخاصة التي تميّزت من بينها «الصبر جميل»، مشكّلةً نقطة تَحوّل. عن سابقِ شغفٍ وتأثّر بكل ما هو مصري، اعتمدت اللهجة. ومَن لا يعرفها، يظنّها مصريّة عندما تغنّي. حتى أحمد سعد قال لها: «مبيّنة مننا».

في وقتٍ يتعثّر فنانون معروفون في إقناع الجمهور المصريّ، اخترقت فتوني القلوب بسهولة. مردّ ذلك برأيها أنها منغمسة منذ الصغر في فن بلاد النيل، وهي تتماهى مع الأغنية المصريّة. تذكر من بين الفنانين الذين أثّروا بها وطبعوا صوتها، شيرين وأنغام وتامر عاشور.

تلبّي نداءً في داخلها يشدّها صوب القاهرة: «أحتاج إلى زيارتها كل فترة، وفي استوديوهاتها أسجّل أغانيّ». لكنّ هذا التفرّغ للأعمال المصريّة لا يعني أنّ فتوني لن تغنّي بلهجة بلدها لاحقاً. ومهما اختلفت اللهجات، يبقى الأساس بالنسبة إليها تقديم محتوى موسيقي راقٍ، و«أن تلمس الأغنية الروح وألّا يكون كلامها ركيكاً».

من يسمع أداء فتوني الغنائي يظنّها مصريّة لشدّة تأثّرها بالموسيقى المصرية (صور الفنانة)

إلى جانب اللهجة المصريّة، يطبع الحزن أغاني مهى فتوني وصوتها. لا يزعجها أن يرتبط اسمها بالأغاني الحزينة: «فنانون كثُر أمضوا أولى سنوات مسيرتهم في غناء اللون الحزين، وانتقلوا لاحقاً إلى أنواع موسيقية أخرى. ثم إن هويّة صوتي تميل إلى الكلام الحزين وإيقاع المقسوم».

من الواضح أن المغنّية الشابّة تبني لنفسها هويّةً كما لو أنها ترسم مخططاً هندسياً. أما مقوّمات تلك الهويّة فهي الحفاظ على بصمة صوتيّة خاصة، وعلى هندام بسيط ومحتشم. تأتي الجرأة لتكمّل ذلك، فعندما تُسأل فتوني عن أهمّ إنجازاتها حتى الآن تجيب: «يكفي أنني خرجت من ثوب مهى القديم... ثوب الخجل».


مقالات ذات صلة

«الست» يفجر زخماً واسعاً بمصر حول حياة أم كلثوم

يوميات الشرق منى زكي وكريم عبد العزيز وعدد من صناع الفيلم في كواليس التصوير - حساب مراد على «فيسبوك»

«الست» يفجر زخماً واسعاً بمصر حول حياة أم كلثوم

فجر فيلم «الست» زخما واسعاً في مصر حول كواليس حياة أم كلثوم، بمراحلها المختلفة وعلاقاتها الشخصية بمن حولها من عائلتها وزملائها، بالإضافة إلى قصص حبها.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق نسمة محجوب مع منى زكي (حساب نسمة محجوب على فيسبوك)

نسمة محجوب: تجربتي في «الست» التحدي الأصعب بمشواري

أعربت المطربة المصرية نسمة محجوب عن فخرها بمشاركتها في فيلم «الست» بالأداء الصوتي للأغنيات، والذي اعتبرته أصعب تحدٍّ خلال مشوارها الفني.

مصطفى ياسين (القاهرة)
يوميات الشرق شيرين عبد الوهاب - حسابها على «إنستغرام»

شيرين تهدد بمقاضاة مُروجي إشاعات «إفلاسها»

عاد اسم الفنانة المصرية شيرين عبد الوهاب للواجهة مجدداً، بعد إشاعات شخصية عدة طاردتها خلال الساعات الماضية.

داليا ماهر (القاهرة)
أوروبا فرقة تمثل آيسلندا تؤدي أغنية خلال النهائي الكبير لمسابقة الأغنية الأوروبية 2025 في بازل (رويترز)

آيسلندا تقاطع «يوروفيجن» 2026 احتجاجاً على مشاركة إسرائيل

أعلنت هيئة البث العامة في آيسلندا «آر يو في»، اليوم الأربعاء، عدم مشاركة البلاد في مسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن)، العام المقبل.

«الشرق الأوسط» (ريكيافيك )
يوميات الشرق محمد عبده يقدّم اختيارات لم يسمعها الجمهور منذ سنوات (روتانا)

محمد عبده يفتح خزائن الذاكرة على مسرح الرياض

امتدَّت الأمسية نحو 4 ساعات، استمرَّ خلالها الفنان في نثر إبداعاته وسط استمتاع الحضور...

«الشرق الأوسط» (الرياض)

شارع فيكتوري تحت بريستول… أسرار التاريخ تحت أقدامنا

يضم الشارع المدفون محالاً تجارية وطريقاً قديماً (إنستغرام)
يضم الشارع المدفون محالاً تجارية وطريقاً قديماً (إنستغرام)
TT

شارع فيكتوري تحت بريستول… أسرار التاريخ تحت أقدامنا

يضم الشارع المدفون محالاً تجارية وطريقاً قديماً (إنستغرام)
يضم الشارع المدفون محالاً تجارية وطريقاً قديماً (إنستغرام)

كشفت مغامرة تاريخية جريئة عن وجود شارع فيكتوري كامل مدفون تحت إحدى المدن البريطانية، يضم محالاً تجارية وطريقاً قديماً، بعد أن قرر المؤرخ ديفيد ستيفنسون النزول إلى الأعماق لتوثيق ما عثر عليه بعدسته ومصباحه اليدوي.

على مدى سنوات، أثار الشارع الواقع أسفل منطقة «لورانس هيل» في مدينة بريستول قصصاً وشائعات عدّة، من بينها رواية عن رجل يُقال إنه سقط في حفرة بعد خروجه من إحدى الحانات ليجد نفسه فجأة في شارع «متجمد في الزمن». كما تحدثت الروايات عن بقايا واجهات محال قديمة ومصابيح غاز تعود للقرن الـ19، دون أن تتأكد صحتها.

ساعات طويلة من البحث كشفت عن زقاق يمتد تحت الأرض (إنستغرام)

لكن ستيفنسون تمكن من وضع حد للتكهنات، وعاد بمجموعة مذهلة من الصور التي أعادت إحياء ماضٍ ظل طي النسيان لعقود. ساعات طويلة من البحث كشفت عن زقاق يمتد تحت الأرض، يضم أقبية سرية وغرفاً مخفية، بينها ملهى ليلي تحت حانة «ذا باكهورس»، ومخزن استخدمه متعهدو دفن الموتى، وإسطبل قديم تابع لشركة «كو - أوب»، وموقع استُخدم ملجأً خلال الغارات الجوية في الحرب العالمية الثانية، بحسب صحيفة «ذا ميرور».

كما اكتشف ستيفنسون نفقاً تحت أحد المصارف أُغلق بعد محاولة اقتحام، وتعود أجزاء من هذه الممرات لأكثر من قرنين، إلى فترة إدارة عائلة هيراباث لمصنع الجعة المرتبط بحانة «ذا باكهورس إن»، الذي امتد من شارع «لينكولن» حتى شارع «داك ستريت».

في عام 1832، مر خط سكة حديد تجره الخيول عبر لورانس هيل، ومع توسع السكك الحديدية البخارية لاحقاً، طُمرت الحانة والمحلات المجاورة تحت الأرض بعد تشييد أقواس جديدة لدعم الطريق. باع ويليام هيراباث معظم ممتلكاته لشركة سكة الحديد مقابل 3 آلاف جنيه إسترليني، وبحلول عام 1879، رُفع مستوى الطريق واستُبدل الجسر الخشبي، ما أدى إلى اختفاء الحانة القديمة والمحلات تحت الطريق الجديد، في حين بُنيت الحانة الحالية مباشرة فوقها مع الاحتفاظ بالسلالم المؤدية إلى الموقع الأصلي.

بعد أكثر من عقدين، تذكَّر ستيفنسون مغامرته حين رفع شبكة حديدية وأنزل سلماً داخل بئر ليصل إلى الشارع المدفون. واكتشف 4 أنفاق، كان أحدها فقط ممتداً عبر الشارع بالكامل، وأُغلقت الأخرى بالطوب لمنع السرقة.

في أحد المتاجر المدفونة، عثر ستيفنسون على إطار نافذة فيكتورية قديمة، وأنقاض بناء، وأغراض متفرقة مثل حوض للخيول وكرسي متحرك مهجور. ولم تُشاهد أعمدة الإنارة خلال رحلته، إذ أُزيلت في خمسينات القرن الماضي حسب أحد تجار الخردة.

إحياءُ ماضٍ ظل طي النسيان لعقود (إنستغرام)

اليوم، أُغلقت هذه الأنفاق نهائياً نظراً لخطورتها، لكن ستيفنسون سبق أن انضم إلى بعثة منظمة لاستكشاف الغرف الواقعة أسفل الحانة، برفقة فريق متسلقين ذوي خبرة. ويستعيد ذكرياته قائلاً: «كانت خيوط العنكبوت كثيفة، والمدفأة لا تزال مغطاة بالغبار، وعارض فولاذي ضخم محفور عليه حروف (GWR) لتدعيم المبنى».

ويضيف: «الطريق أعلاه بُني أساساً للخيول والعربات. ورغم حركة المرور الكثيفة اليوم، بما في ذلك مئات الحافلات والشاحنات الثقيلة، لا يزال الطريق صامداً، ولا يدري كثيرون ما الذي يرقد تحت أقدامهم».


«سنجل ماذر فاذر»... كوميديا عائلية عن التعايش بعد الانفصال

شريف سلامة وهنادي مهنا في لقطة من مسلسل «سنجل ماذر فاذر» (إم بي سي)
شريف سلامة وهنادي مهنا في لقطة من مسلسل «سنجل ماذر فاذر» (إم بي سي)
TT

«سنجل ماذر فاذر»... كوميديا عائلية عن التعايش بعد الانفصال

شريف سلامة وهنادي مهنا في لقطة من مسلسل «سنجل ماذر فاذر» (إم بي سي)
شريف سلامة وهنادي مهنا في لقطة من مسلسل «سنجل ماذر فاذر» (إم بي سي)

بعد 8 سنوات من الزواج، يقرر كل من «شريف» -الذي يقوم بدوره شريف سلامة- و«سلمى» -تقوم بدورها ريهام عبد الغفور- الانفصال، أملاً في فرصة ثانية لبدء حياة جديدة، مع حرص كل منهما على أن يعيش طفلهما الوحيد (مالك) في أجواء هادئة لا تتأثر بانفصالهما.

لكن «شريف» تتملكه الغيرة مع أول محاولة من «سلمى» للارتباط برجل آخر، ضمن أحداث مسلسل «سنجل ماذر فاذر»، الذي انطلق عرضه 21 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عبر منصة «شاهد»، وقناة «إم بي سي مصر»، ليواكب أجواء أعياد رأس السنة، الذي تدور أحداثه في إطار كوميدي رومانسي.

المسلسل قصة وإخراج تامر نادي، وتأليف وسيناريو وحوار نجلاء الحديني، ويُشارك في بطولته محمد كيلاني، وطارق صبري، وحنان سليمان، وليلى عز العرب، وإسماعيل فرغلي، وإنجي وجدان، ومن إنتاج صادق الصباح.

وفي طياته تعمل «سلمى» منسقة لحفلات الأفراح، فيما يتحول شريف، المؤلف المغمور، ليعمل مديراً لأعمال فنانة شابة تُدعى «نينا» (هنادي مهنا)، ويواجه صعوبات بين طموحه المهني واستقراره العاطفي، في حين تواجه «نينا» أزمة مع زوجها الذي يقوم بدوره محمد الكيلاني، وتسعى لإثارة غيرته، ما يفاقم من أزمتهما الزوجية، فتطلب الطلاق وتحصل عليه فوراً.

شهدت الحلقات الأولى من المسلسل تصاعد الخلاف بين «سلمى» و«شريف» واتخاذهما قرار الانفصال، فيما يتأثر طفلهما «مالك» (آسر أحمد) بذلك، ويتمنى عودتهما كما كانا من قبل، فيلجأ إلى «شات جي بي تي» ليسأله كيف يمكن لوالديه أن يعيشا معه مثل سابق عهدهما.

ريهام عبد الغفور في دور كوميدي بالمسلسل (إم بي سي)

وتُطل الفنانة ريهام عبد الغفور بشكل مغاير في مواقف كوميدية بعيداً عما دأبت على تقديمه من قضايا اجتماعية جادة في السنوات الأخيرة، وقالت، عبر بيان صحافي، إنها أعجبت بشخصية «سلمى» منذ بداية التحضير؛ لأنها تطرح مشكلات اجتماعية بسيطة وبها جوانب كوميدية، وكانت هي بعيدة عن تقديم هذه النوعية من الأدوار منذ سنوات.

وأكّدت أن «المرأة المطلقة تعيش حالة من الارتباك لفترة بعد طلاقها، وتنتابها مشاعر متباينة»، لافتة إلى «أن الدراما لها شقان؛ الأول ترفيهي يهدف إلى إمتاع المشاهد، والثاني فكري يحفّزه على التفكير».

في حين قال الفنان شريف سلامة إن مسلسل «سنجل ماذر فاذر» يعتمد على مناقشة الفكرة في إطار «لايت كوميدي»، وعبر هذا القالب يطرح قضايا مهمة تحدث يومياً في المجتمع، مشيراً إلى أن المشاهد يجد حكايته على الشاشة، وحتماً سيتأثر بما يراه من أفكار حتى لو بصورة غير مباشرة، وأشار إلى أنه بصفته ممثلاً يقدم مختلف الأدوار، ويُحاول أن يقدم جزءاً من روحه في كل عمل.

فيما أوضحت الكاتبة نجلاء الحديني أن «المسلسل يطرح موضوعاً اجتماعياً، ولكن في قالب مختلف يعتمد على كوميديا الموقف والأحداث غير المتوقعة»، وقالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «الجانب الاجتماعي أساسي في الموضوع الذي ينطلق من فكرة الطلاق، وكيف يبحث كل طرف عن فرصة جديدة في حياته، في الوقت الذي لا تزال رواسب العلاقة القديمة تطل برأسها من وقت لآخر، فهل سيظل مشدوداً لحياته السابقة أم يستطيع تجاوزها وينخرط في علاقة جديدة؛ حيث تُسيطر على كل منهما فكرة الخوف والقلق وعدم الثقة بزواج جديد».

وتلفت نجلاء إلى أنه بعد الطلاق قد تتحول بعض العلاقات الفاشلة إلى علاقات مثالية، ويتوقف ذلك على الطرفين؛ فكلما تمّ الطلاق بشكل ودي، ظلت العلاقة بينهما جيدة، وكذلك علاقتهما بالأبناء إن وُجدوا، انطلاقاً من حرصهما على ألا يؤثر الانفصال سلباً على الأطفال. في المقابل، هناك أطراف أخرى تفتقر إلى الحكمة، إذ تسيطر عليها الأنانية والعناد.

واختارت المؤلفة سرداً مختلفاً لطرح القضية، عبر مشاهد قبل بداية كل حلقة تروي كيف بدأت علاقتهما، وكيف استمرت، ولماذا فشلت، وتُشير إلى أن مشاهد ما قبل تتر بداية كل حلقة تروي تاريخ علاقتهما، وتنعكس بشكل ما على موضوع الحلقة ذاتها.

المسلسل يدور في إطار اجتماعي كوميدي (إم بي سي)

وعَدّت المؤلفة نجلاء الحديني تقديمها لعمل ينتمي لـ«اللايت كوميدي» تحدياً بالنسبة لها، وفق ما تقول: «كنت أتمنى أن أجرب هذا الشكل الدرامي، الذي يهتم أيضاً بالقضايا الاجتماعية؛ لأن هذا الجانب قريب من الناس، نظراً لأن الدراما التلفزيونية تدخل البيوت بلا استئذان».

وترى الناقدة الفنية المصرية، ماجدة خير الله، أن مسلسل «سنجل ماذر فاذر» جاءت حلقاته الأولى طريفة وسريعة، لتلقي الضوء على الأزمة المحتدمة بين الزوجين، وكل منهما يعمل في مجال يتعامل فيه مع مختلف الجنسيات، بالإضافة إلى أن كلاً منهما لا تزال لديه مشاعر تجاه الآخر.

وتُضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «التناول الدرامي للعمل اتسم بإيقاع سريع، وتخللته علاقات يغلب عليها الشدّ والجذب والعناد، في أحداث حافلة بالتفاصيل الدرامية»، مشيرة إلى «أن أهالي الزوجين ينشدون لهما الاستقرار الذي لا يتحقق».

وتلفت ماجدة إلى «تفوق عنصر التمثيل في المسلسل وبشكل خاص لدى أبطاله شريف وريهام وهنادي، وأن ريهام عبد الغفور تترك انطباعاً مختلفاً عن أدوارها السابقة، وهنادي مهنا في دور جديد للنجمة المدللة العنيدة التي قد تترك التصوير لأي سبب تافه وتعاند زوجها طوال الوقت، وقد بدت طبيعية للغاية في أدائها للشخصية، وهذا من صميم رؤية المخرج تامر نادي، الذي وضع أبطاله في حالات مختلفة، كما احتفظ بإيقاع مناسب لأحداث المسلسل».


رحيل مؤسف لصوت فلسطين السينمائي محمد بكري

محمد بكري تلقى سابقاً جائزة في «مهرجان دبي السينمائي» 2017 (أ.ف.ب)
محمد بكري تلقى سابقاً جائزة في «مهرجان دبي السينمائي» 2017 (أ.ف.ب)
TT

رحيل مؤسف لصوت فلسطين السينمائي محمد بكري

محمد بكري تلقى سابقاً جائزة في «مهرجان دبي السينمائي» 2017 (أ.ف.ب)
محمد بكري تلقى سابقاً جائزة في «مهرجان دبي السينمائي» 2017 (أ.ف.ب)

لم ينطق الممثل والمخرج محمد بكري بكلمة واحدة قبل الدقيقة الـ12 في الفيلم الأول له على الشاشة «هانا ك» (Hanna k).

قال الممثل، الذي رحل عن دنيانا في 24 من الشهر الحالي: «شكراً» لجندي إسرائيلي أوصله إلى جسر اللنبي لكي يعود إلى الأردن من حيث جاء. لكن سليم بكري (اسمه في ذلك الفيلم الذي أخرجه كوستا-غافراس سنة 1983)، كان نوى البقاء في فلسطين لأن منزل عائلته هناك، ويريد العودة إليه ويرى أن ذلك من حقه.

في مشاهد لاحقة نراه يتجوّل في ركام البيت، ولاحقاً تشاركه الرأي المحامية هانا (جيل كلايبورغ) مشاعره وستدافع عنه ضد قوانين إسرائيلية مجحفة.

«هانا ك»

محمد بكري كما بدا في فيلمه الأول «هانا ك» (K‪.‬G‪.‬ برودكشنز)

المشهد الأول لمحمد بكري من هذا الفيلم الذي لم ينل حظّه من العرض في تلك الفترة (وحسب مراجع اختفى من الذكر تماماً لأنه عُدّ مؤيداً لفلسطين) يصوّر محمد بكري وهو مختبئ في بئر.

حين اكتشاف موقعه يرمي له بعض أفراد الجيش الإسرائيلي حبلاً يتعلّق به لإخراجه. بعد ذلك هو في سيارة عسكرية تضم مناضلين فلسطينيين أُلقي القبض عليهم في تلك القرية. المشهد الأخّاذ في هذا الفصل من الأحداث هو عندما يأتي الأمر بنسف منزل أحد المقبوض عليهم (كما اعتاد الجيش الإسرائيلي في مثل هذه الحالات). يتردد جندي في تنفيذ الأمر (نُشاهد أسفه في لقطة قريبة) فينهره الضابط: «ماذا تنتظر؟». يضغط الجندي على آلة التفجير فيتهاوى البيت بكل تاريخه.

المشهد هو تمهيد لموضوع يبحث أيضاً في حق الفلسطينيين في أرضهم والمبدأ الذي مارسه الاحتلال سنة 1948 وحتى اليوم من تهجير قتل وتدمير.

هذا كان الفيلم الأول للممثل بكري الذي وُلد سنة 1953. طلّة نادرة حينها لفلسطيني على شاشات العالم. ليس «هانا ك» خالياً من أسباب الضعف. كاتب السيناريو اليساري الإيطالي فرانكو سوليناس (أحد أشهر أعماله كان «معركة الجزائر» في 1966)، والمخرج غافراس لم يرغبا في التقدم خطوة أخرى صوب الإقرار بحق الفلسطيني العائد في أرضه. اكتفيا بالتمهيد والتلميح. فضّلا العوم على الموضوع بدلاً من تحليله وتبنيه. يكتفي الفيلم بخلق الحكاية ويبني عليها سلسلة من العلاقات العاطفية (بين سليم والمحامية وبينها وبين المدّعي العام غبريال بيرن). رغم هذا التمييع اعتبر الفيلم، من قِبل النقاد في ذلك الحين وتعرّض لإحجام آخرين الكتابة عنه.

حيفا وما بعد

في أحد أحاديثنا، بعد سنوات عدّة من تحقيقه، ذكر بكري أن الفيلم كان بداية جيدة على صعيدين: «مهما كان فإن الفيلم كان أول عمل غربي حول القضية الفلسطينية من وجهة مؤيدة ولو بحدود، وبصرف النظر إلى أي حد نجح الفيلم في تسليط الضوء عليها. كذلك كان أول اختبار لي أمام الكاميرا وحدث أنه كان فيلماً من مخرج (زد) وعُرف بتناوله موضوعات حسّاسة».

مواجهة: محمد بكري وابنه صالح في «واجب» (بيرميدز فيلمز)

عن طريقة تعامل غافراس معه قال: «كان متفهماً ومسانداً. اختِرت للدور من بين عدد قليل من المرشّحين، وكنت أدرك أنها فرصة كبيرة لي لأني دائماً ما كنت أتخيل نفسي ممثلاً رغم صعوبة تحقيق ذلك».

وجه محمد بكري، في ذلك الفيلم كما في سواه، من النوع القادر على التعبير بملامحه فقط. عيناه حزينتان، ونظراته فاحصة، وحواره محدد.

لفت محمد بكري الاهتمام سريعاً فظهر في أدوار مختلفة في أفلام إسرائيلية من بينها دور رئيسي في فيلم لأموش غيتاي بعنوان «إيستر» سنة 1986. في العام التالي عاد إلى الناصية العالمية في فيلم «الموت قبل العار» (Death Before Dishonor) الذي لم يكن دوراً موازياً لفيلم بكري الأول، لكنه كان دفعاً جديداً لمسيرته. استمر بكري في مسيرته ما بين الأعمال المحلية والعالمية لسنوات عدّة، قبل أن يشارك في بطولة فيلم فلسطيني الإنتاج بعنوان «حيفا» لرشيد مشهراوي سنة 1996.

بعد عامين، قرّر بكري خوض تجربته الأولى في الإخراج من خلال فيلم وثائقي بعنوان «1984».

وفي حديث لاحق، قال بكري: «أردت في هذا الفيلم توثيق ما حدث لجيل النكبة عام 1948 عبر شخصيات عايشت ذلك العام الذي شهد ولادة إسرائيل على الأرض الفلسطينية».

مزج بكري في هذا الفيلم شهادات 5 معمّرين تناوبوا على سرد ذكرياتهم عن ذلك العام مع نصوص شعرية لمحمود درويش.

جنين في البال

بعد 5 سنوات من فيلمه الثاني مخرجاً، قدم بكري فيلم «جنين... جنين»، الذي تناول الهجوم العسكري على مخيمات النازحين في مدينة جنين. ولم يكتفِ بعرض شهادات فلسطينيين فقط، بل وثّق أيضاً شهادات جنود إسرائيليين اعترفوا بمشاركتهم في تلك المجازر.

نال الفيلم جائزة «مهرجان قرطاج الذهبية» بوصفه أفضل فيلم تسجيلي، بالإضافة إلى جائزة موازية من «مهرجان الإسماعيلية» أيضاً. كما حظي بعروض عالمية في مهرجانات «ثيسالونيكي» (اليونان)، «ڤيرا» (فنلندا)، و«مهرجان الفيلم التسجيلي» (آيسلندا) إلى جانب عروض أخرى.

لكن الفيلم أدّى إلى إحالة مخرجه إلى المحكمة الإسرائيلية مرتين، وصدر حكم بمنع عرضه في كلتا المرتين. وجاءت التهمة من استخدامه شهادات جنود إسرائيليين نفوا لاحقاً معرفتهم بموضوع الفيلم، بل ونفى بعضهم أن يكون قد قال ما نُسب إليه حرفياً.

شكل فيلم «جنين... جنين» تحدياً كبيراً لبكري، لكنه عاد إلى الموضوع نفسه في فيلم آخر بعنوان «جَنين... جِنين» عام 2024، حيث وثّق فيه المزيد من شهادات الناجين من المذبحة.

في البداية، يعرض المخرج مشاهد من فيلمه السابق مصحوبة بتعليق بصوته يقدّم خلفية عما حدث قبل 31 سنة. بعد ذلك، ينطلق لمقابلة بعض الأشخاص الذين التقاهم وسجل أحاديثهم في الفيلم الأول. هذه المرة يتجنّب بكري مقابلة إسرائيليين؛ إذ لا يرغب في خوض مرافعات أو دعاوى جديدة، ويعتمد فقط على الصوت الفلسطيني لوصف العملية العسكرية الجديدة والأحداث الفاصلة تلك السنوات.

الفيلم مُنفّذ برويّة ومن دون تحديّات. يكفيه أنه مستمد من الواقع ومؤثر على صعيد أحداث لقضية تشهد هذه الأيام حرباً مستمرّة ومجازر عدة. أحد العناوين الفرعية للفيلم هو «ما قبل غزة» وهو عنوان مستخدم للإيحاء بأن الاعتداءات لا تتوقف حتى تبدأ من جديد.

محمد وأولاده

من فيلم «جنين... جنين» لمحمد بكري (أراب فيلم دستربيوشن)

ما بين «جنين» الأول والثاني ظهر بكري ممثلاً في فيلمين مهمّين هما «عيد ميلاد ليلى» لرشيد مشهراوي (2008) و«زنديق» لميشيل خليفي (2008).

في سنة 2017 مثّل هو وابنه صالح بكري فيلماً جيداً لآن ماري جاسر هو «واجب»: قصّة أب وابنه يختلفان في نظرتهما السياسية حول الوضع الفلسطيني خلال مناسبة عرس عائلي. وحالياً يُعرض له «اللي باقي منك» لشيرين دعيبس حول ذكريات أم عن فلسطين 1948 وما بعد.

خلال العامين الماضيين استمر التواصل بيننا أكثر مما كان عليه سابقاً. تبادلنا التحيات وأرسل عدداً من اللايكات لأفلام أخرجها أو اشترك بها.

خلف محمد بكري 3 أولاد امتهنوا التمثيل هم صالح وزياد وآدم. كل منهم يبني حالياً اسمه في سينمات الشرق والغرب على خطى والدهم محمد بكري الذي كان الصوت الفلسطيني في السينما ولعقود طويلة والموقف الوطني الذي مارسه بإيمان بمستقبل أفضل.